رئيس التحرير: عادل صبري 08:13 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

الصين تطالب المسلمين بالتوحد ضد الهند بسبب كشمير.. ماذا يحدث؟

الصين تطالب المسلمين بالتوحد ضد الهند بسبب كشمير.. ماذا يحدث؟

محمد الوقاد 18 أغسطس 2019 19:04

كان الأمر مثيرا للاستغراب والضحك، حينما طالع الكثيرون افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز"، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، منذ أيام، حينما طالبت مسلمي العالم بالاتحاد ضد الخطوة التي أقدمت عليها الهند، بإلغاء الحكم الذاتي لولاية "جامو وكشمير"؛ الشطر الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه بينها وبين باكستان.

 

الصحيفة الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بدت وكأنها فرعا من مجلة "الدعوة الإسلامية"، وهي تحث المسلمين حول العالم على التحرك لمواجهة الخطوة الهنجية، رغم أن الصين نفسها لا تزال حتى الآن مسرحا لإحدى أكبر قضايا القمع على أساس عرقي في إقيم شينجيانغ، حيث يتهمها المجتمع الدولي باحتجاز مليون من مسلمي تلك المنطقة، على الأقل، في معسكرات لمحاولة تغيير أفكارهم بقوة القمع، بينما تقول بكين إنها معسكرات تثقيفية.

 

افتتاحية الصحيفة الصينية وصفت الهند بأنها دولة "حمقاء فيما يتعلق بقضايا الحدود" وتواصل كسر "الوضع الراهن" بما يؤثر على الموقف الإقليمي.

 

الصحيفة قالت أيضاً إن الولايات المتحدة والقوى الغربية "متواطئة" مع الهند، مضيفة أن الهند أيضاً "تعتقد أن الصين مشغولة في حربها التجارية ومبادرة الحزام والطريق وبالتالي هذا وقت جيد لاتخاذ تلك الخطوة في قضايا الحدود".

 

لا أسباب مقنعة

 

قد تتضح ملامح الصورة بشكل أكبر، حينما تبحث في الأسباب المباشرة المحتملة التي تكون قد دفعت الهند لاتخاذ هذه الخطوة التصعيدية، التي تهدد باندلاع حرب نووية مع جارتها باكستان، لم يحدث هحوم إرهابي كبير مثلا في كشمير أو تطور أمني درامي، وهو ما قد يشير إلى وجود سبب أو أسباب أخرى للخطوة الهندية.

 

يرى محللون أن ما أقدمت عليه الهند جاء بضوء أخضر أمريكي لمناوشة الصين في الأساس وليس باكستان، وهو ما قد يفسر ردة الفعل الصينية الغاضبة على الخطوة الهندية في كشمير، حيث قررت بكين رفض الخطوة الهندية واعتبارها غير معترف بها وغير ملزمة، وهو ما قاله المندوب الصيني لدى مجلس الأمن، في جلسة عقدت الجمعة الماضية، بناء على طلب بكين.

 

ويعد الموقف الصيني، هو الأكثر تشددا ضد الهند بعد تلك الأزمة، بعد الموقف الباكستاني بالطبع، وهو ما أثار في البداية علامات استفهام، لكن الإجابات تكاثرت وصبت جميعها لصالح فرضية أن الولايات المتحدة قررت فتح جبهة جديدة لإرباك الصين، في خضم أعنف حرب تجارية بين الدولتين، ووسط توجه من الإدارة الأمريكية الحالية لاعتبار الصين هي التهديد الأبرز والأكبر لها في العالم.

 

موقف صيني حازم

 

وبنظرة سريعة على تصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، في معرض تعليقها على الأزمة في كشمير، تشعر بمدى الغضب الصيني مما حدث، حيث قالت "هوا تشونيانغ"، في بيان، إن "الهند واصلت مؤخراً أفعالها التي تضر السيادة الصينية وذلك بإقدامها على تغيير قانون محلي"، مضيفة أن "فرض الهند سيادتها على لاداك كجزء من كشمير يعني ضم أراض صينية".

 

هذا البيان يعني أن الصين قررت الاشتباك مع القضية بمنظور أعمق من مجرد تضامنها مع باكستان، التي ترتبط معها باستثمارات كبيرة، تتجاوز 50 مليار دولار في البنية التحتية وحدها، كجزء من مشروع يسمى "الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان" يهدف إلى ربط إقليم زينغيانغ الصيني بإقليم بالوشستان الباكستاني على بحر العرب، وهو جزء من مبادرة الحزام والطريق التي تسعى من خلاله بكين إلى إحياء طريق الحرير القديم الذي يمر من خلال أكثر من 100 دولة حول العالم.

 

ومن المعروف أن فتح جبهة ساخنة بين الهند وباكستان حاليا، سيؤدي إلى إرباك كبير للصين، فالنزاع بين نيودلهي وإسلام آباد شديد الحساسية لبكين، وقد يسبب تشتيتا واضحا لها ويبعدها عن التركيز في النزاع التجاري مع واشنطن، وسياسة بكين في الأساس تقوم على تبريد الجبهات عسكريا ليتسنى لها التوسع تجاريا واقتصاديا.

 

العلاقات الصينية الهندية

 

وبعيدا عن هذا، فإن العلاقات أساسا بين الصين والهند تتسم بالتوتر، حيث يتنافسان على النفوذ آسيويا ودوليا، وتعد الصين إحدى أبرز الدول المعارضة لانضمام الهند إلى عضوية مجلس الأمن الدولي، وكذلك إلى نادي الدول النووية.

 

في المقابل، تقف الهند دائماً حجر عثرة أمام أي مبادرة صينية وأبرزها مبادرة الحزام والطريق، كما أن بكين مستاءة من مشاركة الهند في آلية الحوار الأمني الرباعي التي تضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا أيضاً، والتي تعتبرها بكين أداة لمنع صعودها كقوة عالمية.

 

ثمة نقطة أخرى من المهم الإشارة إليها، وهي أن موقف الدول الإسلامية من أزمة كشمير الأخيرة، لاسيما دول الخليج، والذي اتسم بالبرود وعدم التفاعل الكافي مع قضية بهذه الحساسية، قد يزيد من فرضية أن يكون ما حدث هو توجه أمريكي في الأساس، حيث تعد الدول الخليجية تحديدا من أبرز حلفاء الولايات المتحدة حاليا، لكن هذا البرود قد لا يستمر طويلا، في حال دخلت القضية إلى منعطف عنيف، واشتركت فيه الصين، وهذا متوقع.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان