مدينة زويل.. وحملات التبرع !
عبدالناصر توفيق
مدينة زويل.. وحملات التبرع !
بسبب الغيرة الشديدة حولها والرغبة فى أن تحتل أفضل الأدوار العلمية قد تجد أراءا متعددة حول"مدينة زويل". لكن الأمل فى أن تصبح منارة علمية لم زلن يخبو مهما حدث ويحدث, ومهما تقلبت السياسة المصرية. فى هذا العام وجدنا أن الشاشات قد إمتلئت بإعلانات تستهدف المحسنين الصائمين فى شهر رمضان الكريم, وكان غياب إعلانات "مدينة زويل" ظاهرة أصابتنا بالقلق على المشروع الكبير. وعليه لابد لنا أن نتوحد حوله, إذ لابد للمدينة من تأمين موارد مستمرة كي يستطيع أن تؤدي دورها الطموح.
مشروع مدينة زويل كان من المخطط له جمع مليارين من الدولارات على ان يتم إنفاق مليار منها على الإنشاءات, وتبقي المليار الثانية كوقف يتم منه الصرف على تشغيل المدينة. لا أظن أن هذه المبالغ قد تم الوصول اليها. ما نما الى علمنا أن أحد كبار رجال الأعمال قد تبرع بمبلغ يصل الى ربع مليار جنيها مصريا لإتمام الإنشاءات فى المقر الجديد.
المستهدف لم يكن رجال الأعمال فقط بل عموم المصريين. المستهدف لم تكن مئات الملايين من أفراد أفاض الله عليهم من فضله بل الجنيهات القليلة تأتي دائما من جيوب المتبرعين الأفراد. وهؤلاء هم من يمكن الإعتماد عليهم. هؤلاي لا تغيرهم السياسة. هؤلاء يتبرعون بتجرد وأريحية. ولنا فى مواسم جمع التبرعات أسوة حسنة. شهر رمضان يأتي على رأس المواسم التي يجود فيها الناس بالزكوات والصدقات.
خلال شهر رمضان الحالي وجدنا عددا كبيرا من الإعلانات مدفوعة الأجر من جانب عدد كبير من الجمعيات الخيرية والمؤسسات والمستشفيات, تحث المواطنين على التبرع لهذه الجهات. أغلبها يتم بثها فى أوقات الذروة وبالتالي هي الأغلي على الإطلاق. ويبدو ان الأمر قد وصل الى حد من المنافسة الشرسة لدرجة أن البعض يطلق عليها اسم "معركة الإستحواز على التبرعات بناءا على الإستجداء الديني أو الوطني".
بحسب التقديرات الحكومية فإنه الخمسة الكبار قد نجحوا فى جمع 14 مليار جنيها مصريا نصفها فقط جمعوه فى شهر رمضان وحده. والخمسة الكبار هم مؤسسة مصر الخير, وجمعية الأورمان, ومستشفى 57357 لسرطان الأطفال, ومركز مجدى يعقوب لعلاج قلوب الأطفال, وأخيرا بنك الطعام. وفي حين يمكن تصنيف مؤسسة مصر الخير وجمعية الأورمان بأنهما تعتمدان طريقة التنمية الشاملة والمتكاملة, ورغم انهما يتصدران قائمة المؤسسات التي يتبرع لها المصرييون لا تنفقان ميزانية ضخمة لحملاتهما الإعلانية. بينما تقوم خدمات كلا من مستشفى 57357 لسرطان الأطفال ومركز مجدى يعقوب لعلاج قلوب الأطفال على تقديم علاج الأمراض المزمنة للأطفال على أهيمتها. أما بنك الطعام فيتبني فكرة إطعام الأمعاء الخاوية. وطبعا كلنا يمكنه أن يتوقع حجم ميزانية الدعاية والإعلان لمستشفى 57357 لسرطان الأطفال على سبيل المثال. من هذه المقارنة نستطيع القول أن الميزانيات الدعائية ليست مقياسا أو ضمانا للحصول على نصيب كبير من "ميزانية" التبرعات للمصريين, إذ يمكن لمؤسسة مثل "مدينة زويل" وبإمكانيات بسيطة المنافسة. ولها فى مؤسسة مصر الخير وجمعية الأورمان الأسوة الحسنة.
إن غياب مدينة زويل عن المنافسة على "سوق" التبرعات الرمضانية إن صح التعبير هو مؤشر غير مبهج ويثير فى أنفسنا القلق على هذا المشروع الطموح. لا شك أن المدينة تمثل نوعا فريدا من الأنشطة الوقفية. وعليه كان يجب علي القائمين عليها العمل على التواجد وبقوة بين الخمسة الكبار حتى يمكنهم توجيه تبرعات وصدقات وأوقاف المصريين الى نوع من الأنشطة يتم دائما إغفاله, على أهمية علاج الفقراء وإطعام المحتاجين. من الناحية الأخري لا يجب على القائمين على المدينة الوقوف مكتوفي الأيدي عندما يكون الدكتور زويل شخصيا مشغولا إما بأعماله العلمية أو حتى بأسرته أو بحالته الصحية, شفاه الله وعافاه. عليهم أن يقدموا أفكارا بنائة ومبتكرة لتنمية موارد المدينة حتي عندما ينشغل عنها مؤسسها الكبير. عليهم أن لا يعتمدوا على تبرعات كبار الإغنياء فقط. إن الدعم الشعبي للمشروع "القومي" كما يحب الدكتور زويل أن يطلق عليه شيئ لا يمكن الإستغناء عنه أو استبداله بأي نوع آخر حتى ولو كان جهاز الدولة ذاته بجلالة قدره! الدكتور أحمد زويل ومدينته هما فى نهاية المطاف أمل راود بسطاء المصريين وعلمائهم فى مستقبل علمي لهذا البلد العظيم! اللهم إهد قومي فإنهم لا يعلمون!
atawfik@cern.ch
http://atawfik.net
