كيف تساعد أطفالك في التغلب على قلق المدرسة أثناء كورونا؟

يواجه الأطفال هذا العام تحديات غير عادية

يواجه الأطفال الذين يعودون إلى المدرسة هذا العام تحديات غير عادية، من بينها قلق الانفصال عن عائلاتهم بعد شهور من البقاء في الملاذ الآمن (المنزل) بسبب فيروس كورونا.

 

عندما يخرج الأطفال إلى المدرسة، غالبًا ما يتم تذكيرهم بعدم الاقتراب كثيرًا من الآخرين، والاحتفاظ بكمامات الوجه، واستخدام المطهرات، وغسل الأيدي جيدا، ما يجعل الأطفال يتساءلون بين أنفسهم؛ هل الهواء آمن؟ وهل نحن آمنون في المدرسة؟ وماذا عن الآخرين؟ ومتى نأمن لمس الأشياء؟

 

هذه مخاوف واقعية لا تنحصر في عقول الأطفال فقط، بل يتشاركها الكثير من البالغين وأولياء الأمور، الذين يعلمون جيدا أن فيروس كورونا خطر حقيقي لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه.

 

تقول راشيل بوسمان، الاختصاصية في اضطرابات القلق: "أعتقد أن الكثير من الآباء قد لاحظوا بعض التشبث لدى الأطفال الأصغر سنًا، أو حتى الأطفال في سن التاسعة أو العاشرة، وربما يقولون أشياء مثل: "لا أريد العودة إلى المدرسة"، أو "لا أريد أن أبتعد عنك".

 

وترى راشيل عبر موقع" childmind" أن الأطفال خرجوا من روتين الذهاب إلى المدرسة لفترة طويلة، وأن الأمر قد يستغرق وقتا أطول للتكيف، خاصة مع فكرة الجداول والمواعيد المزدحمة.

 

وتلاحظ الدكتورة جينيفر لوي، الأخصائية النفسية في معهد "تشايلد مايند" أن الأطفال أصبحوا معتادين حقًا على البقاء في المنزل مع الآباء، حتى الأطفال الذين تأقلموا بشكل مريح مع دخول المدرسة قبل الوباء يجدون الآن صعوبة في الانفصال عن المنزل والأسرة.

 

 

وتقول جينيفر إن عودة الأطفال إلى المدرسة بعد قضاء أشهر طويلة في المنزل سوف تفوق القلق المحتمل، وأن الأطفال الذين يعانون بالفعل من القلق هم أكثر عرضة لأن يكونوا أكثر قلقًا عند العودة لصفوف المدرسة.

 

وتوضح الطبيبة النفسية أن الآباء يقع على عاتقهم مهمة معقدة، وهي كيفية التعامل مع كل هذا القلق، وطمأنة الأطفال بأنه من الآمن الابتعاد عنهم، وتشجيعهم أيضًا على توخي الحذر، بالاستعانة ببعض المؤشرات، وهي:

 

تحقق من مشاعرهم

 

من المهم أن يظل الآباء هادئين وإيجابيين، فإذا أخبرك طفلك بأنه قلق أو لديه مشاعر سلبية، فعليك التحقق من صحة ذلك والسماح له ببعض المساحة للتعبير عن مشاعره، ومساعدته على التفكير في شيء يمكنه فعله حيال ذلك، وليس تقديم الطعام الكثير.

 

وتضيف الدكتورة راشيل: "إذا كان طفلك يعاني قليلاً، أو يقول إنه يشتاق إليك"، فيمكنك تبادل الحديث معه وردد على مسامعه عبارات مثل: "أنا أفتقدك أيضًا"، و"أنا فخور جدًا بك لأنك ذهبت إلى المدرسة. "

 

وعلى الآباء تولي المسؤولية حول فكرة العودة إلى المدرسة بصورة جدية، فإذا كانت معدلات القلق لديك مرتفعة، فإنك ستؤجج القلق لدى طفلك، لذلك عليك الإجابة على الأسئلة والتصرف بهدوء حتى عندما لا تكون كذلك.

 

حاول ألا تسأل طفلك أسئلة إرشادية مثل؛ هل أنت متوتر بشأن الذهاب إلى المدرسة غدًا؟ لأنها تنبه الطفل وتشير بأن هناك شيئًا يدعو للقلق حقًا. أما إذا كان لدى الأطفال أسئلة لا يمكنك الإجابة عليها، فيمكنك أن تقول "هذا سؤال جيد حقًا، سأتأكد من إجابته".

يقدر الأطفال معرفة ما تفعله لإدارة الموقف وأيضًا ما يمكنهم فعله، لذا فإن العمل معًا لطرح الأسئلة والإجابة عليها يمكن أن يساعد في الحفاظ على هدوء الأطفال.

 

ساعدهم على التفكير بإيجابية

 

بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا القلقين بشأن الانفصال عن الآباء والمنزل، فمن المفيد معرفة ما تفعله أثناء وجودهم بعيدًا عنك، وساعدهم في تخيل مكانك، مثل الأماكن المعتادة كمحل البقالة مثلا، والمشتريات التي ستحصل عليها.

 

هناك طريقة أخرى لمساعدة الأطفال على التركيز على الأشياء الإيجابية، وهي تشجيعهم على التحدث عن الأشياء الجيدة في المدرسة؛ كالأشياء التي يتطلعون إليها؟ وبماذا استمتعوا في اليوم السابق؟

 

يمكن الاستعانة بالأشياء الانتقالية، وهذه الفكرة مفيدة للأطفال الصغار ليشعروا بالارتباط بالمنزل. ويمكن أن يكون الشيء الانتقالي أي شيء يساعد طفلك على الشعور بالاتصال بك عندما تكونين منفصلين، مثل زر أو منديل، أو قطعة صغيرة من المنزل تساعدهم على الشعور بالتحسن.

 

الروتين

 

تأكد من أن طفلك لديه روتين يمكن التنبؤ به قبل الذهاب إلى المدرسة، ما يساعد الأطفال وخاصة الصغار منهم على الشعور بمزيد من الأمان.

 

الروتين قد يكون سلوك نفعله دائما، على سبيل المثال، عند توصيل الطفل إلى المدرسة يمنحه الأب دائمًا أحضانا وقبلات قبل أن يقول وداعًا، ثم يلوح من أمام الباب.

 

وإذا كان روتينك وممارستك للانفصال لا يمنعان الطفل من التشبث بك عند الذهاب إلى المدرسة، فيجب تنسيق خطة مع المعلم، وعادة ما يشعر الأطفال بالتحسن بمجرد دخولهم اليوم المدرسي.

 

التأكيد على تدابير السلامة

 

لا يمكننا أن نعد أطفالنا بأننا لن نمرض، ولكن يمكننا أن نعبر عن ثقتنا بأن المدارس قامت بالتخطيط لشهور من أجل تقليل المخاطر والحفاظ على سلامة الجميع، ولهذا تم وضع جميع القواعد الجديدة. تحدث مع طفلك وأخبره بأن الجميع يبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على صحة الجميع، وأنهم لن يفتحوا المدرسة ما لم يكونوا حريصين حقًا.

 

ما بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا الذين يستطيعون فهم المخاطر، عليك أن تخبرهم بأننا لا يمكننا أبدًا أن نكون متأكدين بنسبة 100 في المائة من أننا لن نمرض، بل في بعض الأحيان يتعين علينا تحمل مخاطر صغيرة للقيام بأشياء مهمة.

 

ساعد الأطفال على المرونة

 

نظرًا لوجود احتمال أن يُتوقع من الأطفال الذين بدأوا المدرسة، العودة مرة أخرى إلى التعلم عن بُعد، أو التشارك في المستويين لبعض الفترات الزمنية، فمن المفيد للأطفال معرفة أنك مستعد للتغييرات التي قد تحدث.

 

لا يجب تهيئة الأطفال ليكونوا خائفين إذا عادوا إلى المدرسة أو التعليم عن بعد، لذلك يمكن أن يتحدث الآباء مع أطفالهم بأن يقولوا لهم: "اليوم قرر الكبار أنه من الآمن أن الذهاب للمدرسة، وإذا تغير ذلك وبدا الأمر أكثر خطورة، فسيقررون أن نبقى في المنزل".

دع طفلك يعرف أن الأسرة بأكملها يجب أن تكون مرنة، ويمكنك أن تقول له: "أعتقد أن الأمور قد تتغير من الآن وحتى نهاية العام، ولكن أعدك بأنني سأقدم لك المعلومات التي أعرفها، وإذا كان لديك سؤال، تعال إلي دائما حتى أتمكن من التأكد من أن لديك كل المعلومات ".

 

متى يجب أن تحصل على المساعدة؟

 

في كثير من الأحيان، يحتاج الأطفال الذين يواجهون صعوبة في الانفصال إلى الوقت، إضافة إلى دعم الآباء والمعلمين من أجل التكيف مع العودة إلى المدرسة بعد الغياب الطويل. ولكن إذا كان طفلك يعاني من انهيارات حادة لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، ولم يتمكن من التعافي، فإن طلب المساعدة يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.

 

عادةً ما يتضمن علاج قلق الانفصال أن يتعاون المعالج مع الآباء، والتخطيط معهم خطوة بخطوة حتى يتمكن الطفل من الذهاب إلى المدرسة ودخول الفصل قليلاً في كل مرة.

 

في بعض الحالات، قد يقاوم الأطفال العودة إلى المدرسة لأن الحجر الصحي كان في الواقع أسهل بكثير بالنسبة لهم من الذهاب إلى المدرسة، وخصوصا الأطفال الذين يعانون من القلق الاجتماعي، أو الذين تعرضوا للتنمر، أو الذين يعانون من صعوبات التعلم وكان لديهم الوقت الكافي في المنزل للقيام بالأشياء وفقًا لسرعتهم الخاصة.  

غالبًا ما يتواصل المعالجون مع المعلمين أيضًا لمعرفة ما يمكنهم فعله للمساعدة والتأكد من أنهم على نفس المسار مع أولياء الأمور. ويشمل العلاج أيضًا مساعدة الأطفال القلقين على طمأنة أنفسهم بأنهم بخير في اللحظات الصعبة.

 

مقالات متعلقة