رئيس التحرير: عادل صبري 09:11 مساءً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

لم تكن ثورة ولم تكن موجة ثورية

لم تكن ثورة ولم تكن موجة ثورية
02 يوليو 2015

لم تكن ثورة ولم تكن موجة ثورية

طاهر مختار

لم تكن ثورة ولم تكن موجة ثورية

هذه هي الحلقة الرابعة من سلسلة " في ذكرى 30 يونيو: لا ثورة إلا ثورة يناير"، وبعد أن حاولت في الحلقة الماضية الإجابة عن سؤال "كيف حدث الانقلاب؟"، تدور هذه الحلقة حول ما إذا كانت هناك سبلًا موجودة وقتها لمنع 30 يونيو والانقلاب، وحول كيف أن 30 يونيو ليست ثورة وليست موجة ثورية.

 

هل كانت كل الطرق تؤدي إلى 30 يونيو؟

المسار الذي اتخذه الإخوان المسلمون خلال الثورة المصرية كان كفيلًا في حد ذاته إلى الوصول إلى 30 يونيو بخطاياهم، في 30 يونيو كانت ثمرة انتهازية الإخوان وإصلاحيتهم وثمرة انتهازية جبهة الإنقاذ التي كانت تتذيل العسكر بحجة أنهم كفيلون بحماية الديمقراطية ومدنية الدولة!

 

30 يونيو هي نتيجة طبيعية لخارطة طريق الثورة المضادة التي وضعها المجلس العسكري بعد تنحي مبارك ودعمها الإخوان، هذا اليوم الذين كانت تُمنّي الثورة المضادة نفسها لسنوات به بعد الضربة الكاسحة التي وجهتها ثورة يناير لنظام مبارك؛ أن تحتشد الجماهير في الميادين ليس ضد مبارك ولا ضد حكم جنرالاته، بل لمطالبة أحد جنرالاته ـ ولو ضمنيًا قبل أن تتحول إلى مطالبة واضحة في جمعة التفويض ـ بإنقاذ مصر والمصريين من الفصيل الأكبر في الثورة قبل أن يخونها فقام أعداء الثورة بشيطنته وتصويره للجميع أنه العدو الحقيقي لكل المصريين الذي يجب مواجهته، وليس النظام ولا الثورة المضادة التي مصت دماء وقوت المصريين لعقود طويلة واستبدت ضدهم!

 

فرص ضائعة:

لقد كان أمام الإخوان أن يمنعوا الوصول إلى 30 يونيو في فرص عديدة، حتى وإن أخطأوا في التحالف مع المجلس العسكري واختيارهم مسار خارطة الطريق الإصلاحي الانتهازي المهادن للعسكر منذ البداية، كان بإمكانهم اتخاذ مسار يجمع حولهم القوى السياسية المنتمية لثورة يناير بعد أن وصلوا لرئاسة الجمهورية ـ بدعم الملايين من الثوار من خارج الإخوان ضد الفريق أحمد شفيق مرشح الثورة المضادة في جولة الإعادة ـ بدلًا من يستمروا في مغازلة العسكر والإسلاميين في دستورهم ولجنة إعداده وبدلًا من أن يظهروا بمظهر من يحاول الانفراد بالسلطة، كان بإمكانهم أن ينحازوا لمطالب الثورة والشعب الثائر بدلًا من مطالب السلطة والجيش والشرطة ورجال الأعمال بمن فيهم فلول مبارك، وكان بإمكانهم اتباع سياسيات اقتصادية أكثر انحيازًا للشعب بدلًا من الاتجاه لصندوق النقد الدولي وسياسات الليبرالية الجديدة التي تنحاز لرجال الأعمال.

 

وكان أمام الإخوان فرصة حتى اللحظات الأخيرة عندما وجدوا تلك الحشود ضدهم في الميادين، وبالتأكيد لديهم معلومات حول طبيعة الحشد بحكم كونهم في موضع سلطة ولهم عيون في أجهزة الدولة ـ حتى وإن لم يسيطروا عليها بشكل كامل ـ وعلاقات مع الأنظمة الإقليمية تمكنهم من الحصول على معلومات تساعدهم في فهم سياق الأمور، كان أمامهم وقتها فرصة الدعوة لاستفتاء على الرئيس أو حتى لانتخابات رئاسية مبكرة تحفظ المسار الديمقراطي الذي كان أحد أهم مكتسبات ثورة يناير، بدلًا من انقضاض العسكر عليه كما حدث بالانقلاب.

 

ولكن للأسف فقد ساهم الإخوان في صناعة ذلك اليوم بسياساتهم الإصلاحية الانتهازية بعد خلع مبارك وبعد حصولهم على الرئاسة وبسبب غبائهم وعنادهم حتى اللحظات الأخيرة لوجودهم في السلطة قبيل الانقلاب، وبالمناسبة هذه ليست شماتة فيهم بسبب انتهازيتهم وغبائهم، فلا مجال للشماتة في تنكيل الثورة المضادة بقوة سياسية إصلاحية من القوى المشاركة في الثورة لا سيما وأن التنكيل والخسارة بسبب ما حدث طالت الجميع، ولكنه تحليل وفهم للأسباب التي أدت إلى ما حدث، تحليل وفهم لماذا أن القوى الإصلاحية يكون أداؤها كارثي وقت الثورات خاصة إذا اهتزت بوصلتها وسادت الانتهازية على مواقفها.

 

ورغم أن 30 يونيو لم يكن هناك من سبيل لمنعها عندما كبرت كرة ثلج الغضب ضد الإخوان أثناء تدحرجها ـ لأسباب بعضها حقيقي وبعضها ملفق نتيجة شيطنة إعلام الثورة المضادة لهم ـ حتى وصلت لحجم لا يستطيع معه إيقافها وقتها سوى فصيل سياسي بحجم الإخوان أنفسهم خاصة أنه كان بأيديهم اتخاذ قرارات توقفها بالفعل، فإن هذا لا يجعلني أتردد في الاعتراف بخطأ المشاركة في 30 يونيو ولو رافعًا شعارًا مجردًا ضد العسكر والإخوان وسط مجموعة صغيرة ترفع نفس الشعار، في حين أن الحشود الكبيرة في المظاهرات كانت ضد حكم الإخوان فقط وقتها، ورغم أن مشاركتي ومشاركة من يتخذون نفس موقفي من عدمها وقتها لم تكن لتؤثر بشكل ملموس على كرة الثلج تلك ولا على النتيجة النهائية وقتها وذلك بسبب صغر حجمنا لدرجة أننا لم نستطع ترديد هتافاتها ولا رفع شعاراتنا ضد الحكم العسكر والإخوان معا دون صدام مع باقي الموجودين في الميادين.

 

30 يونيو ليست ثورة وليست موجة ثورية!

نعم 30 يونيو لم تكن ثورة ولم تكن موجة ثورية، فأنا لم أسمع من قبل بثورة لا تصطدم بمؤسسات الدولة القمعية التي تكرس لاستبداد أي نظام ظالم وعلى رأسها الشرطة والجيش، لا أدري كيف تكون ثورة شعبية ضد نظام مرسي المستبد وهو لا يملك أجهزة دولة تستبد دفاعًا عنه، ولكن العكس من ذلك هو ما قد حدث فقد دعمت وشاركت أفراد من أجهزة الدولة في تلك الأحداث!

 

لقد كانت هناك شيطنة من الثورة المضادة للإخوان، شيطنة استغلت أخطاءهم  فتم تمرير خطاب مضلل شيطنهم من خلالها، شيطنة أنست الكثيرين عدوهم وجعلت الملايين تنزل تطلب من عدوهم الحقيقي إنقاذهم ونجدتهم!

 

والسؤال مرة أخرى: أين النضال الذي كان في ميادين 30 يونيو؟ وأين كانت أدوات قمع مرسي واستبداده وقت نزول الناس في الميادين ضد حكمه؟!

 

ثورة يناير لم يطلق عليها ثورة سوى بعد اصطدامها بجهاز الدولة الأكثر قمعًا ووحشية في عهد مبارك وهزيمتها له وهو جهاز الشرطة، ولكنها رغم اصطدامها اللاحق بحكم العسكر إلا أنها لم تنجح في إسقاطه ولم تحدث تغييرات جوهرية على النظام وهو ما يجعل البعض لا يعتبر ثورة يناير حتى ثورة بل انتفاضة جماهيرية فتحت المجال السياسي وعززت الحريات والديمقراطية بضغطها على نظام الحكم الذي لم يسقط وإن سقطت رأسه..

 

ذلك الضغط الذي فتح مساحات من الحرية وأفق أوسع للتحرك والنضال الجماهيري لتجذير الانتفاضة وتعزيز ثقة الجماهير بنفسها، ولكن دون التمكن من انتزاع السلطة ولا إجراء أية تغييرات حقيقية على جوهر نظام الحكم الذي يسيطر عليه الجيش في مصر ليتم وصفها بالثورة، ولكنه كان في كل الأحوال تحركًا في الاتجاه الصحيح ضد النظام والثورة المضادة سواء سمينا ذلك التحرك الجماهيري ثورة أو انتفاضة، بعكس ما حدث في 30 يونيو حيث كان الحشد بعيدًا عن الصدام مع قلب الثورة المضادة، بل يصب في صالحها.

 

شتان بين تحركات شعبية فتحت المجال السياسي، وتحركات شعبية مهدت الطريق للاستبداد، شتان بين ثورة يناير، وبين 30 يونيو ممهدة الطريق للانقلاب؛ فالتحركات الشعبية في حد ذاتها ليست مقدسة وليست كل مليونية ثورة، بل يقاس الأمر بقدرة التحرك الجماهيري على تغيير الأوضاع لصالح الجماهير وليس بمجرد تحرك الجماهير، فكم من جماهير حفرت قبورها بأيديها!

 

وأيضا 30 يونيو ليست موجة ثورية مكملة لأنها استهدفت أحد الفصائل السياسية المشاركة في الثورة لأنه إصلاحي وخان الثورة دون أن تكون الثورة قد قضت على العدو منظم الصفوف الذي قامت ضده وهو حكم العسكر أو دون أن يكون حتى التحرك الجماهيري مركّزا ضده بالأساس رغم استمرارية تغلغله في مفاصل الدولة وسيطرته الفعلية على السلطة وهو الوضع الكارثي الذي يجعل العدو جاهزًا منتظرًا الفرصة لاستعادة السلطة الكاملة من جديد معززًا موقعه للانقضاض على الثورة تحت ضغط الجماهير التي تضعف الطرف الآخر وتقويه داخل الدولة..

 

وبالطبع يزداد الطين بلة عندما يكون هناك قطاع كبير من الجماهير المشاركة في التحرك الجماهيري ترحب به كبديل منقد وهو ما حدث في 30 يونيو ومهد للانقلاب العسكري في 3 يوليو؛ فلو كان التحرك الجماهيري موجه ضد حكم العسكر لكانت موجة ثورية مكملة لثورة يناير التي خلعت رأس النظام في الانتفاضة الجماهيرية الأولى في يناير وفبراير 2011، أو لو كانت حتى ضد أجهزة الدولة القمعية من داخلية وقضاء وجيش وفي سبيلها للتجذر ضد النظام العسكري القائم لكانت انتفاضة أو موجة ثورية، ولو كانت ضد حكم الإخوان بعد أن تم القضاء على حكم العسكر وتغيرت طبيعة الدولة بشكل فعلي وكان الإخوان هم قلب النظام لكانت أيضًا موجة ثورية مكملة لثورة يناير، ولكن ما حدث لا هذا ولا ذاك!

 

طبقًا لتركيبة النظام المصري الحالية فإن أي تحرك جماهيري لا يصب ضد حكم العسكر أو لا يفتح المجال ليتطور ضد حكم العسكر (حيث أن الجيش هو قلب الثورة المضادة) لا يمكن اعتباره ثورة أو موجة ثورية.

 

ولكن لماذا انقلبت الثورة المضادة على الإخوان ولماذا تنكل بهم؟ وهل يكفي التضامن الحقوقي مع الإخوان ضد التنكيل بهم؟

للمقال بقية،،

 

انتظروا غدًا الحلقة الخامسة من سلسلة "في ذكرى 30 يونيو: لا ثورة إلا ثورة يناير" بعنوان: "لماذا يُنكّل الانقلاب بالإخوان؟".

 

الحلقة الأولىفي ذكرى 30 يونيو: لا ثورة إلا ثورة يناير

الحلقة الثانيةهل خان العسكر الثورة؟

الحلقة الثالثةكيف حدث الانقلاب؟

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية