رئيس التحرير: عادل صبري 10:56 صباحاً | الأحد 08 يونيو 2025 م | 11 ذو الحجة 1446 هـ | الـقـاهـره °

عقوبة المصادرة.. الأبعاد القانونية

عقوبة المصادرة.. الأبعاد القانونية

ملفات

مصادرة الأموال

عقوبة المصادرة.. الأبعاد القانونية

أحمد طاهر 17 يونيو 2014 21:38

تعتبر المصادرة إحدى العقوبات المالية التي تتخذ من الذمة المالية في حق المحكوم عليه محلاً لها، وهى عبارة عن نزع ملكية المال من صاحبه جبرًا عنه، وإضافته لملكية الدولة دون مقابل.

وهي نوعان:

 أ. مصادرة عامة

عبارة عن نزع جميع أموال وممتلكات الشخص الخاضع لها، أو نزع حصة شائعة فيها تشكل نسبة معينة دون تحديد، وإضافتها إلى ملكية الدولة، ويغلب عليها صفة التدبير السياسي، حيث كانت تستخدم للنيل من الخصوم السياسيين للحكام، وتحرص جميع الدساتير المعاصرة على حظرها لعدم استيفائها على شروط العقوبة في التشريعات الجنائية الحديثة كما في "دستور مصر" المصادرة العامة للأموال محظورة.

 

ب.  مصادرة خاصة

عبارة عن نزع ملكية مال محدد مملوك للجاني جبرًا عنه، وإضافته إلى ملكية الدولة دون مقابل، أي تنصب على مال محدد بذاته وهي التي تعنينا كإحدى العقوبات الجنائية الفرعية التكميلية، حيث نص الدستور على أن عقوبة المصادرة الخاصة لا تكون إلا بناء على حكم قضائي وفي الأحوال المنصوص عليها في القانون.

 

الفرق بين الغرامة والمصادرة

 برغم اشتراكهما في كونهما عقوبة مالية، إلا أنهما يختلفان عن بعضهما في النواحي التالية:

م الغرامة المصادرة
1 الحكم بالغرامة ينشئ علاقة دائنية، الدائن فيها الدولة والمدين هو الجاني المحكوم عليه، وموضوع هذه العلاقة هو التزام هذا الأخير بدفع مبلغ للدولة يحدده الحكم، وسبب هذا الحكم هو ثبوت مسئولية المحكوم عليه عن الجريمة المنسوبة إليه الحكم بالمصادرة هو حكم ينزع ملكية شيء أو مال معين بالذات جبرًا عن مالكه وإضافته إلى ملكية الدولة
  ينشئ للدولة حقًا شخصيًا ينصب على ما يقابله من ذمة المحكوم عليه يخلق للدولة حقًا عينيًا ينصب على مال معين بالذات مضبوط وموجود تحت يد السلطات العامة وليس على ما يقابله
  عقوبة مالية نقدية عقوبة مالية أو عينية
2 الغرامة عقوبة أصلية في مواد الجنح والمخالفات كما أنها قد تكون عقوبة تكميلية في بعض الجنايات المصادرة لا تكون إلا عقوبة تكميلية "جوازية أو وجوبية"، ولا يمكن أن تأتي في صورة عقوبة أصلية ولا تبعية أبدًا
3

الغرامة يقتصر مجالها كعقوبة أصلية على مواد الجنح والمخالفات

وعقوبة تكميلية على مواد الجنايات
المصادرة يقتصر مجالها على الجنايات والجنح
4 الغرامة دائمًا عقوبة المصادرة قد تكون عقوبة أو تدبيرًا احترازيًا أو تعويضًا
5 الغرامة باعتبارها عقوبة يمكن تفريدها تبعًا لمدى جسامة الجريمة ماديًا ونوع خطأ الجاني "عن عمد أو غير عمد" وتبعًا لدرجة ثرائه ومقدرته المالية لا يمكن تفريدها لأنها تقع على شيء معين بالذات بأكمله

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شروط الحكم بالمصادرة

يراد بشروط الحكم بالمصادرة، تلك الشروط التي يجب توافرها حتى يجوز للمحكمة أو يجب عليها أن تحكم بمصادرة الأشياء التي يجوز أو يجب مصادرتها، وهي:

 

1. أن تقضي المحكمة على المحكوم عليه بعقوبة أصلية (والحكم بالإدانة)، لأن المصادرة عقوبة تكميلية لا يمكن إيقاعها بالمحكوم عليه، إلا إذا حكم عليه بعقوبة أصلية لارتكابه للجريمة المسندة إليه وثبوت مسئوليته عنها، ولا يكون للحكم بالمصادرة محل، إذا كان الفعل موضوع الاتهام لا يخضع لنص تجريم أو يسري عليه سبب إباحة، أو كان شروعًا في جريمة لا يعاقب القانون على الشروع فيها، وينصرف فقط إلى المصادرة كعقوبة تكميلية جوازية أو وجوبية.

 

أما عندما تكون المصادرة في حقيقتها بمثابة تدبير أمني، فلا يشترط للحكم بها صدور حكم الإدانة، وهذا يتحقق عندما تكون الأشياء المضبوطة من تلك التي يعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في حد ذاته، ويجب المصادرة كإجراء أمني، ولو قضى ببراءة المتهم.

 

أن يصدر الحكم بالإدانة لارتكاب المحكوم عليه جناية أو جنحة "لا يشمل المخالفات"، ولا أهمية لنوع أو مقدار العقوبة المقضي بها "إعدام أو حتى غرامة"، فصدور حكم الإدانة كافٍ لإمكان أو وجوب الحكم بالمصادرة كعقوبة تكميلية.

 

2.  يجب أن تكون الجريمة عمدية، ذلك أن الأشياء التي تجوز أو تجب مصادرتها كعقوبة هي التي تحصلت من الجريمة أو استعملت أو كان من شأنها أن تستعمل فيها، وهو ما يتصور، إلا إذا كانت الجريمة عمدية.

 

الحكمة من المصادرة هي معاقبة الجاني على استخدامه لهذه الأشياء في أغراض إجرامية أو حصوله عليها من أعمال إجرامية، أما الأشياء المستخدمة في جريمة غير عمدية في الطبيعي أن الجاني يستخدم تلك الأشياء استخدامًا مشروعًا، إلا أنه لم يتوخ الحذر والحيطة، ما أدى إلى وقوع الجريمة رغمًا عنه، وعليه لا تجوز مصادرة تلك الأشياء.

 

3.  أن تكون الأشياء المراد مصادرتها، تم ضبطها بالفعل وقت الحكم، أو في أي مرحلة من مراحل الدعوى، لذلك لا يمكن الحكم بمصادرة الأشياء التي لم تضبط بعد أو تعليق الحكم بمصادرتها على ضبطها ومتى ضبطت تصادر، إذا كانت المضبوطات مما يتلف بمرور الزمن أو يستلزم حفظه نفقات تزيد عن قيمتها، جاز بيعها بالمزاد العلني متى سمحت بذلك مقتضيات التحقيق، ويكون لصاحب الحق في أن يطالب في الميعاد المبين بالثمن الذي بيع به، والحكمة من ذلك أنها عقوبة عينية تنصب على عين الأشياء التي حددها المشرع.

 

على أنه يوجد استثناء من الأصل العام قد ينص المشرع على نوع من المصادرة الحكمية وليست الفعلية بطريق المقابل المادي الذي يعادل قيمة الأشياء التي لم تضبط.

 

4.  ألا يتعلق بالأشياء محل المصادرة حقًا لغير حسني النية والحكمة من ذلك أن المصادرة توقع كعقوبة على الجاني، ومن أهم خصائص العقوبة أنها شخصية، أي المساهم فيها بصفة أصلية أو ثانوية فلا يجوز توقيع العقوبة على غير هؤلاء.

 

وخلاصة القول: إذا كانت المصادرة تؤثر على حدود غير حسني النية، فلا يجوز الحكم بها كعقوبة تكميلية وجوبية أو جوازية، سواء كانت الملكية قبل أو بعد ارتكاب الجريمة، وقبل اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها، أما إذا كانت لا تؤثر على تلك الحقوق، جاز أو وجب الحكم بها، بحيث تظل حقوق الغير على الشيء في مواجهة الدولة، بعد أن كانت في مواجهة المحكوم عليه.


الأشياء التي تجوز أو تجب مصادرتها

حددها المشرع في قانون العقوبات "هي الأشياء التي تحصلت من جريمة، كذلك الأسلحة والآلات المضبوطة التي استعملت أو من شأنها أن تستعمل فيها"، وتفصيلها:

 

1.  الأشياء التي تحصلت من الجريمة

يراد بذلك المنفعة أو الفائدة التي حققها الجاني من الجريمة، أي أن ارتكاب الجريمة كان بسببها، وكذلك الأشياء التي لم تكن من نتائج الجريمة المباشرة، إلا أنها نتجت عنها بصورة غير مباشرة، والحكمة من المصادرة تكمن في ألا تكون الجريمة سببًا في حصول مرتكبها على فائدة.

 

2.  الأسلحة والآلات التي استعملت في ارتكاب الجريمة

يراد بذلك كل الآلات والأدوات والوسائل والأسلحة التي استعملها الجاني في ارتكاب الجريمة بصورة كاملة أو في صورة الشروع فيها، والحكمة من ذلك الحيلولة دون أن يرتكب الجاني جرائم أخرى، مستخدمًا تلك الأشياء ويضاف إليها معاقبة الجاني بالمصادرة.

 

3.  الأسلحة والآلات التي كان من شأنها أن تستعمل في ارتكاب الجريمة

ويراد بذلك كل الآلات والأدوات والوسائل والأسلحة التي أعدها الجاني لارتكاب الجريمة التي ارتكبها، ولكنه لم يستخدمها، واستخدم غيرها في الجريمة، أو تلك التي كان أعدها الجاني لارتكاب الجريمة، ولكن نشاطه الإجرامي وقف عند حد الشروع في الجريمة، فلم تتح له الفرصة في استخدامها، وحكمة المصادرة الحيلولة دون أن يرتكب الجاني جرائم أخرى، مستخدمًا تلك الأشياء، ويضاف إليه معاقبة الجاني بالمصادرة.

 

هل يشترط في الشي محل المصادرة أن يكون منقولاً؟

ذهب جانب من الفقه إلى وجوب أن يكون منقولاً، لأن المصادرة لا يمكن الحكم بها إلا إذا تم ضبط الشيء.

 

وذهب الجانب الآخر إلى أن هذه الحجة غير مقنعة، لأن العقار يتصور ضبطه بوضعه تحت الحراسة، والحجز عليه، كما أن تعبير "الأشياء" الموجود في النص يتسع للمنقولات والعقارات على السواء.

 

أهم حالات المصادرة

ينص قانون العقوبات على أن المصادرة قد تكون عقوبة تكميلية وقد تكون تدبيرًا احترازيًا:

 

1. المصادرة كعقوبة تكميلية

عندما تنصب على أشياء لا يعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في حد ذاته، لأن المصادرة عقوبة ينطوي جوهرها على معنى إيلام وزجر من توقع عليه، ولن يتحقق هذا المعنى إذا انصبت المصادرة لأشياء في حوزة الجاني دون أن تكون هذه الحيازة محظورة.

 

والأصل في المصادرة أنها جوازية، بمعنى أن للمحكمة أن تحكم بها أو لا تحكم بها، بحسب تقدير القاضي على حسب ظروف وملابسات كل جريمة يستخدمها عندما تثبت ملاءمتها ويرجح تحقيقها أغراض العقوبة، واستبعادها حين تكون قاسية أو مهدرة لمصلحة ذات أهمية، وككل عقوبة يجب أن يتحقق التناسب بينهما وبين جسامة ضرر الجريمة وخطورة إثم مرتكبها..

 

إلا أن القانون نص أيضًا في بعض الحالات على المصادرة كعقوبة تكميلية وجوبية، يجب على المحكمة الحكم بها، وإلا كان حكمها قابلاً للطعن فيه ومن هذه الحالات:

 

1. تحريم استيراد أو تصدير أي بضائع لأي بلد معاد، أو القيام بأي أعمال تجارية مع أحد رعاياها أو وكلاء هذه البلد أو مندوبيها، "يحكم بمصادرة الأشياء محل الجريمة، فإن لم تضبط يحكم على الجاني بغرامة إضافية تعادل قيمة هذه الأشياء".

 

2. حل الجمعيات والهيئات والمنظمات والجماعات والفروع المذكورة وإغلاق أمكنتها ومصادرة الأموال والأمتعة والأدوات والأوراق وغيرها، ما يكون قد استعمل في ارتكاب الجريمة أو أعد للاستعمال فيها ويكون موجودًا في الأماكن المعدة لاجتماع أعضائها ومصادرة كل مال يكون متحصلاً من الجريمة أو يكون في الظاهر داخلاً ضمن أملاك المحكوم عليه إذا كانت هناك قرائن تؤدي إلى أن هذا المال، هو في الواقع مورد خصص للصرف منه على الجمعية أو..........

 

3. المواد الخاصة بـ جريمة الرشوة، واختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، وجرائم طبع أو نشر أو بيع أو عرض للبيع لكتب أو مصنفات، دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة، وجريمة ألعاب القمار.

 

2. المصادرة كتدبير احترازي أو وقائي

وذلك في حال الأشياء خارجة عن دائرة التعامل أي محظور التعامل فيها بأي صورة من صور التعامل للجاني أو مالكها.

 

ويطلق على المصادرة في هذه الحالة مصادرة وجوبية أو عينية، وهي ليست عقوبة، ولكن إجراء وقائي، وهي تختلف عن المصادرة كعقوبة تكميلية وتنفرد عنها ببعض الأحكام نوجزها فيما يلي:

1. هي وجوبية دائمًا، بمعنى يجب على القاضي الحكم بها في حال توافر شروطها.

أ. تمام الضبط الفعلي للأشياء بخصوص جريمة جناية أو جنحة.

ب. تحصلت من جريمة أو استعملت أو كان من شأنها أن تستعمل في ارتكابها.

جـ. يعد حيازتها والتعامل بها بأي شكل من الأشكال جريمة في حد ذاته.

2. هي على العكس من المصادرة كعقوبة تكميلية توقع ولو حكم ببراءة المتهم أو مات أو انتفى القصد الجنائي لديه، والحكمة من ذلك أن الأشياء في حد ذاتها محظور حيازتها والتعامل بها ويعد ذلك جريمة.

3. الحكم بها لا يتقيد بعدم الإخلال بحقوق الآخرين حسني النية، الحكمة من ذلك أن الأشياء في حد ذاتها محظور حيازتها والتعامل بها ويعد جريمة.

 

نقلاً عن موقع كنانة أونلاين

 

اقرأ أيضًا:

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان