رئيس التحرير: عادل صبري 08:34 مساءً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

الأزهر.. والرويبضة الجدد

الأزهر.. والرويبضة الجدد
30 أبريل 2017

الأزهر.. والرويبضة الجدد

عادل صبرى

الأزهر.. والرويبضة الجدد

وسط حملة شعواء على الأزهر الشريف، صوبتها بعض الأذرع الإعلامية وثيقة الصلة بالنظام، وأبواق السلطة في البرلمان وخارجه، جاءه الغوث من حيث لا تشتهي السفن. لم تمر أيام على دفع أحد النواب المتحولين والمتزلفين لرجال الأعمال ورموز التطرف في كل عصر ودين، لاستصدار قانون يسمح بخلع شيخ الأزهر من موقعه ووضعه تحت رحمة مجلس حسبي يشكله رئيس الدولة على هواه، حتى جاءت زيارة البابا فرنسيس الثاني لتقلب الأوضاع على من حاولوا إشعال فتنة ضد الأزهر وشيخه الجليل.

 

لأول مرة في التاريخ يتعانق شيخ الأزهر مع بابا الفاتيكان، ويدخل الاثنان يدا بيد إلى باحة مشيخة الأزهر، ليشهدا معا معالم على طريق المجد، الذي شيده رجال الأزهر، من أجل هذه الأمة عبر العصور.

 

للأزهر كرامات، عرفها المغول وخبرها الإنجليز واستفاد منها عبد الناصر، ومن يحاول العبث به لا يدرك أن للأزهر رب يحميه في كل الأوقات.  

 

بالأمس قال الجهلاء إن الأزهر أصبح مفرخة للتطرف، وأن شيوخه وعلماءه يفرضون وصاية لحماية الخارجين على الدول. حاول الرويبضة أن يدفعوا بالأزهر كي يؤيدهم في سفيه كلامهم، بأن الإرهاب الذي يشهده العالم سببه" الإرهاب الإسلامي"، فجاءت كلمات شيخه العالم، بأن الإرهاب لا دين له، وأنه لا يمكن أن نقرن الأديان بالإرهاب، وإلا فإن ما يشهده العالم، من إرهاب في أنحاء شتى، سنطلق عليه إرهاب بوذي أو مسيحي أو يهودي، أو أوروبي أو أمريكي. شجاعة شيخ الأزهر في مواجهة الرويبضة الجدد، جعلته في مهب الريح الخبيثة التي انطلقت ضد الأزهر وشيخه  بل والإسلام كدين، من كل صوب وحدب.

 

ما هي إلا أيام معدودات وجاء بابا الفاتيكان، ليعلن للدنيا بأسرها من مقر مشيخة الأزهر ومنتدى حوار الأديان وأثناء القداس بالقرية الأولمبية باستاد الدفاع الجوي، بأن الإسلام دين المحبة والسلام، وأن الأزهر وشيخه الأمين رمز لهذا الدين. أخرست رسالة المحبة التي أطلقها بابا الفاتيكان ألسنة الثعابين التي أطلقا البعض لتسميم أجواء البلاد، لإثارة الخوف من شيوخ الأزهر والدعوة إلى الخروج عليهم، وهدم البنيان التاريخي، الذي أنقذ مصر والأمة برمتها من الوقوع في براثن الاحتلال والفاشية والتعصب.

 

لم يكن الأزهر مؤسسة ثورية ساعية للتغيير المتعجل أو أداة للانقلابات، ولكنه ظل منارة للعلم والتطوير والتحديث وإن كان بطيئا، وهذه الشهادة لم يحصل عليها من بني جلدته، ولكن من كل المؤسسات التي تعاملنا معها خارج مصر، رسمية كانت أو أهلية، أو علمية، والمشهور بصدقيتها ومنهجيتها.

 

سمعت تلك الشهادات من قيادات في الحزب الشيوعي الصيني، الذي يرسلون أبناء دولتهم للتعرف على الدين الإسلامي من الأزهر، دون غيره من المؤسسات التعليمية في العالم، ليقينهم أن من يتعلم في الأزهر يعرف الإسلام السمح، وحسن المعاملات بين الناس، واطلعت على ذلك في الأمم المتحدة واليونسكو، وكثير من الجامعات في الدول الإسلامية وغيرها، مع ذلك جاءت شهادة البابا فرنسيس لتكمل السطور النورانية، التي جعلت المرء يفخر بأزهره وشيوخه. فقد قال بابا الفاتيكان الذي يتبعه مليار و200 مليون مؤمن بالكنيسة الكاثوليكية حول العالم، وله شعبية واسعة بين كافة أهالي الأديان والنحل الكونية، لبساطته ورقته الإنسانية وعلمه العزير، مؤيدا شيخ الأزهر "بأن الإرهاب لا دين له، فلا يمكن أن نلصق التطرف بالأديان، لأن الأديان تأتي بالمحبة والسلام، وعلينا أن نكون متطرفين في المحبة، لأن أي تطرف آخر لا يأتي من الله ولا يرضيه".

 

لأول مرة في التاريخ يتعانق شيخ الأزهر مع بابا الفاتيكان، ويدخل الاثنان يدا بيد إلى باحة مشيخة الأزهر.

نقلت شبكات التلفزيون في 152 دولة كلمات البابا إلى أنحاء المعمورة، فساهمت في نقل صورة طيبة عن مصر بشعبها الأصيل المتسامح، وأزهرها الشريف وكنيستها المرقسية فظهر أمام الناس البنيان العظيم لهذه الأمة التي يعلو بناؤها على ركنين من الجلمود الصلب، هما الأزهر والكنيسة، وليست أي مؤسسات أخرى في الدولة إلا خادمة لها.

 

هنا سكتت الألسنة السامة، وبدأ نجوم البرلمان والفضائيات الممجوجة في التوهان، والبحث عن غنائم في الميدان، فإحداها تتكلم عن مساهمة البابا في تحسين صورة مصر في العالم، أو دعم حركة السياحة أو تأييد النظام، بينما أشاحت بوجهها عن المعني الحقيقي للزيارة.

 

لم يستوعب أصحاب هذه القلوب السوداء والعيون القبيحة مشهد العناق واللقاء المتكرر بين بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة المرقسية، واتفاق الثلاثة على إدانة التطرف المغلف بالدين أيا كان نوعه. لم يفهم أصحاب الفيل الجدد رسالة الإعلام، التي هي كما الدين تماما هي نشر المحبة والعلم والتقارب بين الناس وليس أداة تحريض واستغلال، ولو كان المحرض نظاما أو حكومة أو طائفة من القادة والمسئولين أو عائلات وأصحاب الملايين. سيقولون  ويفعلون كثيرا في الخفاء، وسترد عليهم أعمالهم حسرات، بعد شاهدوا بأم أعينهم، أن للأزهر كرامات، عرفها المغول وخبرها الإنجليز واستفاد منها عبد الناصر، ومن يحاول العبث به لا يدرك أن للأزهر رب يحميه في كل الأوقات.  

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية