رئيس التحرير: عادل صبري 09:37 صباحاً | الثلاثاء 02 سبتمبر 2025 م | 09 ربيع الأول 1447 هـ | الـقـاهـره °

أليس من حقي الإحباط داخل زنزانتي؟

أليس من حقي الإحباط داخل زنزانتي؟
03 مارس 2016

أليس من حقي الإحباط داخل زنزانتي؟

أحمد ماهر

أليس من حقي الإحباط داخل زنزانتي؟

(1)

الأمل أيضًا خيانة.. إنها استكمال لجرعة الإحباط التي بدأتها منذ فترة، هل يؤثر إحباطي في أحد؟ لا أعلم حقيقةً، ولكن هل يؤثر التفاؤل والحماس في أحد الآن؟! ربما.. وكيف لي أن أعلم في ظل هذه العزلة؟


ولكن أليس لي الحق أن يصيبني الإحباط ولو لفترة؟ ألست من كان طول عمره متفائلًا؟ ألست من كان مؤمنًا منذ 2003 أنه سوف تقوم ثورة على مبارك في يوم من الأيام، وأن أي تضحيات من حبس وتعذيب وتضييق في العمل لا قيمة له مقارنة بالثورة ضد الظلم والفساد، لا قيمة له في سبيل حرية الأجيال القادمة، ألست من حافظ على الأمل والتفاؤل أثناء فترة التخبط التي قادنا فيها المجلس العسكري بعد 11 فبراير 2011؟ ألست من حافظ على الأمل والتفاؤل حتى بعد 30 يونيو 2013 آملًا أنه من الممكن وقف الانتهاكات وعودة المسار الديمقراطي وبدء مصالحة وطنية شاملة على أساس سليم مع عدالة انتقالية حقيقية؟


أليس من حقي بعض الإحباط وأنا في سجن محروم فيه من معظم الحقوق المنصوص عليها في لوائح السجون؟


(2)

"والأمل أيضًا خيانة".. عبارة قيلت أثناء نقاشات بداية الحبس مع علاء عبدالفتاح وأحمد دومة قبل أن يتم تفريقهم في سجون مختلفة بهدف زيادة العزلة والتكدير، قيلت للسخرية من عبارة "اليأس خيانة" التي كنا نسمعها في السلامات والزيارات ونقرأها في المراسلات.


في أحد الأيام سألت أحمد دومة.. ما الذي يمنع السيسي عن المزيد من التنكيل والانتقام والفُجر في الخصومة؟، هل هناك معسكر متماسك يدافع فعلًا عن قيم ثورة يناير أو قيم الحرية والديمقراطية؟ ما الذي يستطيع إعادته إلى رشده إن كان هناك رشد؟! ما الذي يوقفه عن الغرور والتمادي في الظلم؟ هل هناك قوى مجتمعية تستطيع كفه عن الظلم؟ هل هناك - حتى الآن - قوى مجتمعية من الأساس؟ وهل يعي الغرب والعالم الخارجي غير لعبة المصالح التى يبرع السيسي في اللعب بها وهو أحد أبناء مدرسة مبارك؟! لا يوجد ما يوقفه عن التمادي في الظلم والبطش والغرور والجنون ولا ما يعيده إلى رشده "حتى الآن".


للأسف جاءني شيء من أمل ساذج صوّر لي أنه يمكن أن أخرج بعد ثلثي المدة كإفراج مشروط، ساذج لأن هذا "الحق" متاح فقط لتجار المخدرات والقتلة والسفاحين واللصوص والنشالين والمحتالين!
 

جاءني بعض الأمل الساذج أن يكون هناك من يسعى لبعض التهدئة للاحتقان الموجود في مصر، أو ربما يكون هناك من يفكر في إنقاذ البلد والبدء في إجراءات حقيقية لوقف الانتهاكات عمومًا ورفع المظالم وبدء إجراءات حقيقية لما يسمى "عدالة انتقالية"، أو ربما يكون هناك من يسعى على الأقل للتهدئة مع الشباب وإزالة جوهر أسباب الاحتقان معهم، والتي على رأسها قانون التظاهر ومن تم حبسه على ذمته.

ولكن كيف نسيت أن الأمل خيانة.. كيف تسلل إلىّ هذا الأمل الساذج؟

 

(3)

الأمل أيضًا خيانة، فليس لي حق الرد على الحملات الإعلامية التي تُثار كل فترة، حملات تشويه وتخوين وقصص ملفقة ليس لها أساس من الصحة عن مؤامرات وتمويل ونكسة يناير، هم أول من يعلم مدى كذب هذه القصص، ولكنهم يلجئون إليها لأن "العيار الذي لا يصيب.. يدوش"، وهم لا يبغون إلا الدوشة وتشويه السمعة وتقليل أي تعاطف قد يحدث وتقليل آثار أي حملات تطالب بالإفراج.


لا يكفي السجن المشدد 3 سنوات، ولا يكفي الحرمان من معظم الحقوق الموجودة في لوائح السجون على الورق، ولا يكفي التشويه المستمر للسمعة والاكاذيب أثناء السجن.. فالأمل أيضًا خيانة.


(4)

وعودة للحديث عنما يُطلق عليه أحيانًا "القوى الديمقراطية".. مازلت أتذكر رئيس أحد الأحزاب الذي كان يطالب علنًا بالإفراج عن جميع المحبوسين على خلفية قانون التظاهر عدا أحمد ماهر! ولكن لماذا هذا التعاطف والتضامن الانتقائي عدا أحمد ماهر؟ أجاب في أحد اللقاءات لأن أحمد ماهر و6 إبريل عليهم "كلام كتير" وعلامات استفهام من قبل الأجهزة الأمنية، وكأن هذه الأجهزة مُنزلة من السماء!


ولم نسمع تعليقه للأسف على حملة التشويه التي قادتها نفس الأجهزة ضده عندما حاول انتقاد السيسي على استحياء في أحد التصريحات، أو الذي يرفض التضامن مع فلان لأنه ليس من نفس التيار والأيدلوجيا، إنه التضامن الانتقائي الذي شجع السلطة على المزيد من القمع، التعاطف الانتقائي الذي لن يكون ضامن أو حافظ لأحد من التعرض لتنكيل كما حدث مع الآخرين الذين لا نحبهم ونرفض التعاطف معهم.


إنه التعاطف الانتقائي الذي وقع فيه معظمنا بعد بدء الانتهاكات والإجراءات الاستثنائية في 3 يوليو 2013، فلا عاصم اليوم، والأمل أيضًا خيانة طالما ما يزال بعضنا يرفض التضامن أو المطالبة بالإفراج عمن يختلف معه أو من "عليه كلام" من صنيعة التشويه والاغتيال المعنوي، الأمل أيضًا خيانة طالما ما يزال التعاطف انتقائيًا في المعسكر الديمقراطي الاجتماعي.


(5)

كيف لم أدرك أن الأمل أيضًا خيانة عندما قال لي.. كيف نضمن ألا تحاول إسقاط النظام عندما تخرج مرة أخرى؟، كانت إجابتي وقتها أن النظام الذي يخاف من خروجي هو الذي لديه مشكلة وليس أنا، إنه نظام مخوخ ضيف يتستر في القمع ليخفي ضعفه، ومن أنا حتى أقوم بإسقاط النظام مرة أخرى؟ هل تصدقوا أنفسكم فعلًا؟ وهل هناك أحد يجرؤ على الكلام حتى في سره في هذه الأيام؟.. ليس لدى ضمانات لك ولنظامك يا سيدي، لن أوقع على "إيصالات  أمانة"، الضمان الوحيد والأكيد هو العدل.. امنع المشكلة من جذورها، الضمان يتمثل في إزالة أسباب الاحتقان، افتح المجال السياسي وامنع الانفجار، الحل في إطلاق الحريات واحترام حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات والظلم، الحل يكمن في العدالة الاجتماعية والشفافية والمحاسبة.. ابعد النار عن البنزين، أنتم تصنعون أعداء كل يوم، العدل هو الضمان ولا ضمان غير ذلك، أما عن نفسي فليس عندي أي ضمانات.


(6)

وأخيرًا.. لقد مرت أيام كثيرة، أصبحت بالكاد أتذكر ما كان قبل السجن، تضاءلت الأحلام مع الوقت فأصبحت لا تتعدى جدران الزنزانة الضيقة، هل تعود الأحلام مرة أخرى؟ هل يعود الأمل مرة أخرى؟.. لننتظر.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية