رئيس التحرير: عادل صبري 08:59 مساءً | الثلاثاء 16 أبريل 2024 م | 07 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بعد حديث السيسي عن حق المعارضة.. نافذة أمل أم تكريس للواقع؟

بعد حديث السيسي عن حق المعارضة.. نافذة أمل أم تكريس للواقع؟

أخبار مصر

الرئيس عبد الفتاح السيسي

بعد حديث السيسي عن حق المعارضة.. نافذة أمل أم تكريس للواقع؟

متابعات 18 فبراير 2021 00:18

"المعارضة" هي حديث الساحة في مصر الآن، بعدما خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي بتصريحات تتحدث عن الهدف من المعارضة وتقبل النقد بشروط، وهو ما تفاعل معه الكثير من المؤيدين والمعارضين لتلك التصريحات، ولكن ماذا تعني المعارضة في أدبيات السياسة والدستور؟.

 

وتشهد مصر في السنوات الأخيرة غيابا لنشاط الأحزاب السياسية، رغم أن عددها قد تجاوز المائة حزب، وهناك عدد قليل منها يبرز على الساحة سواء من خلال الحياة النيابية أو عبر أنشطة مجتمعية، وآخرون منقسمون على أنفسهم وتشوبهم المعارك الداخلية، وفريق ثالث بات فارغا لا يحمل سوى اسمه الحزبي.

 

وبينما تبدو الحال كذلك، تحاول بعض الأحزاب إحداث حراك في المياه الراكدة، مثل حزب الكرامة وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وذلك عبر ضم شخصيات شابة في صفوفها، مثل هيثم الحريري وأحمد الطنطاوي، أعضاء تكتل 25-30 تحت قبة البرلمان السابق

 

الرئيس..تقبل النقد بشرط

 

"من حق الناس تعارض وتعبر عن رأيها"، هكذا قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليفتح الباب مجددًا حول السماح بوجود معارضة حقيقية تخدم مصالح الناس،.


وواصل السيسي حديثه عن المعارضة، أثناء حضوره افتتاح عدد من المشروعات الخاصة بالقطاع الطبي أمس الثلاثاء، قائلا :"يجب أن يتكلموا ليقولوا انتبهوا إلى هذا الأمر لدينا مشكلة هنا، ما تفعلونه خاطئ، وهذا أمر نقبله".

 

وأضاف :"الهدف من المعارضة تحسين حياة الناس، ولا يجب أن تكون المعارضة بهدف المعارضة، وألا يكون التعبير عن الرأي كي يتكلم الناس، ونقبل النقد بشرط".

 

 

خلاصة كلام الرئيس السيسي، تعني أن المعارضة مسموح بها بشرطين: أولهما أن تكون بهدف تحسين أوضاع الناس وثانيهما أن يكون المتكلم مُلم بما يقول.

 

وقال السيسي:"استوقفتني جدا الكلمة الخاصة بحقوق الإنسان، إن المسار السياسي الموجود ليس فقط الحقوق فمن حق الناس أن تعبر عن رأيها ومن حق الناس أن تعترض وأن يكون هناك معارضة فعلية، لكن الهدف من التعبير عن الرأي أو المعارضة السياسية تحسين أحوال الناس وتحسين حياتهم".


ونوه السيسي إلى أن القبول الذي تحدث عنه يجب أن يستوفي شرطا وحيدا وهو أن يكون المتكلم على دراية بما يقول، وختم قائلا: "إذا كانت الدولة المصرية جادة جدا بمواجهة تحدياتها وأمينة جدا بمواجهة تحدياتها ومخلصة جدا بمواجهة تحدياتها، ستخفف العبء على الرأي وعلى المعارضة، وأنا لا أقول لا تتكلم، لكن قبل أن تتكلم أنظر واستمع".

 

ماذا تعني المعارضة؟

 

المعارضة هي كلمة تعود في أصلها إلى الكلمة اللاتينية "Oppositus" وتعني الجبهة، وهي عكس كلمة Opponere، وتعني الفعل، وهو ما يعني أن المعارضة في اللغة اللاتينية تعني الوقوف في جبهة ضد الحكومة.

 

وتعني المعارضة في المفهوم السياسي، جميع الحركات والأحزاب التي تعارض القوى السياسية التي تمسك بزمام السلطة، وتمتلك برنامج بديل يؤهلها للحلول مكان الحكومة وهدفها في الغالب الوصول إلى السلطة، وهي جزء أساسي من النظام الديمقراطي، وفقا لمقال صحفي بالموقع الإخباري "رائج".

 

جماعات المعارضة توجه الانتقادات ضد الحكومة، ولكن هناك شروط في سبيل ممارسة تلك المعارضة وهي عدم ممارسة العنف أو حمل السلاح في وجه الحكومة وعدم التحالف مع قوى خارجية ضد الوطن، هكذا تكون المعارضة في النظم السياسية الديمقراطية.

 

الأنظمة الديمقراطية كما وضعت شرطا للمعارضة بعدم العنف أو حمل السلاح، هي أيضا نصت على حقوق للمعارضة، فقد كفلت الدساتير في النظم الديمقراطية مجموعة حقوق تحظى بها المعارضة، أبرزها الحق في الحصول على مكانة محترمة في النظام السياسي واعتراف السلطة الحاكمة، والحق في الحصول على المعلومات المتعلقة بعمل الحكومة، وأن يكون للمعارضة ممثلين في هيئات الدولة. 

 

وفي المقابل هناك واجبات تلتزم بها المعارضة في الأنظمة الديمقراطية، أبرزها احترام القانون، والمساهمة في رفع النقاش العام بالحكومة والمواطنين، مراقبة عمل الحكومة وانتقادها بشكل موضوعي، والاستعداد للوصول إلى السلطة من خلال صياغة مقترحات بديلة لبرنامج الحكومة والسلطة الحاكمة 

 

أما سبل ممارضة المعارضة، فبإمكانها استخدام كافة السبل ما عدا العنف وحمل السلاح أو الاستعانة بالخارج ضد الوطن، بحسب موقع "رائج"، ومن تلك السبل المشروعة انتقاد القوانين والقرارات التي تتخذها السلطة الحاكمة وكشف الأسباب الحقيقية وراء هذه القرارات، ويمكن استجواب الحكومة من خلال ممثلي المعارضة بالمجالس النيابية. 

 

يمكن للمعارضة أيضا كشف قضايا الفساد التي يمارسها بعض المسؤولين على أن تكون مقترنة بالأدلة، وعرضها على القضاء والرأي العام.

 

وتعتبر بعض النظم الديمقراطية المعارضة والديمقراطية وجهان لعملة واحدة، مثلما فعلت بريطانيا التي نصبت وظيفة في المناصب العامة تُعرف بـ"زعيم المعارضة لصاحبة الجلالة"، كذلك فرنسا التي تضمن إعلانها الدستوري لعام 2008 أن المجموعات البرلمانية من جماعات المعارضة والأقليات تتمتع بحقوق خاصة، مثل تشكيل لجان للمراقبة والتقييم والرصد. 

 

وتنظر النظم الديمقراطية للمعارضة باعتبارها مفتاح التعددية السياسية، والتي تقدم للمواطن خيارات بديلة عن السلطة الحاكمة، بما يضع السلطة أمام مسؤولياتها، ويضمن إيصال الحقيقة للمواطن.

 

المعارضة في الدستور

 

الدساتير في الأنظمة الديمقراطية عادة ما تضمن حق المعارضة، ولكن هل تضع شروطا للممارسة تلك المعارضة أو فرضت قيودا بعينها؟.

 

الفقيه الدستوري نور فرحات، يقول إن الدستور المصري الذي أقسم كل المسئولين السياسيين علي احترامه لم يضع قيودا على الحق في المشاركة السياسية والمعارضة وحرية الرأي والتعبير، إلا الالتزام بضوابط القانون، كما ألزم الدستور الدولة بحرية تداول المعلومات.

 

وأشار فرحات، عبر صفحته على موقع فيس بوك، إلى أن المادة 5 من الدستور نصت على :"يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، واحترام حقوق الإٍنسان وحرياته، على الوجه المبين فى الدستور".

 

واستشهد فرحات بالمادة 65 من الدستور، التي نصت على :"حرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبيرعن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".

 

وذكر أيضا المادة 68 من الدستور، والتي نصت على :"المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمداً".

 

وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون، وفقا للمادة الدستورية.

 

وتقول الكاتبة الصحفية مي عزام، إن "حديث الرئيس عن أحقية المعارضة أمر جيد، ولكن حرية التعبير يجب أن تكون غير مشروطة ما دامت في إطار القانون، بمعنى لا تدخل ضمن الذم والقذف ولا تتهم أشخاص بتهم لا دليل عليها"، بحد قولها.

 

وأضافت عزام، عبر حسابها على موقع فيس بوك، أنه "طالما أن المعارضة والتعبير عن الرأي في إطار القانون، فمن حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه ملتزما بما تعارفنا عليه وما جاء في المواثيق الدولية حول حرية التعبير. 

 

وتابعت :"موضوع أن يكون المعارض فاهم في المَوضوع غالبا هذا ما يحدث،  الاعتراض على تفريعة قناة السويس على سبيل المثال جاء معظمه من أشخاص تفهم في الاقتصاد ومثل هذه المشاريع وثبت بالتجربة أن رأيهم كان صحيحا وأن التفريعة كلفت مصر مبالغ طائلة".

 

واستطردت :" أما عن شرط أن يقدم المعترض حلول بديلة، فيمكن للمعترض أن يقدم حلول بديلة ويمكن أن يعترض فقط دون تقديم حلول إذا كان من غير ذوي الاختصاص، دور الحكومة والسلطة التنفيذية أن تقدم حلولا لمشاكل الناس وما يتذمرون منه".

 

المعارضة الرصينة

وتعليقا على تصريحات الرئيس السيسي، قال حازم عمر، رئيس حزب الشعب الجمهوري، عضو مجلس الشيوخ، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي  تحدث بلسان المعارضة السياسية الرصينة، لأن هناك معارضة تهدم الدول، ومعارضة أخرى، هي جزء من الدولة ومكملة لها، والمنظومة في الدولة تحتاج دائما إلى رأي مختلف.

 

وأضاف «عمر» في مداخلة هاتفية مع برنامج «الحياة اليوم»، المذاع على قناة الحياة الفضائية، ويقدمه الإعلامي محمد مصطفى شردي، أن الولايات المتحدة الأمريكية يوجد بها الديمقراطيون والجمهوريون، وكلاهما جزء من النظام، ويكملان بعضهما البعض.

 

وشدد أن هناك دائما معارضة بناءة وأخرى هدامة، وبالنسبة للحقوق فإنها عندما تتعارض مع أمن الدولة لا أحد يطبقها، و«في بريطانيا اللي بيخرج من بيته في الحظر المفروض على الدولة بسبب فيروس كورونا بيتعمله محضر».

 

وتابع عضو مجلس الشيوخ، أنه في مصر يوجد انتقادات كثيرة ولكن دون دراسة لوضعها الحقيقي، ومصر واجهت تحديات في الإرهاب يفوق ما تواجهه الدول الأوروبية مجتمعة، ولذلك فإن هناك بعض الأمور لحسم هذه المسألة، والدولة المصرية كانت رشيدة ورصينة، وبعد فرض السيطرة الأمنية، واستعادة الاقتصاد، تفتح المجال السياسي ورفاهية المعارضة، وأن تقول الناس رأيها ولكن المهم أن تكون معارضة رشيدة ورصينة وأن تقدم بدائل جيدة، ترفع من مستوى الدولة والمواطن.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان