رئيس التحرير: عادل صبري 01:24 مساءً | الأحد 22 يونيو 2025 م | 25 ذو الحجة 1446 هـ | الـقـاهـره °

العرس الانتخابي جدًا

العرس الانتخابي جدًا
31 يناير 2018

العرس الانتخابي جدًا

آلاء الكسباني

العرس الانتخابي جدًا

 

أجلس فى الأتيليه أنتظر الخياطة لتأخذ مقاساتى من أجل الفستان الذى أُفصله، لتُفتٓح مصادفةً سيرة الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث صرحت إحداهن برغبتها فى انتخاب سامى عنان، هذا طبعاً قبل القبض عليه من قِبَل الشرطة العسكرية، لتنفعل الخياطة جداً، وتترك القياسات من يدها قائلةً "رجلى كانت مكسورة وعندى حمى ونزلت وجيت على نفسى عشان صوتى يروح للراجل الوحيد اللى يستاهله… ومش هنتخب غيره بإذن الله"، لتباغتها صيحة أحد العاملين على ماكينة الخياطة بالورشة قائلاً "غيره؟ لمين هو فى حد أصلاً؟!"، لأنفجر ضاحكةً رغماً عنى، متذكرةً شادر عزاء والد عم بخ فى فيلم اللمبى، حينما طلب من اللمبى أن ينادى النادل ليوزع القهوة، فصرخ فيه "لمين هو فى حد؟!".

 

الموضوع لم يعد يتعلق بانتخاب من يصلُح، بل أصبح بمثابة نكتة شديدة الإضحاك، إفيه قديم جداً لكن غير مُتَوَقَع إلقائه الآن، ولذلك يُهلِك من الضحك، فكيف تستطيع أن تأخذ الأمر بجدية وأنت ترى الموضوع برمته سمك لبن تمر هندى جداً، كيف تستطيع أن تؤمن بإنه ثمة عُرس، أو حتى انتخابات، بينما الأمر لا يتعدى مجرد الشكليات.

 

أصبح العرس الانتخابى مثيراً للمفاجآت، حدثاً مسلياً جداً، عل عكس الانتخابات فى البلاد الآخرى، التى تُجلِسنا أمام شاشات حواسيبنا وهواتفنا الذكية نتابع فى شغف آخر الأخبار، حتى إننى تابعت انتخابات هولندا بانتباه وجدية أكثر والله، لما كانت تمثله من علامة فارقة فى تاريخ اليمين المتطرف فى أوروبا، أما هنا، فالأمر أصبح بمثابة سيت كوم، يخرج علينا المرشحون، واحداً تلو الآخر، يوماً تلو الآخر، ليُعلن كل منهم عن نيته، فقط نيته، بمعنى إنه ليس ثمة اتجاه حقيقى للترشُح، إنها فقط نية والنية لله طبعاً، يصبح فى خبر كان، تخرج له سيديهاته وملفاته القديمة، وإن لم يكن له ملفات تُصنَع، فالملفات لا تُفنى ولا تُستحدث من العدم، وهو شىء يجعلنا نهتم جداً بمتابعة الموقف، ونأخذه على محمل جدى جداً لا يحتمل النقاش، ثم فجأة، تجد أحد هذه الملفات يحمل تهمة تجعلك تموت ضحكاً، فتتراجع مائة خطوة، ولا تستطيع أن تقف أمام الأمر موقف الجدية، أو تأخذ موقف ينم عن متابعة حقيقية، بل تتابعه كأنما تتابع صفحة للكوميكس على الفيسبوك.

 

حقيقةً، لم يعد يهمنى كثيراً من يربح الانتخابات أو يخسرها، لإنه لم يعد لدى أمل فى شىء ولم أعد أبحث عن الرغبة فى أن يكون هناك أى نوع من أنواع المستقبل المشرق، لم أعد أعبأ بهذا على الإطلاق، لإننى لطالما آمنت إن الأمل شعور مميت جداً، مُهلِك للروح، ما إن يتمكن منك لن يتركك أبداً، سيجعلك تدور حوله وخلفه دائماً كالهامستر الصغير فى عجلته، فصراحةً طردته من خياتى بلا رجعة، غير راغبةً فى الانخراط بأى شكل من أشكال، ولذلك أريد أن أنوه وبشدة علىإن هذه المقالة غير سياسية بالمرة، إنها فقط ترجمة لأشياء كثيرة، أشياء يعجز تفكيرى عن تقبلها، من شدة إحساسى بال "مسخرة"، فأنا حقيقةً سأقدر جداً إننا نعيش تحت مظلة نظام غير ديمقراطى، وسأتقبل كلياً كلياً فكرة أن يرغب رئيس في الترشُح للرئاسة فترتين متتالين، حقه تماماً، لن أعترض البتة، فإن الحياة جعلتنى أكثر انفتاحاً على تقبُل الأمر الواقع بكثرة خذلاناتها، لكن أن يكون الأمر بهذا القدر البائس من السخرية، فهو حقاً ما يثير شفقتى وحفيظتى.

 

فمن الطبيعى جداً أن يرغب البعض فى الترشُح، ومن الطبيعى أن يحاول المرشحين أن ينال كل منهم من الآخر، ومن المحتمل جداً أن تخرج الملفات ذات الرائحة القذرة من تحت الثرى المدفونة بين ثناياه، ومن الممكن جداً أن يتم ممارسة ألعاب كثيرة لإبعاد ممرشحين محتملين عن السباق، فالسياسة لعبة قذرة عامةً، لكن أن يخرج كل المرشحين، كلهم بلا استثناء من السباق الانتخابى بفضائح متتالية، نكتة يصعُب تصديقها، من المستحيل جداً قبولها، من المستحيل جداً أن يتحملها العقل، وأن يقبلها المنطق الانسانى، حتى قبل الترشح الحقيقى، إن فقط إعلان نية الترشُح أصبح بمثابة الإشارة الخضراء لنشر الغسيل المُتسِخ -مشيها المُتسِخ- عن المرشحين، وإن لم يوجد لهم، فتتم قولبة تهم فى غاية الفاكهة الإنسانية لهم من نوعية "شاهد قب الحذف… يأكل الجرجير فى حقل أمه بدون غسله جيداً"، وهو ما يجعل الأمر فكاهياً بشكل غير طبيعى، ليصبح الأمر مثل مسرحية آلابندا جداً.

 

إن الأمر لم يعد مثيراً للسخرية فى مصر فقط، بل فى العالم، فعلياً، لنجد وكالات أنباء شهرية تتناول الأحداث، ويضع الصحفى منهم مائة علامة تعجب بجانب العنوان الرئيسى، ولا تعرف بماذا تجيبه، فأنت نفسك تتعجب مثله تماماً، ولا تتوقع أبداً أن الأمر سيتحول لهذا القدر من التهريج، وحين تشعر بإنك قابلت "ليفل الوحش"، لم يعد ثمة ما ستراه أسوء من هذا أو أشد تهريجاً تبهرك مصر جداً،  وتتحول متباعاتك لمهزلة شديدة، تجعلك تصر على متابعة الأخبار كل يوم من باب إضحاك نفسك، لإنك توقن، إن الحياة فى مصر لن تصبح مملة على الإطلاق!

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية