هو الرئيس الرابع لتونس, ومفكر وسياسي، مدافع عن حقوق الإنسان، ورئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية منذ تأسيسه حتى ديسمبر 2011، يحمل شهادة الدكتوراه في الطب، وكاتب في الحقوق والسياسة، إنه محمد المنصف المرزوقي الرئيس الحالي لتونس، والمرشح للرئاسة لتولي فترة رئاسية ثانية.
حسم المرزوقي الجدل بشأن ترشحه في الانتخابات الرئاسية، فأودع بنفسه ملف ترشحه لدى اللجنة العليا المستقلة للانتخابات بالعاصمة تونس، ليبرهن علي رغبته في الاستمرار في قصر قرطاج، الذي ما تركه رئيس قبلة طواعية ودون ضغوط.
في مدينة "قرمبالية" بولاية نابل في الجنوب التونسي، وعلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط، أبصر محمد المنصف المرزوقي أنوار الحياة الأولى في السابع من يوليو 1945، في قبيلة المرازيق، لكنه عرف الترحال بين المدن التونسية والعالمية.
"زنزانة انفرادية"
التحق المرزوقي بمدرسة "الصادقية" الابتدائية في العاصمة تونس، ثم غادر إلى والده بالمملكة المغربية في مدينة طنجة الذي كان يعيش وقتها آنذاك، وواصل تعليمه حتى حصل على الثانوية العامة المغربية في 1964، ثم سافر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه الجامعي في جامعة "ستراز بورغ"، واستمرت رحلته تلك حوالي 15 عامًا، وفي العام 1973 حصل على الدكتوراه، ثم عاد إلى تونس العام 1979 بشهاداته وخبرته في عالم الطب، فضلاً عن رصيد في الفكر والثورية يوازي ذلك.
لم يختصر المرزوقي حياته على خبراته الطبية فقط، فنادي بالحريات والحقوق المدنية، ففي مارس 1994 اعتقل المرزوقي وأمضى أربعة أشهر في زنزانة انفرادية، قبل أن يفرج عنه إثر حملة دولية واسعة النطاق، مثلت ذروتها دعوة رئيس جنوب أفريقيا الراحل والمناضل الأفريقي الأشهر نيلسون مانديلا، وكل ذلك نتيجة ترشحه للرئاسة منافسًا للرئيس السابق زين العابدين بن علي.
"قصر قرطاج"
أعاد تنشيط حزب "المؤتمر"، استعدادًا لخوض الانتخابات التشريعية في 21 أكتوبر 2011، وأحرز حزبه المركز الثاني بـ29 مقعدًا، وصيفًا لحركة النهضة الإسلامية وقد تحصل منصف المرزوقي على مقعد في دائرة نابل 2، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى كشف الستار عن تحالف بين القوى الإسلامية والمدنية، وبموجبه تولي المرزوقي رئاسة الجمهورية، فيما تولي "النهضة" رئاسة الحكومة.
وفي أول قرار له عقب وصوله إلي قرطاج خفض راتبه الشهري إلى الثلث في لفتة رمزية تهدف إلى حث المسئولين على تقليص الإنفاق العام، بينما تواجه البلاد صعوبات مالية وعجز متفاقم في الميزانية، كما قرر رفع حالة الطوارئ في البلاد، بعد نحو 3 سنوات من إقرارها، الأمر الذي أحدث حالة من الجدل وقتها.
"اغتيالات سياسية"
ظل المرزوقي على كرسيه، بعيدًا نسبيًا عن الأضواء، رغم الهزات العنيفة التي ألمت بالبلاد، وأطاحت بعض شركائه وهددت الآخرين، فبعد عام وأشهر اغتيل المعارض التونسي شكري بلعيد العضو السابق في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي، على يد متطرفين، حيث خرج المتظاهرون بالآلاف للتعبير عن غضبهم واحتجاجهم على أداء الحكومة، التي اعتبروها السبب في الاغتيال.وأدى ذلك إلى إطاحة الحكومة إثر رفض حركة النهضة تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية.
بعد أشهر قليلة، وفي يوليو 2013، جاء اغتيال المعارض اليساري محمد البراهمي صادمًا للشعب التونسي والقوى المدنية غير المشاركة في الحكم، فشلّت الاحتجاجات الشارع السياسي وهددت الاقتصاد، وظلت تونس على تلك الحال لأشهر، فيما كانت منظمات المجتمع المدني تضاعف جهودها في إطار الحوار الوطني، وفي تلك الأثناء تعطلت جلسات المجلس التأسيسي، ورغم كل تلك الهزات ظل المرزوقي بعيدًا عن الاستهداف السياسي.
في 26 سبتمبر 2013، وأثناء كلمته في الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، طالب الرئيس المنصف المرزوقي السلطات المصرية بإطلاق سراح الرئيس محمد مرسي وفتح معبر رفح مع غزة، وعلى هذه التصريحات أشاد رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بتصريحات المرزوقي قائلاً إن هذا الموقف يعبر عن أصالة الرئيس والشعب التونسي الشقيق، أما الموقف المصري فقامت باستدعاء سفيرها في تونس احتجاجا على ما صرح به في منبر الأمم المتحدة.
وأخيراً قدم المرزوقي أوراق اعتماد ترشحه للرئاسة، لتولي فترة رئاسية ثانية، الأمر الذي رآه البعض انتحاراً سياسياً، بينما رآه آخرون أنه الاختبار الأسهل له، ويبدو أن نهاية نوفمبر المقبل ستكون إما مغادرته لقصر قرطاج، أو بقائه في سدة الحكم.
أقرأ أيضا