الزيادة السكانية أصبحت محط حديث وسائل الإعلام هذه الأيام، بعد حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مخاطرها وما تسببه من تعطل للتنمية وتعوق توفير الصحة والتعليم بالصورة المطلوبة، ولكن ما هي خطة الدولة للحد من الزيادة السكانية؟.
الحكومة أعدت خطة للمشروع القومي لتنظيم الأسرة 2021-2023، لضبط النمو السكاني، عن طريق خفض معدلات الإنجاب، تعتمد على 5 محاور، تتمثل في تحقيق التمكين الاقتصادي، والتدخل الخدمي، والتدخل الثقافي والإعلامي والتعليمي، والتحول الرقمي، والتدخل التشريعي.
أرقام في الزيادة السكانية
ووفق إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الأخيرة، أصبح عدد السكان فى مصر 101 مليون نسمة، بمعدل زيادة 177 فردا كل ساعة أى 3 أفراد كل دقيقة.
وأشارت الإحصائيات أنَّ مصر كانت تستقبل مولودًا كل 20 ثانية بعام 1980، والآن تستقبل مولودا كل 13.5 ثانية، موضحة أنَّ عدد السكان تضاعف عام 2020 بنسبة 400% لتبلغ الزيادة كل شهر 127660، والزيادة اليومية 4255، وقد يتضاعف حجم السكان خلال 50 عامًا، بواقع 200 مليون نسمة.
وبحسب البيانات والإحصائيات الرسمية، شهدت الفترة من 1900 إلى 1950 ارتفاع نمو السكان من 9 ملايين إلى 19 مليون نسمة، ووصل في 2020 إلى 100 مليون نسمة.
هذه الزيادة السكانية التى شهدتها البلاد ما بين عامى 2000 و2020، دفعت الحكومة لرفع حجم الدعم الموجه للمواطنين من 15 مليار جنيه عام 2000 إلى 326 مليارا في العام الحالى لتغطية الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
كما أصبح نصيب الفرد من الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بصفة عامة يبلغ 3230 جنيهاً حالياً، بعد أن كان 227 جنيهاً فقط عام 2000، كما ارتفع متوسط نصيب الفرد من الإنفاق العام من 1700 جنيه في عام 2000 ليصبح 22 ألفاً و700 جنيه.
السيسي:"مشكلة كبيرة"
الزيادة السكانية لم تكن وليدة اللحظة، فهي مشكلة قائمة عبر عقود ولكن أعادها مجددا للساحة بقوة، تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي لفت فيها إلى مدى خطورة هذه الزيادة على تعطل عجلة التنمية وعدم توفير الصحة والتعليم بالصورة المطلوبة.
وقال السيسي، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب مقدم برنامج الحكاية، عبر فضائية إم بي سي مصر :"انتوا يا ترى منتبهين لكلامى عن النمو السكانى ليكم ولا لاء؟.. إحنا مع بعض نواجه مشكلة كبيرة.. لا أنا لوحدى.. ولا انتو لوحدكم.. احنا مع بعض نستطيع".
وأشار الرئيس إلى أن قضية الزيادة السكانية منذ أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واستمرت فى عهد الرئيسين الراحلين أنور السادات ومحمد حسنى مبارك.
خطة الحكومة
وسبق أن أعدت الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، خطة لضبط النمو السكاني، تستهدف ضبط النمو السكاني عن طريق خفض معدلات الإنجاب، والتي ستنفذها كلّ من وزارات: التخطيط والتنمية الاقتصادية، والصحة والسكان، والتضامن الاجتماعي، والتعاون الدولي، والدولة للإعلام، إلى جانب المجلس القومي للسكان، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمركز الديموجرافي بالقاهرة.
وتعتمد الخطة على 5 محاور، تتمثل في تحقيق التمكين الاقتصادي، والتدخل الخدمي، والتدخل الثقافي والإعلامي والتعليمي، والتحول الرقمي، والتدخل التشريعي.
وبحسب تصريح سابق لمصطفى مدبولي، فإنَّ الدولة عازمة على المُضي قدمًا بخُطى حثيثة؛ للتعامل مع كافة مُعطيات القضية السكانية، ولا سيما تداعياتها السلبية على معدلات التنمية، مشددًا على أنَّ الحكومة مستعدة للتعامل من خلال الخطة القومية لضبط النمو والزيادة السكانية المضطردة، كما أن لديها إرادة قوية، لتوفير التمويل المطلوب لتنفيذ هذه الخطة.
3 سيناريوهات
ويوجد أمام حكومة المهندس مصطفى مدبولي، 3 سيناريوهات للنمو السكانى للسنوات العشر المقبلة، الأول: حال استمرار معدل النمو السكانى، الخاص بعام 2017/2018 وهو نحو 2.5 مليون نسمة في العام، سيصل عدد السكان عام 2030 إلى 125 مليون نسمة.
السيناريو الثاني: إذ وصل معدل النمو إلى 1.8 مليون نسمة وبهذا المعدل نصل إلى 118 مليون نسمة عام 2030، أما السيناريو الثالث، فيعتمد على معدل نمو 800 ألف نسمة سنوياً، يجعل عدد السكان في عام 2030 نحو 108 ملايين نسمة، وإذا تحقق سيوفر على الدولة نحو 670 مليار جنيه.
شملت الخطة تكليف وزارة الصحة بتجهيز جميع وسائل تنظيم الأسرة للسيدات وجعلها متوافرة بصورة مستدامة بالمجان، وإعداد برنامج لتشغيل السيدات بالمحافظات المستهدفة التي ترتفع فيها معدلات الزيادة السكانية، بحيث يكون العمل محفزا قويا لهن على تنظيم الأسرة.
تتضمن الخطة تضمين المناهج التعليمية، منذ الصغر، رسائل توعوية مختلفة عن أهمية تنظيم الأسرة، والبدء في هذا التكليف على الفور، وفيما يتعلق بالشق التشريعي للخطة القومية لضبط النمو السكانيّ، وجه رئيس الحكومة بالإسراع في إعداد التشريعات المطلوبة للخطة.
ومن المخطط إطلاق حملة توعوية لتنظيم الأسرة؛ لرفع الوعي بخطورة الزيادة السكانية وأثرها السلبي على الأسرة، إلى جانب معالجة بعض دوافع كثرة الإنجاب، مع السعي لرفع الوعي بخطورة الزيادة السكانية على اقتصاد الدولة، والتركيز على عدم صحة الربط بين زيادة الرزق وكثرة الإنجاب، مع التحذير من استخدام الأطفال في العمل مبكرًا، وتجريم ذلك.
دعم طفلين
وفي إطار مواجهة الزيادة السكانية كانت الحكومة قد أعلنت في نوفمبر 2018 سعيها لتطبيق سياسة ترشيد الموارد والتي تتمثل في دعم طفلين فقط أو ما يُعرف بمشروع "2 كفاية"، على أن تتحمل الأسرة الطفل الثالث وما بعده كاملا، وذلك لتطبيق سياسة ترشيد الموارد ونشر الممارسات الاجتماعية الصحيحة.
وبحسب تصريحات سابقة لوزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة نيفين القباج، فإن الزيادة السكانية تؤثر على الدولة والتعليم والصحة والتنمية، لذا فإن الطفل الثالث أو فيما بعد سيتم منع الدعم عنه لتتحمل الأسرة أمره بالكامل، وذلك بما يتماشى مع خطة الاستراتيجية السكانية التي سيعلن عنها رئيس الوزراء الشهر المقبل.
ووفق هذه الرؤية فإن الأسر الجديدة التي ستلتحق بمنظومة التموين يشترط ألا يزيد عدد الأبناء فيها عن اثنين، لكى يستفيدوا من الدعم النقدى أو الغذائى على بطاقة التموين، موضحة أن ما يزيد عن طفلين ستتحمله الأسرة.
مكافآت للأسر الملتزمة
وفي محاولة لتشجيع الأسر على الاقتصار على طفلين فقط، أعلنت الحكومة متمثلة في وزارة التضامن الاجتماعي أن الأسر التي ستلتزم بطفلين فقط سيتم مكافآتها بعدد كبير من المزايا، وسيتم إضافة نقاط إيجابية في وزارة التموين ووزارة التعليم، مؤكدة على عدم معاقبة الأسر ذات العدد الكبير.
وبحسب تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي، فإن الأسرة التى ستلتزم بإنجاب طفلين فقط، ستحصل على مزايا إيجابية سواء فى المدارس أو عبر بطاقات التموين من دعم كتحفيز لها.
وأضافت أنه سيتم تمكين السيدات اقتصاديا، من خلال توفير مشاريع اقتصادية متناهية الصغر، لأن عمل المرأة يوسع مداركها ويجعلها تنجب أقل.
ووفقا لوزيرة التضامن، فإنه قد تم توفير 12 ألف رائد لتوعية الأسر بالمفاهيم الصحيحة بالاشتراك مع رجال الدين المسيحي والإسلامي، بجانب نشر التوعية الإعلامية وتوفير وسائل تنظيم الأسرة مجانية من خلال وزارة الصحة والسكان بالتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني.
خدمات بالمجان
وفي سياق الحديث عن خطة الحكومة لضبط الزيادة السكانية، قدمت وزارة الصحة خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية لـ مليون و183 ألف و477 سيدة بالمجان، خلال النصف الثاني من العام الماضي 2020، وفقا لما أعلنته وزارة الصحة.
وتأتي هذه الخدمات من خلال المراكز الطبية ووحدات الرعاية الأساسية، بالإضافة إلى الحملات التوعوية وقوافل الصحة الإنجابية بجميع محافظات الجمهورية، وكذلك تغطية المناطق النائية والأولى بالرعاية لضمان وصول الخدمات إلى جميع المنتفعات.
وبحسب تصريحات الدكتور خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة، فإن إجمالى أعداد زيارات المنتفعات للحصول على خدمات تنظيم الأسرة بالوحدات الثابتة والعيادات المتنقلة بلغ أكثر من 21 مليون زيارة.
امتدت خدمات وزارة الصحة لمواجهة الزيادة السكانية، إلى تنفيذ 16 مليون زيارة منزلية بمعرفة الرائدات الريفيات، وتنفيذ 30 ألف و503 لقاءات جماهيرى وندوات إعلامية بالوحدات الصحية وأماكن التجمعات مثل مراكز الشباب والمصالح الحكومية والنوادي، من خلال مسئولي الإعلام بالمحافظات للتوعية بأهمية الحفاظ على الصحة الإنجابية خلال جائحة فيروس كورونا.
طرق الأبواب
وواحدة من مساعي الحكومة لمواجهة الزيادة السكانية، حملة "طرق الأبواب" التي تنفذها وزارة التضامن الاجتماعي من خلال المثقفات المجتمعيات ضمن مشروع "2 كفاية".
ويضم مشروع "طرق الأبواب" نحو 1100 مثقفة مجتمعية، نفذن أكثر من 5 ملايين زيارة طرق إلى مليون سيدة وأسرهم على مستوى 10 محافظات خلال الفترة الماضية، وفقا لتصريحات راندا فارس، مدير مشروع "مودة" بوزارة التضامن الاجتماعي.
تلك الزيارات تقول عنها مدير مشروع مودة بوزارة التضامن، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج صباح الورد عبر قناة "تن"، إن لها مردود قوي، إذ تم تحويل 700 ألف سيدة إلى عيادات تنظيم الأسرة أو العيادات التابعة لـ"2 كفاية"، والتي تم تطويرها خلال الفترة الماضية.
ويعتمد مشروع طرق الأبواب على المثقفات المجتمعيات من أهالي القرى، بحيث يتحدثن نفس اللغة الخاصة بهم ليكون التواصل بشكل أفضل، إلى جانب أنه تم تدريبهن بشكل مكثف على مدار 3 أيام بشأن ما يتعلق بالمحتوى الذي يتحدثن عنه.
خطورة الزيادة السكانية
وعن مدى خطورة الزيادة السكانية يقول الدكتور عمرو حسن، المقررالسابق للمجلس القومى للسكان،إن أكثر خطرين يواجهان مصر في تاريخها، هما الإرهاب والزيادة السكانية، لافتا إلى أنها المشكلة قديمة حتى إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة يرجع إلى عام 1965.
وحذرت الدكتورة ديزيريه لبيب، مدير مشروع حملة "2 كفاية" بوزارة التضامن الاجتماعي، من المشكلة السكانية في مصر تلتهم جميع ثمار التنمية، حيث يجب أن يكون معدل النمو الاقتصادي ثلاث أضعاف النمو السكاني.
وأضافت "ديزيريه" خلال لقائها عبر زووم ببرنامج "صباح الخير يا مصر" المذاع عبر فضائية "الأولى"، أن الزيادة السكانية تخلق عدم الشعور بما يتم في مصر من إيجابيات، ومنها رفع الدخل القومي وزيادة الاحتياطي الأجنبي.