رئيس التحرير: عادل صبري 10:16 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

مصر على خطى الرايخ

مصر على خطى الرايخ
19 أبريل 2016

مصر على خطى الرايخ

صفوان محمد

في عام 1923 كان أدلوف هتلر - بشارب شارلي شابلن - بتطرفه المشهود، وعنفه المستهجن، يعتبر أرض خصبة للسخرية والدعابة عند معظم الألمان، لا يلتف حوله إلا قلة من المؤيدين، وكان من النادر أن يأتي ذكر لهتلر أو النازيين إلا ويتبعها السخرية؛ بيد أن شخصيته المغناطيسية وقدرته على شحذ الهمم أثناء القاء الخطب جعلته يجتذب حوله كثير من الناس، وساعده في ذلك "جوزيف جوبلز" مؤسس فن غسيل الأدمغة من خلال الإعلام.. وفي خلال سنوات قليلة كان هتلر الزعيم الملهم، واتبعه هؤلاء معصوبي الأعين، كأنما سحرهم بسلطان، خلال تلك الأعوام التي دمر فيها هتلر بلاده. 


برغم ذلك لم يدم حكم الرايخ سوى إثنتى عشرة سنة؛ إلا أنه في هذه الفترة القصيرة جدًا -بالنسبة لعمر الأوطان- قد رفع الشعب الألماني إلى عنان السماء، وسيطر على أوروبا من ساحل الأطلسي حتى ضفاف الفولكا، ومن القطب الشمالي حتى البحر الأبيض المتوسط. ثم هبط به إلى أسفل سافلين، وجعل المانيا كتلة من الخراب والدمار في أعقاب حرب عالمية.

 

العقيدة الأساسية التي كان يستمد منها النظام النازي شرعيته هي الحفاظ على "الأرض"، وأعتُبر هتلر الشخص الوحيد القادر على إنقاذ المانيا من الكساد الاقتصادي، وبالقطع تخلص من جميع خصومه السياسيين عن طريق التصفية الجسدية، أو الزج بهم في السجون، وتم قمع كل صوت معارض لصوته، ووصل للمرحلة التي جعل فيها التحية المفروضة على الألمان في عصر الرايخ "هايل هتلر"، لقد قاد أدولف هتلر بلاده للخراب برغم ما حققه من نمو اقتصادي وعسكري لبلاده.

 

بالقطع كان هتلر ديكتاتوريًا ودمويًا، لكنه كان يمتلك من القدرات والملكات الشخصية التي تؤهله بأن ينل لقب "الزعيم" ويري فيه عدد كبير من الألمان رجل الدولة، أما الجنرال لا هو بزعيم ولا يمتلك المقومات التي تؤهله لدور رجل الدولة، هو المرشح التوافقي لتحالف دولة الطوائف من رجال أعمال، وكهنة البيروقراطية، والمجلس العسكري، والتيار الفاشيستي المنتشر في البلاد كالطاعون، هو مرشح الصدفة، أو مرشح الضرورة كما قال محمد حسنين هيكل.

 

فما بالك بنظام يقود البلاد الآن نحو التداعي والإنهيار السحيق، لقد أصبحت مصر غارقة في الفوضى والسخافة، بائسة وعابثة، قليلة الكفاءة والإمكانيات، تحكم ولا تساعد، تأمر ولا تقود، لا تثق بالمقدرة والكفاءة والمواهب، وتقدر الجهل المصحوب بالولاء أكثر من المعرفة.. لقد أعلن السيسيى أن القوة هي الحق، وأن العدالة هي مصلحة الأقوى، وأن القمع هو العدل، لا يُريد أن يتحدث أحد إلا بما يُرضيه، ويأمر شعبه بألا يستمع لمخلوق سواه، ولا يأذن لأحد بأن يتكلم إلا بعد أن يأذن له، يتهم معارضيه بإثارة البلبلة وزعزعة الاستقرار، نظام يحتقر شعبه، لا يرقى أن يُحكم بالديموقراطية، يعتبر دولة السبعة آلاف سنة حضارة ما هي إلا دولة وليدة، وأن حقوق الإنسان تصلح فقط في أوروبا، لكننا في مصر.!!

 

نظام يُسن  كل هذه القوانين وفقًا لمصلحته، ويستخدم هذه القوانين التى وضعها بنفسه لتخدم مصالحه، يحتوي الشباب داخل السجون، ويُلفق قضايا عبثية لخصومه السياسيين، وفي الوقت ذاته يريد أن يقنع هؤلاء الشباب في مثل هذه الدولة أن تُطيع القوانين، ويحصروا بحثهم الذاتي داخل الخير العام، أن يقفوا خلف قائدهم، وفي النهاية يتساءل البعض كيف تعم الفوضى أرجاء البلاد، وتناسوا أن الدولة التي يسودها القمع والظلم، لا يتحقق فيها الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي؛ إلا بتحقيق الاستقرار السياسي.

 

ومن العجب العُجاب أن النظام الذي يتشدق بالوطنية ويروج نفسه دائمًا بأنه الحامي والمدافع الأوحد عن الأرض، يتهم معارضيه بأنهم "أهل الشر" مدفوعين من الخارج لزعزعة الاستقرار، ويُلقي القبض على شباب أعلن رفضه لقرار التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" ورفع الشعار الجامع "الأرض والعرض".  

 

ولا يوجد دلالة على ذلك أكثر من قضية جزيرتي "تيران وصنافير" عندما دعى إلى "حوار مجتمعي" وضع ألف ألف خط تحت كلمتي حوار مجتمعي، حضره كافة القوي السياسية، من صحفيين وكتاب وإعلاميين ورؤساء أحزاب، جميعهم مؤيدين لرئيس الجمهورية.. وعندما طلب أحد الحضور الكلمة، قاطعه الرئيس وقال له بنبرة حادة "أنا مأذنتش لحد يتكلم".. إننا حقًا في أزهى عصور الديموقراطية، يمضي بنا الزعيم على خطى الرايخ، ولكن بصورة أكثر ردائة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية