رئيس التحرير: عادل صبري 01:20 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

هو فعلا "مش بتاع سياسة"!

هو فعلا
03 مارس 2018

هو فعلا "مش بتاع سياسة"!

سليمان الحكيم

هو فعلا "مش بتاع سياسة"!

 

هي من المرات القليلة، بل النادرة التي كان السيسي فيها صادقا مع نفسه ومعنا، حين صرح قائلا إنه "مش بتاع سياسة"، فهو كذلك بالفعل لنشأته العسكرية وبقائه رهينا لحياة القشلاقات معظم سنواته.

 

تلك الحياة التي يحظر فيها التفكير على أفرادها لضمان تنفيذ الأوامر دون حوار أو مراجعة، عملا بالقانون العسكري السائد منذ الأزل "طيع الأوامر ولو غلط" ولا شك في أن العمل بمثل هذا القانون الصارم يطبع أفراض الجيوش بالطاعة العمياء التي تميزهم عن غيرهم من العاملين بالحياة المدنية التي تسمح لمنتسبيها بالحوار والمراجعة وحتى الاعتراض بطريقة أو بأخرى على الأوامر الصادرة لهم من قادتهم، وهو ما يسمح بوجود هامش من ديمقراطية الحوار حول الأمر الذي صدر من أعلى إلى أسفل ثم يرتد عائدا إلى أعلى، حتى في الأنظمة ذات الطابع الشمولي والتي تعتمد على قانون "ديكتاتورية القرار وديمقراطية التنفيذ" كان هناك دائما هامش يسمح فيه بالحوار حتى ولو كان لتبرير الدكتاتورية في اتخاذ القرار أو ضرورة تنفيذه، وهو ما لا يتوفر بالحياة العسكرية التي تتسم بالصرامة والجمود.

 

هكذا أصبح السيسي ابنا مخلصا لنظام عسكري تطّبع بطابعه دون أدنى محاولة للإفلات منه أو التمرد عليه، حتى حين اقتحم مجال الحياة المدنية رئيسا للجمهورية ليجد نفسه فجأة في قمة الحياة المدنية دون أن يصعد سلمها متدرجا ليعتاد على تقاليدها الديموقراطية القائمة على الحوار، بعد أن ظل سنوات عمره أسيرا لحياة عسكرية يحظر فيها التعاطي بالسياسة بأي شكل من أشكالها، حتى أن من تظهر عليه أعراض الميول السياسية وإن كانت في أدنى درجاتها سيجد نفسه محالا إلى الاستيداع مجردا من رتبه العسكرية.

 

هكذا وجد المصريون أنفسهم وجها لوجه أم رئيس يحتل موقعه على قمة العمل السياسي دون أدنى استعداد لتقبل الرضوخ لمقتضياتها وما تتطلبه من شخصية مرنة سهلة الاستجابة للمتغيرات في الواقع السياسي والتكيف معها بالحوار أو الاحتواء.

 

ولو كان السيسي يتمتع بمثل تلك الشخصية لتجنبنا وجنب نفسه أولا الكثير من المشكلات والعقبات التي تعترض طريقنا نحو حياة سياسية مثل التي كنا نطمح إليها بعد ثورتين جاءت آخرهما به إلى سدة الحكم. ولافتقاده تلك الشخصية التي تتسم بالمرونة والقدرة على الاحتواء ارتكب خطأ سياسيا فادحا باستبعاده أحمد شفيق وسامي عنان من الترشح أمامه للرئاسة بطريقة فجة تنم عن شخصية متسلطة بينما كانت هناك طريقة أكثر ذكاء وحصافة باللجوء إلى اللجنة الوطنية للانتخابات والإيعاز لها بالأمر، لاستبعاد المرشحين لأكثر من سبب يتكفل بإيجاده عدد من محاميّ الشيطان الذين يقفون على أهبة الاستعداد لخدمة السلطان تطوعا أو بالأجر. وما أكثر هؤلاء لدى السيسي ونظامه، وما كان أغناه عن اللجوء لقرار سلطوي وبطريقة صارمة لمنع من منع من الترشح، والسماح لمن سمح به، فأصبحنا أضحوكة العالم ومحل سخريته بسبب افتقار السيسي لشئ من السياسة والكياسة في مواجهة الأمور.

 

وليت الأمر قد توقف عند مسألة الانتخابات فقط بل تعداها إلى أمور أخرى كثيرة منها تعامله مع قضية الإرهاب التي راح يلصق الاتهام به إلى كل معارض أو صاحب رأي مغاير، وهو ما ساهم في فقدان الظهير الشعبي الكاسح الذي كان يحتاج إليه في مواجهته التي طالت وامتدت لهذا السبب، إضافة إلى قضايا أخرى كثيرة كانت تحتاج معالجته لرئيس سياسي محنك وليس لرئيس "مالوش في السياسة"!

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية