رئيس التحرير: عادل صبري 11:15 مساءً | الأحد 06 يوليو 2025 م | 10 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

حان الوقت لخروج أمريكا من نفق مصر

حان الوقت لخروج أمريكا من نفق مصر

تقارير

الرئيس الامريكي باراك اوباما

"روبرت كاجان":

حان الوقت لخروج أمريكا من نفق مصر

أحمد حسنين 07 يوليو 2013 15:17

تُعد الولايات المتحدة بصفة عامة هي إحدى القوى العظمى التي تسعي إلى تعزيز الديمقراطية عبر العالم، لكن لا ينبغي لأحد أن يُفاجأ بأن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" تخلف عن ذلك في الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر الأسبوع الماضي.

 

فلم يكن الدعم الأمريكي أبدا ثابتا، ويتضح ذلك في أن الولايات المتحدة دعمت الكثير من الحكام المستبدين المقربين إليها خلال القرن العشرين، حتى إنها أطاحت بحكومات منتخبة ديمقراطيا أو تغاضت عن الانقلابات ضدهم، وذلك كما فعل "آيزنهاور" في حالة "مصدق" في إيران، وكما فعل "أربينز" في جواتيمالا، وأيضا كما فعل "نيكسون" في حالة "الليندي" في شيلي.

 


ومع ذلك، ربما لم يجد "أوباما" نفسه مؤيدا لهذا التقليد الخاص عندما دخل البيت الأبيض، رغم أن مستشاريه يرغبون مقارنته بـ"آيزنهاور".

وقد تقدم أوباما في بداية رئاسته بالاعتذار للشعب الإيراني على الإطاحة بـ"مصدق"، وأظهر أوباما "جرأة أمل"، منتقدا الإدارات الأمريكية السابقة على وصفها "الحركات القومية والصراعات العِرقية وجهود الإصلاح" بأنها بمثابة تهديد وأنها تسمح للمخاوف بأن تفوق "التزامنا المعلن بالحرية والديمقراطية"، مشيرا أيضا إلى أنه كيف أن "إزالة القادة المنتخبين ديمقراطيا في دول مثل إيران" قد أنتج "عواقب كارثية ما زالت تلاحقنا حتى يومنا هذا".

وهناك وفرة من الإحراج الأمريكي عن إذعان الماضي للديكتاتوريين والانقلابات العسكرية، وقد حاولت إدارة "جورج دبليو بوش" تشكيل العلاقات الأمريكية، وإن كان بشكل غير متساو، مع الحكام المستبدين في العالم العربي وخاصة مصر، وعلى مختلف جوانب الطيف الأيديولوجي، كان أحد الدروس البارزة لهجمات 11 سبتمبر 2001 هو أن الديكتاتوريين ساعدوا على تغذية الإرهاب وكان أفضل علاج هو الانفتاح السياسي العربي، وتبنى "باراك أوباما" هذا الانفتاح عندما جاء، وبهذا فقد اعتنق أوباما بحذر التوافق الواسع بعد الحرب الأهلية.

ومع ذلك، تداعى هذا التوافق سريعا في مواجهة أول اختبار صعب؛ وهو انتخاب الإخوان المسلمين و"محمد مرسي" لتولي السلطة في مصر، فلم يكن "مرسي" مجرد حاكم غير كفء، لكنه كان أيضا حاكما غير ديمقراطي في العديد من المواقف؛ فقد فرض قيودا على وسائل الإعلام واستبعد المعارضة من عملية اتخاذ القرارات الدستورية الهامة، ولم يحكم مرسي كثيرا على أنه ديكتاتور، لكن بوصفه ممثل الأغلبية، وكلاهما مرتبطان ببعض، فمع الأغلبية البرلمانية والتأييد الوطني الواسع ودون خبرة على الإطلاق في عملية تداول الحكم الديمقراطي، فشل مرسي في مهمته الأولية بإنشاء نظام من التوافق والشمولية والضوابط والتوازنات؛ فكان "محمد مرسي" على النقيض من "نيلسون مانديلا"، حيث إن مرسي فشل أيضا باعتباره مديرا للاقتصاد الوطني، رافضا إبرام اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، وغير راغب في إجراء إصلاحات اقتصادية صعبة لكنها ضرورية.

رغم ذلك كله، لم يكن الانقلاب العسكري هو الحل الأمثل، يتحدث الشعب المصري بفرح عن الإطاحة برئيس غير كفء، وعن البدء في بناء الديمقراطية المصرية، لكن العقبات التي تعترض الديمقراطية المصرية هي الآن أعظم مما كانت عليه قبل الانقلاب.

إن مصر لم تبدأ بداية جديدة، لكنها اتخذت خطوة واسعة إلى الوراء، وتتحمل إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" الكثير من اللوم؛ نظرا لأنها لم تمارس ضغوطا ملموسة - كانت مجرد ضغوط قليلة - على "حسني مبارك" لإجراء إصلاحات اقتصادية ولو بسيطة، وكادت أن تكون كافية لمنع فوران الشعب ضد النظام والذي انفجر في نهاية عام 2010، وكذلك لم تضع الولايات المتحدة ضغوطا ملموسة - بل مجرد ضغوط قليلة- على "محمد مرسي" لوضع حد لممارساته غير الديمقراطية والتي قد تكون هي التي استبقت الأزمة الحالية في مصر.
وبعد أن حدث الانقلاب العسكري، يجب على الولايات المتحدة لكي تتجنب "الانعكاسات الزلزالية" للانقلاب أن تبدأ بتعليق كامل لجميع المساعدات الأمريكية لمصر، وخاصة المساعدات العسكرية، حتى مجيء حكومة ديمقراطية جديدة منتخبة انتخابا حرا بمشاركة كافة الأحزاب والجماعات في مصر بما فيها الإخوان المسلمون، وتحتاج الإدارة الأمريكية لعمل ذلك أن تعمل بشكل وثيق مع الدول الأخرى ومع صندوق النقد الدولي لضمان عدم إمداد مصر بقروض أو أي من أشكال المعونة الاقتصادية حتى يتم استعادة الحكم الديمقراطي، وهذا النهج يتناقض مع غرائز إدارة "باراك أوباما" والتي تعمل حتى الآن على التعاون مع كل من يحمل السلطة في مصر وتتجنب الأشكال المعلنة للضغط.
قد حان الوقت لأن تخرج أمريكا من على طريق الفشل هذا، ومن الأفضل لها أن تتعلم من تاريخها الماضي حتى لا تكرر نفس أخطائه، وسيكون من المحزن إذا خرج رئيس أمريكي في المستقبل ليعتذر للمصريين على ما فعله "باراك أوباما" وعلى ما لم يفعله عام 2013.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان