رئيس التحرير: عادل صبري 12:44 مساءً | الأحد 15 يونيو 2025 م | 18 ذو الحجة 1446 هـ | الـقـاهـره °

4 محطات في حكاية "الخرطوش و الثورة"

4 محطات في حكاية
26 مارس 2015

4 محطات في حكاية "الخرطوش و الثورة"

أحمد تايلور

4 محطات في حكاية "الخرطوش و الثورة"

"الخرطوش.. لا تمتلكه الداخلية، وإن وُجد لا يَقتُل، بالكاد يلسع، وإن قتل فنحافة جسم القتيل هي السبب".

 



يمكن أن تلخص هذه الجملة الافتتاحية قصة الثورة مع الخرطوش الذي أودى بحياة البعض وحرم كثيرين من نعمة البصر على مدار أربع سنوات من عمر ثورة يناير.

 

الأمر الملفت للانتباه، أن نفي علاقة الخرطوش بقتل المتظاهرين لم يقتصر على قيادات المؤسسة الأمنية فحسب، بل سارعت جهات غير أمنية إلى غسل يد جهاز الأمن من تهم القتل أو حتى الشروع فيه.
 

 

وأبرز هذه الشخصيات الرسمية، من خارج المؤسسة الأمنية: رئيس مجلس الشعب "سلطة تشريعية"، وزير التعليم العالي "سلطة تنفيذية"، المتحدث باسم الطب الشرعي "تابع لسلطة تنفيذية".

 

إذا ما اتفقت السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية على نفي أي علاقة للجهاز الأمني بإراقة دماء المتظاهرين، فلا يتبق أمام القاضي إلا الحكم بالبراءة.. هذا بافتراض أن القاض في حاجة بالفعل إلى أدلة للحكم بالبراءة!

 

المحطة الأولى : معندناش خرطوش

منصور العيسوي – وزير الداخلية المصري الأسبق


بدأت حكاية "الخرطوش والثورة" بنفي منصور العيسوي، وزير داخلية مصر الأسبق، رواية المتظاهرين بإطلاق قوات الأمن المركزي الخرطوش والرصاص الحي في أحداث محمد محمود "الأولى"، في 19 نوفمبر 2011، على خلفية فض قوات الشرطة اعتصامًا أقامه بعض مصابي ثورة يناير، عشية جمعة 18 نوفمبر.
 

وقال "العيسوي" نصًا: "لم نطلق رصاصة خرطوش أو رصاصة رش واحدة على المتظاهرين، وكل ما تم استخدامه الغازات المسيلة للدموع".

 

"معندناش خرطوش".. تحول التصريح السياسي إلى "إفيه" على لسان نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، كلما أردوا السخرية من حاكم لاظوغلي.
 



على خلفية نفس الأحداث، كرر اللواء سامي سيدهم، مساعد أول وزير الداخلية الأسبق لشؤون الأمن، نفي "العيسوي"، قائلاً: "الشرطة لم تستخدم الرصاص الحي أو المطاطي أو الخرطوش"، وأضاف: "ما نستخدمه هو الغاز فقط، والشرطة معندهاش بنادق خرطوش في المظاهرات أو بنادق مطاطي".
 




المحطة الثانية : خرطوش تحت قبة البرلمان


محمد سعد الكتاتني – رئيس مجلس الشعب المصري المنحل

محمد أبو حامد – برلماني سابق

شهد أول مجلس شعب منتخب بعد ثورة يناير وقائع المحطة الثانية من حكاية "الخرطوش والثورة"، على خلفية احتجاجات متظاهرين ضد وزارة الداخلية بعد مذبحة ستاد بورسعيد، والتي راح ضحيتها 74 قتيلاً من جماهير النادي الأهلي.

 

وبينما كان وزير الداخلية "منصور العيسوي" بطل المحطة الأولى، اكتفى محمد إبراهيم يوسف، وزير الداخلية آنذاك، بالتصريح عن بعد، حيث شدد سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب المنحل، والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، المحبوس حاليًا على ذمة عدة قضايا، على أن وزير الداخلية أخبره أن الشرطة لم تستخدم الخرطوش في الأحداث، الأمر الذي دفع البرلماني السابق محمد أبو حامد، إلى التلويح بفارغ طلقة خرطوش بلون أحمر، تحت قبة البرلمان، احتجاجًا على كلمات "ابراهيم" التي نقلها "الكتاتني".
 




المحطة الثالثة : الخرطوش لا يقتل لكن الرصاص يلسع

حسام عيسى – وزير التعليم العالي السابق

بطل المحطة الثالثة من حكاية الخرطوش والثورة، ربما يكون صادمًا بعض الشيء، فهو أحد قيادات حركة 9 مارس ، التي دشنها أساتذة جامعيون، أواخر 2003، والتي اتخذت مواقف معارضة تجاه نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، كما أنه أحد الأبواق المعارضة لحكم المجلس العسكري الذي استلم السلطة بعد تكليف مبارك في 11 فبراير 2011.

 

هو حسام عيسى.. وزير التعليم العالي ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق، الذي ورط نفسه، أو أراد آخرون له أن يُورط في تبرير انتهاكات وزارة الداخلية ضد المتظاهرين.

 

بعد أن عزل عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع ، آنذاك، محمد مرسي، أول رئيس جمهورية منتخب بعد ثورة يناير، في 3 يوليو 2013، اشتدت احتجاجات الحركة الطلابية، ضد النظام "الجديد القديم"، وأسفرت أولى انتهاكات الداخلية عن مقتل محمد رضا، طالب هندسة القاهرة، في 28 نوفمبر 2013، أثناء اشتباكات الطلاب وقوات الأمن.

 

وبينما كان ينتظر المتابعون للشأن العام حلقة جديدة من حلقات النفي على أحد ألسنة وزارة الداخلية، جاءت الصاعقة من المناضل القديم حسام عيسى، الذي قال نصًا، في مداخلة مع برنامج "مباشر من العاصمة" على فضائية "أون تي في": "اتصلت بوزير الداخلية فور علمي بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع من خلف أسوار الجامعة إلى داخلها، فقال لي إنه غير صحيح وإن الأمن تعرض للطلبة الذين خرجوا إلى الشارع، لأنها مظاهرة لم يتم الإخطار بها، وإن أقصى تسليح للشرطة المرابطة بمحيط جامعة القاهرة هو الرصاص المطاطي (اللي بيلسع)، يعني لا يوجد خرطوش بالمرة، فإذا كان طالب أصيب بالخرطوش فهذا ليس من الشرطة، حسب كلام وزير الداخلية ليا، لأن الشرطة ليس لديها خرطوش".

 

كما قال أنه "ليس مسؤولا عن حماية الطلاب إذا ما خرجوا من حرم الجامعة".
 




المحطة الرابعة : الخرطوش غير مسؤول عن نحافة جسدك

اللحظات الأخيرة من حياة الناشطة السياسية شيماء الصباغ


هشام عبدالحميد المتحدث السابق باسم الطب الشرعي

المحطة الرابعة، لا الأخيرة، من محطات الخرطوش مع الثورة تزامنت مع استعداد بعض النشطاء السياسيين لإحياء الذكرى الرابعة لثورة يناير، تحديدًا في 24 يناير 2015، عندما لقت شيماء الصباغ، أمين العمل الجماهيري بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي بالإسكندرية، مصرعها، بعد اشتباكات بين قوات الأمن ومسيرة للحزب في ميدان طلعت حرب بمنطقة وسط البلد.

 

كالعادة، بادرت الداخلية بنفي أي مسؤولية جنائية تجاه "الصباغ"،  وقال اللواء عبد الفتاح عثمان، مساعد وزير الداخلية للإعلام، إن "الداخلية لم تطلق خرطوش، على المتظاهرين، وإنها أطلقت فقط قنبلتي غاز"، لم يكتف "عثمان" بنفي التهمة، بل سارع، قبل إجراء أي تحقيق رسمي، إلى اتهام من وصفهم بـ "المندسين" بقتل شيماء الصباغ، في الوقت الذي أكد فيه التقرير المبدئي للطب الشرعي أن طلقات "خرطوش" وراء وفاة المجني عليها.
 



ظلت القضية تترنح بين محاولات الداخلية التملص من مسؤوليتها الجنائية، عبر تقديم متهمين إلى النيابة، أبرزهم زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، الذي شارك في المسيرة، إلى أن قرر هشام عبد الحميد، المتحدث باسم الطب الشرعي – الذي أقاله رئيس مصلحة الطب الشرعي أول أمس الثلاثاء- الظهور، السبت الماضي 21 مارس، مع أحمد موسى، في مقابلة تلفزيونية، على قناة "صدى البلد"، ليطلق تصريحه الشائك: "شيماء الصباغ أصيبت بطلقات خرطوش أدت إلى وفاتها لأنها نحيفة للغاية".

 

وساق "عبدالحميد" مبرراته لإقناع الجمهور بوجهة نظره قائلاً: "وفقًا للعلم لم يكن يفترض أن تموت شيماء من الطلقات التي أصابتها"، متسائلاً: "لماذا ماتت شيماء؟.. لأن جسمها جلد على عضم وكانت نحيفة للغاية ولم يكن في جسمها أي نسبة دهون.. أربع أو خمس طلقات خرطوش اخترقوا القلب والرئتين نتيجة نحافتها ما أدى إلى وفاتها".
 



أعاد تصريح "عبدالحميد" الأذهان إلى أساطير الخرطوش القديمة، من العيسوى إلى حسام عيسى، وانطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي في السخرية من التصريح، بعد أن وجه أحدهم العتاب لـ "الصباغ" على عدم الاهتمام بصحتها الغذائية قبل المشاركة في المظاهرات، فيما قال آخرون أنهم سيلجأون إلى التخلي عن "الريجيم" لتجنب المصير الدموي.

 

المحطة الخامسة ؟!

لا أحد يعلم على وجه الدقة، أي مسرح عمليات، سيشهد وقائع الحلقات القادمة من مسلسل "الخرطوش والثورة"، الذي من الواضح أنه سيتكرر كثيرًا، طالما أن قيادات الأجهزة الأمنية لا زالت ترى في نهجها الحالي الأسلوب المثالي للتعامل مع هؤلاء الذين لا "يخضعون" بسهولة، وطالما وجد كل قاتل من يبرر تعطشه للدماء.

 

في النهاية أترككم مع هذا الفيديو الذي يعرفه تمامًا كل من وطأت قدماه شارع محمد محمود، المعروف بين الأوساط الشبابية بشارع "عيون الحرية"، في إشارة إلى كل من فقد عينيه ثمنًا لحرية وطنه.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية