رئيس التحرير: عادل صبري 11:03 مساءً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

الأزهر.. وكبريات القضايا !

الأزهر.. وكبريات القضايا !
23 أبريل 2017

الأزهر.. وكبريات القضايا !

عبدالناصر توفيق

الأزهر.. وكبريات القضايا !

 

لم يختلف المنهج الذي اتبعه الإمام الأكبر في رده علي "السهام السامة والمغرضة" التي وجهت الي المؤسسة التي يترأسها عن الذي يتبع من "جاء بعد الجهد" منتقدا لهم. أما اللغة فليست إلا متحفية تعود الى عقود سالفة إبان كان العالم يدور حول قطبين كبيرين. الرجل لم يأتي علي ذكر الطابع الأكاديمي المفترض أن تحمله تلك المؤسسة الألفية, ولم يذكر قط قيمة "الحرية الأكاديمية, في عملها الدعوي أوالتنويري؟! ألعلها بحسب "إمامها" كانت تخدعنا طوال الوقت؟!

 

ما قيمة أن يقول "الأمام" بأن أصحاب "السهام السامة والمغرضة" كانوا يودون زيادة "الترافيك" وبالتالي الحصول على عوائد مادية؟ هل يريد الإمام أعزه الله أن يعلمنا أنه "رجل عصري" يتابع العصر الديجيتال الذي نحياه؟! وأيضا ما قيمة القول بأن أصحاب "السهام السامة والمغرضة" يتبنون ثقافة غربية؟! أيريد الإمام أعزه الله أن يذكرنا بمدي "المحلية" التي لا يريد هو ولا المؤسسة التي يترأسها أن يتجاوزاها؟ سيدنا الإمام: الثقافة الغربية ليست بالضرورة تمثل المرادف الشيطاني للثقافة الشرقية. لا الثانية بأخير من الأولي, ولا الأولي بأشر من الثانية!

أولا لنذكر الإمام الكريم بأنه من بين رعايا المؤسسة الألفية الأزهرية ملايين المسلمين "الشرقيين والغربين". وقد قضي بعض هؤلاء عشرات السنين بين ظهراني "الثقافة الغربية", ولا يتوقع إلا أن يتشربوا "بعضا" من تلك الثقافة الإنسانية. بل وهناك أجيال متتالية ولدت وترعرعت بين أحضان الثقافة الغربية, ويتوقع منها أن يفخروا بثقافتهم تلك! لو أن الإمام لم ولن يهتم بكل هذه الإعتبارات, لنا أن نذكره بأن الكثير من القيم الثقافية الغربية هي فى أصلها ومقصدها "إسلامية". علي هذا المنوال غزل أسلافه, مثل الإمام محمد عبده, "رأيت مسلمين <فى الغرب> ولم أري إسلاما".

 

ألدفع بان  الموتورين والخبثاء كانوا فقط يبحثون عن "الترافيك" لا يستحق منا تفنيدا, لأنه قول ساذج يسطح القضية ويجعل منها شيئا "تافها", ما كان للإمام أن يطرب أسماعنا برده الكريم هذا, لو ان الأمر – كما يبدو فى قوله هو - ليس علي تلك الخطورة التي شعرنا نحن بها.    

 

بمناسبة هذا الرد الصادم نود أن تسترجع دور مؤسسة الأزهر فى "كبريات القضايا". ولنذكر مثالين إثنين فقط.

 

لا يختلف إثنان في أن أكبر تجديد حدث مؤخرا فى الدين الإسلامي هو ما بات يعرف ب "الإقتصاد الإسلامي" ومنه "البنوك الإسلامية". كلنا يذكر الفتوي الشهيرة للإمام السابق رحمه الله بأن الفائدة البنكية "حلال". وكلنا يذكر أيضا أن المسلمين المصريين نفروا منها ولم يتبعوها, وكيف أنهم رأوا فيها مجرد إنبطاح أمام "الحاكم المصري". ونحن لا نذكر هذه الفتوي إلا عندما نريد أن نعدد الأمثلة على مدي تبعية "الأزهر" للرؤية الحكومية المصرية.

 

هذه الفتوي جائت فى ضوء ما شهدته الثمانينات من القرن الماضي فيما بات يعرف ب "توظيف الأموال" والتي لا تمثل إلا نوعا من "البديل" للبنوك الربوية. ولسنا بحاجة لنذكر المصريين كيف أنهم خسروا "تحويشة" العمر والتي دفعوا بها الى تلك العصابات المالية.

 

في المقابل وقف الأزهر بلا حراك لا يستطيع أن يدافع عن حقوق الفقراء, ولا أن يجابه رجالات توظيف الأموال, حيث تسربلوا وبخبث شديد فى ثوب إسلاموي خادع. لم يقدم "الأزهر" حلا ماليا أو إقتصاديا لملايين المصريين وغير المصريين. لكن الذي حدث هو أن البنوك الإسلامية قد أصبحت اليوم حقيقة عصرية. وقد غزت الأراضي المصرية أيضا, أكبرها وأقدمها على الإطلاق "بنك فيصل". 

 

السؤال الذي نريد "للأمام" الجليل أن يسأله لنفسه قبل أن يشغله "الترافيك" وشيطنته للثقافة الغربية هو لمن يعود الفضل فى هذا النوع من "التجديد" الديني؟ كلنا يعرف أنه ليس الأزهر! وليست الحوزة العلمية الشيعية! وليس لأي مؤسسة إسلامية تقليدية أخري. 

 

الحقيقة المذهلة تقول بأن الفضل يهود الى ثراة الخليج. أخذ رجال الأعمال هؤلاء زمام المبادرة وأنشأوا العديد من البنوك الإسلامية والتي انتشرت فى بلدان العالم الإسلامي وفي العديد من الدول الأخري. وبغض النظر على حقيقة عمل تلك المؤسسات النقدية ورأينا الشخصي فيها, نعيد التذكير بأن المنظرين الذين وقفوا خلفها لم يكونوا "ازهريين"!

 

التجديد الثاني هو "الزواج". لسنا نتحدث عن أشكال الزواج التي يقبلها المذهب الشيعي علي سبيل المثال, وقد لا نقبله أو نستثيغه. ولكنا نتحدث عن حاجة المجتمع "المصري" الى صور للزواج الشرعي تلبي الإحتياجات المتجددة فى المجتمعات الحديثة. الأمر لا يتعلق فقط بالمجتمعات الإسلامية التي تعيش فى "الغرب", بل أيضا بالتغييرات الهائلة التي تعتري المجتمعات "المحلية" ومنها مصر- بلد الأزهر.

 

العديد من المنظرين الدينيين أصبحوا يقترحون أشكالا من الزواج لتلبية حاجيات الشبان والشابات المسلمات فى ضوء التغيرات الديمغرافية والإقتصادية والحياتية التي تشهدها مجتمعاتنا. حت أن البعض أصبح يعتقد بأن المؤسسات الدينية ومنها الأزهر ستفاجأ يوما بصورة "مبتكرة" للزواج الإسلامي الشرعي مثلما وقف متصلبا متبلدا بلا حراك أمام المد الذي أحدثته ما أصبح يسمي حاليا بالبنوك الإسلامية.

 

مرة أخري يمكن للمؤسسات الدينية الكبري أن تدفن رؤوسها فى الرمال. كأن يمكن للكنيسة القبطية ألا تقبل أي صورة من صور الطلاق بين رعاياها, وقد لا يقبل الأزهر إلا صورة نمطية للزواج وللطلاق, لكن التغييرات الإجتماعية ستدهمهما عاجلا أو آجلا. أنا هنا لا أقترح ولا أحبذ نوعا محددا للزواج الإسلامي, لكني أعرف أن الصعوبات التي يواجهها الشباب والشابات المسلمات فى مجتمعنا لا يجب أن يدعنا نضع رؤوسنا فوق وسائنا الوثيرة قبل أن نجد لهم حلا شرعيا يتناسب مع العصر المرهق الذي يعيشوه. 

 

هل يفعلها الأزهر؟ أتمني ذلك وأن كنت لا أري إشارة تدل على رغبة أو قدرة منه علي مجابهة أي من هذه القضايا الكبري. انتفض "المثقفون" الأحرار للدفاع عن الحقوق الاكاديمية للأزهر. في المقابل رأينا كيف أن "إمامه" الأكبر عمل عل تسطيح القضية وقد هوي الرجل بتلك القضية المبدئية الى الحضيض.

 

هناك العديد من القضايا الكبري والأكاديمية أي الاقل حرجا إجتماعيا  لم يعمل الأزهر يوما على مواجتها, على سبيل المثال, الجهاد, الخلافة, المعارضة السياسية, وغيرها. لكن الأولي من كل هذا هو العمل على تفكيك الإشتباك التاريخي فى قضايا كبري مثل الفتنة الكبري, استغلال الدين فى المشاريع السياسية الأموية والعباسية, عسكره الدعوة التي قام بها الرسول الكريم والرعيل الأول من الصحابة, وغيرها.

 

كما ذكرنا فى المقال السابق, للأسف الشديد خسر الأزهر أمام كبريات وأيضا أمام صغريات الجماعات والتنظيمات الإسلامية. والسؤال والأمل فى ذات الوقت هو هل يعمل على النجاح فى المستقبل؟ أم سيكتفي "إمامه الأكبر" بالقول أن المعارضين أو بالأحري الموتورين لا يعملون إلا على زيادة "الترافيك" للمواقع الإلكترونية التي يمتلكون,  وأن يستمر فى سبهم بالقول بأنهم يعتقون "الثقافة الغربية".

 

وكم من كلام قد تضمن حكمةً ... نال الكساد بسوق من لا يفهم ُ

والنجم تستصغر الأبصارُ رؤيته ... والذنب للطرف لا للنجم في الصغرِ

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية