رئيس التحرير: عادل صبري 10:35 مساءً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

أضعف من "ورقة"

أضعف من
01 فبراير 2016

أضعف من "ورقة"

تامر أبو عرب

(1)

قبل ساعات من الآن أطاح قطار بسيارة عند مزلقان بالعياط، لم يتهم الإعلام الرئيس بالمسؤولية عن الحادث، لم تقل له لميس الحديدي "مش قد الشيلة امشي"، لم يطلب أحد حتى من الحكومة أن تقدم استقالتها، لم يطلب ضيوف برامج التوك شو بتقديم وزير النقل للمحاكمة، وكما عاد كل شيء في مصر إلى ما كان عليه تحت حكم مبارك، عاد السياسيون ليكتفوا بمحاكمة عامل المزلقان.


النظام نفسه لم ينشغل بالحادث كثيرًا، كان عنده قضية أهم تحركت لأجلها قوة من وزارة الداخلية على رأسها لواء شرطة، للقبض على رسام كاريكاتير شاب بتهمة حيازة راوتر ونسخة ويندوز غير مرخصة، هذا ما قاله البيان الرسمي، لكن نحن نعرف، والداخلية تعرف أننا نعرف أن القبض عليه سببه رسوماته التي تستخدم أقوال الرئيس بطريقة ساخرة، وهي رسومات قليلة جدًا بالمناسبة.


أمضى إسلام ليلته في الحجز في انتظار ما تخبئه له الأقدار، بينما ارتشف وزير النقل مشروبه المسائي ونام.


لا خوف عليك في مصر إن كنت فاشلًا، الخوف إذا فكرت يومًا في السخرية من الفشلة.

 

(2)

"قرار الرئيس يأتي تأكيدًا لرعايته لحرية الرأي والتعبير والصحافة وحرصه على أن ينأى بنفسه كرئيس للجمهورية، عن أن تكون له أي خصومة مع أي من أبناء مصر".


هذا ما قاله بيان رئاسة الجمهورية قبل ثماني سنوات من الآن، عندما وجه الرئيس المخلوع حسني مبارك وزيري الداخلية والعدل لتنفيذ قرار العفو عن الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة الدستور وقتها، بعد صدور حكم بحبسه لنشره أخبار تمس الحالة الصحية لمبارك.


كان عيسى حينها أكبر معارض لمبارك – أو هكذا كنا نظن – والحكم صدر بحبسه بناء على بلاغ تقدم به أحد مؤيديه ولم يتقدم به هو، وبموجب قانون العقوبات المصري، وفي محكمة مدنية وأمام قاضيه الطبيعي، هذا يعني أنها فرصة مناسبة تمامًا للانتقام من أحد أهم خصومه دون أن يلومه أحد، لكنه لم يفعل ذلك وأصدر عفوًا رئاسيًا، حيث رأى أن الدخول في خصومة مع كاتب صحفي، أيًا كان حجمه، فيه انتقاص من مقامه ومقام منصبه.


في المقابل لا يجد النظام الحالي حرجًا في الدخول في خصومة مع شباب من عمر أحفاده، فلا يكف يديه عن رسام كاريكاتير عشريني لا يملك إلا صفحة على الفيس بوك، ولا يستحيي وهو يجيّش كل أذرعه الإعلامية ويخصص ساعات هواء طويلة لاغتيال شابين بسبب فيديو ساخر مدته دقيقتان، ويضيع كثيرًا من الوقت والجهد لمنع برنامج هذه المذيعة ومنع مسلسل هذا الكاتب، وتضييع مستقبل ذاك اللاعب.


يُعرف النظام بخصومه، ونظام خصمه شاب يحملون شارة أو رواية أو يملكون صفحة على فيس بوك هو أضعف من "ورقة".

 

(3)

كان شادي أبو زيد متوسط الشهرة حتى شتموه فأصبحت مصر كلها تعرفه وتبحث عن أعماله السابقة التي لم تنل حظها في المشاهدة، يزيد متابعو صفحة "الورقة" بمعدل 400 شخص في الدقيقة منذ القبض على إسلام جاويش، وسيتابع هؤلاء صفحته بانتظام فيما بعد، حظيت سلسلة مقالات "حواديت العباسيين" لجمال الجمل بمعدلات قراءة قياسية بعد منع أحدها، لا يهتم الآلاف بكثير من القضايا إلا بعد صدور قرار بحظر النشر فيها.


لا يقتنع النظام الحالي بأن زمن المنع قد ولى، يعتقد أن المصريين مازالوا يلتفون حول التليفزيون في التاسعة مساء ليعرفوا ما تريد الدولة لهم أن يعرفوه، ولا يدرك أن ما يحجبه يحظى بفرص انتشار أكبر مما يسمح به، فالمنع يخلق الفضول، والحبس يصنع الأبطال، والقتل يمنح خصمك الخلود.


نعرف أن إسلام تنتظره قضية مصنفات، وشادي ومالك تنتظرهما قضية خدش حياء، ومحمد هاشم تنتظره ضرائب بالملايين، نعرف أنك لا تحبس أحدًا لأنه معارض ليس لأنك نبيلًا ومترفعًا لكن لأنه لا يوجد في القانون ما يجرم المعارضة.

 

(4)

الأسوأ ممن أمر بإلقاء القبض على إسلام جاويش، الذي يحاول إبراء ساحة السيسي مما يحدث.


بعد كل حادث يظهر هؤلاء، يلومون وزير الداخلية والأجهزة الأمنية ويعيدون بحماس أوبريت "الراجل كويس بس اللي حواليه وحشين"، يصوّرون الأمر على أنه خطأ من ضابط تسبب في حرج للنظام، ولا يريدون الاعتراف بأنه توجه عام للدولة إن لم يأمر به الرئيس بالقول فهو يباركه بالصمت.


الأزمة أنهم حين يفعلون ذلك يضربون بأنفسهم أسطورة الرجل القوي الذي يعرف كل شيء ويسيطر على كل شيء، وهو العامل الذي كان حاسمًا في انحياز قطاع من المصريين للرجل القادم من خلفية عسكرية، هؤلاء الناس قد يغفرون للرئيس أي إجراءات قمعية ويتطوعون بالبحث عن مبررات لها، لكنهم سيقلقون كثيرًا إن علموا أن هذه الإجراءات تجري من وراء ظهر رجل يُفترض أنه يملك في ظهره عينين.


لن يكسب النظام شيئًا من حبس إسلام وشادي ومالك، فلا السجون ينقصها زوار جدد ولا منابع المعارضة ستجف، لكنه سيخسر الكثير من هيبته ومؤيديه.


بعد كل واقعة من هذا النوع يؤكد لي صديق أن هناك شخص ما داخل هذا النظام يكره السيسي ويُجهض أي محاولة لتحسين صورته، أزعم أنني أعرف اسم هذا الشخص.. عبد الفتاح السيسي.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية