
انتصار دراما الإباحية
محمد طلبة رضوان
انتصار دراما الإباحية
مظلومة الفنانة انتصار، الجميع يشاهد، الجميع ينكر، والجميع يعاير من يعلن، دعك من هذا الموضوع، "كلام نسوان" على شاشة أقرب إلى "الساونا"، برنامج دمه خفيف، ويحتمل.. !!
ما علينا، أليست دراما الإباحية تعيش أزهى انتصاراتها، زمنها، مكانها، المخترع المصري ينجح في العالم الأوروبي، والراقصات من كل بلاد الدنيا ينجحون في مصر، هنا والآن، دعك من الازدراء الاجتماعي للرقص، هذا موضوع آخر، لا أتحدث عن "الدال" إنما عن "الدلالة" !!
الإباحية اسم يعني التحلل عن كل وازع أخلاقي، الفوضى، الفحش، ألا يمكننا أن نضع حكم العساكر اختزالًا لكل ما سبق؟!
دولة عمرها أكثر من 60 عامًا، ليس لها من شرعية سوى أنها "تحركت" باتجاه العدو مرة، فتحرك بدوره، تعادل، هذه الدولة ما زالت تحكم رغم حركة الزمن، كيف؟ هنا لا يصلح تفسير سوى "الإباحية"!
النقاب ممنوع في الجامعة، دعك من رأي الدين في النقاب، مع، ضد، هذا سياق آخر، أحدثك عن أبسط حقوق الناس في مجتمع يحرمهم من كل شيء، أن يلبسوا ما يشاءون، لا يوجد قانون أو قرار إداري يمنع الميكروجيب من الجامعة، لكن الآن يوجد قانون يمنع النقاب، لماذا؟ لا إجابة سوى "الإباحية" ليس بالمعنى الديني، ولكن بالمعنى الإنساني..
لا أعرف كم عمر السنوات التي احتوتها مكتبات محطة الرمل أمام ترام الإسكندرية، لكنني أعرف أنها جزء من ذاكرة المكان، من شخصيته، كل غلاف كتاب هنا يحمل فوق أحباره أعين آلاف المارة، أنفاسهم المسكونة بنسمات الشاطئ العجوز، عبثهم، وعبوسهم، واهتمام بعضهم، بالمتابعة، الشرطة جاءت أمس، وأزالت المكتبات ورمت بالكتب على الرصيف، المكتبات لا تعطل شيئًا، لا تحتل أي جزء مخصص للمارة أو للشارع، صفة وجودها تكاد تقترب من صفة وجود البحر ذاته، هم الآن يعتدون على وجه البحر بالتشويه المتعمد، كافيهات القوات المسلحة، فلماذا لا يعتدون على المكتبات، لكن لماذا؟ "بيزنس" المقاهي يدر، فما الذي سيدر عليهم تكسير أكشاك الكتب، وتشويه وجه المكان الحضاري؟ لا شيء سوى الإباحية..
السيسي رجل الثورة المضادة، نظام مبارك في صورة أكثر تعسكرًا واستبدادًا، لا شك، الجميع يعلم، حتى مؤيدي الجنرال، ومع ذلك، هذا لا يعني عجزه على أن يجد بين أنصاره واجهات مشرفة لتمثيله، دعنا نقل واجهات تبدو مشرفة، فتارين، دعاية، أوعية فاخرة لسائل "الدكر" الوطني، إلا أن "السيسي" يصر على ألا يمثله سوى أحمد موسى، ومرتضى منصور، وتوفيق عكاشة، وعبد الرحيم علي، والآن سما المصري التي تقاوم بجسدها، على حد قول أحد مؤيدي الجنرال، لماذا؟ مرة أخرى، الإباحية..
مصر دولة حليفة لـ "إسرائيل"، لا يمكن لنظام مصري أن يستقر رجله الأول على كرسيه دون أن يكون ضامنًا للوجود الصهيوني في أراضينا المحتلة، هذه حقيقة قديمة، البعض يحلو له التأريخ لها من "السادات"، والبعض – وأنا منهم – يذهب إلى ما هو أبعد، الحاصل، أننا نعلم، وندرك، إلا أن ذلك لم يحل دون تحديد شكل "حذر" للعلاقة، الاكتفاء بالعبث "من فوق الهدوم"، مع إبداء مظاهر شرف كاذبة، وتعفف مصطنع لحظة دخول أي من أهل "الفتاة" أو جيرانها، حفاظًا على سمعتها، لم يكن مبارك يجرؤ أن يذكر بشكل واضح لا لبس فيه أن مهمته هي حماية أمن إسرائيل، وأين؟ في الأمم المتحدة، أمام العالم كله، لم يكن يجرؤ أن يبالغ في إظهار حمايته وتضامنه وكونه ظهيرًا للعدو الصهيوني، لم يكن يجرؤ على استخدام صياغات من نوعية: حتى لو أدارت أمريكا ظهرها لنا فلن ندير ظهورنا عنها، لم يكن يجرؤ على نصف ما يفعله السيسي الآن بشكل عادي وطبيعي، وفي هدوء وأريحية، وبراءة "حبيب العادلي" من دم الثوار في عينيه، يضحك، ويقهقه، ويرفض من الانبساط، فيما يقدم كل يوم عشرات الأدلة لمؤيديه قبل معارضيه على بلوغه منتهى درك العمالة دون أن يعبأ بشيء.
دراما الإباحية سبقتنا إلى التفاصيل، قبل أن تحرضنا عليها فنانة ترسو في برنامج عبيط، نحن نعيش يوميًا أحداث الفيلم، فاعل واحد، و90 مليون مفعول به، ما بين غاضب، ومستمتع، ولا مبالي، الجميع بـ "يتناكف".