رئيس التحرير: عادل صبري 09:26 مساءً | السبت 07 يونيو 2025 م | 10 ذو الحجة 1446 هـ | الـقـاهـره °

"عم شكشك".. ما فعله البهلوانات بجيل الثمانينات

26 مارس 2017

"عم شكشك".. ما فعله البهلوانات بجيل الثمانينات

عبدالوهاب شعبان

"عم شكشك".. ما فعله البهلوانات بجيل الثمانينات

 

تكلفة، وتكلف، كلاهما مبالغ فيه، والناتج بطولة مبتذلة، تليق بـ"واقع مبتذل"، كـ "اكتشاف وليد" لمفهوم الاستخفاف البليد، عبر مساحة إعلامية مفروضة، تلخص قاعدة (فن الولا حاجة في إتقان السخافة والسذاجة).

 

هذا ما يفعله بالضبط (خفيف الظل)، المدعو "مصطفى خاطر".

 

(1)

في الموهبة كما في التجربة، ( بريق عابر للتافهين، ورسوخ للواثقين).

 

تحول عم شكشك – نسخة رحمي- من رمز حكيم للحارة، راسخ في قلوب من أدركهم المشيب، إلى مسخ لا يشي إلا بإفلاس بائن، و محو تراث كائن.

 

صباح الثاني من فبراير الماضي، تأهب الموهوبون للصغار لحفل افتتاح الموسم الثاني لمسابقة الموهوبين بمركز أطفيح، قبيل دقائق من صعود المسرح، قطع الرجل الأربعيني ترتيب الفقرات، وفي يده اليمنى طفل كفيف عاجز، طامح في فقرة شرفية لتلاوة ما تيسر من القرآن، حيث لا نافذة للطفل تبرز موهبته، ولا حيلة للرجل في كبح جماح تجربته.

 

مسحة الحزن المستقرة على جفنيه، كانت كافيةً لدعم الطفل الطامح، بينما كلمات الأب المكافح لا تزال حاضرة : ( والله يا أستاذ ما أنا عارف أشكرك إزاي، أحمد عنده طموح كبير، وأنا راجل على قد حالي).

 

(2)

وهناك ميزانية مفتوحة لـ"المبتذلين الجدد"، هؤلاء الذين يسفهون الوجدان، ويسحقون بخطى واثقة ذكرى إبداعٍ كان.

 

صدق (مصطفى خاطر)-السائر عكس اتجاه موهبته- نفسه، شأن قطيع منتشر في الأرجاء، من أنصاف المواهب، ومحترفي المكاسب، وظنّ فجأة بعد تصفيق متكرر في لحظة استثنائية، أنه أعاد اكتشاف شخصية (عم شكشك)، المطبوعة في ذاكرة أجيال الثمانينات، والتسعينات، بالحكمة، والفكاهة، دون أثر لضحكات رقيعة لزوم "السبوبة"، أو عبارات توازي في تفاهتها، تهافت المؤدي المبتذل، والمروجين له.

 

وبدا في برنامج ساقط على فضائية أفلست إلا من إتاحة هوائها لـ"منتهي الصلاحية" الإبداعية، كبهلوان يستجدي جمهور يغشاه الملل، ولو نصف ابتسامة، تسعف في استمرار آداء "الولاحاجة" اليومية.

 

(3)

أن تذعن للإسفاف، أو تطرد من جنة الفرصة، والاعتراف،-هذه لافتة استرشادية على الطريق-.

 

ما بعد التصفيات النهائية لمسابقة الموهوبين بمركز أطفيح-الطريدة إعلاميًا-، أصر الطفل الكفيف على الحضور اليومي لتدريبات زملائه استعدادًا لحفل الختام، يحمله شقيقه الأكبر على كرسي دراجة، ويسحبه من قرية تبعد عن المدينة نحو 4 كيلو متر، حتى المدرسة "محل التدريب"، يركن الطفل في صمت إلى شجرة على يسار البوابة الرئيسية، بينما يلعب الصغار، وتعلو ضحكاتهم، انتظارًا لبدء المحاضرة، وليس في ناظريه سوى حلمه البعيد.

 

والطفل السائر خلف حلم مشروع، لايدري شيئًا عن ميزانية ضخمة أفردت لـ"مصطفى خاطر"، لتشويه شخصية أسدت نصائحها لجيلين متعاقبين، واستبدال شبشب الحمام، بالمنشة التي كانت في يد النسخة الأصلية.

 

كما أن"الكفيف العاجز" المتمسك بنصف أمل، في نصف حياة، لا تعجزه مسافات طويلة بينه وبين التحقق، بشرط أن تتحول كاميرات الإعلام ولو عن طريق الخطأ إلى هؤلاء المحرومين من كل شيء، لصالح من يمتهن "اللاشيء".

 

(4)

صفقوا لـ"مصطفى خاطر"في المساء، والعنوا صاحب مقولة"اللي عنده معزة يربطها" صباحًا، لأن الأخير ليس نجمًا على شاشة بلهاء.

 

يتكيء المؤدي التافه على كرسيه خلف مكتب يفصله عن ضيفه، ثم يمارس الاستحمار، والاستظراف، في أسئلة بليدة تسير في اتجاهات متضاربة، كالتائه في يوم غائم، ويحشر بين جمله الشاردة، عبارات مستنسخة مملة عن الجنس، والتحرش، لا روح فيها، ولا سياق، ينتزع الضيف ضحكة مصطنعة-لزوم مبلغ مالي متفق عليه-، ثم ينتفض هذا الـ"شكشك السفيه"-مع كامل الاحترام للنسخة الأصلية-من على كرسيه، راقصًا، مستنجدًا بأصوات تليق بأنثى خارجة للتو من علبة ليل، بعد وصلة سُكْر مركزة، لمضاجعة شخص لا يربطها به سوى بضعة جنيهات.

 

والإعلانات حاكمة-كجسد رشيق متاح للعرض الأفضل-.

 

(5)

الفارق بين مسلسل"بوجي وطمطم"، وهؤلاء الهواة الجدد، كالفارق بين (انتظار سنوي لإبداع فني) على حد الشغف، وانتظار أحدهم في كل عرض لإجابة مختلفة على سؤال مختل-يحسبونه عالقًا بقلوب الجماهير-(أنا هعمل إيه النهاردة؟).

 

نشاطر بالطبع السيدة –فوقية رحمي-زوجة الفنان الراحل محمود رحمي مخرج مسلسل (بوجي وطمطم) على مدار 18 عامًا، الأحزان على جرعة انحطاط إجبارية كسرت وقار إحدى شخصيات العمل الفني البديع، حيث تحول عم شكشك – نسخة رحمي- من رمز حكيم للحارة، راسخ في قلوب من أدركهم المشيب، إلى مسخ لا يشي إلا بإفلاس بائن، و محو تراث كائن.

 

وإلى حيث استقرت السيدة في إقامة دعوى قضائية حفاظًا على حقوق ملكية واضحة كشمس الضحى، نحيلها إلى قرب أفول نجم مصطنع، يتغذى على الاستسهال، والابتذال، شأن سابقه الذي آل إلى مساحة مغلقة من الصراخ، والحركات الكرتونية على الفضائية ذاتها، على عكس ما عنون له في لافتات غزت شوارع القاهرة، بـ"وش السعد".

 

(6)

الفائدة الوحيدة من هذه المرحلة، هي حتمية البحث عن إجابة السؤال، (كيف تخسر موهبتك في أيام معدودات ؟)، وفقًا لقرائن متعددة.

 

والفارغون، هم الرائجون، -تقول التجربة الراهنة.

 

كما أنّ الانبهار يسقط بالتكرار، فإن الخواء يعجل بالانزواء- هكذا تعلمنا، ونرجو أن نراه يقينًا، ولو مرة واحدة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية