رئيس التحرير: عادل صبري 11:51 صباحاً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

إنهم يصنعون الحياة.. في رابعة

إنهم يصنعون الحياة.. في رابعة
10 أغسطس 2013

إنهم يصنعون الحياة.. في رابعة

إسلام ثابت

إنهم يصنعون الحياة.. في رابعة

عشية عيدالفطر المبارك افتتح معتصمو رابعة العدوية الليلة بإشهار عقدي قرآن لاثنتين من المعتصمات على مثليهما من المعتصمين، وفيما كانت الفتاتان المحجبتان تبتسمان في خفر شديد، وهما أختان بالمناسبة من فاقوس بمحافظة الشرقية، وفيما كان الدكتور صفوت حجازي يتلو كلمات الإشهار كان الإعلام الحكومي يمعن في التشهير بمعتصمي رابعة وبحجازي تحديداً، ومن عجيب تلك  الأقاويل أن هناك ثنتي عشرة جثة مجهولة قتلها المعتصمون السلميين ودفنوها اسفل المنصة، كمكان أمين لا يشاهده العالم، وفيما كانت كلمات الذائع الصيت، لا يستحق مجرد ذكر اسمه، حول وجود جثث نيف وثمانين من (ضحايا مصاصي دماء رابعة تم حشرهم في مجاري رابعة، ومناسبة هذا التصريح (الأخرق) بوادر انسداد في بدايات طريق الذاهب للميدان يبدو في طفح المجاري، وبدلاً من الحديث عن تعمد الطفح من قبل المسئولين بادر السيد الإعلامي المسمى بين أصدقائه ب(بانجو .. بانجو) بالتبرير المخابراتي السابق، وهو للحقيقة غريب على الفطرة الآدمية الصحيحة ولكنه ليس غريباً على إعلاميين قالوا بوجود زواج متعة في خيام رابعة في نهار رمضان، وإفطار عياناً بياناً فيه، وخطف رجال ونساء من شوارع الجمهورية وتسفيرهم إلى هناك، أو وجود الجرب، المرض الجلدي الناتج عن انعدام النظافة، بين المتظاهرين، وهلم جراً من شذوذ جنسي بين الرجال الغائبين عن زوجاته، إلى ألوان الكذب التي لا حصر لها، ولهم الله مخلصو هذا الوطن..
 

صناع الحياة:

 

    تمر الساعات قاتلة حرجة على من يصيبه تعب أو نصب فيخرج خارج ميدان رابعة لليلة أو لساعات، فالآلة الإعلامية الجبارة تلقي بحممها في الرؤوس، فالأكاذيب والأراجيف لا حد لها، وقد تناولنا بعضها منذ سطور، عوضاً على خطر الإبادة الوشيك القادم ضد المعتصمين، فيما أنت في الميدان لا تلقى إلا المبتسمين المتفائلين بتحقيق مطالبهم، فالمرء ما بين مئات الآلاف من البشر لا يملك نفسه من فرط التفاؤول، بخاصة إذا ما كانت مطالبهم أكثر من مشروعة، وتتعجب الملايين من حزب الكنبة، أولئك المسترخين طوال العام، على مدار الأعمار، فإن كانت الغلبة لأحد الطرفين فهم معهم، وصدق فيهم قول عثمان بن عفان، رضي الله عنه:إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، هؤلاء في رابعة لا يخيفهم التهديد بالموت، الجاري على أشده في هذه الساعات لإنهم إنما يصنعون الغد المشرق والحياة، وهل يخشى الممات من عرف طريق الحياة الكريمة؟

 

  إحدى نقاط بل أسباب الثبات في رابعة أن المعتصمين عالجت نفوسهم التحرر، ولو نسيباً من نير نظام الظلم القابع على انفسهم لمدة عامين ونصف العام، ومهما كانت معاناة النفوس الشريفة على مدار ثلاثين شهراً فلن تقارب ثلاثين عاماً من الإظلام التام أو حكم مبارك الطاغية، لقد كان أمل هؤلاء كبيراً في معالجة الفساد المستشرى في تربة الدولةعلى نحو تصعب الحياة معه، فمن تربة تم تمهيدها عبر حكم بالغ الظلم لثلاثين عاماً، ومن ورائها ثلاثين أخرى، وبدلاً من معالجة التربة المصرية وإعادتها لجادة الطريق فوجى ء المصريون بمن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء مبقين على فساد نظام مبارك بل معيدين ما هو أسوأ منه، وتكفي الاحصاءات المتحدثة عن مؤشر منظمة الشفافية الدولية والمؤشر العربي بعد الربيع العربي أم قبله فإن:

 

( ..تقريرا لوزارة التنمية الإدارية صدر عام 2010 قبل ثورة 25 يناير بأسابيع، يؤكد أن ثلث الشعب المصري يمارس الفساد، وأن 86% من الشعب يتعامل مع الفساد ما بين راش ومرتش ورائش، لأن البعض يمارسه عن عمد والبعض يتعامل معه مضطرا وآخرين، يدرؤن بوسائل الفساد مخاطر أكبر)(1).

 

 والكلمات لعادل صبري، رئيس تحرير موقع الوفد الإلكتروني سابقاً، وهو المحسوب على التيار الليبرالي في مقال بعنوان: اقتلوهم إنهم قوم يتطهرون، وفيه يروي أنه يتم استبعاد كل شريف في مصر لصالح المفسدين في كل مجال بل يذكر بالاسم خارطة الطريق الأخيرة على أنها طرف في المعادلة أمام المصلحين..

 

     إن من عانى لسنوات طويلة من الظلم المتناهي ثم ذاق بعضاً من الانتعاش الذي يخلفه هواء الحرية من الصعب أن يقبل الخول لسجن الظلم والفساد من جديد، وهو ما لا يريد قادة الانقلاب فهمه حتى الآن، وإلا فلم يستشهد المئات ويصاب الآلاف ويعتقل المئات والمئات فيما مئات الآلاف في الميادين ما يزالون؟ بل إن لدينا أكثر من شهيد محتمل كل ليلة، وفي شهر رمضان المعظم، فما بالنا ببعده؟ فيما الملايين تستعد لقضاء عيد الفطر في ساحتي رابعة والنهضة مصطحبين أسرهم بل الاطفال الصغار والرضع وفيما تقام مدن للملاهي البريئة في مقدمة الساحات، وتعد النساء كعك العيد الأشهر في مصر في نفس الميادين، ما كل هذا الألق يا أيها الميدان الرابض في مقدمة ميادين مصر؟ أقصد ميدان رابعة العدوية..

 

مدينة عامرة:

 

      وللحقيقة فإن شيئاً من معنى المدينة الفاضلة التي فشلت كل الأنظمة الإيدلوجية في إقرارها في مصر تراه وتعايشه في ميدان رابعة، او تكتمل فيه، وترى طرفاً منه كبير في ميدان النهضة، فمنذ باب دخولك تستقبلك روائح دماء الأطهار، بخاصة بعد مذبحتي الحرس الجمهوري والمنصة العسكرية؛ إنه عبق الحرية، لا عبير مسك الشهداء فحسب، وبعدها بدقائق ترى الحذر في حماية الداخلين عبر عدد من السواتر من الطوب بداية من المنصة؛ وعلى مدار عشرات المترات حتى البوابة الرئيسية للدخول، وقبلها ستجد من يبتسم في وجهك طالباً منك إخراج بطاقتك الشخصية، وما من واحد يفتشك إلا وهو يعتذر لك بابتسامة عذبة، أما رذاذ الماء في نهار رمضان وغيره؛ في شديد فإن العشرات كانوا يتبرعون برشه على رؤوس من يريدون، بعدها بخطوات المركز الإعلامي لتوثيق معالم الجرائم التي تمت في الميدان، وفي المنتصف لديك خيمة للإفطار والسحور لوجه الله ثم الوطن برأي اللافتة بأعلاه، ولديك رجال أشداء جاؤوا بسياراتهم لتوزيع العصائر والمياه بل الطعام، وفي تناغم فريد يحيا الباعة الجائلين جنباً إلى جنب المعتصمين بلا مشكلات او ضغائن، بل ترى عدداً من المتسولين وأغلبهم يأبى إلا أن يعطيك شيئاً مقابل قروشك القليلة كمنديل ورقياً في عبوة مثلاً..

 

   أما المطاعم، والساحة العملاقة المحددة للصلوات على مدار اليوم بخاصة في شهر رمضان، أما دورات المياه، ومئات المتطوعين بتنظيف الميدان بعيد الفجر، أم منظمي حركة السير، ومحددي خط سير سيارات الإسعاف، والشباب المتسلح بخوذ لحماية الرأس وعصي، بعضها غليظ، فجميعهم شاهد على التعايش الراقي بين المصريين، ومحاولة دفع المتربصين بهم بأقل سبل الدفاع عن النفس فيما يحرص (الآخر) على قتلهم، متى استطاع دون هوادة..

 

    إنك هنا في رابعة بإزاء مدينة عامرة لا بالأشياء بل بفيض المودة يشيع بين الجميع، وإن أردت التأكد فانظر كيف يحافظ الجميع، لا على بعضهم بعضاً، بل على النساء، دون معرفة بهن، وشاهد المحجبات وغيرهن يمضين بين الجموع دون خوف أو وجل، وقارن ذلك بالتجمعات البشرية المتواجدة نساء بها في أعتى دول العالم، بخاصة في ظل غياب القوانين، وما يحدث فيها، وما حدث في مصر بوجه خاص خلال بداية العام وما قبلها وما بعدها من قتل واغتصاب لنيف وعشرين وقيل ثلاثين فتاة، أم إذا ما أردت البحث عن الرحمة أكثر فابحث كيف يتعامل هؤلاء مع الفقراء، وانظر لحصيلة الطعام التي تخرج بها الأحياء البالغة الفقر، عبر مندوبيها ومندوباتها في الميدان، من الدويقة ومنشية ناصر والسيدة عائشة وغيرها..

قلب الحقائق:

     إنه السحر الأسود بالفعل، فالمقتول صار قاتلاً، وتضافر المفسدون مع الإعلاميين مع السياسيين لتحقيق ذلك الأمر، اللهم إلا من رحم ربي وهم كثر والحمد لله تعالى، وراقي الاحساس وجميل التصرف.. صار المجرم الحائز على أسلحة دمار شامل من كيماوي ونووي، بحسب الصحف والإذاعات الرسمية، والمقيمي الصلاة  آناء الليل واطراف النهار، هم الزناة القتلة البغاة، والصائمون الذين لا يفترون في ذكر الله والتعرض لضربات الشمس هم المفطرون في نهار رمضان، والمختطف رئيسهم ودولتهم هم مخطوفون ذهنياً، بحسب بيان وزارة الداخلية الأخير، وهو الأول إذ كانت البيانات من قبل تلقيها طائرات الجيش المصري، وبالتالي صار الشريف المناضل الثوري فاسداً متخاذلاً خائناً للوطن، وجل ذنب هؤلاء أنهم يحافظون على لحمة مصر، ولا يريدون صداماً مع الجيش حفاظاً على ارواحهم وحفاظاً على الجيش، وبينهما حفاظاً على تماسك مصر، ومع تنامي الهجمة ضد أشرف من في مصر تتداعى الدعوات في مشارق الأرض ومغاربها ضد الظالمين الحقيقيين، وليس آخرها دعاء الشيخ محمد السديس في الحرم المكي ليلة ختم القرآن الكريم، وقد جعل جله للمصريين، فيما نأمل أن تكشف الساعات المقبلة عن رحمة الله بهم.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية