رئيس التحرير: عادل صبري 09:52 صباحاً | الثلاثاء 19 مارس 2024 م | 09 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

القوة الصينية.. زعامة عسكرية في عهد «شي»

القوة الصينية.. زعامة عسكرية في عهد «شي»

العرب والعالم

عناصر بالجيش الصيني

القوة الصينية.. زعامة عسكرية في عهد «شي»

أيمن الأمين 03 مارس 2021 15:20

تزامنا مع التفوق الاقتصادي الصيني في الآونة الأخيرة، ورغم ما يشهده العالم من تغيرات كبيرة في صعود دول وتراجع أخرى، تأتي القوة العسكرية الصينية كأحد أبرز العلامات المؤثرة والقوية التي نهض بها الحزب الشيوعي الصيني بقيادة الرئيس شي جين بينغ.

 

ورغم التغيرات التي يشهدها العالم في ترتيب الجيوش كل عام، إلا أن بكين استطاعت أن تحافظ على جيشها في ترتيب الدول، رغم قربها من زعامة أبرز وأقوى الجيوش العالمية، وفقا لمعايير مشتركة تضم 139 دولة ولا تشمل الأسلحة النووية.

 

ووفقا لموقع "ناشيونال إنترست" والذي نشر تقريرا عن أقوى 5 جيوش على ظهر البسيطة وفقا لتصنيف "جلوبال فاير باور" الأمريكي للعام 2021، فقد احتلت الصين المرتبة الثالثة بين أقوى جيوش العالم.

 

ورغم تأخرها عن منافستيها روسيا وأميركا، فإن الصين تواصل الاستثمار على نحو كبير وطويل الأمد في شتى المجالات العسكرية.

 

أكبر ميزانية عسكرية

 

وتمتلك الصين ثاني أكبر ميزانية عسكرية في العالم وأكبر عدد من الناس المهيّئين للخدمة العسكرية، ويظهر الجيش الصيني القدرة على تحقيق نمو هائل في مدة زمنية قصيرة نسبيًا.

 

الرئيس الصيني شي جين بينغ

 

 

ففي عيون المحللين العسكريين، كان العقد الماضي فترة شهدت تغيرات هائلة للأوضاع العسكرية والأمنية في العالم، ولكن، يلاحظون في الوقت نفسه أن الصين ظلت تعيش في بيئة سلمية تتميز بالتنمية وأصبحت قوة مهمة للحفاظ على سلام العالم.

 

لكن أيضا، ومع توهج الصراعات العسكرية العالمية، وخلال السنوات الأخيرة، عمل الجيش الصيني على ترقية معداته المعلوماتية وتحويل قدرته القتالية إلى قدرة كبح وقوع الحروب، كما أن بكين استطاعت مؤخرا فرض قوتها على الجميع.

 

في تقارير أمريكة سابقة، عبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها إزاء التفوق العسكري الصيني قائلة: إن بكين منافس إستراتيجي يسعى لتحديث قواته المسلحة لضمان سيطرته الإقليمية على المحيط الهادي وجنوب آسيا، ومقارعة نفوذنا العالمي.

 

 

وتحدث التقرير الذي جاء عبر بيان للاستخبارات الأمريكية في السنوات الأخيرة، والذي جاء في 140 صفحة تحت عنوان "قوة الصين العسكرية.. تحديث القوات للقتال وتحقيق النصر"- عن الصعود العسكري الصيني من خلال رصد عدة ظواهر من أهمها:

 

الزيادة الكبيرة التي تشهدها الميزانية العسكرية للصين ومقارنتها على مدار الأعوام الماضية.

 

وتخطت ميزانية الصين العسكرية 170 مليار دولار عام 2018 بعدما بلغت فقط 77 مليارا عام 2007. وارتبط بالزيادة العسكرية زيادة أعداد الجنود لتتخطى المليونين.

 

كذلك، تصاعد وتيرة وطبيعة المناورات المشتركة التي تجمع بكين وموسكو.

 

أيضا، تأسيس الصين أول قاعدة عسكرية بالخارج ومقرها جيبوتي عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

 

وتضمّن التقرير عشرات الصور والخرائط لأحدث الأسلحة بالترسانة الصينية، وانتشار القواعد العسكرية ومراكز القيادة والسيطرة.

 

تحالفات استراتيجية

 

كما عرض خريطة التحالفات الصينية الإستراتيجية، وطبيعة المبيعات العسكرية، وما أهم الدول على قائمة العملاء، وكانت روسيا وإيران ومصر وفنزويلا وباكستان من أهم المشترين لأسلحة صينية خلال السنوات الأخيرة.

 

كما حظيت طبيعة وتركيبة الأكاديميات العسكرية الصينية وهيكل الأذرع العسكرية الرئيسية والقوات شبة العسكرية بمساحة واسعة من التقرير الأمريكي وقتها.

 

وتحدث التقرير أيضا، عن العقيدة العسكرية للصين، حيث ذكر أنها لم تترجم بعد لمحاولة الانتشار العالمي بصورة مماثلة للولايات المتحدة.

 

 

وتستهدف الصين في الوقت الراهن ثلاثة أهداف تتعلق بحماية حدودها البرية والبحرية الطويلة، كما تمثل حماية طرق الملاحة التجارية أحد أهم أهدافها، خاصة مع استمرار اعتمادها الكبير على التجارة عبر المحيطات لتوفير موارد الطاقة.

 

كما تهدف الصين على المدى الطويل لتحديث قدراتها العسكرية لتتماشى مع طموحها كدولة كبرى زاحمت الكبار.

 

وبالحديث عن المجال الدفاعي، احتلت الصين المركز الثاني، كذلك، على قائمة الدول المنتجة للأسلحة، بعد الولايات المتحدة ومتقدمة بذلك على روسيا، حيث حققت أربع شركات أسلحة صينية في العام الماضي، على الأقل، مبيعات كافية لتصنيفها بين أكبر 20 بائع للأسلحة في العالم، حيث تتراوح قيمة مبيعات الأسلحة الصينية بين 70 و80 مليار دولار سنويا، وهي تذهب بغالبيتها إلى مختلف قطع جيش التحرير الشعبي الصيني.

 

وحققت الشركات الأربعة، بما فيها أكبر شركة لصناعة الطائرات في الصين "شركة صناعة الطيران الصينية (أفيك)، مبيعات بقيمة 54,1 مليار دولار في عام 2017. واحتلت شركة أفيك وحدها المركز السادس بين بائعي الأسلحة في العالم، حيث وصلت مبيعاتها من الأسلحة في عام 2017 إلى 20,1 مليار دولار.

 

فيما احتلت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية في ذلك العام المركز الأول، كأكبر بائع للأسلحة في العالم حيث بلغت مبيعاتها نحو 43,9 مليار دولار. ويصعب الحصول على بيانات دقيقة عن صناعة الأسلحة في الصين.

 

ويحذر تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) من أن التكتم الذي يحيط بـ "أرقام مبيعات الأسلحة للشركات الصينية لا يزال عائقا أمام الفهم الشامل لقطاع صناعة الأسلحة في البلاد.

 

القدرات الجوية لجيش التحرير الشعبي

 

كان تطور القوات الجوية الصينية الأكثر ظهورا في عناوين الصحف هو ذلك المتعلق بمقاتلة الشبح (J – 20)، وظهر النموذج الأوّلي من تلك المقاتلة في أواخر عام 2010 وقامت بجولتها الأولى مطلع عام 2011. ومنذ ذلك الحين، أتمّت مراحل التطور الرئيسية لتستقر في النهاية عند شكلها الحالي وتصبح داخل الخدمة العسكرية برفقة الوحدات المقاتلة عام 2018.

 

 

بطبيعة الحال، فإن إدخال مقاتلة من الجيل الخامس، وقيام الجيش الصيني بإرسال أولى مقاتلاته من طراز الشبح، يُسجّل قطع شوط هائل في القدرات العسكرية المادية والتقدم الصناعي العسكري كذلك.

 

لقد شهد العقد 2010 إنتاجاً وفيراً من أصناف (J-10A) و(J-11B)، تبعه انتقال محدود إلى أصناف (J-10B/C) و(J-16) من "الجيل الرابع+ المحسَّنة التي قدَّمت إلكترونيات طيران أكثر عصريّة وأسلحة محسنة بشكل إضافي تمتلك ميزة تجاوز المدى البصري.

 

كما شهد حجم الإنتاج أيضا ازدياد الأسطول الجوي حتى 900 إلى 1000 مقاتلة جويّة من طرازَيْ الجيل الرابع والجيل الرابع بلس، فيما يعتبر تقدما متواضعا، حيث يمكن اعتبار أن أكثر من نصف أسطول المقاتلات الجويّة من الجيل الرابع فأعلى.

 

وحجم هذا التغيير يحوّل الأسطول الجوي الحديث للجيش الصيني، إذا ما اقتصرناه على مقاتلات الجيل الرابع فأعلى، ليصبح ثاني أو ثالث أكبر أسطول جوي في العالم بعدد من المعايير، ويصبح الأضخم آسيويا بلا شك، كما أن حجم الأسطول الجوي من مقاتلات الجيل الرابع والجيل الرابع + يعني أيضا أن قدرة تجاوز المدى البصري، التي كانت فيما مضى سلعة أقرب للندرة، هي الآن قدرة مألوفة في الطيران المقاتل الصيني.

 

وبطبيعة الحال، يعتبر جيش التحرير الشعبي من أجرأ الجيوش فيما يتعلق بتكنولوجيا أسلحة تجاوز المدى البصري بأنظمة مثل (PL-15) و(PL-X). وفق تحليلات خبراء عسكريين.

 

أيضا، شهدت الطائرات بدون طيار العسكرية الصينية تقدما ملحوظا على جبهتين خلال السنوات السابقة، فقد شهدت هذه الفترة تطور التكنولوجيا المحليّة من هذه الطائرات، بما فيها أنظمة "ميل" للتحليق متوسط الارتفاع للمسافات الطويلة، وأنظمة "هيل" للتحليق عالي الارتفاع للمسافات الطويلة، ويتضمن النموذج الأول عددا من الطائرات بدون طيار ذات المحركات المروحية لأغراض المراقبة وتنفيذ الاغتيالات، في حين أن النموذج الثاني مخصص للمراقبة والاستطلاع حصرا.

 

وأُدخلت الصين كلتا النوعيتين إلى الخدمة في الجيش الصيني، بالأخص في النصف الثاني من العقد، على شكل طراز (GJ-1) و(GJ-2) متبوعة بأصناف (WZ-7).

 

 

في هذا الإطار، فقد تمتعت القوات البرية أيضا، بتطورات على صعيد التكنولوجيا والأنظمة، فتم الزج بمدرعات معارك الجديدة، وأنظمة صواريخ موجّهة، ومركبات المشاة القتالية، وأنظمة المدفعيات، والأنظمة الفرعية الخاصة بالأسلحة المشتركة والمعركة الإلكترونيّة البريّة وغيرها من الأسلحة المتطورة.

 

 

قدرات بحرية

 

مقاتلات الأسطح هي الخيول التي تجر خلفها عربة أي بحرية عسكرية، كما أن قدرات وعدد هذه السفن يُحدِّد قدرة البحرية على فرض حضورها في أماكن مجاورة وأخرى نائية في المياه الزرقاء، كما هو حال معظم البحريات الحديثة، تتألف مقاتلات الأسطح الرئيسية في البحرية الصينية من المدمرات والفرقاطات، ويتمتع أسطول المدمرات والفرقاطات الخاص بالجيش الصيني بارتفاع في قدرة السفن الجديدة المكلَّفة بمهمات إلى جانب زيادة في عدد تلك السفن.

 

وكجزء من محاولة الرئيس "شي" لتحقيق التفوق العالمي للصين، استخدم ما يسمى باستراتيجية "الاندماج العسكري-المدني" التي تتضمن قيام الجامعات بلعب دور مركزي في تعظيم القوة العسكرية للبلاد.

 

وينص دستور الصين أيضًا على أن جميع التقنيات الجديدة، حتى لو تم تطويرها من قبل القطاع الخاص، يجب، بموجب القانون، تقاسمها مع جيش التحرير الشعبي.

 

وفي رصد لبعض الأسلحة الصينية المرعبة، فإنه يقدر أن الصين لديها 350 رأسًا نوويًا، بما في ذلك 204 صواريخ طويلة المدى يتم إطلاقها من منصات إطلاق أرضية و48 على الغواصات و20 "قنبلة جاذبية" يتم إسقاطها من الطائرات.

 

على الجانب الآخر، وفي إطار التفوق العسكري الصيني في عهد الرئيس شي جين بينغ، فقد فقدت الولايات المتحدة تفوقها في منطقة المحيط الهادي، فطالما تحدث الخبراء عن التحديث العسكري السريع في الصين، ووصفوها بـ "القوة التي صعدت وتحدت الولايات المتحدة الأمريكية"، وهو ما خلص إليه تقرير أصدره مركز الدراسات الأمريكية في جامعة سيدني الأسترالية.

 

وحذر التقرير من أن خطة الدفاع الأمريكية في منطقة المحيط الهادي والهندي "على شفا أزمة غير مسبوقة"، وأن واشنطن قد تعاني في الدفاع عن حلفائها أمام الصين.

 

وجاء فيه أن "الولايات المتحدة لم تعد تتمتع بالتفوق العسكري في منطقة المحيط الهادي والهندي،" وأن قدرتها على "الاحتفاظ بتوازن القوى لصالحها أصبحت محل شكوك متزايدة".

 

ويشير التقرير إلى أن ترسانة الأسلحة الهائلة التي تمتلكها بكين تهدد القواعد الأساسية التي تمتلكها الولايات المتحدة وحلفائها. وأن مثل هذه القواعد "يمكن اعتبارها بلا فائدة مع بداية الضربات الجوية في الساعات الأولى لأي صراع".

 

كما رأى خبراء، أنه من المستحيل وقف النمو العسكري الصيني الذي يتماشى مع نموها الاقتصادي، نظرا لأن بكين تتمتع  ببوصلة واضحة، ولديها خطة لتوجهاتها، والوسائل التي تحقق بها أهدافها، ويبدو أنها - بفضل العزم ووضوح الأهداف - قد وصلت بالفعل لتكون صاحبة الزعامة العسكرية.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان