رئيس التحرير: عادل صبري 11:08 مساءً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

«المسيرات التركية».. هل تعيد الود بين أنقرة والرياض؟

«المسيرات التركية».. هل تعيد الود بين أنقرة والرياض؟

العرب والعالم

مسيرة تركية

وتحسم حرب اليمن..

«المسيرات التركية».. هل تعيد الود بين أنقرة والرياض؟

أيمن الأمين 17 مارس 2021 14:04

في السنوات الأخيرة، برزت "المسيرات" المسلحة التركية كواحدة من أبرز الأسلحة العالمية، وفق شهادات لعسكريين من أوروبا وأمريكا، وهو ما جعلها تغزو صناعة الأسلحة في العالم.

 

"المسيرات" أو الطائرة بدون طيار، نوع جديد من الأسلحة التي فرضت هيمنتها في الحروب الأخيرة، وجعلتها ذات قيمة كبيرة.

 

وفي مطلع العام الجاري، شهدت الكثير من الدول الأوروبية نقاشاً معمقاً انتقل من أروقة الصحافة والرأي العام إلى البرلمانات ووزارات الدفاع والحكومات حول التفوق التركي في الطائرات القتالية المسيرة، وسط دعوات لسرعة التحرك من أجل الحفاظ على عدم تغير ميزان القوى لصالح تركيا وتحركات للبدء ببرامج من أجل صناعة مسيرات قتالية تتفوق على المسيرات التركية التي أثبتت تفوقها في سوريا وليبيا وأذربيجان وسوريا.

 

لكن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك، فجر قبل أشهر، مفاجأة من العيار الثقيل عندما قال إن مسيّرات "بيرقدار والعنقاء التركية ستحلق في الأجواء الأوروبية قريبا، في تصريح فهم على أنه بمثابة إعلان غير رسمي بأن دولاً أوروبية تستعد لشراء المسيرات التركية، الأمر ذاته في بعض البلدان العربية مثل السعودية والتي أعلن عن قربها شراء تلك المسيرات.

 

 

شراء السعودية مسيرات تركيا، أكده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي قال قبل ساعات، إن بلاده تلقت طلبا من السعودية بخصوص الطائرات المسيرة المسلحة.

 

وقال: "في المقابل، طلبت الرياض طائرات مسيرة مسلحة من تركيا، أي أن الوضع باختصار كما يقول المثل غير معروف يد من في جيب من (معقد جدا)".

 

حرب ليبيا وأذربيجان

 

وفي السنوات الماضية، برزت المسيرات التركية على نطاق واسع عقب تفوقها في العمليات العسكرية التي قام بها الجيش التركي في سوريا ضد التنظيمات الإرهابية والوحدات الكردية قبل أن تستخدم لتدمير المنظومات الدفاعية التابعة لروسيا والنظام السوري في إدلب، ولاحقاً قدمت هذه المسيرات أداءً لافتاً في ليبيا وأخيراً في الحرب التي خاضتها أذربيجان ضد أرمينيا في إقليم قره باغ.

 

وعقب هذه النجاحات، اتجهت العديد من الدول لشراء المسيرات التركية من طراز "بيرقدار"، حيث أعلن رسمياً عن شرائها من قبل قطر وأذربيجان، وامتلكتها حكومة الوفاق الليبية، ولاحقاً اشترتها أوكرانيا التي اتجهت مؤخراً لشراء أعداد جديدة منها والاتفاق على برنامج للإنتاج المشترك لها، كما اشترت تونس مؤخراً عدد من المسيرات التركية من طراز "عنقاء".

 

وزير الدفاع البريطاني بن والاس كان من أبرز المتحمسين لبرنامج الطائرات التركية المسيرة، وفي أحدث تصريحاته أقر بالابتكار التركي في مجال الدفاع، وأبدى إعجابه بالطائرات المسيرة التركية ومدى فعاليتها على الأرض، معتبراً أن العديد من الدول الغربية لم تحظ بالريادة في مجال تحديث الدفاع في حين أنها تراقب الآخرين يفعلون ذلك.

 

 

وقال الوزير: خذوا على سبيل المثال الطائرة التركية المسيرة بيرقدار لقد كان استخدامها في سوريا وليبيا وأماكن أخرى مسؤولا عن دمار المئات من العربات المدرعة وحتى أنظمة الدفاع الجوية.. جذور تلك الطائرات المسيرة ناشئة من الابتكار التركي، لقد ابتكروا وفعلوا ما اعتدنا على فعله نحن رغم منعهم من الوصول إل ى برامج أجنبية، وقال في تصريحات سابقة إن على بريطانيا أخذ الدروس والعبر من الدول الأخرى، في إشارة إلى تركيا.

 

وفي ألمانيا، تجور نقاشات مشابهة حول فعالية المسيرات التركية وضرورة تحرك ألمانيا لتطوير قدراتها في هذا المجال، حيث أشاد تقرير في صحيفة "دي فيلت" الألمانية واسعة الانتشار، بالإنجازات التي تحققها تركيا في المجال العسكري بعد أن أصبحت واحدة من الدول الرائدة عالميًا في تكنولوجيا الطائرات المسيّرة المسلحة.

 

وبالرجوع إلى نية السعودية شراء "مسيرات تركية"، فقد ظهرت امتلاك الرياض لتلك المسيرات، تحديدا حينما أعلن الحوثي إسقاط مسيرة تركية داخل الأراضي اليمنية، وهو ما يعني أن التحالف العربي بدأ باستخدام تلك الطائرات في حرب اليمن.

 

مسيرات بيرقدار

 

وقبل أيام، كشف المغرد السعودي الشهير "مجتهد"، وصول طائرات مسيرة تركية من طراز "بيرقدار"، إلى قاعدة سعودية، وسط استمرار اختبارات ناجحة لضرب أهداف تجريبية.

 

"مجتهد" الشهير بتغريداته حول كواليس الأحداث في المملكة، قال في تغريدة له عبر حسابه على تويتر، إن "الطائرات دون طيار تركية الصنع بيرقدار، وصلت إلى قاعدة الطائف الجوية" داخل المملكة العربية السعودية.

 

وأضاف أنه "تم البدء بتدريب الطواقم السعودية على تشغيل طائرات "بيرقدار"، وتم اختيار أهداف تجريبية في مأرب، ونجحت نجاحا باهرا."

 

وتوقع المغرّد الشهير أن تحدث المسيرات التركية تحولاً كبيرا في الحرب باليمن، وأن يتم استخدامها بشكل واسع خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.

 

وأشار إلى أن المراقبين يعتبرون أن هذا هو القرار السليم الوحيد الذي اتخذه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

 

 

وتأتي تغريدات "مجتهد" بعد أيام من ترويج ناشطين يمنيين لوصول دفعة من طائرات "بيرقدار" التركية المسيرة إلى اليمن، بعد الحديث عن اتفاق تركي- سعودي لمواجهة الحوثي.

 

وفي سياق متصل، وصف الصحفي راغب صويلو، مراسل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني للشؤون التركية، ادعاءات تقديم تركيا طائرات مسيرة للمملكة العربية السعودية، بأنها أخبار مزيفة، وأن مثل هذا الأمر غير وارد حاليًا.

 

وأشار صويلو، في تغريدات عبر تويتر، إلى عدم وجود تحسن في الوقت الراهن بالعلاقات التركية-السعودية، وأن زخم الدعاية المناهضة لأنقرة لا يزال مستمرًا في مواقع التواصل الاجتماعي.

 

الدعم في حرب اليمن

 

وتابع: "تقديم تركيا طائرات مسيرة مسلحة للسعودية في اليمن أمر غير وارد أيضًا، لكن الأخبار المزيفة والمعلومات التي لا تستند إلى مصدر، تجذب اهتمامًا أكثر في البلاد ويستهلكها الناس".

 

والأسبوع الماضي، زعم المتحدث العسكري لجماعة "الحوثي"، يحيى سريع، إسقاط طائرة مسيرة تركية الصنع تابعة للقوات السعودية في أجواء محافظة الجوف.

 

وادعى سريع في تغريدة عبر تويتر أن "الدفاعات الجوية" تمكنت من إسقاط طائرة تجسسية مقاتلة من طراز "كارايل" تركية الصنع تابعة لسلاح الجوي السعودية.

 

وقال إن الطائرة كانت تقوم "بمهام عدائية" في أجواء منطقة المرازيق في محافظة الجوف.

 

وتابع: "تمت عملية الاستهداف بصاروخ مناسب لم يكشف عنه بعد"، على حد زعمه.

 

ولم يصدر عن السلطات السعودية، أي تعليق حول تأكيد أو نفي مشاركة طائرات "بيرقدار" في الحرب باليمن.

 

 

وفي سياق متصل، تناول تقرير في الموقع الإلكتروني لقناة "تي آر تي عربي" التركية الحكومية فرص التعاون بين تركيا والمملكة العربية السعودية لحل الأزمة في اليمن، مؤكدًا أن تركيا تعتبر حليفاً موثوقاً به، وتتمتع بمصداقية عالية.

 

وقال الموقع في تقريره إن التكنولوجيا العسكرية التركية أثبتت فاعليتها في الحروب، "مما يضع بلداً يتعرّض للتهديد كالمملكة العربية السعودية، أمام فرصة التفكير جدياً في توثيق علاقته مع تركيا".

 

وجاء في التقرير أنه منذ مجيء إدارة الرئيس جو بايدن وكما هو متوقع رفعت جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً هجماتها ضد مواقع في عمق المملكة العربية السعودية. يحمل هذا التصعيد رسائل عديدة أولها متعلق بإيران التي تريد أن تستخدم هذا التصعيد كورقة ضغط على إدارة بايدن من أجل العودة إلى المفاوضات النووية ورفع العقوبات.

 

موازين القوى

 

واعتبر التقرير أن واحداً من أفضل الخيارات التي يجب أن تفكر بها السعودية جديداً لتغيير موازين القوى على الأرض هي اللجوء إلى تركيا وتعزيز العلاقة معها على المستويات كافة خصوصاً العسكرية والأمنية. وذلك لاعتبارات أولها أن كلا البلدين لديه مصلحة مشتركة بإنهاء الحرب.

فتركيا تريد أن يتوقف نزيف الدم اليمني ومعاناة الشعب اليمني الذي قارب الدخول إلى مجاعة شاملة. أما السعودية فلديها مصلحة في التوصل إلى نهاية تحفظ لها ماء الوجه لحرب طالت أكثر من 5 سنوات استنزفتها بشكل كبير معنوياً وعسكرياً ومادياً.

 

وأضاف أنه على الصعيد اللوجستي، لتركيا وجود بمنطقة الخليج وتحديداً في قاعدة طارق بن زياد على الأراضي القطرية ضمن اتفاقية الدفاع المشترك بين قطر وتركيا. هذا يمنح تركيا حرية التحرك على الأرض لدعم القوات السعودية لصد الهجمات عليها من قبل الحوثيين بشكل استباقي وذلك باستخدام التكنولوجيا التركية فيما يتعلق بالطائرات من دون طيار من طراز بيرقدار على سبيل المثال.

 

فقد أثبتت هذه الطائرات فاعليتها بشكل مذهل في العديد من العمليات العسكرية الحساسة. فاستخدمها الجيش التركي شمال العراق بمعاركه ضد تنظيم "بي كا كا"، كما كان لها كلمة الفصل بمعارك العاصمة طرابلس إذ استطاعت قوات الحكومة الليبية الشرعية أن توقف تقدم قوات حفتر بل وتقلب الطاولة عليهم لتنتقل من مجرد الدفاع عن العاصمة إلى الهجوم. كما أثبتت أيضاً جدارتها في معارك الجيش التركي شمال سوريا ضد قوات الأسد التي حاولت اقتحام مدينة إدلب قبل عامين.

 

من جهته، قال المدير التنفيذي لشركة الصناعات الدفاعية الروسية "روستيخ" سيرغي تشيميزوف إن الطائرات المسيرة المسلحة التركية لاقت صدى واسعا حول العالم.

 

جاء ذلك في تصريحات صحفية أدلى بها تشيميزوف قبل فترة زمنية، عن مستجدات صناعة الطائرات بدون طيار في البلاد.

 

وشهدت الأشهر الماضية مؤشرات على احتمال حصول تقارب بين أنقرة والرياض، وتزايدت هذه المؤشرات في الأسابيع الأخيرة مع التصريحات التركية التصالحية مع مصر ودول الخليج بشكل عام.

 

وكانت توترت العلاقات بين تركيا والسعودية في السنوات الأخيرة، تحديدا بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل السفارة السعودية باسطنبول.

 

الصحفي السعودي جمال خاشقجي

 

 

وعلى خضم بدء العلاقات الدافئة بين الرياض وأنقرة، جاءت تصريحات تركية تؤكد الأمر، حيث أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أن بلاده مستعدة لتحسين العلاقات مع السعودية والإمارات، مشيرا إلى أن الرياض جعلت من قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، "مسألة ثنائية" وشدد على أن بلاده لم تتهم القيادة السعودية بالوقوف خلف هذه الجريمة من قبل.

 

وقال أوغلو في تصريحات للتلفزيون التركي: "بالنسبة لنا لا يوجد أي سبب يمنع تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية"، وأضاف قائلا: " في حال أقدمت السعودية على خطوات إيجابية فسنقابلها بالمثل والأمر ذاته ينطبق على الإمارات"، حسب تعبيره.

 

ولفت وزير الخارجية التركي إلى أن العلاقات مع الرياض كانت على ما يرام قبل قضية مقتل خاشقجي، لكن السعوديون جعلوا من القضية "مسألة ثنائية"، لافتا إلى أن الأمر كان في إطار " البحث عن العدالة من أجل شخص قتل، وكل ما قلناه هو أن يحاسب القتلة أمام القضاء وأن تتجلى العدالة، وديننا أيضا يأمر بذلك"، حسب قوله.

 

وأضاف أوغلو قائلا: "في المحصلة هم (السعوديون) حولوا هذا الأمر إلى مسألة ثنائية، ونحن لم نوجه الاتهام لإدارة المملكة العربية السعودية في أي وقت"، على حد تعبيره.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان