رئيس التحرير: عادل صبري 08:40 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

دراسة عبرية: فرص واعدة لتعاون إسرائيلي مصري بقناة السويس

دراسة عبرية: فرص واعدة  لتعاون إسرائيلي مصري بقناة السويس

صحافة أجنبية

قناة السويس

دراسة عبرية: فرص واعدة لتعاون إسرائيلي مصري بقناة السويس

معتز بالله محمد 25 نوفمبر 2019 00:49

اعتبر مركز أبحثا الأمن القومي الإسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب، أن قناة السويس يمكن أن تشكل فرصاً واعدة للتعاون بين مصر وإسرائيل.

 

جاء ذلك في دراسة أعدها المركز بعنوان "قناة السويس.. طريق لتنمية السلام مع مصر"، نشرها اليوم الأحد 24 نوفمبر 2019.

 

إلى نص الدراسة..

في 17 نوفمبر 2019، احتفلت مصر بالذكرى المائة والخمسين لافتتاح قناة السويس. تم افتتاحها في عام 1869 بحفل كبير حضره زعماء العالم وأصبحت شريانا مهمًا للملاحة حيث يمر بها اليوم 10٪ من التجارة العالمية.

 

تزايدت مكانة القناة بشكل أكبر خلال حكم الرئيس السيسي الذي افتتح في أغسطس 2015 "قناة السويس الجديدة" في حدث خصص لاستعادة افتتاح القناة الأصلية، والذي (السيسي) وضع تطوير القناة ضمن المشروع الرئيسي لنظامه.

 

كان الغرض من المشروع مزدوجاً: زيادة إيرادات القناة من خلال التوسع في حركة المرور بها – سفن أكثر وأكبر حجما في وقت أقل؛ وتطوير مناطق خدمية وصناعية على طول القناة من أجل تعظيم الإمكانات الاقتصادية الكامنة بها.

 

إلى جانب مزاياه الاقتصادية، كان لمشروع القناة الجديدة أهدافاً سياسية: أولاً، تعزيز الشرعية الشعبية لنظام السيسي كمن يسعى إلى قيادة مصر إلى عهد جديد من الرخاء. إكمال المشروع وفقًا لجدول زمني صارم مدته عام واحد، مع تعاون هندسي معقد، ومستوى عالٍ من الحوكمة، والظهور على النقيض التام لفوضى ثورات "الربيع العربي".

 

ثانيا، تحسين مكانة مصر الدولية وتجنيد الدعم الخارجي لاستقرارها. ثالثًا، رفع الروح المعنوية الوطنية من خلال تسويق المشروع كدليل على قدرة المصريين على التصدي للتحديات التي تواجههم وبناء مستقبلهم معا.

 

وينقسم المشروع الهندسي إلى قسمين: حفر قناة جديدة بطول 35 كم بالتوازي مع القناة الحالية وتعميق وتوسيع جزء من مسار الملاحة الحالي على مسافة 37 كم إضافية.

 

 بعد إتمام المشروع بات بالإمكان عبور السفن في الاتجاهين على طول نحو 50% من محور القناة، وانخفض الوقت الذي يستغرقه المرور من 18 إلى 11 ساعة، وتقلص وقت انتظار المرور من 8 إلى 3 ساعات.

 

زادات السعة القصوى للقناة من 49 إلى 97 سفينة في اليوم، بما في ذلك السفن العملاقة. بلغت تكلفة المشروع نحو 8 مليارات دولار، بمشاركة 53 شركة، و40 ألف عامل، وكتيبتين عسكريتين و75% من سفن الحفر في العالم.

 

 

"قناة السويس الجديدة": تقييم مؤقت

كشف تقييم مؤقت لإنجازات قناة السويس الجديدة عن نجاحات مع خيبات الأمل. على الرغم من أن القناة المطورة سجلت في السنوات الأربع الأولى من عملها سلسلة من الأرقام القياسية الجديدة، إلا أنها لا تزال بعيدة عن الأهداف المحددة للمشروع في عام 2023.

 

تتعلق خيبة الأمل الرئيسية بعائدات القناة من رسوم العبور. استند المشروع على توقع بزيادة الإيرادات من 5.3 مليار دولار في 2014 إلى 13.4 مليار دولار في 2023 (زيادة بنسبة 259%).

 

وفق معطيات رسمية نشرتها هيئة القناة، بلغت العائدات فعليا في 2018 نحو 5.9 مليار دولار (زيادو نسبتها نحو 11.2% مقارنة بـ 2014). الربح المتوقع لعام 2019 نحو 6.1 مليار دولار فقط.

 

كانت الزيادة المعتدلة في إيرادات القناة ترجع بشكل رئيسي إلى الاتجاهات العالمية التي لا تخضع لتحكم مصر، بما في ذلك انخفاض أسعار الوقود الذي أضر بجاذبية القناة مقارنة بطرق ملاحة بديلة وتباطؤ النمو في الاقتصاد الصيني والتجارة العالمية.

 

 بينما يشدد نظام السيسي على الزيادة التدريجية في إيرادات القناة، يرى منتقدوه نتائج المشروع كدليل على أنه كان يهدف إلى تلبية الاحتياجات السياسية قصيرة المدى، وقد تم ذلك دون إجراء أبحاث أولية كافية وأثقلت مصر بأعباء غير ضرورية خلال فترة الأزمة الاقتصادية.

 

أما بالنسبة لحجم حركة السفن في القناة، فقد وصلت في عام 2018 إلى ما متوسطه 50 سفينة في اليوم، مقارنة مع 47 في عام 2014 (بزيادة معتدلة حوالي 6.3 ٪).  تحسن أكبر تم تسجيله في وزن البضائع التي مرت عبر القناة،  في عام 2018 بزيادة قدرها 18.3 ٪ مقارنة بعام 2014،  ما يعني أن السفن الكبيرة التي تحمل وزنا أكبر دخلت القناة، والتي لم يتمكن بعضها من المرور قبل تعميقها.

 

يوفر هذا استجابة للاتجاه العالمي المتمثل في زيادة استخدام سفن الشحن الكبيرة التي تتيح توفير الوقود ورسوم المرور. استمرت الزيادة في حركة السفن في عام 2019، مع تسجيل رقم قياسي لمرة واحدة  بعبور 81 سفينة في اليوم واستضافت القناة بعضاً من أكبر سفن الشحن والركاب في العالم.

 

المنطقة الاقتصادية للقناة.. تقييم للوضع

مع افتتاح القناة الجديدة، أعلنت مصر عن إنشاء 42 مشروعًا إضافيًا في منطقتها الاقتصادية، والغرض منها هو تحقيق أقصى إمكانيات الربح بها. أوضح المسؤولون المصريون أنه "ليس من المعقول أنه منذ افتتاح القناة في عام 1869 تظل مصر مكتفية بدور تحصيل رسوم العبور".

 

وفي الواقع وتماشياً مع خطط  تم طرحها جزئيًا في الفترات السابقة، سعت مصر إلى إنتاج محركات نمو جديدة في القناة ومنحها قيمة اقتصادية إضافية من خلال تحويلها إلى مركزعالمي للموانئ والخدمات اللوجستية وتحميل البضائع وتفريغها وإصلاح السفن وتزويدها بالوقود والمناطق الصناعية والتجارية. من المتوقع أن توفر المشروعات المخطط لها حوالي مليوني وظيفة في المستقبل لسكان مدن القناة وما حولها.

على الجانب المشرق يمكن ملاحظة نجاح مصر في حشد استثمارات بنحو 25 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل تقدم كبير في إنشاء "أنفاق السويس"، وهو مشروع تقدر قيمته بنحو 4 مليارات دولار، وخصص لتسهيل الوصول إلى المناطق الصناعية المبنية حول القناة والسماح بتحسين الاتصال الجغرافي بين شبه جزيرة سيناء وقلب البلد.

 

تم افتتاح نفقان أوليان بطول ستة كيلومترات في الإسماعيلية في مايو 2019 ، مما يتيح عبورا سريعا للسيارات بين ضفتي القناة. وسينضم للمشروع - الذي يوصف بأنه "نجاح جديد" للقناة - قريبًا نفقان في بورسعيد ، حيث تم إجراء اختبار تجريبي لهما في أكتوبر الماضي.

 

من ناحية أخرى، فإن العديد من مشاريع منطقة القناة لا تزال في المراحل الأولى من التطوير. تم الانتهاء في مايو 2017 من المرحلة الأولى من البناء في مشروع وادي التكنولوجيا بالإسماعيلية، والذي من المتوقع أن يوفر حوالي مليون وظيفة، ومنذ ذلك الوقت لم يتم الحديث عن أي تقدم.

 

اتفقت مصر وروسيا في مايو 2018 على إنشاء منطقة صناعية في شرق بورسعيد  والتي من المتوقع أن توفر 35 ألف وظيفة.

 

كذلك ترى الصين في تنمية القناة حلقة مهمة في مبادرة "حزام واحد طريق واحد" والتي من خلالها ستعمل مصر كسوق لمنتجاتها وتوفر قوة عاملة رخيصة لمصانعها.

 

ووقت شركة TEDA الصينية في يناير 2016 اتفاقاً لتطوير المنطقة الاقتصادية للقناة، وحتى أواخر العام الجاري هي منشغلة بالمرحلة الثانية من المشروع والذي يتوقع أن يوفر نحو 40 ألف فرصة عمل. وتم تدشين المرحلة الاولى من بناء مدينة "الإسماعيلية الجديدة" في مايو 2019.

 

محور قناة السويس هو على رأس قائمة خطط التنمية الاقتصادية التي تظهر في رؤية "مصر 2030 "، التي أعلنت عنها وزارة التخطيط المصرية في يناير 2018. لكن في الوقت الذي يتوقع أن تحقق المنطقة الاقتصادية للقناة 25 مليار دولار سنوياً، فإن أرباحها في 2018 كانت 136 مليون دولار فقط.

 

تبرز الفجوة بين الوعود وتحقيقها حتى الآن التحديات التي لا تزال تواجه النظام المصري حتى يتسنى له تحقيق أهدافه، بما في ذلك: تجنيد وجذب مزيد من الاستثمارات لتنمية منطقة القناة، وتقليل العوائق البيروقراطية التي تثبط المستثمرين، وتدريب قوة عمل نوعية تنناسب واحتياجات سوق العمل.

 

فرص لتعاون إسرائيلي- مصري

في الوقت الذي كانت القناة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر تعتبر رمزا للكفاح المصري ضد الاستعمار الغربي وإسرائيل (التي كان ينظر على أنها أحد أذرعه)، فقد تغير الوضع في العهد الحالي" حيث ترمز القناة أكثر إلى انفتاح مصر على العالم وطموحها في أن تكون حلقة وصل بين الشرق والغرب والحصول على أدوات العلم والتقدم وتطوير اقتصادها.

 

علاوة على ذلك فإن القناة التي كانت في مركز حروب الماضي بين إسرائيل ومصر، توفر اليوم للدولتين فرصاً للتعاون متعدد المجالات، أمنيا، واقتصاديا وبيئياً.

 

على المستوى الأمني ​، تعاون الجيشان منذ فترة طويلة في مكافحة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء. نجح الجيش المصري حتى الآن في منع المساس بمحور القناة من قبل التنظيمات الإرهابية السلفية الجهادية، والتي كان يمكن أن تسبب أضرارا اقتصادية ومعنوية خطيرة.

 

لإسرائيل مصلحة مباشرة في أمن القناة، التي  يمر بها حوالي 20٪ من تجارتها الخارجية البحرية في طريقها إلى الشرق الأقصى.

 

 بالإضافة إلى ذلك، فإن لإسرائيل ومصر ودول أخرى مصلحة في التعاون في تأمين طرق الملاحة بالبحر الأحمر (المؤدية إلى قناة السويس وخليج إيلات) في مواجهة التهديدات المحتملة من إيران وأذرعها.

 

 كلما تزايدت الثقة بين الجانبين، كان بإمكان إسرائيل التفكير في مشاركة  مصر في تقنيات الحماية الإلكترونية لتأمين الاتصالات واللوجستيات والمعلومات والحوسبة المستخدمة في القناة وموانئها.

 

على المستوى الاقتصادي، كجزء من اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (كويز)، كانت هناك منذ فترة طويلة ثلاث مناطق صناعية إسرائيلية- مصرية معترف بها - في بورسعيد والإسماعيلية والسويس - معفاة من الرسوم الجمركية لتصدير البضائع إلى الولايات المتحدة.

 

يتيح زخم التطوير في المنطقة الاقتصادية للقناة الفرصة لإسرائيل ومصر فرصة لتشجيع توسيع التعاون بينهما، بما في ذلك المشاريع المشتركة في مجال التقنية الفائقة "هايتك" (على سبيل المثال، في وادي التكنولوجيا بالإسماعيلية).

 

يمكن لمصر وإسرائيل والولايات المتحدة أيضًا أن تدرس إمكانية دمج الصين في اتفاقية الكويز، نظرا لاهتمامها بإنشاء مصانع تستفيد من الإعفاءات الجمركية الأمريكية.

 

يعد تطوير المنطقة الاقتصادية للقناة ذا أهمية أمنية أيضا، لأن زيادة فرص العمل للسكان المحليين في شمال سيناء سيسهم في استبعادها من الأنشطة الإرهابية ومن العمل في التهريب لقطاع غزة.

 

على المستوى البيئي، يعد التعامل مع الأضرار التي تسببها قناة السويس للبحر الأبيض المتوسط ​​هو أكثر مجالات التعاون الملموسة والمتفجرة التي يتعين على إسرائيل ومصر ودول البحر الأبيض المتوسط ​​الأخرى أن تتعاون فيها معاً.

 

تظهر الأبحاث التي أجراها علماء الأحياء البحرية بقيادة البروفيسور بيلا جاليل، أنه بسبب توسيع وتعميق القناة منذ عهد عبد الناصر إلى السيسي، تم إنشاء ممر بحري تمكنت من خلاله مئات الأنواع من الكائنات البحرية من البحر الأحمر من اجتياح البحر الأبيض المتوسط ​​وتقويض النظام البيئي والتنوع البيولوجي.

 

مثال على ذلك أسراب قناديل البحر التي تصر بالسياحة الساحلية، وبيئة الصيد، ومحطات تحلية المياه ومحطات الطاقة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط. يتطلب وقف الضرر الخطير تعبئة إقليمية سريعة.

 

أحد الحلول المقترحة هو ضخ تركيز الملح الذي تخلفه محطات تحلية المياه المخطط إنشاؤها في منطقة القناة إلى البحيرات المرة التي تفصل بين جزئيها الجنوبي والشمالي، وذلك بهدف خلق حاجز ملوحة أمام بعض الأنواع التي تمر خلالها. وفي ظل إلحاح الأمر، ينبغي إعطاؤه أولوية قصوى.

 

الخبر من المصدر..

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان