رئيس التحرير: عادل صبري 09:15 صباحاً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

ليس باسمنا

ليس باسمنا
03 يناير 2017

ليس باسمنا

إكرام يوسف

 

صار من المعلوم لدى الكافة بالضرورة أن أرض أي دولة ليست ملكا؛ حتى لمن يعيشون عليها ويتجنسون بجنسيتها فقط. وإنما هي ملك لكل الأجيال القادمة. فلا يحق لحاكم، أو حكومة، أو برلمان التنازل عنها، بل لا يحق حتى للجيل الحالي التنازل عنها بموجب استفتاء شعبي!

 

عندما يقسم الحاكم، والمسئولون، والنواب، وقادة الجيش، على "حماية الوطن وسلامة أراضيه"، فهم مسئولون عن حماية أراضي الوطن كما تسلموها، وليس من حقهم التصرف فيها!

 

وأكدت على ذلك مواد الدستور المصري، التي استندت إليها المحكمة الإدارية العليا في حكمها يوم ٢١ يونيو الماضي. حيث نصت المادة الأولى من الدستور على أن "جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، أو النزول عن شيء منها".  كما تنص المادة 151 في فقرتيها الثانية والثالثة على: «يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلاّ بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة".

 

بمعنى أن حتى الاستفتاء الشعبي الذي يتعلق بمعاهدات الصلح والتحالف وأعمال السيادة، لا ينطبق على التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة "وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة".

 

 ومؤخرا، أقرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرزاق، مبدأ قضائيا قانونيا، بأنه لا يجوز لجهة الإدارة التعلق بأعمال السيادة حال إبرام اتفاقية تتضمن التنازل على جزء من إقليم الدولة. وذكرت أنه إذا كان الدستور في الفقرة الأخيرة من المادة (151) حظر على السلطة التنفيذية إبرام اتفاقيات من شأنها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة فإن قيام الحكومة بالتوقيع على اتفاق يتضمن ذلك لا يعد عملا من أعمال السيادة وإنما هو عمل من أعمال الإدارة مما يختص القضاء بنظر الطعن عليه التزاما بحكم المادة (97) من الدستور والذي حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.

 

ومن ثم، تبدو استماتة السلطة الحاكمة في مواصلة مسيرة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير أمرا مريبا ومشينا. وتأتي محاولة التحايل على أحكام القضاء وتخطي السلطة القضائية، بإحالة اتفاقية العار إلى مجلس الشعب، إهانة للسلطتين القضائية والتشريعية معا، ينبغي أن نرفضها جميعا وفي مقدمتنا أعضاء البرلمان، الذي تجري محاولة توريطهم في جريمة التنازل عن أرض الوطن!

 

ومن هنا كانت مطالبتنا لأعضاء المجلس، الحريص منهم على عدم تلويث اسمه وشرفه تاريخيا بفضيحة قبول توريط البرلمان في فضيحة تفوق بمراحل فضيحة نكسة ٦٧ التي خسرنا فيها أراض عنوة، بعد هزيمة حربية، بيد أنهم الآن يسعون إلى التنازل عن أرض لا يمتلكون حق التصرف فيها، ولا نملك نحن حق التصرف فيها، لأنها ملك أجيال قادمة!

 

حري بأعضاء البرلمان ـ أقصد من مازلنا نتوسم فيهم الحرص على مصلحة الوطن ـ الاستبسال في رفض هذه الحالة، وسحب الثقة من الحكومة التي تسعى إلى توريطهم في فضيحة لن يمحوها التاريخ ولن نسامح فيها ولن تسامح فيها أجيال قادمة. عليهم أن يقاوموا ببسالة الوقوع في هذا الفخ، فإذا غلبتهم الكثرة الذين نعرف انتماءاتهم، فليس أمامهم سوى تقديم استقالات جماعية، تصون أسماءهم وشرفهم من سبة تظل تلاحقهم وتلاحق ذريتهم طوال التاريخ!

 

وكما يعرف كل من درس القانون الدولي وتاريخ الدول منذ عرفت البشرية مفهوم "الدولة".. لم تعرف البشرية التنازل عن تدخل في إقليم الدولة ـ حتى ولو كانت محتلة ـ إلا عبر طريقين لا ثالث لهما: إما حرب تشنها الدولة صاحبة الأرض، فتستردها، ويتم بعدها توقيع اتفاقية صلح تؤكد فيها استعادة أرضها.. أو لجوء الدولتين الي التحكيم الدولي!

 

عندما يقسم الحاكم، والمسئولون، والنواب، وقادة الجيش، على "حماية الوطن وسلامة أراضيه"، فهم مسئولون عن حماية أراضي الوطن كما تسلموها، وليس من حقهم التصرف فيها! فقط، حمايتها والذود عنها، حتى لو كانت أرضا محتلة، فما بالك بأرض تشبعت بدماء المصريين عبر آلاف السنين، وتحمل اسمها الذي يرجع إلى العصر الفرعوني؟ تخيلوا مثلا، أن الله قد تاب على نتنياهو ـ أو حذره قريب صالح من مغبة استحلال حق الشعب الفلسطيني ـ وقرر فجأة أن يكفر عن ذنوبه، ويتنازل عن قطعة أرض من فلسطين لأصحابها الحقيقيين، من دون حرب أو تحكيم دولي، أو حتى استشارة شعبه الصهيوني!! هل تتخيلون ما سيجري له ولحكومته؟

 

كان علينا أن نفعل ما نستطيع لمنع التنازل عن أرض الوطن، وحتى لا تحاسبنا أجيال قادمة على التخاذل أمام الجريمة، لا يقال يوما أن المصريين باعوا أرضهم؛ فقمنا بجمع توكيلات لنخبة من المحامين المخلصين، الحريصين على كل حبة رمل من أرض الوطن، فكانوا عند حسن الظن بهم، ولم يدخروا جهدا في البحث عن أدلة وخرائط ووثاق ومستندات في شتى أنحاء الأرض، وعاونهم المصريون الشرفاء ـ بحق ـ في كل دول العالم، في البحث عن الأدلة والحصول عليها.. وقيض الله للقضية قضاة شرفاء ـ حتى الآن ـ حكموا بما يمليه ضميرهم من واقع الدستور، والقانون، والأدلة الدامغة، ودفع بعضهم الثمن في محاولات للضغط، لم تضعف ضمير القاضي فيهم!

 

الآن صارت الكرة في ملعب أعضاء البرلمان، وصار عليهم المحافظة على شرفهم، قبل المحافظة على أرض الوطن.

 

الآن صارت الكرة في ملعب أعضاء البرلمان، وصار عليهم المحافظة على شرفهم، قبل المحافظة على أرض الوطن، على كل نائب أن يدرك أن اسمه وشرفه صارا على المحك.. أما نحن، من رفضنا التفريط من أول لحظة، فلن نسمح ولن نسامح أن يتم التفريط باسمنا! ونوقن أنه حتى لو انقضى الأجل، سوف تصونها أجيال بعدنا ـ وهذا وعد! ـ وسوف يحاسبون جميعا!

 

احذروا غضبة المصريين!

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية