قدرت صحيفة "قبرص ميل" الخسائر التي تسببت فيها الاضطرابات والحروب الأهلية الناجمة عن ثورات الربيع العربي بنحو 16 مليون مشرد وما يناهز 500 ألف قتيل.
جاء ذلك في تقرير اليوم السبت بعنوان "الربيع العربي.. عمل لم يكتمل بعد رغم مرور 10 اعوام".
وأردفت: "الخميس الماضي كان الذكرى العاشرة لليوم الذي أشعل فيه الشاب التونسي بائع الفاكهة محمد بو عزيزي النيران في جسده أمام أحد أقسام الشرطة بدافع اليأس المريع".
واستطردت: "لكن تصرف بو عزيزي أشعل عن غير قصد موجة من الاجتجاجات في ارجاء المنطقة اشتُهرت باسم الربيع العربي".
وواصلت : "لكن السنوات العشرة شهدت تشريد نحو 16 مليون شخص بالمنطقة بالإضافة إلى مقتل حوالي 500 ألف".
ونقلت عن الباحث كاوه حسن، نائب رئيس برنامج الشرق الأوسط وإفريقيا بمعهد "إيست ويست"، الذي يقع مقره بنيويورك، قوله في تصريحات لصحيفة صنداي ميل البريطانية: "الخسائر مروعة فيما يتعلق بتدمير البنية الأساسية والاقتصادية والاجتماعية. حتى أنك لم تعد قادرا على تمييز دول أمثال سوريا واليمن".
واستدركت قبرص ميل: "لكن بالرغم من كل هذه الآمال الفاشلة والمعاناة المروعة التي مر بها وما يزال العالم العربي ما زال من المبكر جدا القول إن الربيع العربي قد انتهى".
وفي ذات السياق، قال جوزيف باهوت، البروفيسور بالجامعة الأمريكية ببيروت: "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي لم ينته بعد".
ونوهت الصحيفة إلى أن موجة ثانية من الربيع العربي اندلعت العام الماضي وأطاحت بحكومتي السودان والجزائر بالإضافة إلى الاحتاجاجات الحاشدة في العراق ولبنان".
وعلاوة على ذلك، فإن الأسباب التي أشعلت الموجة الأولى من الربيع العربي لم تتم معالجتها بعد.
جوست هتلرمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفربيقيا لدى منظمة "إنترناشيونال كرايسز جروب" (الأزمات الدولية) قوله: "الوضع لا يطاق. واصبحت هذه الأماكن بمثابة قنابل موقوتة".
وتابع هتلرمان:" تستطيع ان تلخص السبب الكامن الأكثر عمقا الذي أدى إلى إشعال الربيع العربي في كلمتين هما "العدالة الاجتماعية"، حيث شعرت العديد من الشعوب أن العقد الاجتماعي المبرم مع حكامها تعرض للكسر حيث باتوا من أجل أنفسهم".
ونوه التقرير إلى أن إحدى نتائج الربيع العربي تتمثل في زيادة التعداد السكاني بدرجة كبيرة.
واستشهدت الصحيفة بتعليقات شهيرة للسياسي الشيوعي تشوان لاي، أول رئيس وزراء لجمهورين الصين الشعبية أدلى بها في سبعينيات القرن المنصرم عندما سُئل عن التأثير الذي أحدثته الثورة الفرنسية التي اندلعت عام 1798.
وأجاب تشوان لاي قوله الشهير: "من المبكر جدا إخباركم بالإجابة"، في كناية عن أن نتائج الثورات قد تستغرق قرونا حتى تختمر.
وأردفت الصحيفة القبرصية: "والآن، تبدو إجابة سؤال تأثير الربيع العربي مماثلة لتعليق السياسي الصيني".
وقال الباحث كاوه حسن مجددا: "تاريخ هذه الاحتجاجات لم يُكتب بعد".
جاسون توفي، الباحث بمؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" التي يقع مقرها في لندن تحدث عن الأحوال الاقتصادية المتردية في أعقاب الربيع العربي قائلا: "لقد انخفض معدل النمو الاقتصادي على مدار السنوات العشر الماضية مقارنة بالعقد السابق للربيع العربي، كما تراجع دخل الفرد قياسا بالدول المتقدمة واستمر معدل البطالة مرتفعا".
وفي ليبيا، شنت المملكة المتحدة وفرنسا قصفا عسكريا بدعم امريكي للمساعدة في الإطاحة بمعمر القذافي لكن بدون أي خطة لبناء هيكل جديد، وفقا لباحثة مؤسسة كارنيجي ميشيل دن.
وفيما يتعلق بسوريا، رأى الباحث حسن أن لا مبالاة الغرب تجاهها تسبب في تفاقم الأمور إلى كارثة مما منح الفرصة لتدخل بلدان إقليمية.
وأوضح قائلا: "روسيا وتركيا وإيران ملأت هذا الفراغ بجاني السعودية والإمارات وقطر من خلال دعم أطراف متنازعة مما حول الموقف إلى حرب بالوكالة".
وينطبق ذات الأمر على اليمن التي تشهد صراعا بين السعودية والإمارات من جانب والحوثيين المدعومين من إيران من جانب آخر.
وزاد حسن: "لكن في ظل أحداث تاريخية كبرى مثل هذه لا يمكن التنبؤ بما قد يحدث. إذا أن القليل مثلا توقعوا انتفاضتي السودان والجزائر لكن الشيء المؤكد هو أن الجني خرج من القمقم".
واختتم قائلا: "لا ينبغي أن نعتبر الأمر الواقع شيئا مسلما به".
رابط النص الأصلي