رئيس التحرير: عادل صبري 11:34 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

في هجاء المقاومات !

في هجاء المقاومات !
29 أغسطس 2014

في هجاء المقاومات !

عبدالله أمين الحلاق

أما وقد وضعت حرب غزة أوزارها، وأخرجت الهدنة أثقالها، فالأمر مدعاة احتفال وفرح عميمَين في صفوف فلسطينيي غزة والفلسطينيين عموماً. بَيد أننا نشهد احتفالين كبيرين بالهدنة وبوقف إطلاق النار في منطقتنا وخاصة فيبلدان الجوار. الاحتفال الأول يتضح في احتفالات الغزاويين بوقف إطلاق النار ، وهي احتفالات إنما نبَعت من تعلقهم وحبهم بالحياة وبناء مستقبل لهم ولأولادهم وليس احتفاءً بالمقاومة وبقتل الجنديين الاسرائيليين قبل الهدنة بساعتين،وهي المقاومة التي طالما كانت ماضياً وحاضراً ومستقبلاً يقوض أسس الاجتماع السياسي والتوافقات الوطنية بدلاً من تكون مهمتها مقاومة العدو فقط، ذاك أن المقاومات الدينية تحديداً، ونعني حماس وحزب الله، غالباً ما تكون مقاومةً للدول والمجتمعات المحلية بقدر ما تكون مقاومة للعدو الاسرائيلي الذي يشرعن هذه المقاومات ووجودها من دون أن تكون له أي شرعية وحق في احتلال أراض وتهجير شعبها.

أما الاحتفال الثاني فيتبدى من ممانعين سوريين وفلسطينيين ولبنانيين  احتفالاً بنصر لم يتوقف إعلام ناصر قنديل وقناة الميادين وجريدة حزب الله "الأخبار" من التغني به، من دون ان يعني ذلك أن قناة "الجزيرة" كانت في منأى عن مشاركة الممانعين احتفالاتهم تلك. كيف لا والوساطة القطرية لعبت دورها في هذه الهدنة "التاريخية" إلى جانب وساطة جون كيري والرعاية مصرية !

إذاً، "شكراً قطر، شكراً أميركا، شكراً مصر" وطبعاً، لم يبق إلا أن يشكر البعض كلاً من حماس واسرائيلأيضاً،حيث  لا قيمة لجهود كل تلك الأطراف من دون حروبهما المستمرة.

لكنّ حماس، تحترف اختزال الشعب الفلسطيني بالمقاومة، كما يختزل حزب الله لبنان بذات المقاومة ، وليس بلا دلالة أن يصرح سامي أبو زهري وهو  الناطق باسم حركة حماس عن "انتصار المقاومة الفلسطينية على الجيش الإسرائيلي" ، مؤكداً"قتل جنديين إسرائيليين في الساعات الأخيرة قبل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار". مضيفاً" أن المقاومة أنجزت ما عجزت عنه الجيوش العربية مجتمعة، بعد أن فرضت حصاراً جوياً على إسرائيل وقصفت مواقعها الإستراتيجية، وفرضت على الملايين من مواطنيها الهرب من بيوتهم والدخول في الملاجئ، وكسرت هيبة جيشها الذي وصفته دائما بأنه لا يقهر".

والحال، أنه لا يمكن للمرء إلا أن يضع "الانجازات" التي صرح عنها أبو زهري في خانة التمنيات، في كسر شوكة العدو وأسطورة الجيش الذي لا يقهر، وهو ما كان سوقه سابقاً حافظ الأسد منذ حرب تشرين/ اوكتوبر  1973بكلام لا يختلف عن كلام أبو زهري إلا في الصياغة اللغوية. ولكن من الواضح أن واقع الحال هو بعكس ما سوقه الزهري ومن قبله الأسد وبينهما حسن نصرالله في تموز 2006، فالمقاومات، ومن ورائها الأنظمة الممانعة،تتوازى عندها مسألة "محاربة اسرائيل" بمحاربة مشاريع الدول والأوطان، من دون ان نعني بذلك ان دولنا أو مشاريع دولنا تقع واسرائيل في نفس الخانة. ننحاز إلى رؤية تقول بأن المجتمعات عندما تنتصب الدولة – الامة راعية لها ولحقوق مواطنيها ولقرار السلم والحرب، تكون أقوى،وتكون اكثر صلابة ومتانةً في مواجهة محاولات التحطيم من قبل المحتل الاسرائيلي ومن قبل مقاومات هذا المحتل. أما انتصاب "الهدنة" نصراً كما انتصبت حرب تموز 2006 قبلها وحرب تشرين 1973 قبلهما، فهو ليس أكثر من النفخ في القربة المثقوبة.

الهدنة تبقى "هدنة" وليست انتصاراً، مهما حاولت حماس ومن شاكلها من مقاومات دينية تسويقها على أنها نصر، على أنقاض قضية حق وشعب فلسطيني أساءت له المقاومة بعد ان أساءت له إسرائيل، منذ الانقلاب على السلطة الفلسطينية ومهزلة القمصان السوداء عام 2007 في غزة، غلى 7 أيار 2008 في بيروت واحتلالها في غضون دقائق على يد النسخة اللبنانية من أصحاب القمصان السود هؤلاء.

واليوم، يوقع اليمين الإسرائيلي واليمين الديني ممثلاً بحركة حماس اتفاق هدنة، ويتقارع اليمينان ويتنافسان في عدم القدرة على الوجود من دون حروب. وهو امر لا بد أن يسفر ذات يوم عن خرقٍللهدنة قريباً من أحد اليمينَين.

هكذا هي اسرائيل، وهذه هي مقاوماتها، على مدار التاريخ وحتى اليوم، وربما مستقبلاً، طالما أن الدول اليوم هي انقاض وأطلال لم يوفر الإسلام الحربي، المقاوم وغير المقاوم، لحظةً للوقوف على اطلالها وجماجم قتلاها !.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية