فى البداية يجب الاشارة الى ان اى اجراءات سياسية او اقتصادية تؤثر مباشرة على المواطن ويزداد التأثير وتزداد سرعته على الفقراء منهم, ومن الاهمية ان اوضح ان اعداد فقراء مصر الحقيقية اعلى بكثير من الاعداد التى يتم الاعلان عنها رسميا فى احصاءات او فى تقارير , فوفقا لتقرير الامم المتحدة فى 2015 كانت نسبة الفقر فى مصر 26% , وهم من دخلهم اقل من دولار يوميًا, وايضا وفقًا لتقرير المنظمة المصرية لحقوق الانسان والتى رفعت نسبة الفقراء الى 40 % من الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر، حيث يقل دخل الفرد الواحد عن دولار واحد يومياً، لتحتل وفقًا لذلك مصر المرتبة الـ112 من بين 177 دولة من حيث انخفاض الدخل وانخفاض معدلات التنمية, وبعيدا عن ان النسبة الحقيقية اكبر من ذلك فإن دخل اقل من دولار ليس مؤشرا على الفقر بل ان من دخلهم 5 دولارات يوميا يصنفون على انهم فقراء وخاصة مع ارتفاعات الاسعار اليومية وانخفاضات معدلات التنمية الاقتصادية, اى ان على اقل تقدير مع انخفاض قيمة الجنيه ب 40% خلال عام مضى ادى الى رفع النسبة الحقيقة للفقراء الى 83 % اى 75 مليون مصرى, ومع توقعات بانخفاض قيمة الجنيه ب 20% خلال شهور, ومع قرار النظام باستبدال ضريبة المبيعات بضريبة القيمة المضافة, اى فرض 14% على المواطن بدلًا من 10%, ومع توقعات بانخفاض عائدات الدولار من السياحة ومن الصادرات ومن تحويلات المصريين ومن قناة السويس, فإن اجمالى الارتفاع فى الاسعار خلال ايام او شهور سيتجاوز ال 90% ..
يضاف لما سبق ان هناك عجز اعلنت عنه الحكومة فى الموازنة الجديدة 2016 - 2017 يقدر مبدئيًا ب 309 مليار جنيه, اى ان هناك قروض وفوائد سيتحملها المواطن خلال العام القادم فى شكل ارتفاعات فى الاسعار, ومع تخفيض فى دعم الوقود يقدر 42%, وارتفاع فى اسعار فواتير الكهرباء والماء والغاز بنسب من 20% الى 40%, ومع ارتفاع اسعار الدواء بنسب من 10% الى 60%, ومع تخفيض فى الانفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى (بالمخالفة للدستور) بنسبة 40% على الاقل, فإن الوضع سيزاد صعوبة على الفقراء وبالتالى سيرفع نسبتهم من 83% الى 88% اى 80 مليون مواطن ..
ولكن السؤال الاهم ما الذى جعل الاوضاع تصل الى هذا الحد المرعب جدا ؟؟
نعود الى ان هناك حالة احتقان عام فى مصر منذ عامين ادى الى وجود صراع داخل النظام, وصراع بين اطراف رئيسية فى المعادلة السياسية المصرية, هذا الصراع ادى الى جعل مصر ميدان مفتوح للانتهاكات الانسانية والانتقامات المضادة وتدبير حوادث كحادثة مقتل الشاب ريجينى وتلفيق تهمة اسقاط الطائرة الروسية لمصر وقريبا قد نرى تقارير ان محطة الطاقة النووية بالضبعة للاستخدام غير السلمى وبالتالى وضع دولى غير داعم ومتشكك, ومع هذا الوضع لا يمكن ان يتواجد استقرار اقتصادى ولا اى مؤشر للتنمية .. يضاف لما سبق التحيز فى الاجراءات الاقتصادية الفاشلة كوضع اجراءات احترازية ورفع اسعار الفائدة على الدولار وعدم الشفافية فى تقارير موارد النظام وانفاقاته.
العجيب ان كل هذا يحدث فى وقت انه مرت 5 سنوات على ثورة يناير المجيدة, ولم يحصل الشعب الثائر على حقوقه التى نهبها نظام المخلوع مبارك, والتى تقدر بأكثر من 2 تريليون جنيه, اى ما يعادل 200 مليار دولار, قادرة على علاج ازمة الدولار وبالتالى انخفاض الاسعار, وعلاج ازمة عجز الموازنة العامة, وانشاء الاف المصانع لتشغيل الشباب, وهى تمثل 3 اضعاف ديون مصر الخارجية, وتعادل ديون مصر الداخلية, ولم يتم بذل اى مجهود لاستعادة هذه الحقوق, بل ان المجلس العسكرى خلال توليه السلطة بعد الثورة ساهم فى تهريب بعضها, فانخفض الاحتياطى الدولارى من 36 مليار دولار الى 16 مليار دولار, كما ان النظام الحالى تناسى تماما هذه الحقوق وعمل ودن من طين وودن من عجين, بل انه حارب الرجل الوحيد المكلف بمراقبة الفساد وكشفه المستشار هشام جنينه وعزله من منصبه عندما قال ان حجم الفساد فى 4 سنوات بلغ 600 مليار جنيه, وهو صادق, وسيعود حتما لمنصبه, وبدلا من قيام النظام بالتحقيق فى ال 600 مليار وكشفها امام الشعب اخرص جنينه وخبأ المستندات, والاعجب هو فضح وثائق بنما لجزء من ثروات النظام السابق ورجاله وبالرغم من استجابة دول لهذه الوثائق كايسلندا وتم عزل رئيس الوزراء المتورط فى فساد كشفته الوثائق على اثرها, الا ان فى مصر كأن شيئا لم يكن, والصمت يسيطر على الجميع نظاما وشعبا, وكان الاولى فتح تحقيقات مباشرة فى هذه الوثائق التى اشارت فقط الى 1 % من حجم الاموال المصرية المنهوبة .. فالشركات المملوكة لمصريين كشركة بان وورلد التى تم كشفها, والتى تتهرب من الضرائب, والتى تقوم بغسيل اموال المصريين المنهوبة كثيرة جدا, وبالرغم من حمايتها وفقا لقانون الجزر العذراء, الا ان مهمة النظام لو عنده نية لمواجهة الفساد ان يكشفها ويحقق فيها فمثل هذه الشركات تضر بالاقتصاد القومى وحجم تهربها الضريبى داخل مصر يتجاوز المليار دولار سنويا .. فالشعب الفقير احق بأمواله