
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: هاتوا اخواتنا من الزنازين
مهند حامد شادي
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: هاتوا اخواتنا من الزنازين
"قررت أن يكون 2016 عاما للشباب المصري" – عبد الفتاح السيسي في الاحتفال بإطلاق الموقع الإليكتروني لبنك المعرفة.
في بداية هذا العام قررت السلطة أن يكون عام 2016 هو عام الشباب المصري، لا نعلم تحديدا هل كان ذلك يعني أن يكون هذا العام هو عام لصالح الشباب المصري أم عام من أجل القضاء على الشباب المصري. إلا أن المتابع لحالة الشباب بوجه عام سواء أن كان مسيسا أو غير مسيس، سيكتشف أن حالة اليأس هي الغالبة وأن الرغبة في الفكاك من »براثن« هذا البلد قد أصبحت أمنية يتمناها الأغلبية من الشباب.
كيف لا وقد أصبحوا في حالة حرب مستمرة من أجل البقاء على قيد الحياة في بلد يحارب شبابه، بكل السبل والوسائل. وعلى عكس إدعاءات السلطة المستمرة بالاهتمام بالشباب، إلا أن خناقها ضاق عليهم، وبينما كانت السلطة تهتم فيما سبق بشكل أكبر بالشباب المسيس في عهد مبارك، فإن السلطة الحالية أضحت تضرب بيدها القمعية الجميع، فمن لم يتم إعتقاله في الزنازين، مات في أعماق البحر هربا في قوارب الموت أو استشهد في سيناء، وغيرها، على يد جماعات إجرامية نتيجة سياسات حكومية فاشلة تلقي بإخوتنا في أتون التهلكة.
لهذا كله فربما يجب علينا التذكير – مرة أخرى – ببعض –والبعض وفقط- مما يحدث لفئة تبلغ 66 مليونا من أصل 89 مليون لعام 2015، أي ما نسبته 75% من عدد السكان تحت سن 35، طبقا لاحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.
اخواتنا في الزنازين
»لا وجود على الإطلاق لمعتقلين سياسيين في السجون المصرية« – عبد الفتاح السيسي في حوار مع محطة PBS الأمريكية.
وفق تقرير الشبكة العربية لحقوق الانسان فإن هناك ما إجماليه حوالي 60 ألف معتقل سياسي في مصر، فيما تم إنشاء 16 سجن جديد في عهدي عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي، 4 منهم في 2016 وحدها، وذلك كله حتى تاريخ إعداد التقرير في بداية سبتمبر الماضي.
وبالطبع فإن قانون التظاهر الذي أصدرته السلطة الحالية بعد 30 يونيو، قد حاز النصيب الأكبر من أسباب الاعتقال، فقد بلغ عدد المعتقلين على خلفية هذا القانون فقط حوالي 31.6 ألف معتقل طبقا لتقرير دفتر أحوال وذلك في المدة بين 25 نوفمبر 2013 و24 سبتمبر 2016، أي ما يصل للنصف تقريبا. فيما تم إحالة 19 ألف منهم للنيابة، والتي أحالت بدورها 15 ألفا للمحاكم المختلفة، حيث أدانت هذه المحاكم حوالي 6 آلاف شخص، حكم عليهم –بالإضافة لأحكام الحبس – بغرامات تقدر بحوالي 128 مليون جنية، فيما بلغت كفالات الخروج على ذمة التحقيق من النيابة أكثر من 7 مليون جنية، وذلك كله وفق نفس التقرير.
هؤلاء الآلاف من أبناء مصر يعيشون في حياة هي الأسوء على الاطلاق، حيث تم منعهم من أبسط حقوقهم الآدمية فضلا عن القانونية المقررة طبقا للقوانين والدساتير المصرية والمواثيق والعهود الدولية التي وقعت عليها مصر. ويأتي على رأس هذه الحقوق المنتهكة حقهم الأول في الحياة، فوفق تقرير لدفتر أحوال فقد حوالي 493 شخص حياتهم داخل أماكن الاحتجاز منذ 30 يونيو 2013، بلغ عددهم في عهد السيسي فقط وحتى 30 أبريل الماضي (وقت كتابة التقرير) 344 شخص، أي بمعدل شخص تقريبا كل يومين في الفترة المذكورة. قتلى عهد السيسي ووفقا لنفس التقرير، فإن الرواية غير الرسمية للوفيات تتحدث عن وفاة 65 منهم بشبهة جنائية و99 منهم نتيجة إهمال طبي، فيما لم يعرف سبب وفاة 147 منهم، بينما توفي 33 فقط وفاة طبيعية.
وبالرغم من هذه الحالة البشعة التي يعيشها عشرات الآلاف من المواطنين المصريين نتيجة قمع السلطة لهم، فإن واحدا من أحد أبشع الحالات هي تلك المتعلقة بمن تم حبسهم احتياطيا، فلا هم محالون لمحاكمة يدافعون عن أنفسهم فيها، إن استطاعوا في ظل مشهد اللامحاكمات الحالي، أو حتى يقضون عقوبة ولو كانت ظالمة، ووفق تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية فإن حوالي 1462 شخصا محبوسون احتياطيا لمدة تزيد على العامين وهي المدة الأقصى للحبس الاحتياطي، والأنكى أن هؤلاء هم من استطاعت المبادرة رصد حالاتهم بعد تدقيق في قضايا أربع محافظات فقط، مما يعني أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير. وهؤلاء ليسوا فقط محبوسين احتياطيا ولكنهم تعدوا مدة الحبس الاحتياطي القصوى، أي أن عدد المحبوسين احتياطيا (سواء تعدوا المدة القصوى أم لم يتعدوا) يفوق ذلك بعشرات المراحل.
من السجن الصغير إلى السجن الكبير: مصر بلد السجن والسجان
»لا يحاسب إنسان في مصر علي رأيه أو يحاكم علي رأيه أو يصادر رأيه« – عبد الفتاح السيسي في حوار مع قناة RTB البرتغالية.
لا يبدو المواطنين خارج أسوار السجون الرسمية أفضل حالا من هؤلاء بداخلها، بل يبدو أن مصر كلها قد تحولت إلى سجن كبير، فحسب تقرير دفتر أحوال بلغ عدد المعتقلين أو الممنوعين من السفر/دخول مصر في المطارات بعد 30 يونيو حوالي 497 شخصا، نصفهم في عهد السيسي، وذلك في الفترة حتى 20 فبراير الماضي فقط. إذ يبدو ان مصر أصبحت دولة مغلقة لا يريد النظام أن يعلم أحد ما يدور بخارجها، فضلا عن أن يسمح لمواطنيها بالهرب من جحيمه الخاص.
لجنة السيسي: فنكوش جديد
في مقابل كل ذلك يخرج علينا رأس النظام بلجنة يتحدث أعضاءها كما الحاكم بأمره عمن يجب ومن لا يجب أن يخرج ، بتفضيلاتهم الشخصية وأهواءهم المساندة للسلطة بالأساس في مشهد قمئ لا ينبئ بأي تغيير في حال المعتقلين، فيما صرح السيسي نفسه بأن »الحالات التى يتم التعامل معها من قبل أعضاء اللجنة المشكلة يتم مراجعتهم بالكامل لا يزيدون عن 500 شخص وليس آلاف« أي أن أي أمل زائف حول قيام هذه اللجنة بتغيير حال المعتقلين في مصر هو محض وهم، لدرجة أن ما صدر من قرار – قيل أنه الأول في سلسلة – لم يبلغ حتى العدد الذي صدر به قرار من قبل في سبتمبر 2015.
لا نملك الكثير لاخوتنا بداخل المعتقلات، لكننا نملك أن نتذكر مآسيهم، ونشارك قضيتهم، ونذكر أسماءهم كل حين، منادين دائما وأبدا بالحرية لهم، الحرية ل: عصام سلطان – أحمد ماهر – حسام أبو البخاري – علاء عبد الفتاح – هشام جعفر – إسماعيل الاسكندراني – محمد البلتاجي – أسماء مصر – أحمد الغزالي، الحرية لكل معتقل أيا كان انتماءه، فالحرية هي أسمى ما نادت به الثورة، وهي لذلك أهم ما يجب أن ندافع عنه.
»تحيا مصر بشبابها« - عبد الفتاح السيسي .... »تحيا مصر بس أنتم سيبوها تحيا وهي تحيا وتبقى عال« – نجاح الموجي في مشهد من فيلم التحويلة.