"من ساحة لسوق الحمير لشارع رشدي باشا"؛ كان هذا عنوان اختاره مؤلف كتاب شوارع لها تاريخ، خلال تطرقه في الصفحة 109 لتوثيق قصة أحد الشوارع المتفرعة من منطقة باب اللوق بوسط البلد. 

رشدي باشا كان رئيس وزراء لمصر في الفترة بين الحرب العالمية الأولى واندلاع ثورة الشعب عام 1919،  وقد اطلق اسمه على أحد الشوارع المتفرعة من منطقة باب اللوق، إلا أن الشارع الذي حمل اسمه كان له قصة وحكاية نسردها في هذا التقرير، من واقع كتاب "شوارع لها تاريخ" لـ مؤلفه "عباس الطرابيلي، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. 

سوق الحمير 

فقبل أن يحمل هذا الشارع اسم حسين باشا رشدي، كان ساحة للحمير حسبما قال علي باشا مبارك في الخطط التوفيقية، حيث كان ينصب فيه سوق كل يوم بعد صلاة العصر تباع فيه الحمير، ثم تحول إلى شارع الساحة، إلى أن تغير الإسم إلى شارع رشدي باشا تخليدًا لذكرى هذا الرجل. 

كان شارع  حسين باشا رشدي أحد أهم شوارع وسط البلد، بحكم دوره التجاري، فضلًا عن كونه محورًا اساسيًا من محاور خطوط الترام في القاهرة قديمًا. 

يبدأ هذا الشارع من شارع عبد العزيز عند محلات عمر افندي، ثم شارع الجمهورية  عند مبنى محكمة عابدين، ويمتد إلى أن يتقاطع مع شارعي محمد فريد وجواد حسني، حتى  يصل إلى شارع شريف أمام المبني القديم لجريدة الأهرام - في شارع محمد مظلوم باشا-، الذي يصل بدوره إلى شارع صبري أبو علم. 

من هو حسين رشدي؟

حسين باشا رشدي الذي اطلق الشارع باسمه كان والده محافظًا للقاهرة ثم وكيلًا للداخلية.. تعلم "حسين رشدي" في السوربون، وحصل منها على شهادة الحقوق، ثم عاد ليفتتح مكتبًا للمحاماة ثم مفتشًا للغات، وبعدها بات قاضيًا في المحاكم المختلطة، حتى أصبح ناظرًا -وزيرًا للمالية- في حكومة بطرس غالي 1908، ثم وزيرًا للخارجية في حكومة محمد سعيد باشا الذي كان سعد زغلول وزيرًا للحقانية فيها في فبراير 1910. 

كان بيته يقع في شارع محمد سعيد باشا، "حسين حجازي حاليًا، المتفرع من شارع القصر العيني، وهو الشارع الذي كانت فيه دار روزاليوسف القديمة منذ العشرينيات.

بات حسين رشدي رئيسًا للوزراء في 5 إبريل 1914 واحتفظ ايضًا بوزارة الداخلية،  وكان معه عدلي يكن للخارجية وعبد الخالق ثروت للحقانية وإسماعيل صدقي للزراعة، ويوسف وهبة للمالية . 

مع إعلان الحماية البريطانية على مصر في 19 ديسمبر 1914، أعاد تشكيل وزارته ، بعد أن تغير الإسم وزارة مع إعلان الحماية، وظل رئيسًا للوزراء في عقد السلطان حسين كامل ثم تولية السلطان فؤاد عام 1917، وشكل وزارته الثالثة بتاريخ 10 أكتوبر1917، وظلت إلى 9 إبريل 1919 وهي الوزارة التي شهدت ثورة الشعب الكبرى في مارس 1919 يقيادة الزعيم سعد زغلول. 

عقب انتهاء الحرب تقدم هو وعدلي يكن يطلبان السفر إلى لندن لبحث المستقبل السياسي لمص، إلا أن بريطانيا رفضت متعللة بأن الوقت غير مناسب، كما رفضت طلب سعد زغلول ورفاقه لتثور قضية سفر وفدين احدهما رسمي حكومي والثاني شعبي يمثل الثورة الجديدة -بحسب كتاب شوارع لها تاريخ-

شكل حسين رشدي وزارته الرابعة من 9 إبريل إلى 22 لتكون بمثابة حكومة تهدئة، لذا ضمت أقوى شخصيات سياسية في عصرها: "عدلي وثروت وجعفر والي ويوسف وهبة ومدحت يكن، إلا إنها فشلت لتستقيل بعد أيام من تشكيلها. 

عقب تصريح 28 فبراير 1922؛ عين رئيسًا للجنة الدستور ثم رئيسًا لمجلس الشيوخ عام 1926، وتوفي عام 1928.