رئيس التحرير: عادل صبري 12:25 مساءً | الثلاثاء 16 أبريل 2024 م | 07 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

متهمون بمحاولة "عدل" نظام الحكم !

متهمون بمحاولة
13 يوليو 2016

متهمون بمحاولة "عدل" نظام الحكم !

زياد العليمى

متهمون بمحاولة "عدل" نظام الحكم !

(1)

"عاوز أخرج، مش علشان تعبان من السجن، ولا عاوز أشوف أهلي، بس علشان محدش يقول إني إتحبست علشان بقول إن فيه أرض مصرية أهالينا مانوا علشان يرجعوها، مش عاوز عسكري واقف على الحدود، ولا تلميذ في مدرسة يحس إنك لما بتدافع عن أرضك بتتحبس".


هكذا خاطب الصحفي الشاب محمود السقا، القاضي الذي نظر استئناف أمر حبسه إحتياطيًا!! السقا الذي سخر عمله الصحفي لخدمة قضايا وطنه، وكان دائمًا في القلب من حراك جماهير شعبه، محركًا وموثقًا، لأحلام شعب خرج منذ ست سنوات لينال حريته، وواجه رصاص المستبدين ـ على إختلاف أشكالهم ـ بصدور مفتوحة، فأغلقت دماء رفاقنا طريق الرجوع علينا، وأصبحنا نعرف أننا نسير في طريق واحد، نهايته نصر ولو تأخر!


السقا الذي خرج من السجن الذي دخله قبل الذكرى الخامسة لثورة الشعب المصري، ليدخله مرة أخرى بعد أقل من شهر متهمًا بإشاعة بيانات كاذبة، وكانت هذه البيانات،ا أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان.

لم تكتف خفافيش الظلام القابعة في قصور الحكم في بلادنا بسجن السقا وآخرين غيره لدفاعهم عن حفهم وحق شعبهم في التمسك بأرض البلاد، بل أرادوا أن يجعلوا من سجنهم أداة للقتل البطئ، فحرم السقا، وزميله في نفس الزنزانة عمرو بدر ـ رئيس تحرير الجريدة التي يعمل بها السقا ـ من أبسط حقوقهما كمسجونين، فلم يخرج أي منهما من زنزانته لمدة تزيد على السبعين يومًا، ومنع عنهم أي وسيلة للاتصال بالعالم الخارجي، وحرم السقا من تلقي العلاج بعد إصابته بمرض جلدي ناتج عن عدم تعرضه للشمس، كما أصيب بهبوط في الدورة الدموية نتيجة حرارة الزنزانة المرتفعة جدًا، ولم يتلق علاجًا أو سمح بتشخيص حالته بعد إصابته بنزيف، وبات واضحًا لكل ذي عينين، أن النظام قرر معاقبة معارضية بالسجن، والقتل البطيء.


لم تنحن قامة السقا ورفاقه أمام سجانيهم وواجهوا جلاديهم برأس مرفوعة، فانطبقت عليهم كلمات الأبنودي:

والمتهم منشور كأنه العلم

واقف سعيد راضي

يخوف القاضي

وعينيه ماهيش للأرض

 

(2) 

"عزائي الوحيد أن الحق ونس، والحلم ونس، وأن الحرية ليست بعيدة، وإن بعدت؛ فيكفيني أن الثمن الباهظ إنما هو للدفاع عن أرضنا ومقدراتنا، وحقنا في تقرير مصير وموارد بلادنا".


كانت هذه الكلمات جزءا من رسالة مالك عدلى، من محبسه الانفرادي لكل رفاقه وزملائه، مالك الزميل والصديق الذي أذكر أول لقاء بيننا في طرقات نيابة جنوب القاهرة 2006، حينما توافد فجرًا عدد كبير من المحامين المتطوعين للدفاع عن متهمين بالتظاهر، ومنذ ذلك اليوم، لم أر مالك في طرقات النيابات وقاعات الماكم إلا مدافعًا عن حق مظلوم، أو حاميًا لحقوق بلاده وشعبه في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

 
مالك الذي اختار لابنته ـ مع زوجته التي ذاقت قبله ظلمة السجون دفاعًا عن الوطن ـ أقرب الأسماء إلى قلبيهما' إسم يذكرهما دائمًا ببلدهما كما يحلمان بها "بهية"، ونذرا نفسيهما لتحقيق هذا الحلم. مالك الذي خرج للحفاظ على أراضي وطنه التي أقسم أن يسلمها كاملة لابنته وجيلها، فاستخدم حقه وما تعلمه خلال سنوات دراسته وعمله، في أقامة دعوى قضائية لإثبات مصرية جزيرتي تيران وصنافير، ويوم نصره لشعبه بإثبات مصرية جزيرتين فرط فيهما النظام الحاكم، كان مالك وحده في زنزانته الانفرادية!! التي سيحفر يومًا على جدرانها رسالة شاعر إلى حبيبته، ورسالة مالك إلى إبنته بهية وأسماء شريكة حياته وحلمه:

حبيبتي

وإن يسألوكي

قولى مسافر بعيد

رايح يجيب العيد

في قلعة فوق الجبل

ولا في سجن جديد


لم يكتف النظام بحرمانه من حقه في الحرية ، بل سعى لقتل جسده وروحه؛ فمنعوا عنه علاج جسده النحيل الذي أصابه المرض، وجعلوه يقضي ما يقرب من السبعين يومًا في زنزانة إنفرادية، لا يخرج منها إلا لحضور جلسات تجديد حبسه ـ والتي تنشر الصحف قرارات النيابة فيها قبل مثوله للتحقيق، وقبل إصدارها رسميًا!! ـزنزانة خالية من أي شيء سوى غطاء مفروش على أرض الزنزانة ينام عليه، حاولوا قتله وعزله، فقاوم ظلمهم في زنزانته كما قاومه خارجها، وإتخذ من الحلم والأمل أنيسًا ورفيقًا في عزلته.


(3)

هل تتخيل أن تقضي 24 ساعة يوميًا في غرفة ضيقة، لا يوجد فيها أية تجهيزات، سيئة التهوية، لا تدخلها الشمس، محروم من أي وسيلة يمكن أن تصلك بالعالم الخارجي، فتمضي ساعاتك كالدهر، ولا تنتهي عزلتك؟ هذا هو حال مئات المحبوسين إنفراديًا في بلادنا، فالحبس الانفرادي المقرر كعقوبة ـ محددة المدة ـ للمخالفات الجسيمة داخل السجون، أصبح وسيلة لقتل روح المعارضين من كل الاتجاهات السياسية داخل السجون!! وأصبحت الوسيلة التي اعتبرتها الأمم المتحدة، تعذيب يجرمه القانون، واقعًا يوميًا يتجرعه كل من أعمل عقله وطالب بحقه وحق شعبه! ولم يكتف النظام بحبس معارضيه ظلمًا، بل تمادى ليهدد حياتهم، بمنع العلاج والفحوصات الطبية عنهم.


(4)

وافتكروا

إذا ما يوم الزمام أفلت

وأصبح جوة إيد الناس

هنبني بروحنا وطن تاني

بلا زنازين

بلا حراس

محمود العدوي


لم يتذكر التاريخ أسماء حراس سجون الحالمين بالتغيير حول العالم، بل تذكر الحالمين بوطن عادل، من دفعوا من حياتهم ثمن حياة أكثر عدلًا لشعبهم، وسيذكر من جعل سجون بلادنا مكانًا للأحرار، باعتباره ديكتاتورا مصابا بهوس السلطة، وسيخجل أحفاده من ذكر اسمه مقترنًا بأسمائهم، وسيفخر أبناء وأحفاد 60 ألف مصري في السجون متهمين بقضايا رأي، بأن آباءهم وأجدادهم كانوا سببًا في ميلاد وطن نحلم به.


لا شك أن من يجب أن يكون في السجون، من باع أراضي بلاده بمقابل لا يعلمه حتى الآن سوى من إتفق معه.

من يجب أن يكون في السجون من تنازل عن حصة بلاده في مياه نهر كان سببًا في بناء بلادنا على ضفافه.


من يجب أن يكون في السجون من تنازل عن حصة بلادنا في الغاز الطبيعي.


من يجب أن يكون في السجون من مارس القتل خارج إطار القانون.


من يجب أن يكون في السجون من جعل أماكن الاحتجاز المشيدة بأموال الشعب لاحنتجاز المجرمين، أماكن لتعذيب الشعب.


من يجب أن يكون في السجون من كذب على شعبه وبدد موارده واعدًا بإقامة مشاريع اكتشف الجميع أنها وهمية.


من يجب أن يكون في السجون من صادر المجال العام وجعل من بلادنا وطنًا للصوت الواحد.


والحقيقة أن آلاف القابعين في السجون بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، لم يسعوا يومًا إلى قلبه، وبذلوا كل جهدهم لعدل نظام مقلوب، يزج بالأحرار في السجون، ويساعد ويشارك ناهبي ثروات الوطن، فإذا أردتم أن تعرفوا المتهمين بهدم الدولة، لن تجدوهم في السجون، بل في مراكز صنع القرار في بلادنا.


والحقيقة الثابتة التي علمتها لنا دروس التاريخ، أن من في السجون الآن سيخرجون، وسيحاكمون سجانيهم، في محاكمات عادلة، لا مكان فيها سوى للعدل والحق، إنتصارًا للدولة التي حلموا بها، لا إنتقامًا من مجرمين ذاقوهم العذاب وسعوا لقتلهم، فالانتقام وسيلة الجبناء والمجرمين، لا الأحرار الذين سيبنون وطنًا عمادة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية