
ميادة أشرف التي في "كشوف الإنتاج"
عبدالوهاب شعبان
ميادة أشرف التي في "كشوف الإنتاج"
إذا كنت صحفيًا، فإنني استأذنك أن تخفض رأسك لأسفل، حتى تمر الذكرى من فوقها، هادئة بلا صخب، لا تعرقلها بتدوينة باهتة، وعلامة بلاستيكية بعد جملة من نوعية (رحم الله الشهيدة).
لأنك بعد أيام معدودات سترفق ما كتبت عن (زميلة راحلة) ضمن كشف إنتاجك الشهري، أرجوك دعنا نرى خيبتنا بوضوح.
أما إذا كنت شخصًا عابرًا، فلا تصدقنا، هذه الكلمات التي تثير شجونك تخضع لاعتبارات أخرى، آخرها بعد قائمة طويلة، تعاطفنا المخدوش بشهوة إثبات الحضور.
صورة على جدار، واسم كالشعار – هذا ما تبقى من ميادة أشرف.
(1)
صورة على جدار، واسم كالشعار – هذا ما تبقى من ميادة أشرف.
كخلفية واضحة تعكس ما سنؤول إليه جميعًا، أيًا كانت طريقة الرحيل، مع اختلاف الجدران، وعبارات النسيان.
سأقول في التحقيق-( هذه عبارة سنوية يطلقها البعض، يمتص بها وجع يتجدد لدى أسرة الزميلة، و يتوارى بها خلف خيبة ثقيلة).
(2)
(كلنا ميادة أشرف) - حتى تمر ليلة الرثاء، وفقط.
أوقدوا الشموع في صمت، حيث نشاز الصوت يخصم من وقار الموت، والضوء الخافت يليق بعجز ثابت.
والذين يتحسسون الخطى لوقفة تذكيرية، عليهم أن يراجعوا الهتافات المجهزة، المصبوبة في قالب قديم، لأن الصور المكررة، تشبه النكبة المقررة-(خذوا ما شئتم من لقطات الجدار، وانصرفوا).
سلامٌ على روح ملاك الصحافة – (استخرج من العبارة قيمة فقدت معناها).
(3)
عفوًا - ميادة ليست عضوًا بنقابة الصحفيين-هذه إجابة السؤال (لماذا لم تدرج قضيتها ضمن برامج السادة المرشحين؟).
يقولون: إنّ الرثاء حيلة الضعفاء- لذلك علينا البحث عن قصائد أكثر تأثيرًا.
والمقال حظ من إدعاءات النضال-بشرط أن يحررك من قسوة اللوم، ويريحك من عبء تأنيب الضمير عند النوم.
اكتب تدوينتك الآن-تعيشي يا ضحكة ميادة-، ثم نم مطمئنًا قد أديت دورك بنجاح.
(4)
كن أنت الأمهر بين أصدقائها في سرد الحكايات-سنصدقك بالطبع، لكننا لا نعدك بشيء آخر يعيد للقصاص روحه، أو يمكّن روحها من قصاص.
ماذا لو أتيح لها البقاء لساعات قليلات تروي فيهنّ تفاصيل الواقعة؟-(تخيل الإجابة في ضوء براءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين).
لهذا فإن الدعوة إلى استقراء الصورة، أولى من التنميط السائد للذكريات الوقورة.
للقضية شقان، أوراق لم تعد بيضاء، وذاكرة للدماء.
(5)
للأسرة الصبر، وللأوفياء خالص العزاء - (حتى نلتقي في مارس المقبل).
وحيث يكون الحزن روتينيًا، فلا مجال لاستجداء حنجورية الدفاع عن الشهداء، ولا مسببات تكدير الملامح، بالنفاق الواضح.
لدينا معارك أكثر أهمية من حقيقة مقتل ميادة، كزيادة غير مسبوقة في البدل مثلًا، تعزز الولاء، وتحقق الاكتفاء !!!.
كذلك لا نريد ابتذالًا في القضايا المطروحة، دعوهم يواجهون تحديات المهنة في هدوء، ولا تمسوهم بسوء.
(6)
للجرافيتي تاريخ، ليس مجرد نقش على حائط، إنما يحكي (صورة واحدة، و 3 نقباء).
والانتخابات حسابات تكتمل إلا من قضايانا الإنسانية، ما تمس من رحَل، أو من يعاني في معتقل.
كأنّ هذا المبنى العريق، لا يمنح لمريديه سوى إطلالة البريق.
على أي حال، نريد أن نتحلق حول هذه الأسرة الصابرة بشكل سنوي، نستمد منها الرضا، و نهون عليها ذكرى ما مضى.
كفاعلية نقابية تؤسس لقيمة الإنسان، وتخفف حدة الخذلان.
(7)
وبعدها البراء أشرف، كحكايات الفقد التي تسلمنا لبعضها، في متلازمة مستمرة لتساؤلات الوداع، وسني الخداع.
إذا كنت لا محالة مصرًا على التدوين، كإحياء، وتأبين، فاكتب بما لا يزيد عن حدود صدق مشاعرك، لا ترهق روحًا فارقت على أمل، بإنشاءٍ مكرر منزوع الأمل.
وحتى يأتي يوم لا ندري ما إذا كان سيدركنا أم لا، اطلب لكل الدماء عدلًا حتى تطمئن الأرواح.
لا نفرّق بين أحدٍ منهم.