رئيس التحرير: عادل صبري 01:42 مساءً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

حشد عسكري أمريكي باليونان.. هل تستهدف واشنطن تركيا؟

حشد عسكري أمريكي باليونان.. هل تستهدف واشنطن تركيا؟

العرب والعالم

أردوغان وبايدن

حشد عسكري أمريكي باليونان.. هل تستهدف واشنطن تركيا؟

أيمن الأمين 01 مارس 2021 10:42

شتان الفارق بين سياسة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن وسلفه دونالد ترامب في منطقة الشرق الأوسط، تحديدا في التعامل الأمريكي مع تركيا، فواشنطن ظلت طيلة 4 سنوات محتفظة بعلاقات وطيدة مع إدارة ترامب، رغم التوتر في بعض الأوقات.

 

لكن مع قدوم جو بايدن، الغير متوافق مع سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وضع الأخير ربما في مأزق، متخوفا من أي هجمات أمريكة قد تحدث على بلاده، فالمواجهة قد تزداد حدّة بين الدولتين مع أنهما حليفتان.

 

أنقرة ورغم قوتها في بعض الملفات الإقليمية كالتي في سوريا، وليبيا، والشرق الأوسط، إلا أن الأحداث الأخيرة تجعلها غير مطمئنة، خصوصا مع إدارة بايدن الجديدة، والتي حذرت تركيا قبل أسابيع من تشغيل الدفاعات التركية الجديدة "إس 400" .

 

 

أيضا ملف الغاز في الشرق الأوسط والشراكات التركية مع روسيا، جعلت الغضب الأمريكي يتزايد تجاه أنقرة.

 

ففي الوقت الذي يسود فيه التوتر بين أنقرة وأثينا في بحر إيجة وشرق المتوسط، نشرت واشنطن مئات المروحيات الحربية والعربات العسكرية في قاعدتها البحرية التي أنشأتها في منطقة ألكسندروبوليس اليونانية التي تبعد 20 كلم عن الحدود التركية، فهل يستهدف هذا التوجه تركيا؟ وما علاقته بالسباق الإقليمي على التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط؟

 

وألكسندروبوليس -أو "دده أغاج" باللغة التركية- مدينة في شمال شرق اليونان، وهي عاصمة مقاطعة إفروس ضمن منطقة مقدونيا الشرقية وتراقيا الإدارية.

 

اتفاقيات دفاعية

 

وفي إطار الاتفاقيات الدفاعية بين الولايات المتحدة واليونان، نشرت واشنطن 110 مروحيات من طراز "بلاك هوك" (Black Hawk)، و25 مروحية هجومية من نوع "أباتشي" (Apache)، و10 مروحيات نقل ثقيلة من طراز "شينوك" (Chinook)، وأكثر من 1800 عربة عسكرية.

 

 

كما ستستخدم 145 مروحية ومئات المركبات العسكرية في مناورات "المدافع عن أوروبا 2021". وعلاوة على ذلك، ستقوم واشنطن بإجراء تدريبات مشتركة مع اليونان في تراقيا الغربية على الحدود مع تركيا.

 

وبحسب الصحافة التركية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تحشد قواتها في ألكسندروبوليس فحسب، بل أيضا في جزيرة كريت، وذلك من أجل السيطرة على شرق البحر الأبيض المتوسط.

 

وفي هذا الصدد، رست السفينة الحربية الأمريكية "يو إس إس هيرشيل وودي ويليامز" (USS Hershel "Woody" Williams) بشكل دائم العام الماضي، في القاعدة العسكرية الأميركية الموجودة في خليج "سودا" بجزيرة "كريت"، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو حينها أن وجود السفينة دائم في الجزيرة.

 

دعم أمريكي لليونان

 

وأثارت الذكرى الــ200 للتمرد اليوناني على الإمبراطورية العثمانية تساؤلات حول أغراض المناورات التي ستجرى في ألكسندروبوليس القريبة جدا من الحدود التركية.

 

 

من جهتها، قالت صحيفة "أيدينلك" التركية إن تحديث اتفاقية التعاون الدفاعي المتبادل بين البلدين، هو الثاني منذ 3 سنوات، مشيرة إلى أن الاتفاقية التي تم تحديثها في أكتوبر 2019 ببروتوكول موقع بين وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو ونظيره اليوناني نيكوس دندياس، تتيح للولايات المتحدة استخدام كافة المنشآت العسكرية اليونانية، وتوسيع قاعدة سودا في كريت، وتوفير بنية تحتية لقواعد أخرى، وإنشاء قاعدة بحرية جديدة في ألكسندروبوليس.

 

وذكرت دراسة لمركز سيتا للأبحاث المدعوم من الحكومة التركية، أن هناك عدة مسائل تبرز في الخلفية السياسية لإقامة الولايات المتحدة قاعدة عسكرية في ألكسندروبوليس، هي:

 

أولا، سياسة التنافس الدولي مع روسيا في قضايا متنوعة تمتد من الاقتصاد إلى الموضوعات العسكرية، ومن المسائل التكنولوجية حتى التحالفات السياسية. وتهدف الولايات المتحدة إلى أن تصبح أكثر نفوذا عسكريا في البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة.

 

دور الاتحاد الأوروبي

 

ثانيا، تحتاج اليونان إلى التقارب مع الولايات المتحدة، على إثر فشلها في الحصول على ما تريده من الاتحاد الأوروبي في تنافسها مع تركيا. ويمكن القول إن العلاقات المتوترة من حين إلى آخر بين أنقرة وواشنطن تخلق بعض الفرص لليونان.

 

 

ثالثا، هناك أنشطة تركية في منطقة شرق المتوسط تسببت في احتجاجات أمريكية، إذ إنّ اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، وإعاقة تركيا أنشطة بحث عن موارد طبيعية تشارك فيها شركات أمريكية حول جزيرة قبرص، وأنشطة البحث عن موارد طبيعية التي تديرها تركيا تخلق توترات بين أنقرة وواشنطن.

 

وفي السياق، أكد القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم رسول طوسون لوسائل إعلام عربية، أنه وفقا لاتفاقية لوزان، فإن الأراضي الواقعة على جانبي الحدود التي تفصل تركيا عن بلغاريا واليونان، من جزر بحر إيجة إلى البحر الأسود، يجب أن تكون منزوعة السلاح.

 

وأشار طوسون إلى أن الولايات المتحدة بإنشائها قاعدة ألكسندروبوليس البحرية وجلب السلاح إليها، تخالف اتفاقية لوزان وتسعى لتهديد تركيا، وعندما تبدي أنقرة ردة فعل على الممارسات الأميركية، فإنها تتحجج بالمناورات في البلقان.

 

وقال إن الولايات المتحدة تدرك أن اليونان لا تعد بديلا لها عن تركيا، ولكنها تسعى لفرض البدائل باستخدام القواعد والموانئ في منطقة بحر إيجة.

 

تحركات أمريكية

 

وأوضح طوسون أن اليونان تعتقد أن الولايات المتحدة قادمة لحمايتها، ولكن الأمر عكس ذلك تماما، موضحا أن التحركات الأمريكية تأتي في الوقت الذي تنامى فيه الدور الروسي والصيني في السواحل الشمالية والشرقية لأوراسيا، مما أدى إلى كسر جيوسياسي في المحيط الهادئ.

 

 

من جهته، ذكر المحلل السياسي التركي يوجال أجار أن تصريحات المسؤولين الأتراك عقب البروتوكول المُوقع بين الولايات المتحدة الأمريكية واليونان في 2019، اتجهت إلى التأكيد على عدم انزعاج تركيا من التعاون العسكري بين الدولتين العضوين في الناتو، ولكن مع إقامة الولايات المتحدة قاعدة عسكرية في ألكسندروبوليس، يُحتمل أن تنزعج تركيا من سلوكيات واشنطن، وليس بسبب القاعدة نفسها.

 

وقال أجار، إنّ لمضي الولايات المتحدة في تطوير تعاونها العسكري مع اليونان، بالرغم من التوترات الحاصلة بين أنقرة وأثينا في إيجة وشرق المتوسط، طابع يمكن أن يُفهم على أنه تحرك ضد تركيا".

 

أنشطة تركية

 

وأضاف "نتيجة للأنشطة التركية في شرق المتوسط وبعض قرارات تركيا الوطنية التي تتعارض مع المصالح الأمريكية، فإن حصول اليونان على دعم واشنطن قد يكون أمرا مزعجا بالنسبة لتركيا".

 

يذكر أنه، منذ أتى الرئيس بايدن للحكم، وبعد مرور قرابة شهر على دخوله البيت الأبيض، لم يتصل بايدن بأردوغان، كما أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لم يتصل بنظيره التركي مولود تشاوش أوغلو.

 

ومن المؤكد أن الحوار بين واشنطن وأنقرة لم يكن بأفضل حالاته خلال السنوات الأربع الماضية، وقد شهد أزمات حادة وغير مسبوقة.

 

لكنّ ترامب وأردوغان كانت تجمعهما علاقة شخصية حميمة، بحسب الباحث ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية. وهي صداقة لم يكفّ الديموقراطيون عن توجيه اللوم بسببها إلى الملياردير الجمهوري.

 

 

وقال الباحث غاليب دالاي في مقال نشره معهد بروكينجز للأبحاث إن الرئيس الأمريكي السابق حمى تركيا من العديد من الإجراءات العقابية المحتملة.

 

لكنه عندما قرر في نهاية ولايته معاقبة تركيا لحيازتها صواريخ إس-400 الروسية وفق ما يقتضي القانون الأمريكي، فعل ذلك بعد مقاومة طويلة.

 

أيضا، كانت وزارة الخارجية الأمريكية، ضاعفت تحذيراتها القوية للسلطات التركية التي تواجه انتقادات على خلفية هجماتها الكلامية ضد الأقليات الجنسية واستمرار اعتقال رجل الأعمال عثمان كافالا لأسباب واهية.

 

كما حرصت الخارجية الأمريكية على أن تنفي في بيان أيّ تورّط في المحاولة الانقلابية في تركيا عام 2016 والتي أُطلِقت على إثرها موجة غير مسبوقة من القمع ضد المجتمع المدني.

 

وأدت الأزمة التركية-اليونانية في شرق البحر المتوسط إلى توتر العلاقات بين تركيا وبقية دول حلف شمال الأطلسي.

 

كما أن الإجراءات الجنائية الأمريكية ضد "خلق بنك"، أحد أكبر المصارف التركية، لانتهاكه العقوبات المفروضة على إيران، لا تزال تشكل أيضًا عقبة أمام تحسن العلاقات.

 

 

لكنّ القضية الاستراتيجية الأكثر إلحاحًا تبقى مشكلة نظام الدفاع الروسي اس-400. وقد أشارت أنقرة التي تقول إنها تريد تحسين العلاقات، إلى أنها مستعدة في سياق المفاوضات لعدم تشغيل هذه الصواريخ المثيرة للجدل.

 

وقالت الخارجية الأمريكية إن صواريخ إس-400 تهدد أمن تكنولوجيا حلف شمال الأطلسي.

 

وقالت غونول تول، من معهد الشرق الأوسط في واشنطن هذا موضوع صعب الحل لأن الرئيس أردوغان لا يستطيع التراجع دون فقدان ماء الوجه.

 

وأضافت، لكنه إذا فعل ذلك، أعتقد أن حكومة الولايات المتحدة ستكون أقل استياء، وستتخذ مقاربة واقعية، معتبرة أنّ بعض المقرّبين من بايدن قد يدفعونه إلى اتّخاذ موقف أكثر مرونة في حال تمكّنوا من التعاون مع تركيا في الأمور التي تهمّ الأمن القومي.

 

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان