رئيس التحرير: عادل صبري 11:42 صباحاً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

جمهورية "كامب ديفيد" العربية !

جمهورية
25 ديسمبر 2016

جمهورية "كامب ديفيد" العربية !

مهند حامد شادي

جمهورية "كامب ديفيد" العربية !

 

على مدار ما يقارب السبعين عاما انتشرت في بلادنا العربية ثنائية بدت كل منهما وكأنها بديل للأخرى، تلك الثنائية الخاصة بالاستعمار والاستبداد، حيث نشأت نظم ما بعد الاستعمار بشرعية طرد المستعمر الأجنبي، وأطلقت في حينها، كل في بلده، شعارات تتعلق بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. إلا أنه وبعد مرور سنوات عدة بدت مثل تلك الشعارات وكأنها قد كتبت على سطح ماء سرعان ما ذهبت آثاره، وبقي لنا الاستبداد كجوهر نظم عسكرية حاربت الاستعمار لكي تحل مكانه.
 

تحرير فلسطين يبدأ بالديمقراطية، فالشعوب الحرة هي التي تدافع عن قضاياها، أما تلك الواقعة تحت نير الاستبداد والقهر، فإنها تبقى أبد الدهر في قاع الاستغلال والتبعية.

 

يموت »الاحتلال« وصوابعه بتلعب

في جنوب شرق آسيا وخاصة في المستعمرات البرتغالية نشأ مفهوم الكومبرادور، ذلك التاجر المحلي الذي يعمل لصالح المستعمر الأجنبي ونيابة عنه. اتسع نطاق استخدام المفهوم جغرافيا في ظل انتشار ذلك النمط من العملاء للاستعمار الأجنبي. في المقابل نشأت في العديد من بلادنا دولا كومبرادورية، تلعب في الواقع وعلى الحقيقة دور الممثل الرسمي للاستعمار الأجنبي، فهي تقمع الشعوب وتستلب الخيرات وترهن البلاد والعباد لصالح نفس المستعمر الأجنبي، وفي المقابل تتولى عنه عبء مواجهة الشعوب المستعمرة وتحمل تكلفة القمع التي بدت في الفكر الغربي الحديث ما بعد »حقوق الانسان« غير مقبول أن يقوم به »الرجل الأبيض«، لذا نشأت الحاجة لدول تصنع على عين الاستعمار لأجل خدمة أغراضه.

 

وفي بعض الحالات كان إيجاد الكومبرادور المحلي أمر غير عملي أو غير ممكن، مما استدعى الحاجة لإيجاد »جماعات وظيفية« تعمل لصالح الطرف الذي زرعها في المجتمعات لكي تقوم بمهمة أساسية، وقد لاقت فكرة الجماعات الوظيفية نجاحا جيدا وصل لدرجة صنع »دولة وظيفية« بالكامل، تلك هي إسرائيل، دولة وظيفية نشأت من أجل حل إشكالات المسألة اليهودية في شرق أوروبا بإنشاء قاعدة عسكرية متقدمة للمستعمر الغربي يستطيع من خلالها أن يستمر في هيمنته على المنطقة العربية بعد خروجه المباشر منها.

 

الاحتلال المحلي

على المقابل من النموذج السابق نرصد نموذجا آخر هو ذاك »المناضل« المحلي الذي طارد الاحتلال حتى وصل للسلطة بشرعية إنجازه، ثم وجد أن ما تجنيه الدولة/البلد من أرباح وما توفره من نفوذ كان يذهب للمستعمر الأجنبي، من الممكن أن يحتفظ به لنفسه وبنفسه، فنشأت نتاج وقوع هؤلاء »المحررين« تحت سحر السلطة وبريقها، نشأت نظمنا المستبدة، تلك النظم التي تستلب خيرات البلاد وتستعبد العباد لصالح قلة صغيرة تقع على رأس السلطة، »أوليجراكية عسكرية« تهيمن وتمتص كل شيء لصالحها.

 

وبدلا من »رسالة الرجل الأبيض« تجاه الشعوب »المتخلفة«، ذلك المبرر الذي نشره الاحتلال الأجنبي لشرعنة احتلاله، حملت لنا نظم ما بعد الاستعمار المستبدة تبريرات تبدو متشابهة، حول »حماة الوطن« ورافعي شعار »الوطنية« الذي يحملون أفضلية لحكم البلاد، على عكس »المدنيين/الشعب« الذين يجب ان يطيعوا أوامر القائد الفذ، ذلك الممثل لتلك الأقلية العسكرية الحاكمة.

 

الاحتلال الأجنبي VS الاحتلال الوطني

في البداية تعارضت مصالح الاحتلالان، فقامت عدة حروب بين نظمنا العسكرية المستبدة، الاحتلال الوطني، وبين الدولة الوظيفية الوليدة، الاحتلال الأجنبي، جيّش فيها النظام المستبد حقوقا أصيلة لمقاومة محتل أجنبي غاصب، استوطن الأرض بعد استعمارها وأحل جماعة بشرية بديلة لسكان الأرض الأصليين بعد ان قتلهم وشردهم. وقد استمر ذلك الصراع فترة من الزمن كانت استمرارا لنفس الشرعية الأساسية لنظم ما بعد الاستعمار، أي شرعية التحرير.

 

كامب ديفيد: حينما يتلاقى الأحبة

 بالرغم من تلك البداية المتوترة بين النموذجين، إلا أن المشترك الأكبر بينهما كان حريا بهما أن يلتقيا ولو بعد حين، فالاستبداد صنو الاستعمار، ينفي إرادة الشعوب ويستغل قدراتها ومواردها لصالح طرف بعينه بينما يرزح الشعب في بؤس العوز وظلام القهر. فكان أن جاءت كامب ديفيد، تلك الاتفاقية السحرية التي حملت معها أخواتها من اتفاقات السلام الثنائية، والتي عقدت رباط الأنس والمحبة اخيرا بين شقيقين افترقا نتاج شقاق أولي سرعان ما سعى المستفيد الأكبر في كسر الجليد وتدفئة العلاقات بين الرفيقين.

 

بعدها لم يكن مستغربا أن تكون الأنظمة المستبدة هي خير مساند لدولة الاحتلال، فكلاهما يستهدف الغرض نفسه حتى وإن تقاسما الغنائم فيما بينهما لمصلحة أطراف مختلفة.

 

ثورة يناير: زوبعة في فنجان العلاقات المصرية الإسرائيلية

جاءت الثورة لتضع طرفا جديدا في المعادلة، وهو طرف الشعوب المضطهدة التي ثارت لتحصل على حريتها وعلى العيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، تلك الرباعية التي امتهنها كلا من نظام الاستبداد ودولة الاحتلال.

 

وبالرغم من أن الثورة لم تحمل خطابا مباشرا تجاه القضية الفلسطينية إلا أنها حملت في طياتها الفرصة الكبرى من اجل نصرة فلسطين وقضيتها، فما كان من حملة الانتفاضة الثالثة والتي انطلقت بعيد الثورة ما هو إلا دليلا بسيطا على أن الشعوب مازالت على العهد، وأن القضية الفلسطينية لا ينقصها العدة والعتاد وإنما أخر النصر فيها طول الاستبداد، حتى وإن اتشح بلباس محاربة الاستعمار.

 

نظام 3 يوليو: مرحبا بالصديق القديم

لذلك كله لم يكن مستغربا ذلك الاحتفاء الإسرائيلي المبالغ فيه بنظام 3 يوليو، احتفاء وصل لدرجة وصف السيسي بـ »بطل إسرائيل« وذلك خلال أيام قليلة من مشهد 3 يوليو. ذلك الاحتفاء الذي لخصه الكاتب آرييه شافيت في مقاله في جريدة هآرتس الإسرائيلية في 11 يوليو 2013، بقوله: »وفي الوقت الذي يحتدم الجدل ، في الولايات المتحدة بشان الموقف من التنوير غير الديمقراطي الذي يمثله الجنرال السيسي ، والديمقراطية غير المتنورة للرئيس مرسي، لا يوجد في إسرائيل جدل متعلق بهذه المسألة، فكلنا مع السيسي، كلنا مع الانقلاب العسكري«.

 

سحب قرار إدانة الاستيطان: حلقة جديدة في سلسلة من تحالف متعاظم

في إطار ذلك كله يمكن فهم خطوة سحب مصر لمشروع قرار إدانة الاستيطان المقدم لمجلس الأمن، فهي مجرد حلقة جديدة في سلسلة من الخطوات التي بلورت تحالفا جمع نظاما قمعيا مع دولة استعمار. سبقها قبل ذلك خطوات تهجير وإخلاء رفح، إحكام الحصار على غزة، ضرب الأنفاق، التعاون الاستخباراتي، ما تم تداوله حول الترتيب الأمني بالسماح للطائرات الإسرائيلية بدون طيار بالتحليق فوق سيناء لضرب »أهداف مشتركة«، الدفاع الإسرائيلي المستميت عن المساعدة العسكرية الأمريكية لمصر! وغيرها من الإجراءات التي جعلت العلاقة بين الطرفين »في أفضل حالاتها« كما صرح العديد من السياسيين والمحللين الإسرائيلين سرا وعلانية.

 

لم يكن مستغربا ذلك الاحتفاء الإسرائيلي المبالغ فيه بنظام 3 يوليو، احتفاء وصل لدرجة وصف السيسي بـ »بطل إسرائيل« وذلك خلال أيام قليلة من مشهد 3 يوليو.

 

ختام القول، فإن تحرير فلسطين يبدأ بالديمقراطية، فالشعوب الحرة هي التي تدافع عن قضاياها، أما تلك الواقعة تحت نير الاستبداد والقهر، فإنها تبقى أبد الدهر في قاع الاستغلال والتبعية.

 

مقال »الحنين إلى جنرال مصر السيسي« – آرييه شافيت

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية