لاقى قرار الفضائيات وقف عرض الدراما التركية على شاشاتها، تأييدا من البعض ورفض البعض الآخر.
واعتبر بعض الفنانين والنقاد القرار بداية جديدة للدراما المصرية تعطي لها فرصة جيدة للسيطرة على شاشات الفضائيات، ما يكثف من الإنتاج الدرامي المصري، فيما رآه آخرون قرارا عشوائيا في ظل انتشار الفضائيات والإنترنت، ونفاقا للسلطة الجديدة.
وكانت مناهضة تركيا للانقلاب العسكري في مصر قد أثر على التعاون الفني بين البلدين، حيث قررت بعض القنوات الفضائيات الداعمة للانقلاب وقف أي عمل تركي يعرض عليها وعدم عرض أي أعمال جديدة حتى وإن كان تم التعاقد عليها والإعلان عنها، وحتى وإن عرضهم ذلك لخسائر مادية.
عمل وطني
من جانبها، أيدت جبهة الإبداع المصرية ونقابة السينمائيين القرار الذي اتخذته قنوات مثل النهار والحياة وcbc وقنوات التليفزيون المصري.
كما أيد القرار أيضا بعض النقاد الذين كانوا يتخذون موقفا مناهضا للدراما التركية، حيث يرون أنها أثرت بالسلب على الدراما المصرية وعلى المشاهد المصري الذي يتعرض لها بصفة مستمرة طوال العام، فيما عدا شهر رمضان، ويتأثر بما فيها من تقاليد وعادات مخالفة للتقاليد المصرية.
كما لاقى القرار تأييد بعض الإعلاميين مثل حمدي قنديل، الذي أشاد به ووجه تحية لجميع القنوات التي قامت بتنفيذه، معتبرا أن ما فعله أصحاب هذه القنوات سيقدره الشعب المصري وستقدره الحكومة أيضا لأنه يؤكد على الرسالة التي أرادت الحكومة توصيلها للرئيس التركي وهي: "عدم التدخل في الشئون الداخلية لمصر" - على حد قوله.
في مصلحة مصر
ولم يكن التأييد فقط من جانب الإعلاميين بل إن أغلب الفنانين المصريين أشادوا بالقرار أيضا واعتبروه فرصة لهم ليعودوا من جديد لصنع دراما تعرض على مدار العام، وعدم الاقتصار على شهر رمضان فقط لتعويض المشاهد عن الدراما التركية التي يتابعونها دائما.
من هؤلاء الفنانين الفنانة "شيرين"، حيث أكدت أن القرار في مصلحة مصر بوجه عام ومصلحة الدراما المصرية على وجه خاص.
وأضافت "شيرين" لـ"مصر العربية": "ما تعيشه مصر الآن من أحداث سياسية هو أكبر عمل درامي، وبالرغم من أن الشعب حاليا منشغل بالسياسة ولا يوجد وقت لديه لمتابعة دراما تركية أو مصرية، إلا إنني أؤيد هذا القرار وأعتبره أفضل للدراما المصرية وهو نتاج طبيعي لتوتر العلاقات السياسية بين مصر وتركيا".
قرار عشوائي
في المقابل، أثار القرار رفض بعض النقاد والفنانين، ومنهم الناقد طارق الشناوي الذي أكد أنه قرار عشوائي تم اتخاذه في لحظة غضب لنفاق السلطة الجديدة.
وأوضح أن هذا القرار ليس بالقرار القوي، خاصة في ظل تعدد الفضائيات أمام الجمهور الذي يعتبر هو المتحكم الوحيد في اختيار ما يشاهده، مما يجعل العصمة ليست في يد أصحاب هذه القنوات.
وأضاف: "كان من الأجدر أن تأتي هذه المقاطعة من الجمهور وأن يدعو هو لها، ولكن هذا القرار سينتهي سريعا لأن الجمهور سيتابع هذه الأعمال وسيبحث عنها في قنوات أخرى وعلى مواقع الإنترنت لاعتياده على مشاهدتها فترة طويلة، ولأن لها جاذبية خاصة، إضافة إلى أن هناك قاعدة هامة جدا لابد من وضعها بالحسبان وهي أن الممنوع مرغوب".
وأشار الشناوي إلى أن ما يحدث الآن ليس فقط بسبب توتر العلاقات السياسية ولكن لأسباب أخرى، مشيرا إلى أن اتحاد كتاب العرب أصدر بيانا لمقاطعة الدراما التركية وقدم طلبا للإذاعة والتليفزيون في مصر بعدم عرض هذه الأعمال، عندما كانت العلاقات بين مصر وتركيا قوية وجيدة، وذلك بسبب خوف الكتاب والمنتجين من سيطرة الأعمال التركية على الساحة الفنية، مما يعرضهم لخسائر كبيرة.
منع الأفلام الأمريكية
وعن إمكانية أن يكون هذا القرار في مصلحة الدراما المصرية وعودة المشاهد المصري لها من جديد، أكد الشناوي أنه "لكي تثبت الدراما المصرية أنها قوية لابد وأن يكون هناك منافس قوي أمامها ليكون دافعا لإنتاج وصنع أعمال جيدة تجذب المشاهد وتبعده عن هذه الأعمال التركية، فعندما يتم تقديم عمل جيد مثل مسلسل "نيران صديقة" و"فرعون" وغيرها، فلابد أن نتأكد أن المشاهد سيترك العمل التركي ويذهب لمشاهدة هذه الأعمال خاصة وأنها تكون قريبة لواقعه وتقدم له مضمونا جيدا".
وأكد الشناوي على ضرورة فصل الفن عن العلاقات السياسية، مضيفا: "إن كان هذا القرار صحيحا فلماذا لم يتم منع الأفلام الأمريكية؟ خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي "أوباما" المناهضة أيضا للحكومة المصرية؟"، مؤكدا أنه لن يستطيع أحد منع هذه الأفلام والتي تحتل مكانا بارزا في دور العرض المصرية وعلى القنوات المصرية أيضا.
وأشار إلى أن هذا القرار مشابه بدرجة كبيرة لقرار اتخذه جمال عبد الناصر عام 67 بمنع الأفلام الأمريكية، وذلك قبل أن تعرف مصر صناعة الفيديو، وهو ما لم يستمر سوى عدة أسابيع وتم إلغاؤه، وعادت الأفلام الأمريكية من جديد، "فما بالنا الآن في ظل تطور التقنيات وتعدد القنوات فهذا القرار لن ينجح ولن يستمر".