رئيس التحرير: عادل صبري 01:13 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

محيي الدين عميمور يتحدث عن القدس والربيع العربي وعلاقة عبدالناصر بالإخوان

محيي الدين عميمور يتحدث عن القدس والربيع العربي وعلاقة عبدالناصر بالإخوان

العرب والعالم

الدكتور محي الدين عميمور

في الجزء الثاني من حواره مع مصر العربية

محيي الدين عميمور يتحدث عن القدس والربيع العربي وعلاقة عبدالناصر بالإخوان

الجزائر- أميمة أحمد 27 ديسمبر 2017 12:06

في الجزء الثاني من حواره مع "مصر العربية" تحدث المؤرخ السياسي الجزائري عن ثورات الربيع العربي وتأثيرها على المنطقة، وكذلك قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس وعلاقة الإخوان بالرئيس جمال عبد الناصر.

 

بدأ السياسي الجزائري المخضرم حديثه في الجزء الثاني من حواره مع مصر العربية عن ثورة يناير والتي حملها بحدقات العيون في كتاباته، عبر  فيها عن ألمه وغضبه الثوري لمآلات ثورة يناير في كتابه "الثورة المضادة... واقعًا" وتحدث أيضًا عن هموم عربية تدمي القلوب على رأسها القضية الفلسطينية.

 

وإلى نص الحوار..
 

في كتابك "الثورة المضادة... واقعًا" تحدثت بألم شديد عن مآلات ثورة يناير المصرية.. كيف تقرأ نتائج الثورات العربية؟

 

أعتقد أنني كنت من أكثر من تحمسوا لثورة 25 يناير المصرية، التي كانت من أروع الانتفاضات الشعبية الوطنية في العالم، وليس في الوطن العربي فقط، وكانت استمرارًا رائعًا للربيع العربي الذي أزعج الغرب لأنه كان دليلًا على أن الشعوب قادرة على أن تأخذ مصيرها بيدها عندما تقدر وتريد..

 

لقد كانت هناك أخطاء، وكثير منها لم يكن مقصودا بل كان نتيجة للعفوية والتلقائية التي تميزت بها ثورة يناير، والشباب لم يدركوا أنَّ المُمْسكين بزمام الأمور في النظام القديم والمستفيدين منه، وهم كثرةٌ وبالغوا القوة في الداخل والخارج، لن يتركوا الأمورَ تفلت من أيديهم، وسينسحبون إلى الوراء تاكتيكيا ليتمكنوا من القفز إلى الأمام واسترجاع المواقع المفقودة..

 

رغم كل النوايا الوطنية الطيبة الصادقة، ورغم الشجاعة المتميزة لم يكن سرّا أنه لم تكن للانتفاضة قيادة واعية منسجمة، تملك الخبرة والمقدرة على المناورة، وتحديد الأسبقيات، وكل هذا لا يسيء للثورة ولا ينتقص من شأنها.

والقضية بالنسبة لي ليست تناقضًا مع الإخوان المسلمين، الذين احترمهم كشريحة شعبية هامة في الوطن العربي، ولا أنسى مساهمتهم الرائعة ضد الصهاينة في الأربعينيات، لكنني أتصور أنهم ارتكبوا أخطاء كثيرة في التعامل مع مجريات الثورة، التي كان لهم فضل كبير في حمايتها ولو لم يكونوا هم وراء إشعال فتيلها.

 

هل ارتكب الإخوان أخطاء أثناء حكمهم؟

 

بالنسبة لنظام الرئيس المختطف محمد مرسي، فكّ الله أسره، من الطبيعي أن يرتكب الأخطاء حزب سياسي لم يُمارس التسيير مرة واحدة في حياة تقترب من 80 سنة، وهناك أخطاء ارتكبها بعض عناصر الإخوان، ومنها أخطاء مفتعلة، لكنني أعتقد بأن الخطأ الاستراتيجي للإخوان، في نظري، هو عدم إدراكهم ضرورة طيّ صفحة الخلاف مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر، والذي أساء لهم كثيرًا وإن لم يكونوا أكثر إساءة له..

 

وكنت قلت لبعض القيادات التي التقيتها أنني كنت من أكثر من هاجموا كتابيًا بعض سياسات الرئيس عبد الناصر، لكنني لا أنسى أنه كان زعيمًا عروبيًا وطنيًا زاهدًا متقشفًا استطاع أن يجسد آمال الأمة في مرحلة معينة جعلت منه رمزًا لكل ما هو نبيل، بدون أن أنسى أنه كان بشرًا يصيب ويخطئ، وأنه كان ضحية فخاخ كثيرة نصبها الأعداء والأصدقاء، ومنها فخ حرب 1967، وكان أهم الأخطاء الاعتماد الكبير على جهاز المخابرات.

 

لماذا رفض الناصريون حكم الإخوان؟

 

أعتقد أن ثورة يوليو 1952 كانت أساسا رصيدا رائعا للوطن العربي وللعالم الإسلامي، ومن هنا فإنَّ مواصلة العداء لها والتناقض معها يعطي الفرصة للثورة المضادة لكي تنتزعها لصالحها وتعتبر نفسها امتدادًا لها، وهو ما حدث فعلًا وأراه أمرًا يثير السخرية، ويذكرني بالمقارنة بين السيف والعصا..

ومن هنا أعتقد أنَّ كلمات الرئيس مرسي في خطاب القسم أمام الجماهير، والتي قال فيها : "الستينيات وما أدراك ما الستينيات"، كانت يجب أن تفسر على أنها تذكير بالانكسار وليس استنفارًا للعداء مع نظام عبد الناصر، لكن منطق حرب البسوس انتصر، وخسر الإسلاميون الحقيقيون كل مواقعهم لأنهم لم يدركوا أن هناك تحالفات استراتيجية تفرض نفسها لتحقيق الانتصارات السياسية، وأن هناك تحالفات جانبية هي أسوأ من التحالف مع الأعداء..

لكنني أعتقد أن سبب العداء الرهيب الذي ووجه به الدكتور مرسي، الذي أثبت صلابته وعمق إيمانه، وأدّى إلى تحالف الجميع، أقول الجميع، لإسقاط نظامه، هو ما فهمته على أنه يتجه لبناء قطبٍ إسلامي هائل يرتكز على العرب والعجم، وعلى الشيعة والسنة، أي يضم أساسًا تركيا وإيران، وهذا خطر ما كان يمكن أن تقبل به القوى الدولية ومن يعمل لصالحها.

 

هل يمكن لملمة الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط؟

 

ما أقوله لكِ قد يكون من نوع أحلام اليقظة، ولكنني أرى أنه الطريق السلمي الوحيد، وأكرر السلمي الوحيد، لتصحيح الأوضاع في المنطقة كلها، وهو تمكن المغرب العربي من تصفية الأوضاع في الشمال الإفريقي ليكون قادرًا على اتخاذ مواقف تضع كل شيء في مكانه الصحيح.

 

ومن هنا نفهم لماذا تتضافر جهود كثيرة لاستمرار وضعية التوتر في المغرب العربي، وهو ما كان بدأ في منتصف السبعينيات مع تكوين نادي السفاري.

 

كيف ترى قرار ترامب بنقل سفارة بلاده للقدس وما تداعيات القرار في ظلّ الوهن العربي؟

 

الكونجرس اتخذ القرار منذ أكثر من عشرين عامًا لكن البيت الأبيض كان يحترم قيادات الساحة العربية ويراعي مصالح بلاده، لكن "عويس" لم يعد عويس حسب النكتة المشهورة، وبالرغم من أنَّ قرار ترامب هو قرار استفزازي غبي وغير نزيه ومتناقض مع الشرعية الدولية، بحيث بدا تجسيدًا لمنطق "الكاو بوي" في مرحلة "الفار وست"، لكنه قرار يعكس قيمة الوطن العربي عند صانع القرار الأمريكي..

وبداية من النهاية، كان واضحًا أنَّ غضب الولايات المتحدة من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الرافض لأي تغيير للوضعية القانونية للقدس هو تناقض مع قرار التقسيم الذي اتخذته الجمعية العامة في1947 وأقيمت إسرائيل بفضله، ومن الغباء أن نلعن الجمعية لقرار تتخذه في نفس الإطار بعد 70 سنة..
 

ولوكان الرئيس الأمريكي ذكيًا ونزيهًا وحريصًا على مواصلة دور الوسيط الأقل انحيازًا لقال إن السفارة الأمريكية ستنقل إلى القدس الغربية، أقول الغربية في انتظار التسوية النهاية بين الفلسطينيين والإسرائيليين طبقًا لقرارات الأمم المتحدة، وهنا يمكن أن يُقبل، ولو على مضض، ما قالته المندوبة الأمريكية في احترام حق كل دولة في اختيار مكان سفارتها، والذي ضاع مع التصرف الابتزازي الذي يليق بشبيحة أو بلطجية ولا يليق بدولة كبرى تدعي حماية حقوق الإنسان، وتعتز باحتضانها لمنظمة الأمم المتحدة وبدورها في سحق دكتاتورية النازية والفاشية..

 

لقد كنت سعيدًا وأنا أسمع المندوبة الأمريكية وهي تقول، عن حق: إن القرار يؤكد عداء المنظمة الدولية لإسرائيل، حتى وإن كان القول تجسيدًا لوقاحة غبيّة، فمن غير المعقول أن تكون 128 دولة مخطئة وتسع دول على حق، حتى ولو كان من بين هذه الدول دول "عظمى" مثل فيجي وجزر المارشال وميكرونيزيا وبالاو، والتي لا أعرف أين توجد على وجه التحديد.

 

أعتقد أن من إيجابيات لقاء نيويورك هو ظهور مندوب إسرائيل بالمظهر العدواني الذي بصق فيه على منتدى دولي يمثل العالم كله وكان وراء إنشاء بلده، عندما قال بأن مكان قرار الجمعية العامة هو مزبلة التاريخ، وأعتقد أن هذا في حد ذاته سينعكس إيجابيا على القضية الفلسطينية.

 

والأمر الإيجابي الآخر هو سقوط الأقنعة عن الأشقاء المزيفين، وقائمة الممتنعين واضحة، وإن كنت أسجل أنه لم تمتنع دولة عربية واحدة عن التصويت بنعم، ولعلها بداية الخير إن شاء الله.


 

الربيع العربي
  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان