رئيس التحرير: عادل صبري 09:00 مساءً | الثلاثاء 16 أبريل 2024 م | 07 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بعد إطلاق «القروي».. أزمة تونس نحو تصعيد جديد

بعد إطلاق «القروي».. أزمة تونس نحو تصعيد جديد

العرب والعالم

القروي وقيس سعيد خلال مناظرة انتخابية عام 2019

بعد إطلاق «القروي».. أزمة تونس نحو تصعيد جديد

عمر مصطفى 24 فبراير 2021 20:09

جاء قرار محكمة تونسية، اليوم الأربعاء، الإفراج بكفالة عن قطب الإعلام، نبيل القروي، زعيم حزب قلب تونس، والمرشح الرئاسي السابق، ليصب المزيد من الزيت على الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد، حيث يتوقع أن ينخرط القروي بقوة في الصراع الدائر بسبب رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد للتعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي، بعدما أقرّه البرلمان قبل نحو شهر كامل.

 

وقررت المحكمة الإفراج عن القروي بكفالة قدرها 3.7 مليون دولار، بينما ينتظر المحاكمة بتهم تتعلق بالفساد، ينفيها الرجل. وقال محسن الدالي المتحدث باسم المحكمة " قاضي التحقيق قرر إطلاق سراح نبيل القروي بشكل مؤقت مقابل ضمان مالي".

 

وكان القروي، مالك قناة نسمة التلفزيونية المحلية ورئيس حزب قلب تونس ثاني أكبر حزب في البرلمان التونسي، قد اعتُقل في ديسمبر للمرة الثانية بتهم تتعلق بغسل الأموال والتهرب الضريبي.

مضايقة أم براءة؟

وفي عام 2019 تغلب القروي على معظم المرشحين في الانتخابات الرئاسية ليصل إلى جولة الإعادة على الرغم من أنه قضى معظم فترة الحملة الانتخابية في السجن. وخسر في نهاية المطاف أمام الرئيس قيس سعيد الذي فاز باكتساح.

 

وانضم حزبه، قلب تونس، الذي جاء في المركز الثاني بعد حزب النهضة الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في ذات العام، إلى دعم الأغلبية البسيطة لحكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي التي تخوض صراعا على السلطة مع الرئيس.

 

والقروي رجل يراه منتقدوه فاسدا مخطئا يستغل قناته التلفزيونية ومؤسسة خيرية يمتلكها لتحقيق مكاسب سياسية شخصية. بينما يراه أنصاره نصيرا للفقراء في تونس ويعتبرون أن لاعتقاله دوافع سياسية.

 

وكان رئيس البرلمان راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، قد توقع إطلاق سراح القروي، مؤكداً أنه بريء من التهم الموجهة له، وسيخرج من السجن “معززا مكرّما”. فيما نفى حزب قلب تونس قيامه بمقايضة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، لإطلاق سراح القروي، مقابل منح الثقة للتشكيلة الحكومية الجديدة.

صراع الشارع

ويأتي إطلاق سراح القروي قبل أيام من تظاهرات حاشدة دعا إليها حزب النهضة، يوم السبت المقبل، بدعوى "دفاعاً عن مكاسب الثورة وحماية للمؤسسات الشرعية"، على الرغم من انتقاد معارضين واستنكارهم الدعوة للنزول إلى الشارع.

 

ويصر الغنوشي وقيادات بارزة في الحركة على إنجاح مسيرة السبت المقبل في العاصمة، تحت شعار "مسيرة الثبات والدفاع عن المؤسسات". وقال الغنوشي، في تدوينة على "فيسبوك"، إن "حرية التظاهر مكفولة لكل التونسيين. ومن دافعوا على احتجاجات الحرق ينكرون على النهضة اليوم التظاهر السلمي. ولا تراجع عن مسيرة 27 فبراير ".

 

وقالت النائبة يمينة الزغلامي، القيادية البارزة بحزب "النهضة"، إن حق التظاهر السلمي مكفول لجميع التونسيين دون استثناء بحسب ما يضمنه الدستور، وهو من بين المكاسب التي جاءت بها الثورة التونسية"، مؤكدة أهمية "هذه المسيرة انطلاقاً من الوضع الذي تمر به البلاد".

 

وشددت الزغلامي في تصريحات صحفية على أن "قرار حركة النهضة المتعلق بالنزول إلى الشارع يوم السبت المقبل هو من صميم حقها". وتابعت: "شاهدنا طيلة شهرين احتجاجات، بعضها تدافع عن الرئيس قيس سعيد، وقد دافعنا عنها ورفضنا كل أساليب الاعتداء التي طاولت المتظاهرين أو الأمنيين".

 

وأضافت "أن أبناء النهضة سيحضرون بالآلاف في شارع الحبيب بورقيبة"، موضحة أن "الهدف من مسيرة السبت المقبل هو التأكيد على مكاسب الدستور وشرعية المؤسسات المنتخبة".

 

وفي موقف يعكس وجود خلال حتى داخل صفوف الحزب بخصوص تظاهرة السبت، أكد القيادي والنائب عن حركة "النهضة" سمير ديلو أنّه لن يُشارك في المسيرة التي دعا إليها الحزب رغم احترامه لقرار مجلس الحركة. وأضاف ''أنا ضدّ النزول إلى الشارع مهما كان الطرف الداعي إلى ذلك ومهما كانت المُبرّرات ومهما كانت الخلفيات''. وأكد أن "حل الأزمة لا يكون باستعراض القوة، بل بالجلوس إلى طاولة الحوار".

جذور الأزمة

وتعد أزمة التعديل الوزاري انعكاسا لخلاف سياسي متفاقم منذ انتخابات 2019 التي أسفرت عن برلمان منقسم ورئيس جديد على الساحة السياسية مما أوجد حالة مستمرة من الاضطرابات السياسية في الدولة الوحيدة التي خرجت بديمقراطية سليمة من ثورات "الربيع العربي" قبل نحو عشر سنوات.

 

ووصل الخلاف إلى ذروته في وقت تحاول فيه تونس تجاوز الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا بينما تواجه أكبر احتجاجات منذ سنوات ومستويات من الدين العام أثارت مخاوف أسواق رأس المال التي تشتد الحاجة لها من أجل تمويل ميزانية الدولة.

 

وتعهد الرئيس بعدم الموافقة على تعيين أربعة وزراء رشحهم المشيشي في تعديل وزاري قائلا إن لكل منهم شكل محتمل من تضارب المصالح.  وقال سعيد "لست مستعدا للتنازل عن مبادئي" مضيفا أن الرئاسة ليست عبارة عن مكتب بريد لتلقي القرارات التي يرسلها رؤساء الوزراء دون تمحيص.

 

في المقابل، يحظى المشيشي الذي تولى منصبه الصيف الماضي بدعم من رئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي وهو الحزب السياسي الرئيسي الوحيد الذي صمد خلال العقد الأول من الديمقراطية في تونس. كما يشمل الحزام الداعم للمشيشي: حزب قلب تونس، صاحب ثاني أكبر كتلة تصويتية في البرلمان، وكتلة الإصلاح، كتلة تحيا تونس، وائتلاف الكرامة.

تشرذم سياسي

وتخلصت ثورة 2011 من الحكم الاستبدادي لكن الكثير من التونسيين أصيبوا بخيبة أمل بسبب تردي حالة الاقتصاد. في الوقت نفسه أدى نظام تقاسم السلطة الذي تضمنه دستور 2014 إلى خلاف مستمر بين الرؤساء ورؤساء الوزراء والقادة البرلمانيين. ويتعين على كل من البرلمان والرئيس الموافقة على رئيس وزراء يتمتع بمعظم الصلاحيات التنفيذية في حين يشرف الرئيس على الشؤون الخارجية والدفاع.

 

ولم يتم تشكيل محكمة دستورية كان من المفترض أن تفصل في النزاعات بين الأفرع المتنافسة للدولة لأن كل من في السلطة لم يتفقوا على قضاة يثقون في قدرتهم على التزام الحياد.

 

ويريد سعيد نظاما رئاسيا مع دور ثانوي للأحزاب السياسية في حين يريد الغنوشي وحلفاؤه نظاما برلمانيا أكثر وضوحا. وقال الصادق جبنون القيادي في حزب قلب تونس الذي يرأسه قطب الإعلام المسجون نبيل القروي "الرئيس يريد رئيس وزراء دمية بين يديه.. هو يريد أن يكون اللاعب الرئيسي".

 

ويعيد شبح الاحتجاجات المتنافسة إلى الأذهان الاستقطاب الشديد الذي شهدته تونس عامي 2013 و2014 قبل أن يتخلى حزب النهضة ومجموعة من الأحزاب العلمانية عن ورقة النزول إلى الشارع من خلال الاتفاق على تقاسم السلطة.

 

ويرى مراقبون أن الدعوات للنزول إلى الشارع تندرج في سياق الاستعراض الشعبي من أجل فرض خيارات على الخصوم، علاوة على استمالة الشارع وكسب وده.  ويكشف استخدام الشارع لحل الخلافات السياسية عجز مكونات المشهد السياسي (حكومة ومعارضة) عن احتواء الحوار الوطني والوصول إلى حلول للقضايا العالقة والأزمة التي تعيشها البلاد على مختلف الأصعدة.

اقرأ أيضا
  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان