رئيس التحرير: عادل صبري 12:19 مساءً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

مأرب تتحول إلى «محرقة».. الحوثي يقامر لتعزيز أوراق التفاوض

مأرب تتحول إلى «محرقة».. الحوثي يقامر لتعزيز أوراق التفاوض

العرب والعالم

تشييع احد ضحايا معارك مأرب

مأرب تتحول إلى «محرقة».. الحوثي يقامر لتعزيز أوراق التفاوض

عمر مصطفى 23 فبراير 2021 14:28

تحول القتال المحتدم حول محافظة مأرب، المعقل الأخير للحكومة في شمال اليمن، إلى محرقة حقيقية، في ظل استبسال القوات الحكومية وأبناء المحافظة في الدفاع عنها بوجه هجمات ضارية من مقاتلي جماعة الحوثي، التي تسعى لتعزيز أوراقها التفاوضية من خلال انتزاع السيطرة على المحافظة التي ظلت عصية أمام هجماتهم.

 

وقالت مصادر عسكرية ومسؤول محلي لوكالة رويترز إن مئات المقاتلين قتلوا في هجوم للحوثيين منذ أسابيع على مأرب، في أعنف اشتباكات خلال الصراع منذ 2018.

 

يأتي هجوم قوات الحوثي على مأرب وسط تجدد جهود دبلوماسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ ست سنوات، وفي الوقت الذي قالت فيه الولايات المتحدة إنها ستنهي دعمها لتحالف تقوده السعودية ويدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

 

وحثت الأمم المتحدة الحوثيين على العودة للمفاوضات وقالت إن الهجوم قد يتسبب في نزوح جماعي.

حمام دماء

وقالت المصادر إن مئات المقاتلين من الجانبين قتلوا في اشتباكات بمنطقة مأرب الغنية بالغاز. وأضافت المصادر أن الحوثيين ربما خسروا مقاتلين أكثر من الحكومة خلال الهجوم، في ظل التفوق الجوي الذي تتمتع به قوات التحالف.

 

وقال مصدر عسكري "إنه حمام دم". وقال مصدران إن غالبية القتلى من المقاتلين وليس المدنيين. وذكرت المصادر أن الدفاعات التابعة للحكومة في صرواح غربي مأرب انهارت، وأن خط المواجهة بات الآن على بعد حوالي 20 كيلومترا من المدينة.

 

ولم تشهد البلاد هذا العدد من القتلى، الذين سقطوا في المعارك خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، منذ 2018، عندما شنت قوات التحالف بقيادة السعودية هجوما في المنطقة الساحلية على البحر الأحمر للسيطرة على ميناء الحديدة الاستراتيجي. وتوقف هذا الهجوم وسط مخاوف إنسانية.

 

وأقيمت جنازات جماعية لمقاتلي الحوثي الذين قتلوا في عملية مأرب خلال الأسبوع الماضي في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون. وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام على موقع تويتر يوم الأحد إن قواتهم ستواصل القتال حتى "تحرير" البلاد بأكملها.

 

وقال عبد السلام "ما تشهده مارب جزء من معركة تحرر وطني، وأمام استمرار العدوان والحصار فشعبنا اليمني عازم على مواصلة التصدي والمواجهة حتى تحرير كل شبر محتل".

تغيير أمريكي

ولم يطرأ أي تغير يذكر على جبهات القتال في اليمن خلال السنوات الأخيرة، لكن مسار الحرب تحول في العام المنصرم إلى مأرب آخر معقل للموالين لهادي.

 

وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن حوالي 116 ألف شخص غادروا منازلهم بالفعل خلال العام الماضي، فيما نزح آلاف آخرون في الأسابيع الأخيرة.

 

يأتي هذا التصعيد وسط جهود متجددة لإنهاء الحرب بعد تغيير جذري في الموقف الأمريكي تجاه السعودية التي تقود تحالفا عسكريا يأمل في إعادة حكومة هادي للسلطة.

 

وألغت الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس جو بايدن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، والذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب، وأوقفت دعم العمليات الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية.

 

ودعت الولايات المتحدة والأمم المتحدة الحوثيين إلى وقف هجوم مأرب ووقف جميع العمليات العسكرية وإنهاء الضربات عبر الحدود على السعودية والمشاركة في عملية سلام تقودها الأمم المتحدة.

 

وقال دبلوماسي غربي "من الواضح أن الحوثيين يستغلون عزلة السعودية بعد انتخاب جو بايدن ... وتحالفها المنهار المفكك". وتابع قائلا "إنها مقامرة كبيرة لكني أتساءل أيضا ما الذي سيخسرونه؟"

سر الصمود

وتقع محافظة مأرب في وسط اليمن على الجهة الشمالية الشرقية للعاصمة صنعاء التي تقبع تحت سيطرة الحوثيين منذ 2014.  وتُعدّ مأرب من أهم المحافظات الاقتصادية لما تمتلكه من ثروات نفطية، كما أنها المنتج والمصدر الوحيد للغاز في البلاد، فضلا عن موقعها الجغرافي المتميز الذي يتوسط محافظات عدة.

 

وهذا الضغط العسكري المستمر هو امتداد لهجوم الحوثيين على المحافظة منذ سيطرتهم على صنعاء، والذي اشتدت وتيرته مطلع عام 2020 بعد السيطرة على عاصمة محافظة الجوف ومناطق واسعة استراتيجية في مديرية نهم شرق صنعاء. وسعى الحوثي منذ عام 2014 إلى السيطرة على مأرب عبر جبهات عدة، لكنه واجه مقاومة شرسة جداً، أجهضت هذا التحرك حتى اليوم.

 

ويفسّر المحلل السياسي عبد الوهاب بحيبح، أحد أبناء المحافظة، هذا الأمر بالقول إن "صمود مأرب يرجع إلى التلاحم القبلي الكبير بين أبنائها، الذين جعلوا مصلحة المنطقة فوق الانتماء السياسي والقبلي ووضعوا كل الخلافات والمشكلات جانباً، وتوحدوا من أجل الدفاع عن الجمهورية وأهدافها".

 

كما أن مأرب تاريخياً، بحسب بحيبح، محافظة "رافضة ومقاومة للحكم الإمامي، ودائماً ما يصعب عليها التعايش مع هذا الشكل من الأنظمة، وما يحصل اليوم امتداداً طبيعياً لتاريخها في مقارعة حكم الأئمة الذي هيمن على البلاد قبل إعلان الجمهورية".

 

من جهته، يقول الباحث والمحلل العسكري علي الذهب، إن مأرب تجسد بالنسبة إلى الحوثيين الهدف الأكبر على مستوى الجبهات كلها لاعتبارات كثيرة، أهمها أن "الجبهات الأخرى مجمدة باتفاق ستوكهولم أو باتفاقات غير معلنة مع أطراف إقليمية"، إضافة إلى تمثيلها "الحاضنة الحقيقية والمرتكز الأكبر للسلطة الشرعية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وحتى اجتماعياً، وهي بذلك تشكّل مورداً للطاقة وطريقاً للسيطرة على المحافظات الجنوبية، لا سيما شبوة المحاذية لها، وعدن".

 

ويشير إلى أن "الحوثيين وجدوا فرصة بعد اتفاق ستوكهولم وتجميد الجبهات في تعز، لمحاولة السيطرة على مأرب"، وهي بذلك تمثّل المعركة المقابلة لمعركة صنعاء.

تحرك أممي

من جانبه، بدأ المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض؛ لبحث سبل وقف إطلاق النار في اليمن. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، للصحفيين في نيويورك، إن غريفيث وصل الرياض، مساء الإثنين، في إطار "مساعيه للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد وتخفيف معاناة الشعب اليمني واستئناف العملية السياسية".

 

وفي سياق متصل، رحب الاتحاد الأوروبي، الإثنين، بالالتزام القوي للولايات المتحدة لوقف الحرب المستمرة في اليمن منذ نحو 7 سنوات. جاء ذلك خلال اجتماع مشترك عقده سفراء الاتحاد الأوروبي لدى اليمن مع المبعوث الأمريكي الخاص تيم ليندركينغ، نشر فحواه حساب بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن على "تويتر".

 

ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 في المئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

 

وللنزاع امتدادات إقليمية؛ منذ مارس 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.

 

ويعاني الملايين من اليمنيين الجوع والفقر والقصور الطبي، بسبب استمرار النزاعات العسكرية في البلاد، في حين يوجه البعض، بينهم مسؤولون حكوميون يمنيون، انتقادات متكررة إلى السعودية والإمارات، حيث أرسلتا قوات إلى مناطق بعيدة عن نفوذ الحوثيين، خصوصا في محافظتي سقطرى والمهرة، مما أثار سخط كثيرين شددوا على ضرورة تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وليس التوجه شرقا لتحقيق "مطامع توسعية".

 

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان