للمذاكرة وجه آخر متحضر
ليلى حلاوة
للمذاكرة وجه آخر متحضر
سألته أمه: ما الذي ستذاكره؟ كيف أنه لديك غدًا امتحان ولم يخبرني معلمك؟ وماذا سنفعل الآن وليس لدينا كتب نذاكر منها.. فرد عليها الولد بهدوء قائلًا: "لقد أخبرني المعلم أنه لدي امتحان غدًا بالفعل ولكن لا داعِ لأن تزعج أمك".
قرأت هذه الشكوى التي كتبتها إحدى الأمهات، كانت منفعلة من هذا المدرس الذي لم يرد أن يزعجها قط!
وهنا يأتي دور ابنتي ملك للتوضيح فتقول: "هذه الامتحانات هي فقط من أجل المعلم، ليعرف نقاط ضعف كل تلميذ ونقاط قوته، فيسجلها لديه ويبدأ في التركيز عليها أثناء تدريسنا. وهو امتحان متكرر في بداية كل عام دراسي".
الحقيقة أنني أفرح كثيرًا بهذا الرأي، لأنه سيمحو من على كاهلي شعورًا بالذنب أنني لم أذاكر معها دروسها. فليعرف المدرس حقيقة فهمها حتى إن لم تكن تدرك موضوع معين فليبذل هو معها جهدًا لإفهامها في الأيام التالية.
وفي نهاية الورقة التي أرسلوها إلى المنزل ليخبروا الأهل أخيرًا أن هناك امتحانات ودرجات وما إلى آخره، أرفقوا جدول امتحان المواد مذيلًا بالرسالة التالية: "رجاء ساعدوا أبنائكم ليبذلوا قصارى جهدهم بالتأكد من أنهم يأخذون قسطًا وافيًا من النوم وأنهم يتناولون الأكل الصحي وأنهم يشربون الكثير من الماء، وأن تعرفوا أن هذه الامتحانات هي لمساعدتنا بالمدرسة لمعرفة ما هي الخطوة التعليمية التالية مع ابنك. من فضلك شجع وادعم ابنك حتى لا يصاب بالتوتر بسبب هذه الامتحانات".. انتهى.
صمت عميق أو صراخ بصوت عالٍ لا يهم، فالرسالة واضحة.. فهم يقولون بما لا يدع مجالًا للشك: نحن هدفنا التعليم والتقييم والدعم والاستمرار في التعلم حتى بعد انتهاء الامتحان، أما الامتحانات فالهدف منها معرفة نقاط الضعف لنركز على دعمها في باقي العام الدراسي.
أحيانا أشعر أنني كأم لطفلين يذهبون إلى المدرسة، أنني أدمر ما تفعله المدرسة وليس العكس، كما هو شائع. فالأولاد يتم الاهتمام بهم بشكل معين، تحترم رغباتهم وآرائهم ويتم تعليمهم بشكل يحترم عقولهم وإمكانياتهم.
اذهب إلى مدرسة الفصل الخاصة وأشكي لها من "لغبطة ابني في كتابة كثير من الحروف" فترد: إنه ممتاز وهذا الذي يحدث هو شىء طبيعي جدًا في هذا السن فهو يدرس الحروف والأرقام، وكلاهما يتداخل في رأسه ومن حقه أن يرتبك، تخيلي نفسك تتعلمين اللغة الهندية وتتعرفين على حروفها ومن ثم تأتي لتكتبيها فستكون في نظرك في غاية التشويش، هو بالضبط في علاقته بالكتابة هذه الفترة كعلاقتك أنت باللغة الهندية".. ودمتم بخير.
تصيح الأمهات داخل المدرسة وخارجها: نريد كتبًا نستذكر منها لأولادنا، حيث أن المدرسة لا ترسل كتبًا للبيت هي فقط ترسل بعض وريقات المراجعة أسبوعيًا لحلها وإعادتها إلى المدرسة مرة أخرى". ويرد المعلم: أنتن لسن بحاجة إلى الكتب، فقط تابعوا معهم من خلال الأوراق التي نرسلها لا أكثر وسيكون هذا فوق الممتاز.
لم تقتنع إحدى الأمهات برد معلم ابنها فدخلت إلى المسئولة، التي أقنعتها وفقًا لقولها بالآتي: "ماتعمليش لابنك منهج ويحفظ الكتاب وخلاص، المدرس نفسه ليس له منهج محدد، فمنهجه أنه يوسع مستوى الفهم والإدراك داخل مخ الطفل".
إذن الهدف مرة أخرى هو توسيع مدارك الطفل وليس الحفظ!! الاستمرار في عملية التعلم وليس الانتهاء منها فور الحصول على نتيجة الامتحان!!
يأتي أولادي إلى المنزل في وقت متأخر، ماذا فعلت في المدرسة يا نورالدين، فيقول: "كنت ألعب"، ورغم تظاهري بالتحضر والاهتمام بالصحة النفسية للطفل، إلا أن هذا لا يمنعني أبدًا من الصياح والاعتراض: كله لعب لعب، مفيش مرة ترجع وتقولي أنك درست، فيقول لي: درست ياماما، ولكنني نسيت. عذرًا ولكنها جيناتي المصرية وخبرتي في التعليم المحلية، حيث يجب أن أدرس أدرس أدرس حتى يمتلىء دماغي ويفيض أو أن تتداخل المعلومات في رأسي وتسيح وتخرج من الناحية الثانية.
