رئيس التحرير: عادل صبري 08:20 صباحاً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

الطب النفسي.. سلاح الأطباء ذوي التطلعات السياسية لكسب رضا الحكومات

الطب النفسي.. سلاح الأطباء ذوي التطلعات السياسية لكسب رضا الحكومات

منوعات

الطب النفسي

الطب النفسي.. سلاح الأطباء ذوي التطلعات السياسية لكسب رضا الحكومات

سارة نور 03 ديسمبر 2019 00:35

على مر تاريخ اكتشاف الطب النفسي منذ بداياته في القرن العشرين، كان سلاحا ذا حدين، إذ عانى المرضى العقليون والنفسيون معاناة شديدة عندما استغلت الحكومات التجارب النفسية في الصراع السياسي، وعندما لهث الأطباء وراء اكتشافات علمية غير أخلاقية دمرت حياة الآخرين.

 

من أشهر هؤلاء الأطباء الذين قادهم طموحهم الجامح إلى التلاعب بالبشر الذين هم تحت سيطرتهم الكاملة، الطبيب النفسي الكندي دونالد أوين كاميرون مدير معهد آلان ميمور بمونتريال بجامعة ماكغيل، إذ ارتكزت أبحاثه التي بدأت في أوائل الخمسينات على مفهوم "القيادة النفسية".

 

 

اقتنع كاميرون أن التقويض العنيف لعقول مرضاه، يشكل الخطوة الأولى في اتجاه الصحة الذهنية، وما تهدف إليه طريقته هو إعادة دماغ المريض صفحة بيضاء عن طريق مهاجمته بالصدمة الكهربائية لمحو كل السلوكيات القديمة، ومن ثم إمكانية تثبيت سلوكيات جديدة بدلا منها عن طريق سماع التسجيلات المكررة يوميا.

 

ورغم أن مخترعي العلاج بالصدمات الكهربائية أوصوا بأن يحصل المريض على أربعة علاجات للمريض الواحد يصل مجموعهم 24 صدمة فردية، إلا أن كاميرون بدأ باستخدام الآلة على مرضاه مرتين في اليوم لمدة 30 يوما بواقع 360 صدمة فردية لكل مريض.

 

الذي منح كاميرون هذه السلطة المطلقة على مرضاه، هي استمارة القبول المعتمدة في معهد آلان التي منحته سلطة علاجية مطلقة وصلت حدودها إلى إجراء جراحات فصية كاملة، بحسب نعومي كلاين في كتابها عقيدة الصدمة وصعود الرأسمالية.

 

وفي 1957، عندما علمت وكالة الاستحبارات الأمريكية عن تجارب كاميرون إبان الحرب الباردة مع السوفيت الذين نشروا إمكانية  عمل عمليات لغسل الدماغ لأسرى الحرب والجنود، لذلك مولت المخابرات الأمريكية تجارب كاميرون في كندا.

 

ومع تدفق الدولارات الأمريكية، أصبح معهد آلان  أقرب إلى السجن  منه إلى المستشفى، إذ حول كاميرون الاصطبلات التي كانت موجودة خلف المستشفى إلى حجرات عازلة وكذلك جدد القبو ووسعه بحيث احتوى على غرفة سماها الغرفة العازلة.

 

وزود كاميرون هذه الغرف بأدوات للعزل الحسي للمرضى مثل سدادات أذن ونظارات سوداء وأنانيب كارتونية لمنع المريض من ملامسة جسده وتغيير مواعيد الطعام حتى لا يعرف المريض هو في أي وقت ومنع وصول الضوء للأسابيع وحتى 35 يوما.

 

وأضاف كاميرون لهذه التجربة العقاقير المثيرة للدوخة، وعقاقير مثيرة للاضطراب الإدراك أل أس دي، والعقار المهلوس بي سي بي، كما استخدم الحرمان الحسي والنوم الطويل وهما عمليتان توأمان ادعى أنهما تقوضان مقاومة الفرد، بشكل أكبر فتجعلانه أكثر تقبلا للرسائل المسجلة.

 

كما عمد كاميرون إلى تجويع حواس مرضاه في غرفة النوم المزعومة عن طريق إبقائهم نائمين بفعل تأثير المخدر لمدة تراوحت بين 22 ساعة و 24 ساعة في اليوم، لكن الصدمات الكهربائية التي تعرض لها المرضى تسبب فقداناً للذاكرة ونكوصاً سلوكياً.

 

كما أن بعض المرضى عادوا إلى مرحلة الطفولة الأولى فبعض المرضى يمصون أصابعهم عند انتهاء الجلسة، وبعضهم يشعر بالفراغ المطلق، إذ كتبت إحدى من تعرضن لتجارب كاميرون: "بت الآن أعرف ما كان شعور حواء حقاً عندما خلقت من ضلع آدم بدون أي ماض. أنا أشعر بالفراغ الذي شعرت به حواء".

 

دراسة الوحش

 

فيما تعتبر دراسة الوحش في عام 1939 من أكثر التجارب اللاأخلاقية، إذ تمت هذه الدراسة المتعلقة بالتلعثم أثناء الكلام على 20 طفلًا من الأطفال اليتامى في دافنبورت في آيوا عن طريق الطبيب النفسي ويندل جونسون، وتلميذته تودور.

 

 

بعد وضع الأطفال في مجموعة التجربة ومجموعة المراقبة، أعطت تودور نصف الأطفال كلامًا إيجابيًا، مادحةً طلاقة كلامهم، وأعطت كلامًا سلبيًا للنصف الآخر، حيث أنّها قللت من شأن الأطفال عند قيامهم بأبسط الأخطاء أثناء الكلام وأخبرتهم أنّهم كانوا متلعثمين.

 

الكثير من الأطفال اليتامى الذين كان كلامهم طبيعيا والذين استمعوا إلى الكلام السلبي في التجربة عانوا من آثار نفسية سلبيّة، والبعض منهم احتفظوا بمشاكل النطق طوال حياتهم، لكن تمّ إبقاء التجربة سرية حتى اعتذرت جامعة آيوا علنًا عن دراسة الوحش في عام 2001.

 

وفي عام 1974، جرت تجربة من أشهر التجارب النفسية، إذ أراد ستانلي ميلجرام اختبار طاعة السلطة، فأقام تجربة بها معلمون وهم المشاركون الفعليون ومتعلمون وهم ممثلون، وقيل لكل منهم إن الدراسة عن الذاكرة والتعلّم، فجلس المعلم و المتعلم في غرف منفصلة لا يمكنهم فيها الاستماع سوى لبعضهم البعض,

 

يقرأ المعلم في التجربة كلمتين تتبعهما أربع إجابات محتمَلة للسؤال، إذا كانت إجابة المتعلم غير صحيحة، يعاقبه بصدمة كهربائية بفولت يتزايد مع كل إجابة خاطئة، وإذا كانت الإجابة صحيحة، لا تكون هناك صدمة، وينتقل المعلم للسؤال التالي.

 

 

وفي الحقيقة لم يتعرض أحد لصدمة كهربائية، وإنما كانت أصوات الصرخات مُسجلة، وعندما كانت تتوقَّف الصرخات ويسود الصمت كان يبدو على المعلمين القلق ويطلبون وقف التجربة، تشكك بعضهم في التجربة ولكن تشجع الكثيرون على إتمامها عندما قيل لهم بأنَّهم لن يكونوا مسؤولين عن أي نتائج.

 

إذا أشار موضوع التجربة إلى رغبته في إنهائها في أي وقت كان المُختبِر يقول له "استمر رجاءً"، "التجربة تتطلَّب أن تستمر"، "من الضروري تمامًا أن تستمر"، "ليس لديك خيار آخر، عليك الاستمرار"، ثم تتوقَّف التجربة إذا استمرَّت رغبته في إنهائها، أنهى 14 معلِّمًا فقط من 40 التجربة قبل تنفيذ صدمات كهربائية قوتها 450 فولتًا

 

وكان الهدف من الاختبار قياس مدى استعداد المشاركين لإطاعة سلطة تأمر بتنفيذ ما يتناقض مع ضمائرهم، كان الاعتقاد قبل الاختبار أن واحدا بالألف فقط من الناس سيوافق على إعطاء الصعقة القصوى لشخص بريء مقابل ألا يُصعق هو شخصياً، تبين بعد التجربة أن 65% من المشاركين مستعدين لإعطاء الصعقة القصوى، بحسب تقارير صحفية.

 

في عام 1965، وُلِد طفل في كندا يُدعَى ديفيد رايمر، وأجرى في عُمْر ثمانية أشهر عملية الختان لكن قضيبه احترق  خلال العملية، بسبب استخدام الأطباء إبرة الكيّ بالكهرباء بدلًا من مشرط الجراحة العادي، ولذلك زار والديه عالم النفس جون ماني الذي اقترح عليهم عملية تغيير جنس.

 

 ووافق والدا ديفيد على إجراء العملية، لأنهما لم يكونا يعرفان أن نوايا الطبيب الحقيقية كانت إثبات أن الهوية الجنسية تتحدد بالتنشئة وليس بالطبيعة، وقرَر استخدام ديفيد ليكون دراسة حالة خاصة من أجل منفعته  الشخصية، بحسب تقارير صحفية.

 

 

ومن ثم حصل ديفيد -الذي تحوَّل إلى بريندا- على مهبل مركب وتناول مكملات هرمونية، واعتبر ماني التجربة ناجحة غير أن أهم الأثار السلبية لجراحة بريندا أنها كانت تتصرَّف كأنَّها ولد وكانت لديها مشاعر مضطربة ومتضاربة عن مجموعة متنوعة من المواضيع.

 

ولم يخبراها والداها بالحادثة التي وقعت وهي رضيعة، فكانت لدى والدة بريندا ميول انتحارية، وكان والدها مدمنًا للكحول، وأُصيب أخوها باكتئاب حاد، و أخبرها والداها أخيرًا بنوعها الحقيقي عندما كانت في الرابعة عشر، قرَّرت بريندا أن تصبح ديفيد ثانيةً، وتوقَّفت عن تناول الإستروجين، وأعادت تركيب قضيب، لكنه انتحر في عام 2004.

 

قامت البحرية الأمريكية بتمويل هذه الدراسة بهدف فهم الصراعات في نظام السجن لديها، تم الإعلان عن التجربة في الجرائد؛ للحصول على مشاركين مقابل 15 دولارا مقابل كل يوم، جاء غالبية المشاركين من البيض، الذكور، ومن الطبقة الوسطى، وكان جميعهم طلاب في المرحلة الجامعية.

 

 

ولمحاكاة الحياة داخل السجن، قسمت المجموعة عشوائياً إلى مجموعتين متساويتين من مساجين وحراس، ثم قال فيليب زيمباردو – قائد فريق البحث – للحراس قبل البدء بالتجربة "يمكنكم أن تولدوا إحساساً بالخمول لدى السجناء، ودرجة ما من الخوف، من الممكن أن توحوا بشيء من التعسف يجعلهم يشعرون بأنكم وبأن النظام وبأننا جميعاً نسيطر على حياتهم".

 

وتابع فيليب: "لن تكون لهم خصوصيات ولا خلوات، سنسلبهم من شخصياتهم وفرديتهم بمختلف الطرق. بالنتيجة سيقود كل هذا إلى شعور إلى فقدان السيطرة من طرفهم، وبهذا الشكل سوف تكون لنا السلطة المطلقة ولن تكون لهم أي سلطة".

 

لكن هذه التجربة خرجت عن السيطرة إذ عانى السجناء واحتملوا ممارسات سادية لا تحتمل على أيدي هؤلاء الحراس.

 

جون واتسون، عالم النفس الشهير حاول معرفة ما إذا كان الخوف استجابة فطرية أو مكتسبة، لكنه استخدم في ذللك طفلا رضيعا اسمه ألبرت، تم تعريض طفل لأرنب أبيض، وفأر أبيض، ومن ثم بدأت التجربة.

 

 

وتم وضع الطفل على مرتبة في وسط غرفة، ووضع فأر مختبر بالقرب من الطفل وسمحوا له باللعب معه، لم يظهر الطفل أي خوف من الفئران، فيما بعد، كان واتسون يقوم بإحداث أصوات عالية من خلف ظهر طفل، عندما يقوم الطفل بلمس الفأر، وبعد عدة تجارب أصيب الطفل بمرض الخوف من الفئران ولم يتعاف.

 

 

وفي عام 1966، أراد شارلز كي هوفلينج، طبيب نفسي، تعلم المزيد عن علاقة الممرضة بالطبيب، فأعطى لمجموعة من الممرضات أمرا من طبيب مجهول، بحقن جرعة مميتة من دواء مجهول لمرضاهم. كانت كل عبوة من الزجاجات المجهولة، عليها إرشادات توضح الجرعة القصوى. ومع ذلك، قامت 21 من 22 ممرضة بإعطاء الجرعة المميتة للمرضى فقط لأنهن أخبرن بالقيام بذلك.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان