رئيس التحرير: عادل صبري 05:38 صباحاً | الثلاثاء 16 أبريل 2024 م | 07 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

تأملات في مشهد ما قبل استفتاء كردستان

تأملات في مشهد ما قبل استفتاء كردستان
21 يوليو 2017

تأملات في مشهد ما قبل استفتاء كردستان

رجائي فايد

تأملات في مشهد ما قبل استفتاء كردستان

 

 كان عنوان حوارى مع فضائية(  (b w الألمانية هو أنه لو أقيمت الدولة الكردية ستكون (جزيرة معزولة محاطة ببحر من الأعداء)، واستفز العنوان معظم الأصدقاء الأكراد، وتباينت ردود أفعالهم ما بين اتهامى بأننى أنكر عليهم حقهم فى حق تقرير المصير وفق إعلانات الأمم المتحدة كسائر شعوب الأرض، وما بين أن حديثى هذا يشكل تثبيطا للهمم وما كان يجب أن يقال من صديق للشعب الكردى، بل وصل الحال بأحدهم بأن يلوى الحقائق الجغرافية، ويعدد ما جاء فى حديثى من مغالطات فهناك من وجهة نظره منفذ كردى على البحر الأبيض المتوسط فى المنطقة الواقعة بين اللاذقية والحدود التركية، وبالتالى فلن تكون تلك الدولة المرتقبة جزيرة معزولة.

 

ومع اقتراب موعد الاستفتاء (25/9) القادم، تضاعفت الأصوات المعارضة، حتى من قبل حلفاء الأكراد، والذين يعلنون ليل نهار دعمهم لمطالبهم ويمدونهم بالسلاح والعتاد، فالولايات المتحدة الأمريكية تدعم الأكراد ولكن ليس إلى حد إقامة الدولة. لقد قالوا (الأمريكيون) أكثر من مرة: ليس هذا أوانه، على أساس أن مسألة الاستفتاء ستؤدي إلى تفتت التوحد الذي حدث في مواجهة داعش بين الجيش العراقي والبيشمركة والحشد الشعبي، أما عن دول الاتحاد الأوروبى، فقد دعا وزراء خارجية الاتحاد حكومة إقليم كردستان إلى عدم إجراء الاستفتاء، فيما شددوا على ضرورة حل القضايا العالقة مع بغداد بالحوار. وقال بيان مشترك للوزراء (إن على إقليم كردستان العراق، تجنب اتخاذ خطوات أحادية الجانب، وحل القضايا العالقة مع بغداد بالحوار)، وأشار البيان إلى أن (الاتحاد يعتقد أن المصلحة العامة للشعب العراقي تتحقق على أكمل وجه من خلال الحوار والتعاون، وأنه يجب تجنب الخطوات أحادية الجانب)،وشدد البيان على أنه (لا بد من حل جميع المسائل غير المحسومة من خلال المواقف المبنية على التراضي استنادًا إلى التطبيق التام لنصوص الدستور العراقي)، مشيرًا إلى أنه (يجب على الحكومة العراقية والسلطات الكردية الإقليمية مواصلة العمل معًا بشأن الأمن، بما في ذلك الحملة العسكرية لتحرير الموصل من قبضة متطرفي داعش، والانخراط في حوار بنّاء بشأن جميع القضايا الأخرى).

 

وفى محاولة لتغيير موقف الاتحاد من هذه المسألة قام مسعود البارزانى بزيارة إلى مقر الاتحاد فى بروكسل، لكن الزيارة لم تحقق أى تقدم فى موقف الاتحاد تجاه مسألة الاستقلال، هذا فى الوقت الذى ارتفعت فيه وتيرة الاعتراضات من دول الجوار ومن بغداد، فرئيس الوزراء حيدر العبادى اعتبر الإقدام على الاستفتاء خطوة غير دستورية، فما حدث فى اسكتلندا ببريطانيا كان قرارا للحكومة البريطانية وليس للحكومة الإقليمية فى اسكتلندا، وبالتالى فقد كان استفتاء وفق قواعد الماجناكارتا البريطانية، وبصرف النظر عن نتيجته التى كانت التمسك بعلم حكومة صاحبة الجلالة، وانسحاب زعيم الحزب القومى من الحياة السياسية، إلا أن المسألة تمت بدون أى لغط سياسى، وليس كما يحدث الآن فى المشهد الكردستانى العراقى، فليس بغداد وحدها عراقيا هى التى تعترض، بل وهناك اعتراضات متزايدة وربما غير معلنة من الداخل الكردستانى، على أساس الخشية من التداعيات المحتملة لهذه الخطوة والتاريخ ملىء بالتجارب المشابهة، التى سيكون لنا فيها حديث مقبل.

 

أما دول الجوار فاعتراضاتها متزايدة وبقوة، بل إن أنقرة وهى حليف لحكومة أربيل  وللحزب الديموقراطى الكردستانى (الداعى للاستفتاء) اعترض وبشدة، بل أنه قد هدد بالفعل بمواجهة أى احتمال لإقامة دولة كردية عند حدوده الجنوبية بالقوة، فدعمه لحكومة إقليم كردستان ليس دعما استراتيجيا وبلا حدود، ولكنه دعم تكتيكى فى إطار المصالح المشتركة الآنية فقط، أما إيران، فقد تعددت التصريحات الرافضة بالمطلق إجراء هذا الاستفتاء، وكان آخرها ما صرح به الجنرال محمد باقرى رئيس الأركان الإيراني (استفتاء الاستقلال الذي تريد سلطات إقليم كوردستان العراق إجراؤه  أمرا مرفوضا تماما)، كما قال إن (طرح موضوع الاستفتاء في كردستان العراق بداية لمشاكل وتحديات جديدة في هذه المنطقة)، وأضاف (أن هذا الموضوع ليس مقبولا أبدا من قبل جيران العراق وأن الحفاظ على استقلال ووحدة العراق يخدم مصلحة جميع القوميات والمذاهب والمكونات العراقية)، والعجيب فى كل تلك المواقف أنها تخرج من قبل أطراف نشك كثيرا فى أن صالح الشعب العراق يهمهم، وأنهم يسعون إلى تحقيق هذا الصالح، فالواقع وشواهد التاريخ تؤكد لنا عكس ذلك، إنها مواقف تنبع من المصالح فقط، فلا مبادىء فى السياسة، لكن تظل تلك المواقف تشكل إطلالة كئيبة على مشهد الاستفتاء المرتقب، لدرجة أن هناك من الأصوات التى ارتفعت مؤخرا (حتى من الداخل الكردستانى) مشككة فى إمكانية تنظيم هذا الاستفتاء.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية