رئيس التحرير: عادل صبري 02:48 مساءً | الخميس 18 سبتمبر 2025 م | 25 ربيع الأول 1447 هـ | الـقـاهـره °

مواقف من رابعة

مواقف من رابعة
04 أغسطس 2013

مواقف من رابعة

إسلام ثابت

فيما نذر الحرب على ميداني رابعة العدوية والنهضة تدق طبولها الآن، فإننا هنا ننشر الأمل في وشيك انفراج الأمر على خير بإذن الله تعالى، سائلين المولى إخلاف الظنون، ونجاة مصر مما يدبر ويحاك لها، ولكننا في نفس الوقت نهنىء من سبق لله تعالى بالشهادة، وننذر بالويل والثبور من ساعد في قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض، كما أخبر الرسول، صلى الله عليه وسلم، وبين تقليب الطرف في الوضع الحالي والأمل نتوقف لدى مشاهد من الميدان الأبرز في القاهرة اليوم:رابعة العدوية .

 

ابتسم لدينا شهداء:

 

    قرب منتصف ليل الخميس 22من رمضان الأول من أغسطس هممتُ بمغادرة ميدان رابعة العدوية، فاستوعتُ الله تعالى من فيه، وتوقفتُ أنظر لطفل بل لرضيع في سيارة في حضن أمه، وهتفتُ بنفسي: من يجرؤ على الاقتراب منك بل قتلك إلا مجرم، ومثلك يهدد الأمن القومي المصري لأنك خرجتَ مع أسرة في اعتصام سلمي، لم تستبح فيه حرمات ولم تمتد يد بشر لأحد فيما من قتلوا بعدما اغتصبوا الفتيات في التحرير ما يزالون مطلقي السراح، وعند باب الميدان الخارجي وجدتُ سرادقاً لم أحتج كثير تفكير لأعرف أن به بعض أهالي الشهداء لتلقي العزاء، وفيما كنتُ أتجه إليه كانت النفس تنطلق بالسؤال: هؤلاء يؤبنون من مات لهم وقد يلقون نفس المصير بعد قليل، وهنا فاضت العينان بالرحمة المعهودة في النفوس ولكن أحدهم، لعله قريب لأحد الشهداء عاجلني بالقول فيما هو يصافحني:

 

ـ ابتسم نحن لدينا شهداء هنا..

 

هجوم كاذب:

 

      بعد صلاة فجر السبت  18 من رمضان اتجهتُ لباب الميدان الرئيسي في رابعة بغية المغادرة فراعتني أصوات الدق الشديدة على أعمدة الإنارة في طريق النصر، ولم يستغرق الأمر سوى ثوان لأفهم أن هجوماً محتملاً وشيكاً على الميدان يوشك على التكرار، وكانت دماء مذبحة الليلة والصباح السابق ما تزال حامية على الأسفلت، وفيما كانت خطوات النساء تهرول عائدة إلى الميدان ومبتعدة، كان كثير من الرجال والشباب في عمر الزهور يتحصنون وراء بعضهم البعض في انتظار (الشهادة) كما كانوا يرددون لبعضهم، بعد قليل اتضح كذب الهجوم، وأن الحقيقة أن سيارتين للشرطة مرتا بسرعة محملتين بالأمن المركزي.

 

   لم أكن أحتاج كثير وقت لأقارن بين موقف من هرولوا للميدان بعيداً عن خطى الموت، ومن تمترسوا أمامه في انتظار الشهادة..

 

سيارات تسلم المتظاهرين للأمن:

 

من أين تقدم البجاحة أبواب البعض؟

 

ثوانٍ وظهرت سيارتي ميكروباص من جديد عند أبواب ميدان رابعة من ناحية المنصة، دقائق بعد الإنذار الكاذب، كانت السياراتين تُحملان إلى رمسيس، فيما أكد تأمين الميدان انهما يسلمان الركاب لأمن الدولة بعد تحصيل (الأجرة) منهم، ورغم ذلك لم يفعل (مصاصو الدماء) بحسب وصف الصحف القومية سابقاً، الصفراء حالياً لهم، لم يفعلوا سوى أن أنزلوا الركاب بالرجاء الحار أن ينتظروا حتى يشرق الصباح، وألا يتحركوا في ظلام الليل، ومن ثم النفوس رغم كوننا في شهر رمضان المبارك..فيما كان السائقين يصرخان فيهم: دعوهم لنا لنأكل رزقنا..

 

مصاصو الدماء والبلطجية:

 

    والأمر بالأمر يذكر، رأيتُ بأم رأسي كيف يتصرف مصاصو الدماء، بحسب الوصف الفاسد، مع من يلقون القبض عليه من البلطجية سواء بسلاح أو عقب إصابة متظاهر، وكيف كانوا ينصبون (كردوناً) بشرياً منهم لأخذه لمكان مأمون كيلا يقتله بقية المتظاهرون، ومع الأيام بخاصة في رابعة كانوا يركبون البعض من البلطجية سيارة تمضي بسرعة، وفي هدوء، هكذا رأيتُ تعاملهم مع القتلة كما شاهدتُ .. فكيف ينتظرون من القتلة المعاملة؟

 

فداؤك عيني يامصر:

 

     الثلاثاء 21 من رمضان كان موعد الجنازة الرمزية لشهداء النصب التذكاري وسبقته وقفة لطالبات وطلاب جامعة الأزهر الشريف، منتهى الرقي الحضاري أن تجد لافتات بأيدي فتيات صغيرات صامتات فيما تنطق اللافتة فقط..

 

   كان الوقت بعد صلاة العصر بقرابة الساعة والحر شديد، حتى أن اصواتهن بالهتاف كانت تخرج خافتة، وفيما كانت حلقة منهن تقول:

 

ـ يا شيخ طيب فين الطيب وفين الشيخ..

 

كانت لافتة بيد فتاة في عمر التفتح مكتوب عليها:

 

استهدفوا عيون المتظاهرين من جديد.. فداؤك عيني يامصر لكن تسلم عيونك..

 

  هل مثل هذه الفتاة إرهابية أيضاً يا إرهابيي الرأي ومتطرفيه..

 

موت الضمائر:

 

    شاب جميل نزل معي من الميكروباص لدى ميدان رابعة وعرفني بنفسه على أن اسمه خالد وهو شاعر، واسمعني عامية رائقة للأمانة مفادها أنه يعتذر للقاتل المتقمص دور الجزار، إذ إنه لما قرر اعتبار صاحبي، كذا في القصيدة العامية، نعجة وجاء ليذبحه، تطاير الدم على ملابسه، فاستنكر المصريون ممن هم خارج الميدان وانتعشت ضمائر الحكومات الغربية بالإدانة، لذا فهو يعد الجزار بأنه سيوصي ابنه لما سيذبحه الأخير بألا يتطاير الدم منه على الثياب الناصعة (البريئة) له، ولما انهى القصيدة قال في تأثر شديد:

 

ـ قلتُ لزوجتي اليوم قبل خروجي من البيت لستُ حزيناً على من مات في مذبحة الشرف الأولى والثانية ولكني حزين على من ماتت ضمائرهم من المصريين الفرحين بما صار إليه الشهداء..

 

بعض إعلام كاذب:

 

    امرأة مسنة تبدو من ثيابها البساطة الشديدة تكتب على لوحة أمام المنصة في الجنازة الرمزية: إعلام كاذب لما اهتم أحدهم بتصويرها أخذت تردد في عذوبة:

 

ـ يا (....) لن يصدق كذبك وزميلاتك أحدٌ..

 

إنها تظن أن الصورة (صوت وصورة) وهي متأثرة جداً بكذبهم، وتقر بلسان حالها الاستنكاري التكذيبي بدور بعض أجهزة الإعلام السىء في التزييف..

 

دهستُ قطة:

 

   أحد المصاصين بزعمهم من المعتصمين برابعة اتصلت أمه المسنة به لتقول:

 

ـ أنت عائد من أوربا لك أسبوع، وعندك في رابعة قتل وموت، فيما لم أشبع منك..

 

فقال بعذوبة:

 

ـ لكن لمن أترك الحور العين يا أمي؟

 

   فبكت، قرر الرجل، وهو رئيس لأحد المراكز المرموقة السفر لتهدئة نفس أمه، ولما عاد تعجب من الدم البارد الذي يقتل به الأوغاد المتظاهرين وقال:

 

ـ كنتُ مع لفيف مع كبار الدعاة في سيارتي، وفيما كنتُ أسير مسرعاً هرولت قطة لتدخل أمام العجلتين الخلفيتين للسيارة فلم أرها سوى في المرآة وهي تلفظ روحها، فبكيتُ وسألت العلماء عن الذنب الذي لحق بي، وهل هو قتلٌ خطأ، فنفوا، ورغم هذا لم استطع النوم لأسبوع كامل ..

 

أين الكذابين والأوشاوس ليسمعوا..

 

عجيب .. عجب .. عجاب:

 

   لما قرأتُ عمود صلاح منتصر في أهرام الأربعاء 22 من رمضان شككتُ في نفسي والزمان والمكان بل في ذاكرتي، الرجل يقول أهل رابعة معزولون عن العالم لا يسمعون إلا لخيالهم المريض، فلا إعلام هناك ولا صحف ولا تلفزيون، يارجل سلم لي على تاريخك الطويل وخيالك المريض، هاهنا ولستَ تريد العلم، أئمة وعلماء في جميع المجلات، وصحف تباع يومياً بزيادة عن ثمنا، 150% فقط، والطائرات الخاصة بالقوات المسلحة التي تقترح عليها إلقاء مطبوعات يومية فيها ملخص بالأخبار الصحفية مشغولة عن هذا بتنظيفك البيادة الخاصة بهم، أما آخر ففي صفحتي الرأي يقول أن أهل رابعة هم من خرجوا من الميدان لتصفية أنفسهم (براه)، من باب تعال لي بره وأنا أريك، كما كنا نقول أيام الدراسة.. يارجل الإعرابي الذي قال: فخر عليهم السقف من تحتهم وجد من يقول له هندس إن لم تفهم، وانت لا تجد..

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية