رئيس التحرير: عادل صبري 11:37 صباحاً | الجمعة 04 يوليو 2025 م | 08 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

المصريات .. بين "نار" الوطن و"جنة" جزر القمر

المصريات .. بين نار الوطن وجنة جزر القمر

ملفات

معاناة المرأة المصرية

المصريات .. بين "نار" الوطن و"جنة" جزر القمر

الأناضول 14 نوفمبر 2013 11:02

أثار التقرير الذي نشرته "مؤسسة تومسون رويترز"، حول أوضاع المرأة العربية، والذي أشار إلى أنَّ مصر "أسوأ" مكان بالعالم العربي يمكن أن تعيش فيه المرأة جدلاً بين أوساط نسائية مختلفة.

وتباينت تفسيرات ناشطات وأكاديميات حول الأسباب التي جعلت دولة عربية صغيرة  مثل "جزر القمر" والتي تبلغ مساحتها 1.862 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها 789 ألف نسمة فقط "أفضل" دولة عربية يمكن أن تعيش فيها المرأة، حيث تشغل المرأة 20 % من المناصب الوزارية وتحتفظ الزوجة عادة بالأرض أو المنزل في حالة الطلاق، بينما دولة عريقة مثل مصر تبلغ مساحتها مليون كيلو متر مربع، وعدد سكانها يتجاوز الـ 90 مليون نسمة، هي "الأسوأ" بالنسبة للمرأة.

 

ويأتي التقرير الذي صدر الثلاثاء، متزامنًا مع قرار النيابة العامة بالإسكندرية تجديد حبس 21 فتاة من مؤيدات الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، 15 يومًا على ذمة التحقيقات التي تُجرَى معهن، على خلفية وقفة احتجاجية، تقول السلطات إنها تسببت في قطع الطريق بأحد شوارع محافظة الإسكندرية.

 

وفيما يتناول التقرير الفترة قبل الإطاحة بمرسي في 3 يوليو الماضي، ترى "آية علاء" المتحدثة باسم حركة "نساء ضد الانقلاب"، أن "المرأة المصرية تعيش أسوأ عصورها، تحديدًا في الفترة الحالية"، مشيرة إلى أنَّ هذه الفترة تذكرها بالفترة التي حكم فيها المجلس العسكري مقاليد الأمور في مصر، عقب ثورة 25 يناير 2011، و"شهد انتهاكات عديدة، بداية من السحل في الشارع، وصولاً إلى  كشوف العذرية التي تعرض لها عدد من الناشطات المعارضات لوجود العسكر في الحكم".

 

وتلفت إلى أن "هناك نحو 50 فتاة وسيدة، تناهضن الانقلاب العسكري قابعات في السجون الآن، في ظروف اعتقال تتعارض مع كافة المواثيق الدولية، فضلاً عما جرى منذ فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس الماضي، حيث تم اعتقال نحو 250 سيدة وفتاة في أنحاء الجمهورية خلال 3 أيام فقط، وما بين هذا وذاك تم اعتقال العشرات من السيدات والفتيات، بينهن قاصرات، وأطفال، بتهم لا يستوعبها عقل، وإخلاء سبيلهن بكفالات كبيرة، على ذمم قضايا لازالت منظورة، ولازلن مهددات بها".

 

وتوضح أن "التهم الموجهة لهن تتراوح بين حمل بالونات صفراء، وتحطيم واجهة محل، والسير في مسيرات ومظاهرات، وغيرها من التهم التي لا تنطلي على عقل طفل، حتى صرت أخشى أن يتم الاعتقال في المرحلة القادمة لكل من ترتدي طرحة أو شنطة صفراء"، في إشارة إلى اللون المستخدم في "شارة رابعة"، والتي يستخدمها مؤيدو مرسي في مظاهراتهم.

 

وتنوه "آية" إلى أن "هذه الأعداد التي ذكرتها عن المعتقلات أيضًا غير دقيقة،؛ فهي أقل من الواقع، حيث إن هناك تكتمًا شديدًا من قبل السلطات على تقديم معلومات عن المعتقلات السياسيات في مصر، فضلاً عن الشهيدات في أحداث الفضّ، والفعاليات الاحتجاجية، واللواتي لم يصلنا من أعدادهن سوى 40 سيدة وفتاة"، مضيفة أنهم في الحركة يقومون حاليًا بـ"توثيق جميع حالات القبض التعسفي الذي يمارس ضد المصريات، الرافضات للانقلاب العسكري"، على حد قولها.

 

وكان تقرير رويترز قد أشار إلى أن مشكلات من قبيل التحرش الجنسي، وختان الإناث، وضعف المشاركة السياسية، والاعتقال التعسفي، وعدم تمثيل مطالب النساء في الدستور الجديد، كلها تحديات تجعل مصر "الأسوأ" للمرأة بجدارة، وهو ما أيدته ناشطات نسويات.

 

من جانبها  تعتبر أمل حمادة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والتي أعدت دراسة ميدانية بعنوان "المرأة المصرية والمجال العام بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني 2011)"،  أن "ما تتعرض له النساء بعد ثورة يناير لا يتناسب مع الدور المؤثر الذي قامت به خلال الثورة، وبعدها،  حيث كان ميدان التحرير في القاهرة والميادين المختلفة في أنحاء مصر تعجّ بأعداد كبيرة منهن، وتم في هذا الوقت توفير أماكن آمنة رغم المخاوف من احتمال تعرضهن للتحرش الجنسي والعنف مع وجود هذا الكم الرهيب من الغرباء".

 

وتردف: "بعد شهور قليلة من سقوط مبارك، ومع ازدياد النفوذ الإسلامي في الشارع، وفي ظل حكم المجلس العسكري، وقتذاك تعرض عدد من المتظاهرات من النساء للضرب والإهانة، واختبارات كشف العذرية، بأوامر من بعض ضباط الجيش، تلاه هجوم آخر أثناء مسيرة للاحتفال بيوم المرأة العالمي في 8 مارس 2011 من قبل، قيل وقتها إنهم بلطجية، وتزامن هذا الهجوم مع حملات التشويه والتشهير التي تعرض لها المتظاهرون والمعتصمون في ميدان التحرير من قبيل تعاطيهم للمخدرات والكحوليات، وأن هناك علاقات جنسية تتم في خيام المتظاهرين".

 

وتتابع "منذ ذلك الوقت تحولت الأماكن العامة في ميادين مصر المختلفة إلى أماكن خطرة للنساء، وكان من مظاهر ذلك ازدياد معدلات التحرش الجنسي والاعتداءات الجسدية ضد المرأة، مما دفع الكثير من المدافعين عن حقوق المرأة أن يقولوا إن هناك جرائم منظمة تمارس ضد النساء لإقصائهن من المشاركة السياسية في المجال العام".

 

وتعرضت إحدى الفتيات في محيط مجلس الوزراء في نوفمبر 2011 للتعرية والضرب والسحل من قبل ضباط بالجيش وقتها، ونددت في ذلك الوقت منظمات نسائية بهذا الاعتداء، وأطلقت عدد من الحملات والمبادرات الشبابية كان من أشهرها مبادرة "ست البنات" وهو الاسم الذي تم إطلاقه على الفتاة التي تعرضت للضرب والتعرية، وخرجت مظاهرة نسائية وقتها تضامنًا مع الفتاة بعنوان "نساء مصر خط أحمر".

 

وقامت مصر بإجراء الانتخابات البرلمانية في الفترة من نوفمبر 2011 وحتى مارس 2012، ورغم أن عدد الناخبات المصريات يبلغ 24 مليون ناخبة من إجمالي 50 مليون ناخب، إلا أن تمثيل النساء في مجلس الشعب جاء منخفضًا للغاية، حيث لم تفز سوى 7 نساء فقط، من أصل 518 نائبًا، أربعة منهن ينتمون لحزب الحرية والعدالة و2 من حزب الوفد، ونائبة واحدة من الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

 

منظور آخر تفسر به "فيفيان فؤاد" المسئولة بالبرنامج القومي لـ"مناهضة ختان الإناث"، التابع للمجلس القومي للسكان، حيث تقول: "يتعرض عدد كبير من الفتيات المصريات في مناطق مختلفة من البلاد، لممارسة عادة ختان الإناث الضارة والتي تمثل تشويهًا للأعضاء التناسلية للفتاة، فنحو  96% من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وفي العمر الإنجابي من 15 إلى 49 عامًا، تم إجراء الختان لهن، بينما تتراوح نسبة انتشار هذه العادة 80% بين الفئة العمرية 15 إلى 17 عامًا".

 

وختان الإناث، عادة تقليدية قديمة ظهرت في مصر قبل ظهور الأديان، ووفق تعريف صندوق الأمم المتحدة للسكان هي "جميع الإجراءات التي تنطوي على الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية الخارجية أو إلحاق إصابات أخرى بالأجهزة التناسلية للإناث، إما لأسباب ثقافية أو لأسباب غير طبية" حسب صندوق الأمم المتحدة للسكان.

 

وعلى صعيد متصل نظمت مجموعة من النساء وقفة احتجاجية أمس الأربعاء أمام مقر لجنة الخمسين المعنية بتعديل الدستور الذي أقره المصريون في استفتاء عام نهاية العام الماضي، قبل أن يتم تعطيله وتشكيل لجنة لتعديله، عقب عزل مرسي.

 

وحول الهدف من الوقفة تقول عزة كامل مديرة مبادرة "فؤادة وتش" النسوية  "هذه الوقفة ليست إلا أولى خطوات التصعيد تجاه أعضاء لجنة الخمسين، الذين أقاموا العديد من جلسات الاستماع مع المنظمات والقيادات النسوية، وتناقشوا حول مطالب المرأة المصرية، نطالب خلالها بضرورة تضمين تلك المطالب في مسودة الدستور المعدل".

 

وتشير إلى أن "هناك حالة من التهميش والإقصاء التي يمارسها أغلب أعضاء لجنة الخمسين تجاه مطالب النساء العادلة، وتعاملهم غير اللائق مع تلك المطالب والحقوق التي نالتها المرأة المصرية عن طريق نضالات واسعة على مدار أكثر من قرن من الزمن".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان