بالرغم من أن جرائم الكيان الصهيوني مرئية للعالم أجمع، وبالرغم من أن تلك الأفعال يحاسب عليها القانون الدولي، إلا أن إسرائيل ستظل دائمًا محمية تحت عباءة "الفيتو" الأمريكية، فمحاكمة إسرائيل دوليًا حلم يستحيل تحقيقه، بحسب رؤى خبراء القانون الدولي ردًا على تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، وتعهده بمحاكمة إسرائيل دوليًا، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الجرائم البشعة التي قامت بها قوات الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني، استمرت لسنوات طويلة، عانى فيها الفلسطينيون ويلات الحرب والدمار، في ظل صمت عربي ودولي علي تلك الجرائم الدموية المتكررة.
وأبدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضه العودة إلى استئناف المفاوضات مع إسرائيل، رابطًا استئنافها بشروط بوضع سقف زمني محدد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، على كامل الأراضي المحتلة منذ عام 1967.
يلي ذلك استئناف المفاوضات لترسيم الحدود، والاتفاق على تفاصيل المرحلة النهائية، والتوصل لاتفاق شامل للسلام بين الجانبين.
"جرائم إبادة"
وأضاف أبو مازن خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "ليس مجديًا استنساخ أساليب ثبت عقمها، ومن المستحيل العودة إلى دوامة مفاوضات تفرض إسرائيل نتائجها مقدمًا، قائلاً: "إن فلسطين ترفض أن يكون وجودها رهينة في يد إسرائيل، مشيرًا إلى سعيه للحصول على حماية دولية، من خلال المنظمات الدولية، وتوفير ضمانات لعودة اللاجئين إلى أراضيهم.
واستعرض الرئيس الفلسطيني النتائج المروعة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما أسفرت عنه من قتل لآلاف الأطفال والنساء والشيوخ، وتشريد نصف مليون فلسطيني، وتدمير البيوت والمستشفيات والمساجد والمصانع، بما يؤكد ارتكاب جرائم إبادة وتدمير لا مثيل لها في العصر الحديث، متعهداً بملاحقة إسرائيل دوليًا"، مؤكدًا عزمه على المضي في إعلان الدولة الفلسطينية عبر المؤسسات الدولية، بقوله: «قمنا باتصالات مع المجموعات الإقليمية والأمم المتحدة لتقديم مشروع قرار لاعتماده في مجلس الأمن حول الصراع الفلسطيني.
"غضب أمريكي"
تلك التصريحات أثارت الرأي العام الدولي، فالولايات المتحدة الأمريكية احتجت على تصريحات عباس، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي "كانت في خطاب الرئيس عباس توصيفات مهينة هي في العمق مخيبة للآمال ونرفضها"، موضحة أنها "تصريحات استفزازية".
وفي السياق نفسه قال بنيامين نتنياهو إن تصريحات أبو مازن ليس لها قيمة، وهي تحريض علي أمن إسرائيل.
لكن بين هذا وذاك تقف القضية الفلسطينية حائرة، فهل يستطيع أبو مازن محاكمة إسرائيل دوليًا؟ وهل الفرصة سانحة الآن؟ وما حقيقة تلك التصريحات؟.
"طابع سياسي"
أستاذ القانون الدولي وعميد حقوق حلوان الأسبق الدكتور محمد مصطفي قال إن المحاكمات الدولية ذات طابع سياسي بحت، مضيفًا أن المدعي العام الدولي ومجلس الأمن تابعين للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فتصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن ليس لها تأثير.
وأوضح أستاذ القانون الدولي لـ "مصر العربية" أنه يستحيل محاكمة إسرائيل دوليًا على جرائمها التي ارتكبتها في حق الشعب الفلسطيني، وحرب الإبادة الجماعية، خصوصاً في الوقت الحالي، مطالبًا بتوثيق كل الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني تحسباً لأي تغير قد يحدث.
وأشار الخبير القانوني إلى أن الحديث عن احتمالية وجود قرار من مجلس الأمن بإحالة الملف للجنايات الدولية، "مستبعد وغير ممكن" بسبب الفيتو الأميركي الجاهز لتعطيله في أي وقت.
"الجنائية الدولية"
بدوره قال أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس الدكتور إبراهيم العناني: "لا يوجد محاكمات اسمها محاكمات إسرائيل، فما قصده الرئيس أبو مازن محاكمة القيادات الصهيونية التي ارتكبت أبشع الجرائم، وبالتالي يمكن أخذ القيادات الإسرائيلية للجنائية الدولية لمحاكمتهم على جرائمهم من خلال مساعدة المجتمع الدولي".
وأوضح العناني لـ "مصر العربية" أنه بعد الاعتراف بدولة فلسطين دوليًا، يتطلب من السلطة الفلسطينية أن تعلن انضمامها للجنائية الدولية، ثم بعد أن يقبل هذا الانضمام بصفة قانونية، تقوم السلطة بتحريك الدعوي جنائيًا، قائلاً: "إن تلك الخطوات تضمن محاكمة إسرائيل".
يذكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن خلال كلمته بمقر الهيئة العامة للأمم المتحدة تعهد بمحاكمة قوات الاحتلال الإسرائيلي علي جرائمه ضد الإنسانية، وملاحقاتهم جنائيًا.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي في حربها الأخيرة على قطاع غزة قتلت ما يزيد على 2500 شهيد وما يقرب من 11 ألف جريح، وتدمير مئات المنازل والمدارس والمستشفيات.