رئيس التحرير: عادل صبري 11:35 صباحاً | الجمعة 04 يوليو 2025 م | 08 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

حمى الله الخليفة، وأَعزّنا بــ"ساعته".. !

حمى الله الخليفة، وأَعزّنا بــ
11 يوليو 2014

حمى الله الخليفة، وأَعزّنا بــ"ساعته".. !

عبدالله أمين الحلاق

حمى الله الخليفة، وأَعزّنا بــ"ساعته".. !

لنتخيل "الخليفة" القائد أبي بكر البغدادي، وقد خرج علينا بخطابه في الأسبوع الماضي من دون أن يرتدي الساعة الشهيرة في يده، أو أنه كان يرتدي ساعة تأكدنا أنها من النوع الرخيص بما لا يليق بخليفة المسلمين، أو أنها من النوع الغالي الذي يليق بمقامه الرفيع وقد ولّي علينا نحن العصاة الرافضين خلافته "الميمونة"، والرافضين الخلافة والأسلمة أساساً..

لم يبق من مشهد خطاب "الخليفة" على ما يبدو إلا "المُهمّ" منه، وهو الساعة التي "فاجأت"الجميع،  فغُيّب بعض فحوى هذا الخطاب الذي مرت عليه بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي مرور الكرام، مقارنة بمتن هذا الخطاب ألا وهو ساعة يد الخليفة، والتي قالت "الدايلي تلغراف" البريطانية أنها ساعة "رولكس" من النوع الغالي يقدر ثمنها بحوالي 6 آلاف دولار. لم تمر هذه الرواية ببساطة، ذلك أن ثمة من كذّب افتراضات الصحيفة البريطانية وقال بأن الساعة هي من النوع الرخيص جداً، وبدأ بالسباحة في يمّ الاهتمامات اليومية التي تربعت الساعة على رأسها، ومن هؤلاء كتّاب وصحفيون يفترض أن يهتموا بقراءة خطاب الخليفة أكثر من لباسه ولحيته وحتى ساعته، رغم الدلالات المحتملة للمظهر أيضاً في حالات كهذه، والتي تبقى أقل أهمية بما لا يقاس مما سينطق به لسان الرجل الحديدي.

من هؤلاء مثلاً، من كان يكتب المقالات بمناسبة تأدية بشار الأسد صلاة عيدَي الفطر والأضحى، وكيفية أدائه للصلاة في أحد المساجد "المخابئ"، وتفنيد عدد الأخطاء التي يرتكبها الأسد في صلاته المفترضة، من المدة الزمنية التي يبدأ فيها بالتسليم إلى اليمين واليسار قبل التشهد، ثم الركوع قبل ركوع الإمام والسجود بعد سجود الجميع، هنا، تبدو الساعة في يد بشار الأسد بداهةً بقدر ما تبدو صلاته غريبة وملفتة للنظر بحركاتها وأخطائها وتصنُّعها، والعكس صحيح في حالة البغدادي، حيث استهجن الجميع الساعة التي في يده وبدت غريبة من خليفة راشدي سادس يُحيي "أمجاد" القرن الثاني الهجري، في الوقت الذي بدت صلاته وخطبته الشهيرة هي السياق الطبيعي لشخص مثله.

وبناء عليه، وبدلاً من هذا التنافر الذي لا يبدو في محله بين قطبين أساسيين من أقطاب المنطقة، الأسد والبغدادي.. ألا يجدر بنا البحث عن نقاط تقارب وتقاطع بين الخليفتين، الخليفة الراشدي السادس والخليفة الأسدي الثاني، علّنا نضع قدمنا على بداية الطريق "لنهضة هذه البلاد المنكوبة وتوحيد قياداتها الرشيدة" !!

الفروق  بين قَدامة البغدادي الحقيقية وحداثة الأسد المفترضة مضمحلة لدرجة كبيرة، إلا في أذهان من ما زال يرى الأسد قائداً علمانياً حداثياً. وفي العمق، وفي ما يختلف عن المظهر والشكل، تبدو المصالح المشتركة في خراب المنطقة وقد وحّدتهما قبل أن توحدهما "الساعة" الأنيقة، أما الصدام الجديد بين قوات البغدادي ونظام الأسد في بعض المناطق المحدودة جداً وهو ما حصل مؤخراً فقط، فيفترض ألا يعكر صفو العلاقة الجيدة وغير المعلنة تاريخياً بين القائدَين، وهما قائدان معروفان لمشايعيهما "بالحكمة وبسداد الرأي"، ويحوزان الطاعة المطلقة والعمياء من هؤلاء المشايعين.

جديرٌ بالقائدين إذاً ألّا ينتظرا انعقاد قمة عربية أو قمة إسلامية حتى يلتقيا ويتباحثا في شؤون تطوير آفاق التعاون بين البلدين الجارين، وإنما البدء منذ الآن بالبحث في توحيد الهدف الموحَّد أصلاً، وإن تكن قد عكّرت صفوه بعض المناوشات التي تتعلق بالخطر الذي بدأت تمثله "الدولة" على آباءها سابقاً، بانتظار أن تكون "صيدنايا وسجنها" عاصمةً مركزية للفيدرالية التي قد تعلن بين "سوريا الأسد" والدولة الإسلامية.

يذكر التاريخ أن الخليفة العباسي هارون الرشيد قد أرسل هدية إلى ملك الفرنجة "شارلمان" هي عبارة عن ساعة نحاسية كبيرة، في الزمن الموصوف بأنه العصر الذهبي للعرب وعصر الظلمات للأوربيين، وكانت هذه الساعة تتحرك بالطاقة المائية وتسقط منها كرات معدنية عند كل نهاية ساعة تحدث رنيناً في كل أرجاء القصر.

فهل يعيد التاريخ نفسه وتكون هذه الساعة التي ارتداها أبو بكر البغدادي، "خليفة المسلمين"، هدية من بشار الأسد مثلاً، أو من الخميني نفسه لمعرفة مواعيد الصلاة بدلاً من الاعتماد على الشمس ودورانها؟

لِمَ لا. هذا ما يفترض أن يفعله القادة الذين نعرف جميعاً كيف عاشت بلدانهم عصرها الذهبي في ظل حكمهم، فاقتضى ذلك الفائض من "الحضارة" إرسال هدية إلى أحد القادة والزعماء، وهو الخليفة ابو بكر البغدادي، ربما مكافئة له على خدمات جلية سابقة، وفاتحةَ طريقٍ للتمثل بحداثة المجزرة الأسدية بدلاً من استجرار ماضٍ تجاوز الزمن نمط القتل البدائي فيه.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية