رئيس التحرير: عادل صبري 12:03 مساءً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

رحلة البحث عن مختل عقلي مسلم

رحلة البحث عن مختل عقلي مسلم
15 يناير 2017

رحلة البحث عن مختل عقلي مسلم

مهند حامد شادي

رحلة البحث عن مختل عقلي مسلم

 

المحطة الأولى

منذ ثلاثة أيام، هوجمت مدرسة "الصديق" الابتدائية التي يدرس بها طلاب مسلمون في العاصمة الهولندية امستردام، حيث قام مسلح مجهول بإطلاق أعيرة نارية تجاه المدرسة، استقرت منها ثمان في جدران المدرسة، فيما أوضحت الشرطة في بيان لها أن المسلح مازال مجهول الهوية، فيما لم يصب أحد نتيجة خلو المدرسة في ذلك اليوم بسبب عطلة منتصف العام الدراسي.

 

المحطة الثانية

في مطار فلوريدا، قام مسلح، يوم السبت الماضي، بإطلاق نار عشوائي قُتل فيه 5 أشخاص وجرح حوالي 9 آخرين. على الفور خرجت تقارير إعلامية عدة تتحدث عن كون المسلح – الذي تم القبض عليه دون أي إطلاق نار – مضطرب نفسيا وقيد العلاج النفسي، فيما أوردت معلومات تفيد بكونه قد ذهب للشرطة في نوفمبر الماضي مدعيا أن الحكومة الأمريكية قد قامت بالسيطرة على عقله وأجربته على مشاهدة فيديوهات تنظيم داعش. الجدير بالذكر أن هذا المسلح قد خدم في العراق ضمن قوات الاحتلال الأمريكية –والقوات المتحالفة معها- عام 2010.

 

ما الذي يحدد معنى الإرهاب، حينما تكون وسائل الإعلام والمؤسسات الأمريكية تضع التعاريف بناء على خلفية القاتل الدينية أو العرقية.

 

المحطة الثالثة

في 29 يوليو 2016، قضت المحكمة العليا الكندية ببراءة كل من جون نوتال وأماندا كورودي من تهمة زرع متفجرات منزلية الصنع على عتبات البرلمان المحلي في مقاطعة كولومبيا البريطانية بكندا، وذلك عقب حكم الإدانة الذي صدر بحقهما قبل ذلك بعام. فيما ذكر الحكم في حيثياته " ذه حالة واضحة لجريمة صنعتها الشرطة ... بغياب الشرطة كان سيصبح من المستحيل على المتهمين تنفيذ خطة طنجرة الضغط. قررت الشرطة أن عليها التخطيط نيابة عن جون وأماندا وجعلهما يظنان بأنها خطتهما ... كان المتهمان بيدقين لكن الشرطي السري كان هو القائد".

 

المحطة الرابعة

منذ خمسة أيام، صدر حكم الإعدام على ديلان رووف، والذي قام في 17 يونيو 2015 بالهجوم على المصلين في أحد الكنائس في شارلستون في ساوث كارولينا، الولايات المتحدة، حيث قام بقتل 9 أشخاص وإصابة عدد آخر.  وبالرغم من قوله في جلسة محاكمة في الرابع من يناير هذا العام بأنه " لا يوجد مشكلة نفسية لدي"، وتقديم الادعاء لوثيقة – مانيفستو – كتبها رووف في سجنه يعبر فيها عن قناعاته بتفوق البيض عرقيا، حيث عقب على ما فعله قائلا أنه " لا يندم على ما فعله ... ولا تدمع عيناه على من قام بقتلهم". بالرغم من كل ذلك فإن وسائل الاعلام – وقت الحادثة – لم تذهب إلى وصفه بالارهابي، لكنها –كما في حوادث أخرى مثيلة – اكتفت بوصفه بالمختل عقليا.

 

المحطة الخامسة

في 16 يوليو 2015، قام محمد يوسف عبد العزيز بإطلاق النار على منشأتين عسكريتين في شتانوجا بولاية تينسي، الولايات المتحدة، مما أدى لمقتل 5 جنود أمريكيين وجرح عدد آخر. وبينما خرجت التقارير تتحدث عن تعاطي محمد للمخدرات والكحوليات، وإدمانهما، حتى حاول أهله أن يدخلوه مصحة للمعالجة، ولكن حالت حالتهم المادية دون ذلك لبعض الوقت، فيما كان يعاني محمد من مشاكل نفسية واكتئاب، خاصة مع تنامي ديونه المالية، الأمر الذي دفعه للتخطيط لتقديم طلب إفلاس بعد أن وصلت ديونه لعشرات الآلاف من الدولارت. في المقابل من هذه المعلومات اتجهت اتهامات الإف بي أي FBI إلى أن دوافع محمد هي دوافع دينية متطرفة.

 

المحطة الأخيرة

ما سبق من محطات مثلت بعضا من الحوادث المختلفة، التي شملت جرائم قتل متعدد نتيجة إطلاق نار عشوائي، أو جرائم تم اتهام مسلمين بها وقد وصمت ووصموا معها بالارهاب. وبالرغم من عدم نفينا لوجود تنظيمات مسلحة تعمل تحت غطاء من أفكار تنسبها للإسلام، مثل داعش وغيرها، إلا أن النظرة المتعمقة لما يحدث في أرض الواقع يكشف كيف أن الاتهام بالإرهاب أصبح مألوفا حين يرتبط الحادث بالمسلمين، بينما تبتعد اتهامات الارهاب وتظهر بدلا منها اتهامات الخلل العقلي والصحة النفسية حينما يكون الفاعل غير مسلم.

 

في دراسة لمركز أمريكا الجديدة، تكشف أنه بعد الحادي عشر من سبتمبر، وتحديدا من عام 2004-2015، وقعت 27 حادثة "إرهابية" في داخل الولايات المتحدة الأمريكية، 9 منها فقط كانت نتاج جهاديين إسلاميين، فيما قام بال18 جريمة الآخرين "إرهابيون بيض"، أي الضعف بالضبط. فيما قتل في هذه الحوادث – المرتكبة من قبل غير المسلمين- 48 شخصا أي ما يزيد عن من قتل في الحوادث التي قام بها الجهاديون الاسلاميون، والتي أوقعت 45 قتيلا. الغريب في الأمر أنه بالرغم من ذلك – تقول الدراسة – فإن عدد "الإرهابيين المسلمين" الذين تم قتلهم أو محاكمتهم في الحوادث "الإرهابية" زاد عن أمثالهم من غير المسلمين، وهو ما موضح في الخريطة بالأسفل.

 

ترى هل مازال "الإرهاب مسلما" أم أنه قد يكون أبيضا أيضا؟ يجيب لنا موقع ستاتيستا المتخصص في الإحصاءات، بإحصائية ينقلها عن مؤسسة "موزر جونز" المستقلة المتخصصة في الدراسات الاعلامية، حيث يورد نسب الفاعلين في حوادث إطلاق النار الجماعي mass shooting في الفترة من 1982-2016، وذلك مقارنة بعرقياتهم:

 

وتوضح الإحصائية بشكل واضح أن الأغلبية العظمى -48% - من الفاعلين كانوا من البيض. بالطبع فإنه ليس كل حادث إطلاق نار جماعي يعد إرهابيا، ولكن السؤال هنا، ما الذي يحدد معنى الإرهاب، حينما تكون وسائل الإعلام والمؤسسات الأمريكية تضع التعاريف بناء على خلفية القاتل الدينية أو العرقية.

 

في ظل التسييس الكبير للتغطية الاعلامية وتنامي موجات اليمين المتطرف، فإن الحديث عن "الإرهاب الإسلامي" يبقى محلا للنقد والمراجعة.

 

هذا السؤال هو ما طرحته أنثيا باتلر في الواشنطون بوست حينما تسائلت "مطلقو الرصاص الملونين يدعون بالإرهابيين والمجرمين، لماذا يطلق على أمثالهم من البيض "مختلين عقليا" حيث تقول:

"تمارس وسائل الإعلام الأمريكية سياسة مختلفة عند تغطية الجرائم التي تنطوي على الأمريكيين من أصل أفريقي أو المسلمين. كمشتبه بهم، يتم وصفهم سريعا بالإرهابيين وقطاع الطرق (إن لم يكن دائما صراحة باستخدام المصطلحات)، مدفوعين بشكل كامل بنوايا شريرة بدلا من أي أسباب ظلم خارجة عنهم. في حين أن البيض المشتبه بهم هم "ذئاب منفردة" ... أما العنف من قبل السود والمسلمين فهو عنف منظم".

 

إن استخدام العنف من أجل تحقيق أهداف فكرية/أيديولوجية/سياسية يظل عملا شديد التركيب، ولكن في ظل التسييس الكبير للتغطية الاعلامية وتنامي موجات اليمين المتطرف، فإن الحديث عن "الإرهاب الإسلامي" يبقى محلا للنقد والمراجعة، ليس فقط للوصول للحقيقة ورد الاتهامات العنصرية تجاه المسلمين والعرب، ولكن من اجل مواجهة حقيقية لعمليات عنف تتغذى على عوامل الفقر والجهل والبطالة والظلم الاجتماعي، وقبل كل ذلك استبداد أنظمة قمعية تتعاون مع الدول الغربية في قهر الشعوب العربية والاسلامية.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية