رئيس التحرير: عادل صبري 06:35 صباحاً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

فورين أفيرز: المنوفية مصنع الرؤساء لمصر

فورين أفيرز: المنوفية مصنع الرؤساء لمصر

صحافة أجنبية

السادات ومبارك والسيسي رؤساء من محافظة المنوفية

فورين أفيرز: المنوفية مصنع الرؤساء لمصر

إكرام يوسف 10 ديسمبر 2016 15:20

يبدو أنَّ سمعة محافظة المنوفية وما يتردَّد حولها من نكات أو ما يشاع عن أبنائها من صفات، فضلاً عن كونها موطنَ عائلات من رؤساء الجمهورية وعدد غير قليل من المسئولين في مختلف العهود.. جذبت الكاتب بيتر شوارتشتاين لزيارتها والتعرف عليها عن قرب، ثم عاد لينشر في مجلة فورين أفيرز مقالاً بعنوان "صناعة رؤساء مصر".. يحكي فيه عن تفرد تلك المحافظة، التي مازالت تحتفظ ببيوت ولد فيها  مختلف السياسيين ذوي النفوذ والمسئولين العسكريين.

 

كان مرافقه الميكانيكي الشاب، أحمد فوزي، الذي ينتمي لأسرة فقيرة، يشير له خلال الطريق من قريته إلى مدينة قويسنا قائلا "في هذا المسجد صلى رئيس الوزراء الجنزوري".. و"كان محمد الجمسي قائد الجيش المصري السابق يتعلم في هذه المدرسة".

 

والمعروف أنَّ المحافظة قدمت أربعة من الرؤساء الخمسة الأحدث في مصر؛ فإليها ينتمي أنور السادات وحسني مبارك، على الرغم من أن أسرتيهما هاجرتا إلى القاهرة قبل ولادتهما، وكذلك الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وعدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية في مصر، الذي خدم لفترة وجيزة في منصب القائم بأعمال الرئيس بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 2013.  فضلا عن أن صدقي صبحي ـ الوزير الحالي للدفاع واحد من الخلفاء المحتملين للسيسي ـ منوفي أيضا، وكذلك إبراهيم محلب، الذي شغل منصب رئيس الوزراء السيسي حتى سبتمبر 2015.

 

وتبدو قائمة الشخصيات البارزة المدنية والعسكرية التي تنتسب إلى هذه المحافظة مُلْفتة للغاية، بالنظر إلى أنَّ المنوفية تعتبر سابع أصغر المحافظات المصرية حجمًا. وتأتي في المركز الحادي عشر..

 

وينقل الكاتب عن مرافقه المنوفي قوله "اننا ننتج الرؤساء مثلما تنتج أماكن أخرى الأثاث".

 

ولاحظ الكاتب، إدراك المصريين من المحافظات الأخرى هذه الخصوصية مما جعلها موضع دعابات لا تحصى، فعندما يتهم القاهريون صديقًا لهم بالبخل أو المكر، يسألونه على سبيل الدعابة "هل أنت منوفي؟" لكن المنوفيين يفخرون بما يعتبرونه إنجازات لمحافظتهم، ولديهم أيضًا بعض الأفكار حول مصادر هذه الإنجازات، فيقول محمد مكارم بائع العرقسوس على الطريق الزراعي الممتد من القاهرة إلى الإسكندرية "التعليم والإيمان.. من ركائزنا التي تتيح لنا التقدم الركائز لدينا، وتسمح لنا أن تزدهر."

 

وادي الملوك

 

 وتبدأ قصة النفوذ السياسي الضخم للمنوفية من أواخر القرن التاسع عشر، عندما قرر السياسي الليبرالي البارز عبد العزيز فهمي باشا، تحسين نوعية التدريس هناك. وفي أوائل تسعينيات ذلك القرن، أقنع فهمي مجموعة من زملائه ملاك الأراضي المنوفيين بالتبرع بالأراضي لبناء مدارس يمولها القطاع الخاص، في مواجهة تقييد الاحتلال البريطاني الفرص التعليمية التي تتيحها الدولة المصرية لمواطنيها، وبحلول عام 1914، كانت مدارس جمعية المساعي الحميدة، تعلم حوالي 15% من الطلاب غير الأجانب في مصر، وصارت المنوفية من المحافظات الأفضل تعليمًا في البلاد. وتعلم في هذه المدارس إبراهيم عيسى، أحد أبرز رؤساء التحرير المعاصرين، كما تعلم فيها مبارك، وهناك التقى أحد وزراء داخليته المستقبليين؛ زكي بدر، وفي السنوات التي سبقت استيلاء جمال عبد الناصر وضباطه على السلطة في 1952، كان النشء في المنوفية يحصلون على امتياز حقيقي في بلد  يعاني العديد من مدارسها من نقص التمويل والمعلمين.

 

وحتى الآن، تعتبر نسبة الطلاب الذين يواصلون تعليمهم بعد سن الخامسة عشر فى المنوفية أعلى مما تشهده معظم المحافظات الريفية الأخرى في مصر، وقد تجاوزت النسبة 80 % خلال العقد الأول من هذا القرن.

 

 

 ويقول بعض أبناء المحافظة أن سياسات عبد الناصر بعد الثورة جرّدت مدارس جمعية من استقلالها ومن قدر كبير من جودتها. لكن عقودًا من التعليم المتميز، كانت قد أتاحت للعديد من المنوفيين تحقيق مكانة بارزة في النظام العسكري الجديد في مصر. وارتفع عدد الشبان المتعلمين من أبناء المحافظة في صفوف الجيش بسرعة حتى أصبح تمثيلهم فائقًا في سلك الضباط منذ الأيام الأولى من حكم عبد الناصر.

 

 

ويبدو أنَّ النجاح المبكر أقنع شبانًا أكثر من المنوفية بالسعي للحصول على الثروة والمكانة التي توفرها المهن العسكرية. ويقول صموئيل تادرس، وهو باحث سياسي، مؤرخ، منوفي الأصل يعمل الآن زميلا  بارزًا في معهد هدسون: "إذا كنت من قويسنا، ورأيت جارك من قويسنا أيضًا، يرتدي الزي العسكري، سوف تحرص جدًا على الانضمام إلى الجيش ".

 

  وقد استمرت العلاقات الوثيقة بين المنوفية والجيش، برغم عدم استمرار مدارسها مستقلة ذات جودة عالية، وفي الانتخابات الرئاسية في مصر 2012، قدمت المنوفية أعلى نسبة من الأصوات التي حصل عليها أحمد شفيق، قائد سلاح الجو السابق الذي خسر بفارق ضئيل لمرسي، مقارنة بأي محافظة أخرى. وتكرر نفس الحال عندما أيد الناخبون المنوفيون السيسي،  لمنصب الرئيس بعد ذلك بعامين.

 

 وعلى الرغم من إرثها من المدارس ذات الجودة عالية وعدد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة بين أبنائها، لا تزال المنوفية فقيرة جدا. فهي إحدى محافظتين فقط في مصر لا تتمتعان بامتداد إلى الأراضي الصحراوية قليلة الكثافة السكانية التي يمكن ريها واستصلاحها. ومع عجزها عن توسعة أراضيها الزراعية، يعاني اقتصادها القائم في معظمه على الزراعة مع زيادة عدد سكانها. ويعيش سكان المنوفية في منازل أصغر حجمًا من متوسط حجم المساكن في الدولة، وتمتلك المحافظة أقل نسبة في مصر بين عدد الأسرة في المستشفيات لكل فرد.

 

وهكذا يبدو أنّ المصدر الثالث لنجاح المنوفية كان هجرة عدد وافر من سكانها، الذين انتقلوا تاريخيا للسكن في أماكن أخرى بأسعار أعلى مما يتكبده أبناء المحافظات الأخرى. ففي القاهرة، يهيمن عدد من المزارعين المنوفيين السابقين وأسرهم على أحياء بأكملها، وخاصة في منطقة شبرا الخيمة الصناعية. (وعلى مسافات أبعد من ذلك، يعمل منوفيين  في العديد من محلات المقانق "الحلال" في  نيويورك. وخففت الهجرة بعض الضغوط عن المحافظة وخلقت فرصا لأولئك الذين تركوها.

 

 ويلاحظ الكاتب أن مصر غارقة في أزمة اقتصادية لا تكاد تبدي دلائل على حل. وتعاني  الطبقة الوسطى هلعا مع زيادة في أسعار المنتجات المستوردة. ويعاني الفقراء من نقص في السلع الأساسية مثل السكر وحليب الأطفال. وفي العديد من المحافظات، تدنت شعبية سيسي جنبا إلى جنب مع تدهور قيمة الجنيه المصري. ولكن استرشادًا  بتاريخ المنوفية ، يتوقع  أن تظل أكثر المحافظات موالاة لقادة البلاد.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان