ليالٍ جبنتُ فيها (5)
إسلام ثابت
ليالٍ جبنتُ فيها (5)
اختطف رئيس جمهورية منتخب من القصر الرئاسي يوم الأربعاء 3 من يوليو الحالي في سابقة نادرة الحدوث في تاريخ مصر الممتد عمر حضارتها لسبعة آلاف عام في جوف التاريخ، فضلاً عن العالم المتحضر أو شبه شبه وكرر شبه لما شاء الله تعالى، ومكث المصريون يعانون من أثر الصدمة 48 ساعة، بالطبع اقصد الشرفاء ممن يفهمون من أهلنا، وأتمنى أن يكونوا كلهم كذلك، وأخذ الفريق السيسي يبطش بيد من (برونز) فمطلوب القبض على فئة من المصريين، ووضع أخرى تحت الإقامة الجبرية، وبعيد عن موافقتنا أو اختلافنا معهم، فالمرشد العام للإخوان المسلمين لم يتم القبض عليه في زمن مبارك، ولكن السيسي حاول فعلها إن لم يكن أكثر، بالفعل قبض على المرشد السابق مهدي عاكف، رد الله غربته، كما قلل من شأن العلماء ممن لم يوافقوه فوضع الشيخين حسان ويعقوب قيد الإقامة الجبرية، أما بقية مسلسل التخبط فلا حرج من أن تحدث عنه: القبض على الناس في انصاف الليالي عاد من جديد مع زوار الفجر، بل تصوير من يغير ملابسه عند القبض عليه إمعاناً في إذلاله، ممارسات أنكى مما كان يفعل مبارك، مع كوننا كنا قد نسينا اقل منها بالفعل بعد الثورة، فجاء السيسي ليذكرنا بها بحجة مؤازرة ثورة جديدة في 30 من يونيو الماضي، ويا معشر الحمقى كم من ثورة لديكم في العام؟ إذا كانت تقوم في مصر ثورتان خلال عامين ونصف العام؟ وكم عاماً تلزم لقيام ثورة يا (هؤلاء)؟ يقيد العسكر قنوات، لا اتفق مع كل ما تبث بالضرورة، ويعتقل الناس بالشبهات في الطرقات، وهو ما يفعله د. مرسي المتجنى عليه طوال عام، ولكن الله تعالى مطلع وهو من وراء القصد.
يوم السبت 6 من يوليو بدت مناوشات بين قيادة الحرس الجمهوري والمتظاهرين أمام المبنى الكائن بشارع صلاح سالم، وكان عدد من الفعاليات الخادعة قد تكرر للزج بالواقفين أمام المبنى في الأتيان إليه ثم الاستمرار في البقاء أمامه، ومنها خروج أحد الضباط مساء الجمعة للقول على منصة الحرس أنه من الحرس الجمهوري ولا يشرفه ما يفعله السيسي بل يبرأ منه، ومن الموقف السىء الذي وضع الجيش المصري فيه، تصريح فردي لكن ذي دلالة في حالتنا شديدة، ثم قبول التفاوض (الافتراضي) يوم السبت، أما الأحد فقد بدأ الدكتور صلاح سلطان عصراً أو بعده بقليل وفي ظل توافد العشرات بل مئات لآلاف من محبي الدكتور مرسي في القول: إما أن تخرجوا لنا الرجل أو نخرجه نحن..
عقب ذلك أعلنت المنصة بعدها بساعات أن مسيرة ضخمة سوف تسيرلوزارة الدفاع يقودها د.جمال عبد الستار للتفاوض مع المسئولين هناك، إذ إن قيادة الحرس قالت لهم إن المعني بالأمر وزارة الدفاع، في المنتصف كانت الميكروفنات تخفت بل تطفأ كلما طلب المتظاهرون لكن بعد لأي شديد من قبل المنصة، وفيما كان الآلاف يفترشون الطرقات ومئات تروح واخرى تجىْ أعلن الدكتور عبد الستار أنه أخذ قرابة ثلاثين ألفاً ووصل لوزارة الدفاع وأنهم كانوا أكرم من أناس ( الداخلية أمام الحرس) فلم يطلقوا النيران بل استضافوهم بشىء يسير، ووعدوا بالتفكير لكن إذا تاخروا فسيكون هناك موقف آخر، إذ قد يأخذ ثلاثة ملايين بعد أيام قليلة ويذهب إلى وزارة الدفاع مرة اخرى، في حين صرح د. سلطان أن قائد الحرس صرح له أنه لم ير أناس بمثل أخلاق المعتصمين أمامه هذه الأيام..
بالطبع كانت رسومات القلب التي رسمها الجيش أو طيرانه مساء الأحد إيذاناً بأنه فاض به في تحمل المعتصمين وما يفهمون أنه تفاوض مع من لا يعترف بالأساس له بوجود، مع شعب مصر الحقيقي الذي تشدق أنه يدافع عنه فلما وقف برقي أخلاق وكرم الريفين والبسطاء أمامه أراد إبادتهم فقتل أكثر من مائة وعشر منهم وأصاب المئات وأسر مثلهم، وقال أنهم حاولوا هجومه فيما هم يصلون في السجدة الثانية من صلاة الفجر وظهرهم له، وقد تركتُ عند الواحدة فجراً النساء والأطفال في مواجهة باب (نادي الحرس الاجتماعي) الذي لم يكن يستحق كل هذه المذبحة لولا خداع الحرس والجيش لقادة الإخوان الشرفاء لكن الطيبين، وإن قيل أنه خطأ من الأخيرين فإنه لم يكن الأول للأسف الشديد..، ولكن أين هو من خطيئة أناس يتحكمون في الموقف اليوم ولا يرعون إلاً ولا ذمة في البشر، ولو أن ما قتلوا وغرروا به أمام الحرس الجمهوري قططاً لثار الغرب ولبكت منظمات حقوق الحيوان بالدمع الغزير ولكن لله تعالى ثواب الشهداء، وعليه وحده معاقبة الخائنين، ولنا بقية..
