رئيس التحرير: عادل صبري 04:02 مساءً | الاثنين 05 مايو 2025 م | 07 ذو القعدة 1446 هـ | الـقـاهـره °

الترويض المستحيل للقضاء

الترويض المستحيل للقضاء
01 مايو 2017

الترويض المستحيل للقضاء

هاني بشر

الترويض المستحيل للقضاء

 

بعد إقرار قانون السلطة القضائية المثير للجدل، يبدو السؤال ملحا: ما الذي لم يقدمه القضاء للسلطة التنفيذية لتغضب عليه؟ هل قصر في شيء وخذل السلطة التنفيذية في شيء يتعلق بقضايا السياسيين المعارضين سواء المتهمين بالعنف أو بالتظاهر وإبداء الآراء؟ ومن غير المنطقي أن تكون قضية واحدة مثل تيران وصنافير أمام مجلس الدولة هي التي أثارت كل هذا المشكلة. هناك شيء ما غريب وغير مفهوم في علاقة القضاء بالنظام الحاكم في مصر الآن.

 

السلطة التنفيذية في مصر دائما ما تملك القوة والسلاح والنفوذ لبسط سيطرتها سواء بغطاء شرعية سياسية أو بدون غطاء. أما السلطة التشريعية فهي قابلة للتطويع دائما عبر انتخابات موسمية تستوفي الشكل الخارجي للديموقراطية ولو من دون نزاهة أو حرية والاختيار متنوع بين الملايين ترشيحا وتعيينا وهم جاهزون دوما للقيام بهذا الدور. يتبقى لدينا من سلطات الدولة السلطة القضائية ومشكلتها أنها بناء هرمي وطريق ذو اتجاه واحد من أسفل لأعلى يعتمد الأقدمية في نظام صارم أقرب ما يكون للقوات المسلحة. التأثير أو تطويع هذه السلطة لصالح أي نظام سياسي يحتاج لهندسة خاصة وكثير من الإغراءات أكثر من التهديدات. ولهذا ليس بمستغرب أن تنهال الزيادات والعطايا على القضاة في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة.

 

المعادلة التي حكمت علاقة القضاء بنظام الحكم استندت لفترة طويلة على العرف البيروقراطي في القضاء المصري من أن ما للسياسة للسياسة وما للقضاء للقضاء، حتى ولو استعان النظام الحاكم ببعض الدوائر القضائية من أجل استصدار أحكام معيبة. فما دام لم يصدر حكم معيب من المحكمتين الأعلى في البلاد الإدارية العليا والنقض، فالأمور على ما يرام. وليس أدل على ذلك من أن شرارة الغضب في معركة استقلال القضاء سنة ٢٠٠٦ كانت بسبب تحميل القضاء تزوير انتخابات ٢٠٠٥، فلم تكن المشكلة تتعلق بفعل تزوير الانتخابات في حد ذاته ولكن الإصرار على أن يكون القضاء شاهد زور عبر إشراف صوري. وقد قالت حينها المستشارة نهى الزيني أن الانتخابات في مصر يتم تزويرها دائما، لماذا يريدون أن يتم ذلك من خلالنا؟

 

لم تتغير المعادلة الحاكمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كثيرا منذ ذلك الحين وحتى الآن رغم ما جرى في النهر من مياه كثيرة. الشئ الوحيد الذي تغير هو أن المنظومة القضائية أصبحت غير قادرة على مواكبة جنوح القرارات السياسية غير المدروسة أو لنقل غير المطبوخة قانونيا بشكل جيد. ولا يتعلق الأمر بقضية تيران وصنافير بقدر ما يتعلق بقرارات قادمة يراد غل يد القضاء عن النظر فيها.

 

من غير المتوقع إذن أن تكبر كرة الغضب القضائي بسبب القانون الجديد أكثر من ذلك، فلا يوجد ظهير شعبي مساند ولا يملكون أوراق ضغط على السلطة التنفيذية. وعلى الأرجح أن يبتلع القضاء الإهانة وسيكون الرد مؤجلا لوقت آخر. فالسلطة القضائية في مصر، وبغض النظر عن أي تقييم لها، فهي سلطة تستطيع أن تغريها بذهب المعز لكن إن أشهرت سيفك فقد كسبت معركة ضدها وأجلت المواجهة. وهذا النوع من المعارك لا يتم حسمه من الجولة الأولى. وبغض النظر عما ارتكبه بعض القضاة من مخالفات صريحة للقانون في القضايا التي تتعلق بالمعارضين، فقد اتسع نطاق المظلومية القضائية من قضاة بيان رابعة إلى قضاة الفيس بوك وصولا إلى قضاة أعلى المراتب القضائية وهم رؤساء الهيئات. وبالتالي أصبح لدينا بؤرة غضب على نطاق واسع هي القضاة الساعون للثأر لكرامتهم وكرامة سلطتهم.

 

متى ستكون الجولة القادمة وما الذي سيحدث فيها؟ هذا أمر متروك لتطورات الأوضاع السياسية التي لن يكون القضاء بمعزل عنها كما لم يكن بمعزل عما حدث قبل ذلك.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية