رئيس التحرير: عادل صبري 08:17 صباحاً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

أولا: الناس والجيش في مصر المنشودة

أولا: الناس والجيش في مصر المنشودة
23 أكتوبر 2014

أولا: الناس والجيش في مصر المنشودة

إسماعيل الاسكندراني

أولا: الناس والجيش في مصر المنشودة

عودة إلى صنع المستقبل برسم تصوراتنا عنه وتحديد ملامحه في خيالنا..

يشكو الثوار من حكم العسكر ويهتفون بإسقاطه، ويرد عليهم الدولجية باستنكار إسقاط الجيش.. يرد عليهم الثوار بأن مؤسسة الجيش وهيئات القوات المسلحة في مجال مهامها الدستورية والقانونية شأن، وأن حكم الجنرالات شأن آخر، وأن الانحياز المدنى الرافض لهيمنة العسكريين على الحياة العامة سياسيا واقتصاديا وإداريا لا يعنى الرغبة فى تفكيك الجيش أو تعريض مصر للأخطار الإقليمية والعالمية، تلتبس الأمور على المستشعرين بالخطر خارج مظلة جمهورية الضباط، فيغلب عليهم الميل للاستقرار والنفور من التغيير للمجهول، ويتشبّثون بمقولتهم الشائعة "كيلا نكون مثل سوريا والعراق"، يتململ الثوار فيسخرون من مخاوف مشروعة تغذّيها تسجيلات مرئية مرعبة تأتى برعاية "داعش" للإنتاج الإرهابى والتوزيع، وهكذا، ندور فى حلقات مفرغة، وتتكرر الشكوى بغياب الأطروحات والبدائل السياسية.

يحاول هذا المقال إثارة التفكير في كيفية الحلم بوضع الجيش في مصر المنشودة، كيف ستكون العلاقات المدنية العسكرية بعد أن تزحف الثورة من مساحاتها الاجتماعية المشتعلة إلى المجال السياسى الذى انهزمت فيه؟

حسنا! أرى فى مصر المنشودة جيشا احترافيا مستغنيا عن التجنيد الإجبارى، لا يحتاج إلى طوابير السخرة كى يقوّى صفوفه، فالمتطوعون يحلُمون بقبولهم في صفوف جيش يحترم كرامتهم وآدميتهم، ينضوون تحت لواء خدمة وطنية منضبطة بقواعد القانون الإنسانى والدولى، ويتقاضون مقابل ذلك أجرا عادلا متكافئا مع متطلبات المعيشة وطبيعة مهامهم، يجمع "الميس" الواحد بين الضباط والجنود، فالجميع يأكلون من إناء واحد، حيث تختلط الرتب حول المنضدة الواحدة، وحينما يشب النزاع، وتتعارض الحقوق مع النفوذ والسلطة، يكون للطرف الأضعف والرتبة الأقل مرجعية نزيهة تضمن حقه.

أرى في مخيّلتى جيشا ذا مشاريع اقتصادية إنتاجية ذات أهداف إستراتيجية وأرباح تعزز ميزانية الجيش، لكنى أرى العاملين في هذه المشروعات من العسكريين والمدنيين على حد سواء، وأرى العسكريين خصوصا يتقاضون أجورا عادلة في نظام عمل كريم يحفظ آدميتهم وكرامتهم، مع زيادة في الانضباط وغلظة في العقوبات تناسب الطابع العسكرى.

أرى جيشا تخضع ميزانيته للرقابة الشعبية ممثلة فى البرلمان، مع حفاظ على سرية التفاصيل داخل لجنة الأمن القومى والاكتفاء بنشر رقم مجمل على الملأ، وأرى مؤسسات اقتصادية مملوكة للقوات المسلحة تدفع ضرائبها وجماركها طالما نافست فى الأنشطة المدنية تحت شروط منافسة عادلة وفرص متكافئة.

أحلم بجيش تخرج قياداته من الخدمة فيُحظر عليهم المناصب التنفيذية والسياسية لعدة سنوات وفق قانون يحدد ذلك، يتقاضى المتقاعدون منه معاشاً كريماً يغنيهم عن المذلة، وتفتح لهم أبواب العمل الخاص من دون أن يكون بوابة خلفية لممارسة نفوذهم مع الجهاز البيروقراطي للدولة، وأرى اليوم الذي يختفي فيه توزيع المناصب التنفيذية القيادية كمكافآت نهاية خدمة للقادة العسكريين، فضلا على استحالة رؤية الزى العسكرى الرسمى خلف أى مكتب فى أية هيئة مدنية.

أرى الشعب المصرى سيّدا على أرضه، والجيش جزءا من الشعب له دور وواجب محدد في مقابل امتيازات محددة متناسبة مع أهمية دوره وطبيعته. فالسيد، عن طريق ممثليه في البرلمان وسلطته المنتخبة المدنية، يحدد بتعريفات واضحة إستراتيجياته الداخلية والخارجية، أعداءه وأصدقاءه، ويرسم أمنه القومي وفق ما يتعارف عليه العالم المعاصر، وأرى في مجلس الأمن القومى خبراء المياه والطاقة والزراعة والصناعة والتخطيط المالى جنباً إلى جنب مع زملائهم العسكريين وخبراء التسليح، تحت رئاسة رئيس الجمهورية المدنى المنتخب ونائبه وزير الدفاع المدنى السياسى المعيّن.

أرى جيشا يعرف قدر نفسه، فلا تراوده أوهام الندية مع الشعب، فضلاً على خرافات التفوق والاستعلاء عليه، فالمصريون شعب له جيش، ولم يكونوا أبداً – ولن يكونوا – جيشاً ظهر له شعب، ولو فرضت علينا صورة بالغ ورضيع، فلا شك أن الشعب هو الوالد وأن الجيش هو من يرضع ميزانيته وشرعيته من قوت أبيه وحضن أمه الجماهير.

كدت أنسى المحاكمات العسكرية؛ لأنها بالفعل خارج الحسبان، فلا أتصور أننا في مصر المنشودة سنناقش هذه النقطة أصلا، فسيكون الدستور قد تم تعديله لإلغاء أسطورة ضم القضاء العسكرى للسلطة القضائية، وسيكون داخل الجيش فقط محاكمات تنظر فى القضايا ذات الأطراف العسكرية، أما القضايا التى تضم أطرافا مدنية وعسكرية ولا تنظر شأنا عسكريا خالصا، فمكانها هو القضاء الطبيعى، وأما الشرطة وأجهزتها كل فهى هيئات مدنية لا تخضع تحت أى ظرف للمحاكمات العسكرية.

ولنا مع الشرطة خيال في مقال لاحق.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية