الفن بأنواعه له أدوار عديدة تارة يتنبأ، و أخرى يرصد الأحداث ويتحدث عن المسكوت عنه بلغة إبداعية.. من قلب ميدان التحرير تفجرت الأقلام.. وأصبحت الكلمات "تزف شعبا في الصمـود تفانـى".
وفي الذكرى السابعة للثورة 25 يناير، نستدعي للذاكرة أشهر القصائد التي كتبت من شعراء العامية والفصحى.
قصائد تنبأت بالثورة
كانت القصيدة "كأنك مفيش" التي كتبها أحمد فؤاد نجم قبل الثورة بفترة وجيزة، تعد ثورةً على الرئيس الأسبق حسني مبارك بشكل مباشر ومطالبة بإنهاء حقبة من الظلم والفساد:
يا فرحة قلوبنا رئيسنا ظريف .. فُكهي .. ابن نكتة ودمه خفيف
فـي عهدك سيادتك فَرَشنا الرصيف، وآخر مُنانا الغُموس والرغيف
وكل أمَّا تُخنُق ندوَّر .. مفيش !!
مسيِّب علينا عصابة حبايبك
فضايح وسرقة ونهب بسبايبك
ما بين حزب نجلك وهانم جلالتك
وجيش الغوازي اللَّي داير يجاملك
ونملك وقملك وحرسك وأمنك
شبعنا مهانه .. شبعنا لطيش!
بحق اللي بينّا يا ريِّس وبـينك... وحَق اليَمِين والكتاب في يمينك
بحق الشهيد اللي رافع جبينك
وجيش انتصارك في يوم العبور... وجيل حُر طالع وعدته بدور
لملم عيالك .. وجمَّع فِ مالك واسحب "جمالك" وسيبنا وغور
كانت قصيدة "الواد كبر" التي كتبها جمال بخيت قبل الثورة بمثابة تنبأ لمسلسل التوريث لجمال مبارك.
الواد كبر..ابنى العظيم ابنى الجميل
ابنى اللى قادر ينتصر على المستحيل
الدنيا قاعدة ف مجلسه.. وله مهابه يحسها كل البشر
اللى ف حضوره اتعطروا.. واللى ف هواه اتنفسوا
كل الكبار.. ولاّ الصغار.. لو قربوله.. بيهمسوا..كلماته شعر
مفتى.. وعالم عبقرى ..كوم التراب يصبح دهب..
لو لمسة واحدة يلمسه
الواد كبر ..تجيبوله جيش.. هايطوره
وعن قصيدة دين أبوهم اسمه إيه، يقول جمال بخيت لقد بدأت التفكير فى هذه القصيدة ومجموعة أخرى من القصائد من عام 2008 ، التى شكلت ديوان "دين أبوهم" فيما بعد وهذه القصائد كانت ترصد الواقع والانحدار المؤسف الذى كانت مصر قد وصلت إليه في عصر مبارك.
أي دين اللي أنا بأه ما اعرفوش الوحوش .. الكروش اللي لو طالوا رقابينا بينهشوا مابيرحموش دين أبوهم اسمه إيه ؟! اللي داسوا فوق رءوسنا بالبيادة اللي مشيوا بالبلاد .. للبلادة اللي فتاويهم فساد للعقل يقضي علي العبادة اللي مسحوا من الآيات معني الشهادة لوثوا الدم ف عروقنا
قصائد الثورة
الأبنودي من أهم الشعراء الذين ساندوا ثورة 25 يناير، وكتب عدة قصائد من قلب أحداث ميدان التحرير.
فأطلق قصيدة بعنوان "الميدان"، حيث شن فيها هجوما كاسحا على نظام الرئيس حسني مبارك، وأشاد بمتظاهري ميدان التحرير.
أيادى مصرية سمرا ليها فى التمييز.. ممددة وسط الزئير بتكسر البراويز
سطوع لصوت الجموع شوف مصر تحت الشمس.. آن الآوان ترحلى يا دولة العواجيز
عواجيز شداد مسعورين أكلوا بلدنا أكل.. ويشبهوا بعضهم نهم وخسة وشكل
طلع الشباب البديع قلبوا خريفها ربيع.. وحققوا المعجزة صحوا القتيل من القتل
اقتلنى قتلى ما هيعيد دولتك تاني.. بكتب بدمى حياة تانية لأوطانى
دمى ده ولا الربيع الاتنين بلون أخضر.. وببتسم من سعادتى ولا أحزاني
تحاولوا ما تحاولوا ما تشوفوا وطن غيره.. سلبتوا دم الوطن وبشيمته من خيره
أحلامنا بكرانا أصغر ضحكة على شفة.. شفتوتش الصياد يا خلق بيقتلوا طيروا
السوس بينخر وسارح تحت أشرافك.. فرحان بيهم كنت وشايلهم على كتافك
الثورة لو جد متبانش فى كلام أو قول
وأهدى اﻷبنودي قصيدة "ضحكة المساجين" للمناضل علاء عبد الفتاح بعد سجنه أثناء أحداث ثورة 25 يناير، ليدعمه، وشنّ الخال عبر سطورها هجوما على العسكر الذين يحاكمون شباب مصر.
تغازل العصافير قُضبانها
زنزانة لاجلَك كارهة سجّانها
دُوق زيّنا حلاوة الزنازين
على بُرشَها بتمِدّ أطرافك
سجّانك المحتار فى أوصافك
مهما اجتهدْ ماحيعرف انت مين
وبعد مرور 4 أشهر من الثورة خرج الأبنودي ليعلن أن "النظام مسقطش" في قصيدته التي حملت نفس العنوان:
"يا شعبى ياللى انت طالع م الضلام للنور،اصحى لكل اللى متحنجل وراك بيدور،دى ثورتك جايه لجلن تجبر المكسور،حقق فى كل الكلام اللى بيتقالك،ما هى الحقيقة وشوش إتعب لها تبان لك،وابعد عن اللى باعوك من قبل أحسن لك،تحت الوشوش فيه وشوش أصحابها ناويين لك،عاوز الحياة تبتسم بتقوللى إنصحنى،أجمل نصيحة أقدمها اسمها الدستور".
كان الشاعر الراحل سيد حجاب من المثقفين الذين احتفوا بالثورة باكراً، وقد دافع عنها وكتب لها وشارك فيها، كما شارك في الدستور المصري الذي تمت كتابته عام 2014، حيث كان واحداً من لجنة الخمسين وكان معنياً بكتابة ديباجته، ومن ومن اشهر قصائده آن الأوان بقى نبقى أحرار.
آن الأوان بقى نبقى أحرار بجدّ
وناس ولاد ناس بجدّ
وأولاد بلد جمالها مالهش حدّ
وجميلها على كل حدّ وولاد حلال لأغلى والد وجَدّ
خلاص بقى.. خلصنا م اللي استبدّ
ونظرنا بقى أقوى وأشد وأحَدّ
شفنا بعين الحلم والعلم الزمان اللي جَدّ
وآن الأوان بقى نبقى أحرار بجدّ
كُتبت رأسي من ميدان التحرير" بالتزامن مع أحداث الثورة المصرية ومشاركة الشاعر هشام الجخ في برنامج"أمير الشعراء".
خبِّـئْ قصائدَكَ القديمةَ كلَّها واكتبْ لمصرَ اليومَ شِعراً مِثلها
لا صمتَ بعدَ اليومِ يفرِضُ خوفهُ فاكتبْ سلامًا نيلَ مصرَ وأهلَهَا
عيناكِ أجملُ طفلتينِ تقرّرانِ بأنَّ هذا الخوفَ ماضٍ وانتهَى
ويداكِ فدانانِ عشقٍ طارحٍ ما زال وجهُكِ في سَماهُ مُؤَلَّهَا
كانتْ تداعبُنـا الشـوارعُ بالبرودةِ والصَّقيعِ ولم نفسَّرْ وقتَـهَا
كنّا ندفِّـئُ بعضَنا في بعضِنا ونراكِ تبتسـمين ننسى بَرْدَهَـا
وإذا غضِبنَا كشَّفتْ عن وجهِـها وحياؤُنا يأبى يدنِّـسُ وجهَـهَا
لا تتركيهِمْ يُخبروكِ بأنني متمردٌ خانَ الأمانةَ أو سَهَا
إنّي أعيذُكِ أن تكوني كالتي نقَضَتْ على عَجَلٍ وجهلٍ غَزْلَهَا
لا تتْبعي زمنَ الرُّوَيْبضـةِ الذي فقدتْ على يدِهِ الحقائقُ شكلَهَا
لا تتركيهِم يخبروكِ بأنني أصبــحتُ شيئاً تافهاً ومُوَجَّها
فأنا ابنُ بطنِكِ وابنُ بطنِكِ مَنْ أَرادَ ومَنْ أقالَ ومَن أقرَّ ومن نَهَى
صمتَتْ فلولُ الخائفينَ بِجُبْنِهِم وجُمُوعُ مَنْ عَشِقُوكِ قالتْ قَوْلَهَا
وأما الشاعر مصطفى إبراهيم فقد أشهر قصيدته فلان الفلاني ، وتشير القصيدة إلى لسان حال الشهيد "كاريكا"، في أحداث مجلس الوزراء.
فلان الفلاني اللي كان يومها جنبي
ساعة لما بدأوا في ضرب الرصاص
فلان الفلاني اللي معرفش اسمه
ف دايما بقول يابن عمي وخلاص
فلان اللي سابلي بقيت سندوتشه
ليلة لما شافني بغنّي و جعان
فلان اللي مش فاكرَه غير شكل وشه
فلان اللي عداكي جوه الميدان
فلان اللي فتشني بالإبتسامه
فلان اللي قال هو فعلا حيمشي ؟
فلان اللي قاللي طريق السلامة
ساعة لما قولنا زهقنا وحنمشي
فلان اللي مرضيش ياخد مني أجره
ساعة لما قلت إني رايح مظاهره
فلان اللي قاللي حيتنحى بكره
تجد فيه مصطفي الثائر في الصفوف الأولى منذ اندلاع الثورة يكتبها بوازع إنسانيته ومصريته، ومن أعماله أيضا "دعاء الدبابة"، إحدى قصائده، التي تتحدث عن ثورة 25 يناير، ويقول مطلعها:"كان الزمان أيامها شبورة.. والدنيا كانت أشبه بالغابة.. وكان التعلب لسة بيلبس الكاكي، وكان القاضي لسة بالأجرة". وأكد إبراهيم أن حالة الثوار ضبابية للغاية خاصة وأن مطالب الثورة لم تتحقق على الإطلاق، وأصبح هناك قيود على كافة الحريات الشخصية. وأشار إلى أن الشارع بأكمله متفق مع مطالب الثوار، ولكن اعتراضاتهم على الحاكم اعتراضات من داخل المنزل فقط.
أما الشاعر فاروق جويدة فقدم قصيدة لشهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير بالعربية الفصحى بعنوان عتاب من الشهداء.
هانت علي الاهل الكرام دمانــا..وتفرقت بين الرفاق خـطــانــــــــــا
عدنا إلي الميدان نسأل حلمنــــا..بكت الربوع وحزنـهــا أبكــانــــــــا
أين القلوب تضيء في أرجائــه..وتزف شعبا في الصمــود تفانـي ؟!
أين الرفاق وأين صيحات بدت..للكون بعثـا عاصفــــا أحيانـــــا ؟!
هل تذكرون شبابنــــــــــا وصبانـــــا
والأرض تحضن بالدموع دمانــــا ؟!..ونطوف في صخب الشوارع لا نري
غير الرصاص علي المدي يلقانـــا..وقذائف القناص تطفئ أعينـــــــــــا
فـيتيه بين جنــــوده نشـــــــــوانـــــا..لم يرحم العين السجينة في الأســـي
رسم النهاية خســـة وهوانـــــــــا..يلقي علينا النار وهي خجولــــــــة
وألف الشاعر الكبير فاروق جويدة قصيدة باسم "ارحل" وذلك بمناسبة ثورة 25 يناير 2011.
إرحل وحزبك في يديك
ارحل فمصر بشعبها وربوعها تدعو عليك
إرحل فإني ما أرى في الوطن فرداً واحداً يهفو إليك
لا تنتظر طفلا يتيماً بابتسامته البريئة أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر أماً تطاردها هموم الدهر تطلب ساعديك
لا تنتظر صفحا جميلاً فالخراب مع الفساد يرفرفان بمقدميك
كتب فاروق شوشة عن أبطال ثورة 25 يناير، فيقول أنه لم يستطع أن يذهب للميدان ويشاركهم جسديا هذه اللحظات فكان لابد أن يكتب كلمه تحية لهؤلاء، فأهداهم قصيدة" باسم الشهداء".
باسم الشهداء..باسم شباب الوطن الشرفاء..أنبل من أنبتهم هذا الوطن الغالي..من أبناء..باسم جموع صدت غول الموت..وداست طاغوت الظلماء..باسم شباب رفعوا الراية فامتدت..طالت..كل الأعناق..وضجت كل الأصوات...هاتفة هاتفة قد صار لهذا الوطن سماء..باسم ربيع هلا ويوم حلا وجلا.